"لجنة شئون الأحزاب" ربما لم نسمع كثيرا قبل الثورة عن هذا الاسم ، ربما لأننا لم نسمع عن أحزاب أصلا فلم نكن نرى أو نسمع أو نقرأ إلا عن حزب واحد هو الحزب الوطني. إلا أن الوضع اختلف بعد ثورة 25 يناير التي اسقطت حزبا طاغية لتولد أحزابا جديدة بروح جديدة ولكي تخرج هذه الأحزاب للنور لابد لها من المرور عبر نفق لجنة الأحزاب "المظلم". نعم "مظلم" لأن البيروقراطية مازالت تعشش في أركان الغرفة الموجودة بالدور الأول من مبنى دار القضاء العالي بوسط البلد والتي يعمل بها ستة موظفين يبدو أنهم يؤمنون بالروتين نظاما فوق النظام الساقط وهؤلاء هم المسؤلون عن استقبال أوراق تأسيس الأحزاب حيث يقومون بمراجعة جميع التوكيلات والأسماء وبيانات مؤسسي الأحزاب بالإضافة إلى قراءة البرامج واللوائح الخاصة بكل حزب ومصادر تمويله ، مع العلم أن كل ذلك يدويا. ورغم أن اللجنة لا تفتح أبوابها لتلقي أوراق تأسيس الأحزاب إلا يومين فقط في الأسبوع هما السبت والثلاثاء ورغم أنها تتلقى عددا كبيرا من الأوراق وأن الجميع يتوقع أن تنهال الأحزاب عليها إلا أنها لم تزيد عدد موظفيها حتى أنها عندما تلقت أوراق ثلاثة أحزاب في يوم واحد اضطرت لتأجيل أحدهم لليوم التالي. المثير للدهشة أن موظفي لجنة شئون الأحزاب لا يعترفون بالكمبيوتر والكتابة الإلكترونية ولا بأجهزة الطباعة ولا تزال الأقلام والأوراق والدفاتر الكبيرة هي أدواتهم لذلك اشترطوا على مؤسسي الأحزاب كتابة أسماء جميع الأعضاء الذين قاموا بعمل توكيلات للحزب – وهم يتجاوزن بالضرورة خمسة آلاف – بخط اليد ورفضوا إستلام الأسماء مطبوعة وهو ما يثير علامات تعجب لدى القانونيين ولا يجدون له مبرر سوى أنها البيروقراطية. وفيما يعد إختبارا عمليا على قدرة مؤسسي الحزب على التحمل والعمل الجماعي والمتعاون والعمل تحت ضغط يقوم مؤسسو الحزب بالتعاون مع الموظفين في مراجعة التوكيلات بالإضافة إلى التوقيع عليها وعلى لائحة الحزب وبرنامجه وذلك خلال تقديمهم للأوراق حتى يحصلون على ما يفيد أنهم قاموا بإخطار اللجنة بإنشاء الحزب. على أن تكون خطوتهم القادمة هي نشر إعلان عن الحزب في جريدتين مقروئتين خلال ثمانية أيام بينما تكون أوراق الحزب قد وصلت للجنة قضائية يرأسها المستشار كمال نافع – نائب رئيس محكمة النقض ورئيس لجنة شئون الأحزاب – ويكون من حقها الإعتراض على الحزب برنامجه أو لائحته أو مصادر تمويله أو توكيلاته وذلك خلال ثلاثين يوما من تاريخ الإخطار بعدها يصبح الحزب قد خرج تماما من نفق لجنة شئون الأحزاب "المظلم".