اعتبر عمرو موسى وزير الخارجية المصري الأسبق والأمين العام للجامعة العربية أن مظاهر الفرح الشعبية التي عاشها المصريون أمس بعد إعلان الرئيس حسنى مبارك تخليه عن منصبه كرئيس للبلاد وتسليم السلطة للجيش , هي مظاهر عفوية ورد فعل طبيعي على شعب قال أنه يتطلع إلى عصور جديدة ومزدهرة من الحرية. وأضاف موسى الذى يستعد لانهاء فترة ولايته الثانية عالى التوالى كأمين عام للجامعة العربية خلال الأسابيع القليلة المقبلة, في تصريحات ل( الدستور الأصلى) " مظاهر الفرح التي رأيتها أمس في مختلف شوارع ومدن مصر رد فعل كطبيعي لناس تتطلع الى الحرية, الناس لم تكن مرتاحة لصورة مصر الضعيفة وصاحبة القرارات المترددة والضعيفة , والآن مصر تعود كما نأمل كمصريين إلى دورها الطبيعي والتنويري في المنطقة. وقال " هذه لحظة تاريخية وتحول هائلة في مصر وبعد أكثر من أسبوعين من الثورة البيضاء التي خرج فيها الشعب المصري عن بكرة أبيه مطالبا بالتغيير حانت فجأة لحظة الانجاز وهذا يجعلني أدعو للانتقال إلى المستقبل وأن لا نبقى على هذه اللحظة الحالية". وتابع موسى " ينبغي النظر بسرعة إلى المستقبل ومن الأهمية بمكان أن نعمل على خلق توافق وطني على المرحلة القادمة وأن يكون المستقبل مستهدفا تحقيق الديمقراطية والإصلاح الاجتماعي " وحول أداء الجيش المصري وموقفه من الثورة الشعبية, قال موسى ان الجيش كما ظهر في مسلكه الذي قدره الشعب هو شريك مسئول لحماية المنجزات التي حصلت, مشيرا إلى أن الشعب والجيش كانا على نفس الضفة خلال أيام وأحداث هذه الثورة وحصل التماهى بين القوتين الكبيرتين. وشدد على أن الفترة الانتقالية يجب أن تتأسس على توافق الرأي الوطني وهناك قوى شعبية ظهرت كعنصر من عناصر القوة المصرية وفى نفس الوقت والثقة المتبادلة بين الجيش والشعب كانت واضحة. وبعدما رأى أن رد فعل المجتمع الدولي حيال ما جرى أمس في مصر, اتسم بالترحيب الممزوج بالدهشة, نفى موسى أي تخوف من دور الجيش المصري في المرحلة المقبلة على الساحة الداخلية.. وقال لا ينبغي أن يكون هناك أي تخوف, لدينا ثقة كاملة في تفهم الجيش وقادته لما يريده لشارع المصري في هذه. وحول التخوف من احتمال تدخلات خارجية في الشئون المصرية في ظل الوضع الراهن, قال موسى ليس هناك أي مؤشر على هذا ولا يجب أن نخشى شيئا, نحن أمة عظيم وشعب ناضل لنيل حريته ودعونا ننظر إلى الأمام. وكان موسى قد رحب بما وصفه "بالثورة البيضاء" بعد تنحي الرئيس مبارك لكنه رفض توضيح ما إذا كان سيرشح نفسه للرئاسة في المستقبل. وقال موسى في تصريحات تلفزيونية مساء الجمعة أنه يتطلع للمستقبل لبناء توافق وطني في هذه الفترة, لافتا إلى أنه توجد فرصة كبيرة الآن وان نافذة فتحت بعد "هذه الثورة البيضاء" وبعد تنازل الرئيس. وسئل عما إذا كان مهتما بأن يصبح رئيسا لمصر رد موسى قائلا "ليس هذا هو الوقت ايلي (الذي) نتكلم فيه." وأضاف "أنا كمواطن مصري اعتزم خدمة بلدي مع كل الآخرين في هذه المرحلة لبناء توافق رأي." واعتاد موسى فى السابق العزوف عن كشف خططه المستقبلية بعد مغادرة منصبه الحالى، لرغبته في تفادي الدخول في خصومة مع نظام حكم الرئيس السابق حسنى مبارك , بعدما تعرض لحملة إعلامية عنيفة شنها ضده مسئولون وصحف حكومية في شهر أبريل الماضي بسبب تصريحاته عن الوضع السياسي الداخلي والذي وصفه بأنه «يمثل حالة من الاضطراب وعدم الارتياح بل وخلل يعاني منه الآن المجتمع المصري». الى ذلك, قالت مصادر دبلوماسية لوكالة آكى الايطالية ان محادثات تجري على المستوى العربي لترشيح شخصية لتولي منصب الامين العام للجامعة العربية خلفا لموسى , مشيرة الى ان مصر ( قبل سقوط نظام مبارك) كانت قد طرحت مرشحا لتولي هذه المنصب من الوجوه السابقة في الحزب الحاكم , وقالت "هناك نقاش ما بين الدول العربية بشأن هذه الشخصية". لكن الوضع الآن قد اختلف على مايبدو برحيل الرئيس مبارك وتوالى الاستقالات من الحزب الحاكم الذى لم يعد له أى نفوذ فعلى أو حقيقى فى الشارع المصرى, وهو ما قد يدفع عدول دول عربية الى المبادرة باستغلال الفرصة لاعادة المطالبة بتدوير منصب الأمين العام للجامعة العربية وعدم قصره على مصر باعتبارها دولة المقر الرئيسى للجامعة. وتهيمن مصر علي المنصب منذ إنشاء الجامعة العربية عام 1945، باستثناء الفترة التي تم فيها نقل مقر الجامعة العربية إلي تونس نهاية السبعينيات, علما بأن ميثاق الجامعة يخلو من أى بند ينص على ضرورة أن يكون من يتولى هذا المنصب مصريا , لكن العرف جرى على ذلك. وتسببت محاولات دول عربية من بينها الجزائر وقطر واليمن فى تدوير المنصب الى خلافات سياسية معلنة أحيانا ومكتومة أحيانا أخرى مع نظام مبارك الذى كان يعتبر حصوله على هذا المنصب تجسيدا لفكرة وهمية عن ريادته للعالم العربى وهيمنته على العمل العربى المشترك.