في تسعينيات القرن الماضي، دخلت الجماعات الإسلامية السجن وهي تهتف: «في سبيل الله قمنا، نبتغي رفع اللواء». بعدها بأعوام خرجت مجموعات منها سموا ب «التائبين العائدين» يقولون: إن الحسين بن علي أخطأ في ثورته علي يزيد، وما كانش له حق أبدا في عملته دي، والشباب ياما بيتهورو يا سيادة الريس، ولولا الحسين لولا جينا يالله الغفار، لكننا أدركنا خطأنا. ممكن. بعد حادث نجع حمادي، صرح الأنبا كيرلس بأنه أبلغ الأمن قبل الحادث بأنه تلقي تهديدات وأن تراخيًا حدث من الجانب الأمني، وعبّر عن غضبه الشديد لذلك. بعدها بأيام قال إن شيئًا من ذلك لم يحدث، وإن أهالي الشهداء يزغردون بسعادة، و«يعني سلامتك»، واستشهد ب «سيدنا محمد - عليه السلام -»، وبالمناسبة دي بنشكر القاتل اللي عمل معانا أحلي واجب، وبنقول له: الأعياد جاية كتير يا ريت ما تنسناش، وربنا يسهل ونطلع اللي ح يفضل عايش من الكنيسة عمرة مولد النبي. «منكن برضه». أخيرا، قرأت علي موقع اليوم السابع قصيدة نظمها اثنان من المتهمين في تنظيم خلية حزب الله، ونصها: «مصر بلدنا وأمننا.. واللي يعاديها يضرنا.. الحزب الوطني بشبابه، أعداؤه كتير لكن خابوا.. مصر لمبارك.. ومبارك لمصر.. يا مبارك يا حبيب.. يا مدمر تل أبيب.. يا مبارك يا حبيب النور.. دا أنت بتكره قول الزور.. يا مبارك إنت أحق.. ومفيش غيرك علي حق». وذيلت هذه العصيدة القصماء بتوقيع: «عبدالرحمن شريف ابن باريس مصر/ بورسعيد، وسلمان كامل حمدان ابن شمال سيناء». لا بقي مش ممكن. ده مفعول إيه ده؟ كهرباء؟ أم تعليق؟ أم حرمان من نوم؟ كل ذلك مورس في جوانتانامو ولم يوّلد هذه النتائج المبهرة. صحيح أنها ليست أول حادثة ل «العلبة دي فيها فيل»، لكنها الأغرب. فلو أن هذين المسكينين ليس لهما أي علاقة بما يسمي بخلية حزب الله، فنظام مبارك هو الذي حبسهما ظلما، ولو أنهما بالفعل عضوان في خلية حزب الله فنظام مبارك هو الذي وافق في البداية علي وجود هذه الخلية لفترة طويلة، وفجأة قرر أن يسحب الكرسي من تحتها. «يا مبارك يا حبيب يا مدمر تل أبيب» لا.. يحتاجون إلي وقت إضافي، وارفع الفولت قليلا، لأنهم مازالوا ينادون بتدمير تل أبيب، يعني توبتهم ليست نصوحة. إلي جانب الاذبهلال الذي أصابني وأنا أشاهد فيلم «أنا حسحس وحسحس أنا»، فقد عجزت تماما عن تفسير كنه التعليقات علي الخبر. مثلا، هناك من المعلقين من كتب بأنهم شيعة ويستخدمون مبدأ التقية! إلا أن التعليق الأبدع هو: «هاهم السلفيون يعودون بنا إلي العصور القديمة ونفاق الحكام، وهم يتصورون كما تصور الأفلام والإعلام أنهم يستطيعون الحصول علي حريتهم بالنفاق وهذا يثبت أنهم فعلا متورطون وأنهم شيعة من الألف إلي الياء». وهكذا انتقل الوطن كله، سواء من هم بداخل السجن أو خارجه، إلي عنبر العقلاء، حيث أثبت السلفيون أنهم شيعة منتمون إلي إحدي منظمات أقباط المهجر التي تمول خلية شيوعية سرية لخدمة الهندوسية العالمية والوسط المتطرف في كل من استراليا والصين.