المشاط: الانتهاء من تطوير 100 قرية بتكلفة 21 مليار جنيه    مدبولي ورئيس وزراء ولاية بافاريا الألمانية يترأسان جلسة لمناقشة ملفات التعاون    حزب الله يعلن عن استهداف تجمع لجنود إسرائيليين في مستوطنة شوميرا بصاروخ "فلق"    خبير: ضرب إسرائيل لمصافي نفط إيران قد يتسبب في اندلاع حرب إقليمية    الحرب الروسية الأوكرانية| تصعيد جديد أم بداية الحسم؟.. فيديو    اجتماع بين الأهلي وفيفا لبحث ترتيبات مباراة العين ب كأس الأنتركونتننتال    يوفنتوس يحقق رقما تاريخيا فى دورى أبطال أوروبا    "مران بدني ووديتين".. الفجر الرياضي يكشف برنامج الأهلي استعدادا للسوبر المصري    جوميز يخطر الزمالك برحيل رباعي الفريق    بيراميدز يتجه إلى تركيا لخوض معكسر إعدادي استعدادًا للسوبر المصري    ضبط كميات من المواد المخدرة ب 4 مليون جنيه فى الإسكندرية ودمياط    بدلاً من العزلة.. 3 أبراج تعالج قلوبها المحطمة بمساعدة الآخرين    رئيس جامعة عين شمس: نضع على رأس أولوياتنا تنفيذ توجهات الدولة لتطوير القطاع الطبي    السيسي يؤكد دعم مصر لرئاسة موريتانيا الحالية للاتحاد الأفريقي    عمداء الكليات بجامعة القاهرة يواصلون استقبالهم للطلاب الجدد    الشباب والرياضة تطلق الموسم ال 13 من مهرجان"إبداع" لطلاب الجامعات    تفاصيل عروض برنامج «فلسطين في القلب» بمهرجان الإسكندرية السينمائي    لطفي لبيب يكشف عن سبب رفضه إجراء جلسات علاج طبيعي    مجدي سليم رئيسًا للجنة الطاقة والبيئة والقوى العاملة بالشيوخ    الحكومة تدرس نقل تبعية صندوق مصر السيادي من التخطيط إلى مجلس الوزراء    سناء خليل: مايا مرسي تستحق منصب وزيرة التضامن بجداره    «مش بس أكل وشرب».. جهود مكثفة من التحالف الوطني لتقديم الرعاية الصحية للأكثر احتياجا    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات المياه والصرف الصحي بدمياط    حلاوة رئيسًا للجنة الصناعة والتجارة بمجلس الشيوخ    جون دوران بعد هدفه أمام بايرن: سجلت في شباك أحد فرق أحلامي    مجلس الشيوخ.. رصيد ضخم من الإنجازات ومستودع حكمة في معالجة القضايا    للخريف سحر لا يقاوم.. 15 صورة من شواطئ عروس البحر المتوسط    إصابة عاطلين في معركة بالأسلحة النارية بالمنيا    ضبط 17 مليون جنيه حصيلة قضايا اتجار بالنقد الأجنبي خلال 24 ساعة    الأمن يكشف لغز العثور على جثة حارس ورشة إصلاح سيارات مكبل في البحيرة    قرار عاجل من مدير تعليم الجيزة بشأن المعلمين    ضبط 367 عبوة دواء بيطري مُنتهية الصلاحية ومجهولة المصدر بالشرقية    سر مثير عن القنابل الإسرائيلية في حرب أكتوبر    "الإسكان" يُصدر قراراً بحركة تكليفات وتنقلات بعددٍ من أجهزة المدن الجديدة    وزير الخارجية السعودي: لا علاقات مع إسرائيل قبل قيام دولة فلسطينية مستقلة    لحسم الشكاوى.. وزير العدل يشهد مراسم إتفاقية تسوية منازعة استثمار    في أول أيامه.. إقبال كبير على برنامج «مصر جميلة» لرعاية الموهوبين    فى احتفالية كبرى، الأوبرا تحتفل بمرور 36 عامًا على افتتاحها بمشاركة 500 فنان    بعد إعلان اعتزالها.. محطات في حياة بطلة «الحفيد» منى جبر    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    التموين تكشف حقيقة حذف فئات جديدة من البطاقات    محافظ المنيا يعلن موعد افتتاح مستشفيات حميات وصدر ملوي    الصحة: تطعيم الأطفال إجباريا ضد 10 أمراض وجميع التطعيمات آمنة    «التضامن» تشارك في ملتقى 57357 للسياحة والمسئولية المجتمعية    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    الحالة المرورية اليوم الخميس.. سيولة في صلاح سالم    رئيس الوزراء يُهنئ وزير الدفاع بذكرى نصر أكتوبر    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وما الحياة إلا انتفاضة ثائر..!!
نشر في الشعب يوم 18 - 12 - 2007

قال سابستيان روش نيكولاس لمارموتيل حال تساؤله عن تجاوزات الثورة .. هل تعتقد ان الثورة نعت من ماء الورد ..!!
Do you think then that revolutions are made with rose water?
الثورات .. قضية هامة في حياة الامم .. حيث قال يويجين دبس اكثر الكلمات بطولة في كل اللغات هي الثورة . وثمة تساؤل من أين تبدأ الثورات ..
قالوا ان الثورة كانت محض فكرة في ذهن ثائر..!! وقالوا إنها إرهاصات تتجسد في مشاعر المعذبين والمضطهدين الرافضة للظلم . .

لِلحاكِمينَ ..الوارِثينَ ..
تُرابَ أرضٍ
لَمْ يَكُنْ إرثًا لَهُمْ
اللابسينَ العُمرَ أحذيةً
تُسَمَّى شعبَهُمْ
**
لَم يَبْقَ شيءٌ مِن كَرامتِنا
إلا استَباحَتْهُ الكِلابْ
***
للحاكِمينَ قَياصِرَةْ
الجالسينَ أباطِرَةْ
تَعِبَتْ خُطانا يا طَريقَ المَجدِ كَلَّتْ ،
لَمْ يَسمَعوا صوتَ الصهيلِ ،
ولا الصَّليلِ ،
***
للحاكِمينَ الحقُّ كلُّ الحقِّ
فيما يَفعلونْ
ولأهلِهِمْ مِن بعدِهِم
أولادِهِمْ ، زَوجاتِهم ،
حُراسِهِم ، خُدَّامِهِم
وكلابِهِمْ .. .....
........
. تختلف النبوات عن الثورات .. ان النبوات كانت تأتي لتدرب الشعوب على مواجهة الظلم وقلب أوضاع وترتيب أوراق العالم .. تبعا لوحي السماء فيأخذ منها الثوار وقود المسيرة بناء على التقوى في المعالجة . فالثورة في الاسلام محورها التقوى وعدم الظلم .. وإلا فكيف تحارب الظلم وهي تأتيه ..وفي العادة تتأتي الثورات حينما يكون الحاكم بمثابة كارثة على وطنه وأمته والتاريخ والحاضر والمستقبل .. ومن ثم لابد من الانتفاضة في شكل ثورة .. فانتفاضات الشوارع .. عادة ما تكون تمهيدا للثورات الكبرى او في حد ذاتها ..شكل من أشكال الثورات . والانتفاض مرفوض والثورة جريمة في اعراف الطغيان .. إلا ان الحسين اقترف تلك الجريمة بثورته على الطغيان .. ومع هذا فلن يغفرها الطغيان له . وكان أل البيت أحرار أبرار .. أتقياء ..اهل البيت كانوا في الذروة والبشرية كلها في السفح ..كما قال خالد محمد خالد
فالدين من بيتهم نالته الامم ..كما قال الفرذدق
فلكم تمنى الطغاة ان يخلوا الوجود من مفردة الحسين .. وقالوا ليته مافعلها وليته ما خرج ..ذلك لأنهم يريدون ان يستمر الطغيان الى منتهاه .. بلا ثورة مضادة .. او عنفوان مقابل .. قالوا إذا تعدى الظلم والطغيان يغضب الله الملك القهار .. وإذا علا رأس فرعون يولد موسى لخفض رأس فرعون في كل زمان.. وعادة ما ُيصنع الأنبياء الكرام ومن ثم الثوار على عين الله . (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) (طه : 39 ). (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) (طه : 41 ) فسياق الحياة ..مواجهة قائمة ما بين ابراهيم والنمرود وموسى وفرعون ومحمد وابا لهب اقليميا وكسرى وقيصر عالميا .. فمحمد كان للعالمين بشيرا ونذيرا .. وثائرا ومقاتلا .. ورحمة للعالمين ومضى السياق بعد المصطفى الكريم في مواجهة الحسين ويزيد .. ولن ينتهي التدافع .. مابقيت السماوات والأرض ..
(وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ) (البقرة : 251 ) وكلما حدثت ثورة .. أو تعرض الطغيان لإعصار من الثورات .. سيلقى الطغيان باللائمة على الحسين .. ويقولون خلسة (لا سامح الله الحسين). لأنه فتح عليهم باب من أبواب جهنم .. لم يستطيعوا له غلقا .
و لا نعرف شخصية وضعت الطغيان في البيئة الإسلامية في حالة من الارباك .. إلا الحسين . من هنا قالوها .. بكل الحقد والغيظ والحسد (أجل لقد فعلها ابن بنت محمد) .. وما أن يذكر الحسين .. أو يمر على مسامع أحد الطغاة .. في مجلس .. إلا انتابه الارباك .. واصابه التوتر .. وتعرقت يداه . وزاغت عيناه وتلفت حوله... فكفار وطغاة العالم حتى اللحظة يكرهون محمد بن عبد الله .. حتى اللحظة وما غفروها له انه حط أصنام الحجر والبشر .. وكان الظغيان العربي ..في حالة عداء متواصل مع الحسين . واعتقد أنه لو ظهر الحسين في القرن الواحد والعشرين .. لجردوه من نسبه الشريف .. ولظهرت على شاشات التلفزة صورته.. بأن الحسين مطلوب wanted حيا او ميتا ومن الأفضل ميتا .. ولفعلوا كما فعلوا بكربلاء بالأمس القريب .. ان الحسين مفردة ذات sound مغزى ومضمون. وتحتشد بما لا يبارى من المجد .. ربما كانت مشيئة الله تعالى .. حينما قالوا ان محمد صلى الله عليه وسلم (الأبتر ).. أي ليس له من الأولاد الذكور .. فشاء الله ان يملأ الحسين الارض مجدا وضجيجا .. لقد ادخلت العديد من الطوائف الإمام الحسين ضمن مزايدات ومناقصات ..فالشيعة اعتبرت أننا كسنة قتلة الحسين .. ولابد ان يثأروا منا .. ,واننا أنجاس .. بالرغم اننا من دمه براء .. بل هو بالفعل قدوتنا ..ومن جهة اخرى كان منا الصوفية الذين اختزلوا مجد الحسين في مبخرة يحملونها وثياب رثة ودروشه .. و عبارة (مدد يا حسين مدد ).. والآخرين الذين إذا ما قلت لهم انك حسيني وانك محب للحسين .. أعتبروك زنديقا .. ومجوسيا واستحلوا دمك .. فيا ترى الحسين لمن ؟.. إذا كان كل يدعى وصلا .. لقد قال المصطفى الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة .. إذن الأمر مقترن بالشباب .. والثورة مقترنه بعمر الشباب .. !!
أعتقد ان طغاة العالم مطلوبين بدم الحسين .,. واعتقد أن طغاة العالم . مازال الحسين لديهم مطلوبا ويحثون في أثره .. ولو وجدوه ثانية ما ترددوا في قتله وبنفس الطريقة بالرغم انهم يقروا بالشهادتين . ويعتبرون ان محمد رسولهم .. فأي شيزوفرنيا للطغاة ..
.. إلا ان الحسين ما زال له بريقه الاخاذ في فقه المجد والثورة .. ولا مانع ان يتدخل مزورو التاريخ بأن يميعوا من ثورة الحسين محاباة للطغيان .. والطغيان لا يمانع بالمتاجرة باسم الحسين .. على نحو كبير..كما هو الحال لاسم جيفارا .. لم يبق منه الا اسماء تجارية ,, والتي شيرتات .. إلا ان البيئة الاسلامية .. تعرف للحسين حجمه .. ووزنه .. اللهم الا متجر كبير في أحد العواصم الكبرى .. أسمه( العاب الحسين) .. تفرست المكان.. انه يبيع العاب للأطفال .. خنقتني الدمعة .. لكم كنت أود أن ادخل المتجر الكبير لأنفض صاحب المتجر كفيّن . في زمان يستخف باسم الحسين .. وبالرمز والمجد والتاريخ والعنفوان ..
يقول الشاعر محمود كرم
يا حسين الكرامةِ
فلا زال خنجر ( التخلف )
بلونه الذهبيِّ
فوق المنابر ِ
يغرسه ُ في أحشائكَ
محترفي الكلامْ
وبائِعي المأساة َ
في طرقات الظلامْ
وقاتلي النورَ
في مهد الضياءْ
ورافعي لواء الصمتِ
بألوان البكاءْ
فلا زال يا حسين الحريةِ
اسمك في حناجر البائعينَ
خير بضاعة ْ
ونهجكَ المستنير عِلَبٌ
بسعر السوق ِ
مُباعة
لم يعرفوكَ إماماً تقياً
قد أهوى الضلالة ْ
وظنّوكَ جسدا ً طريحا ً
يشتكي الظُلامة
وظنّوكَ
مأتما ً
وخرقة ً سوداءَ
وخير تجارة ْ
محمود كرم

لم أجد شخصية على مر السنين وكر الدهور .. أحدثت هذا الإرباك .. في موسوعة الطغيان وتدجين الشعوب إلا الإمام الحسين . فهو قد قطع كل الألسنة .. وكل خزعبلات واجتهادات فقهاء السلطان في إرساء دعائم الطغيان.. كان مفاد الإرباك .. ان هناك من كذبوا على رسول الله .. ووضعوا الأحاديث المؤيدة للسمع والطاعة ليستقر لهم الحال.. وان لم يجدوا إزاءها حلا .. ابتسموا وجاءوا بقول مأثور: حاكم غشوم أفضل من فتنة تدوم .. إلا ان هذه الاحاديث المكذوبة التي تنشد السمع والطاعة للسلطان.. إذا ما عولجت في فقه الثورة وموقف الحسين .. أحدثت الارباك .. واعلنت زيف فقهاء السلطان.. وأكدت انه محض كذب.. خاصة ان الحسين ثورة خرجت من تحت عباءة رسول الله وكساءه .. الشريف .. قوم أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ..
ليس في هذا السياق فقط .. تكمن حالة الإرباك للطغاة .. فعندما ذهبوا فقهيا إلى ان يزيد بمثابة امير للمؤمنين .. صرخت دماء الحسين بالرفض . وقالت لا تصدقوهم. واذا ما قالوا .. البيعة أوالاستفتاء كان قول الحسين ليزيد .. ليس مثلي من يبايع مثلك .. ولهذا كان مشروع ال البيت مشروع حرية . وهي كلمة قالها معاوية . لأحد النساء وكانت أغلظت له القول .. هيهات لقد لمظكم ابن ابي طالب الجرأة على السلطان .. ومن هنا .. نلاحظ .. ان القضية لا تنتهي عند امير المؤمنين علي كرم الله وجهه الذي علم الجمهور الاسلامي ان يغلظوا القول للحاكم .. لننتهي الى الطامة الكبرى والانقلاب الهائل الذي أحدثه الحسين .. بثورة الحسين .. ليست المشكلة .. في كربلاء انه حدث تاريخي ليس عابر ولا يمكن ان يكون عابر.. ولكن المصيبة التي ما زال وسيظل يعاني منها الطغيان ولن يجد لها مخرجا .. ومازالت المسمار الاخير في عرش الطغيان .. ولو استطاعوا- ان يقولوا ان الحسين هو الارهابي الاول في تاريخ الانظمة الطاغوتية.. أو المجرم الاول .. لقالوها -.. ولكنهم لا يستطيعوها .. لقد خزمهم الحسين كما تخزم الحمير .. لقد ألجمهم .. ومن هنا كان مصدر العداء .. ان ثورة الحسين .. قننت وشرعنت الثورة على الطغيان .. وجعلته امرا مباحا .. ليس فيه غضاضة .. ولا اعرف شخصية تعرضت لكل هذا التآمر من قبل الطغاة .. ولؤم الطغاة .. كمثل ما حدث مع الحسين .. انها مؤامرة في حياته وبعد مماته .. بل وستظل المؤامرة قائمة ما بقيت السماء والارض .. وكان من أنواع المؤامرة .. محاولة تزييف التاريخ وتمييع الموقف .. انتهاء الى تغييب ذكره .. ولكم تمنوا ألا يكون له وجود في الاساس والا يكون قد ُولد من البداية. .. وهاهي كلمة ..زينب في هذا الصدد مفادها.. انه سيجتهد اشياع الضلالة في اخفاء اثره ومحو ذكره .
تميزت شخصية الحسين كما قال خالد محمد خالد انها شخصية ذات طبيعة جياشة وثائرة .. وقال العقاد انه يرى ان الدين شرف بيت .. وان العقيدة لديه جد لا يحتمل الهزل ..فكيف يسكت جراء التجاوزات في عصر يزيد .. المشكلة ان الحسين حسمها وكان أخر الدواء الكي .. ولا يهم .. أكان الرأس على الرمح .. او على صينية في قصر يزيد ..يلعب ساخرا بها بعصاة .. لتلقى مجدا لم ولن يدركه الطغاة .. المهم ان الحسين بخروجه قد زلزل ليس عرش يزيد فقط بل كل عروش الطغيان قاطبة .. اذا ما اعتبرنا النقطة الكامنة في ثورته انه شرعن الثورة .... واعطى للشعوب حلاً حال تازم الموقف مع الطغاة . واعطى لها فقهاً ..أي فقه معالجة الطغيان عبر الثورة ..
كثير من الاحداث الجسام مرت بالتاريخ الاسلامي .. ولكن لماذا كانت كربلاء كمنعطف حاد .. انها ثورة من بيت رسول الله .. على واقع متفلت .. وانها اعطت الشرعية والتقنين والمعالجة التي لابد لم تتأت من بعيد لا من جيفارا ولا الثورة الفرنسية ولا من لينين وانجلز .. بل انها من نفس البيت بيت النبوة ومغرس الرسالة .. انها المعالجة للواقع حينما يوسد الامر غير اهله .. حيث قال المصطفى اذا ضيعت الامانه فانتظر الساعة .. قيل وما تضييع الامانة .. قال اذا وسد الامر غير اهله .. وعلى نفس الوتيرة كان قول المصطفى كيفما تكونوا يولى عليكم .. وكانت نقطة بالغة الأهمية للأمة ان تتفقد الامة نفسها من ان لاخر ..فاذا وصل رئيس "بهيم" فهو بالتأكيد من بيئة زرائبية .. واذا خرج فارس لا يشق له غبار فهو من بيئة فروسية واذا كان ورعا كان من بيئة تقية .. المهم ألا يوسد الامر غير اهله .. وكان من المفترض حسب قول المصطفى الكريم ألا يوسد الامر غير اهله .. لانه تضييع للامانة .. وانتظارا للساعة . وعدم التوسيد أو الَخلع (بفتح الخاء) لن يتأتي إلا بالثورات ... من هنا كانت الرؤية تتلخص ان معالجة الحسين وفقه الحسين اخذ طريقه العملي.. وليس نظريا حينما تتأزم الأمور مع الطغيان في كل زمان.. فكان الحسين نار وعروش الطغيان بارود .. وفي وضع تضاد ..لا ينسجموا سويا .. من هنا قالها احد الكتاب متهكما على احد الفقهاء القريب من السلطة.. انه سليل ال البيت فكيف يكون مهادناً للطغيان وصاحباُ للفنانات .. ومن ها لا تستقيم هذه ولا تلك .. فآل البيت ثورة على الطغيان ومن كان غير ذلك نتأسف جدا .. ونقولها اننا نشك في نسبه ..
من هنا كان الحسين ..نتعامل معه اليوم كرمز وننحني للشهادة .. بروعتها بهذا الحب المشوب بالحزن والإكبار ..بانه اعطى التجاوز في التضحية .. وعلم الحسين الاخرين والتضحية كأمر وارد فق فقه الثورة .. ولابد ان يمر عليه كل ثائر .. في التاريخ . فلما سأل أحمد الشقيري ما وتسي تونج .. علمني الثورة .. فقال ماو .. عجبا وعندك الحسين بن علي ..
فلقد اتفق كاسترو مع جيفارا وتكونت الثورة الكوبية في بدايتها من82 ثائر ولم يصل الى كوبا الا فقط 21 ثائرا . والباقي مات في الطريق .. ولكن الحسين أعطى الحسين التجاوز الضخم بهذا العدد في مواجهة غير متكافئة على الاطلاق فكان الرمز في ميدان الرجولة التضحية والبطولة والشرف.
لم يصلنا الا القليل من اقوال الحسين المأثورة وبعض الشعر.. ولكن وصلنا الموقف بحذافيره .. وما تعلق به من احداث .. لا بأس فهو باستشهاده قد قال كل ماعنده . فعادة الطغيان انه ماظهر ثائرا الا صلبوه واحرقوا كتبه .. كانت اقوال الحسين رغم قلتها تتميز بنورانية عجيبة .. واذا ما تذكر الثوار أقواله وهم في موطن البلاء لم تهن عزيمتهم .. الا انتفضوا وزادوا إصرارا وتصميما
لقد قال الحسين .." الناس عبيد الدنيا الدين لعق على ألسنتهم ما درت بهم معايشهم فإذا محصوا بالبلاء قل الديانون " ليتحول من حالة الجزع الى الايمان لراسخ لا يتزعزع لأن نورانية الكلمات .. أعطتهم .. الرؤية للكامن في سياق الاحداث فلا يتأثروا بالأمور الشكلية للبلاء والابتلاء.. لقد قال الحسين من هوان الدنيا على الله أن تهدى رأس يحي بن ذكريا الى بغي من بغايا بني إسرائيل " انها كلمة تكشف النقاب عن سر الاحداث والمعاني الخفية وانه لا باس بالنهايات طالما في مرضاة الله .. لتترسخ العقيدة ويستقر الايمان على مواجة الاهوال.
واذا اعتاد الفتى خوض المنابا فأهون ما يمر به الوحول .
وبالرغم من انه لا قيمة للدنيا في ميزان السماء وهوانها على الله .. ولكن قيمة الاشياء الشهادة . فكان سيد شباب أهل الجنة .لا بأس أن تهدى رأس نبي كريم الى بغي أو بالمعنى الدارج (شرموطه) إلا ان فحوى الاشياء وقيمة الحياة وروعتها انه جراء التضحية (حتمية التغيير).. ولا تتبدى الامور إلا في يقين الأنبياء وانتفاضة الثوار .. فالمصطفى هو القائل يوما " لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على ان اترك هذا الامر ما تركته او اهلك دونه "
انها مسألة مبدأ .. وبالمعنى السامي للمبدأ الذي يموت دونه الثائر ويحيا الانسان الكريم .. لتنتهي بالثورة الى تغيير الواقع الى الافضل .. ويخرج الاطفال من تحت سكين فرعون . او تحت سياط ابي لهب وامية ابن خلف ..ليهتفوا بقبضتهم الصغيرة في وجه فرعون .. وامية بن خلف ..في مظاهرة شعاراتها .. فليسقط فرعون ..فرعون ليس إله ..موسى نبي الله .. محمد نبي الله .. فليسقط ابو لهب .. لا اله الا الله .. انها روعة الحياة التي لم تكن إلا يقين نبي او انتفاضة ثائر ..انها روعة الحياة وفلسفة الوجود .. قالوا .. ان فلسفة الحياة .. فكرة رائعة أو قضية سامية .. أو مبدأ للبقاء.. او رسالة خلقت لتعيش ..فكانت لا اله الا محمد رسول الله ..وكانت الثورة من أجل إعلاء كلمة الله في الارض تتلخص في كل هذا إجمالا ..هي روعة الحياة والقيمة الفعلية للوجود ليس إلا . و اعتقد انه لا شيء غير ذلك البتة .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.