في أمتع حوار له مع الأستاذ مفيد فوزي (مبروك علي الشنبر الجديد يا أستاذ مفيد)، أكد وزير الداخلية حبيب العادلي، معلقا علي مسألة التطبيع، إنه يجب التمييز بين الشعب والدولة، فالدولة تطبع وفقا للاتفاقيات أما الشعب فيرفض التطبيع لأن إسرائيل دولة معتدية! التمييز بين الدولة والشعب، في مسألة التطبيع خصوصا، هو خط انتهجه المعادون لاتفاقية كامب ديفيد، سواء من المصريين أو العرب، وذلك لاجتناب الوقوع في تخوين الشعب المصري. والتمييز بين الدولة والشعب في مصر، عموما، هو شعار ترفعه المعارضة لتبرهن علي عدم شرعية النظام المصري لأنه لم يختر بانتخاب نزيه ديمقراطي! (يعني كان قصدنا نزعلكوا يا فندم، لم نقصد أبدا أن تتعاملوا مع المسألة بوصفها معلومة خبرية). منذ زمن والنظام المصري يتعامل مع الشعب باعتباره زوجته الأمية التي لا يسترشد بمشورتها، لكنه لا يستطيع منعها من البكاء علي أخيها، ومن آن لآخر يقرعها علي «رغي النسوان» الذي لا تكف عنه. يظهر ذلك جليا في تصريحات الرئيس مبارك التي أكد فيها مرارا: «لن ننجرف وراء الرأي العام، وإنما نستمع إلي صوت العقل والحكمة»، وعضد هذا المعني تساؤل الإعلامي عماد أديب: «القيادة السياسية المفروض تعمل الصح وللا اللي يرضي الناس؟» وكأن القيادة السياسية تحكم 80 مليون أحمق، أخرق، أهوج، أرعن، عادة ما تخالف الحكمة غرائزهم البدائية. ابتكرت حكومة الانتداب البريطاني عقيدة «غباء الشعب المصري» إبان احتلالها لمصر. ويمكن أن نفهم ذلك في إطار اعتقاد البريطانيين بانتمائهم لدولة متقدمة بينما مصر دولة نامية، هم متعلمون ونحن نعاني من الأمية، هم بيض وحلوين ونحن نحمد الله علي خفة الظل ونقاء السريرة، هم «بلد إكصلانصات»، كما وصفهم الرئيس مبارك، ونحن بلد دلالات، هم احتلال ونحن نرزح تحت نيرهم. لكن القيادة السياسية الحالية من المفترض أنها مصرية ينتمي أغلب القائمين عليها إلي منوفيا الكبري هاي هيء، تعلموا في مدارسنا، أكلوا من طعميتنا، شربوا من صنابير مجارينا، تتداعي علي أجسادهم أكوام أتربتنا الملوثة بمجرد أن يطأوا شوارعنا. فما الذي يميزهم عن كل المصريين حتي يختصهم الله بإرسال يستقبل ترددات صوت العقل والحكمة بينما بقية الشعب لا يستقبل إلا «وشششش» وأحيانا يضربه علاء مبارك حتي يستقبل الماتش؟ بالنوسبة لإيه يعني؟ إن صوت الحكمة الذي يسير وراءه النظام، مثل عبد الرحيم الذي يسير وراء النداهة، لم يقدنا جميعا إلا لحافة هاوية داخلية وخارجية، لم يسع الرئيس إلا أن يقر بها في غضب لا أعلم، حتي الآن، علي من كان يصبه؟ والآن يخبرنا السيد وزير الداخلية بأن إسرائيل دولة معتدية ولذلك فالشعب يكرهها، وذلك موقف مغاير لموقف الدولة! لم يبق إلا أن يقف المهندس أحمد عز صارخا في مجلس الشعب: انقذوا البلاد من جشع رأس المال. إذا كان النظام المصري يمر بورطة فليصارحنا. الحقيقة أنه يمر، والكل يري أنه يمر، لكن عزة نفسه تجبره علي التلميح أكثر من التصريح. فضفض يا سي السيد، إحنا سترك وغطاك.