اختلف العالم حوله، بين من أرادوا حمله على الأعناق باعتباره "صوت الحقيقة"، ومن أرادوا إسكاته للأبد لأن كلماته كشفت عوراتهم. "جوليان أسانج" الشاب الأسترالي البالغ من العمر 39 عاماً، المستحق عن جدارة لقب "المشاغب العامي" الذي استطاع أن يلفت أنظار العالم كله ويجعل من الحديث عنه مادة دسمة تتناقلها وسائل الإعلام بشغف وحماسة بعد أن أثار حنق الملوك والرؤساء حول العالم بوثائقه السرية وأحرج الدبلوماسية الدولية عبر موقعه الأكثر إثارة للجدل "ويكليكس". "أسانج"، الذي أفرج عنه القضاء البريطاني بكفالة قدرها 240 ألف جنيه استرليني، بعد توقيفه والتحقيق معه بناء على مذكرة توقيف سويدية اتهمته بارتكاب جرائم جنسية في السويد، نفي بشدة هذه التهم مشير إلي أنها تندرج في إطار حملة لتشويه سمعته على خلفية تسريبات موقعه الالكتروني. حيث استطاع "أسانج" أن يكسب مناصرين وأعداء في زمن قياسي منذ بدأ موقعه "ويكليكس" (موسوعة التسريبات) بنشر آلاف البرقيات الدبلوماسية الأمريكية السرية التي أحرجت الولاياتالمتحدة والأطراف الأخرى في العالم. ففي الوقت الذي خرج فيه مئات من الأشخاص للتظاهر بعدد من المدن الإسبانية للمطالبة بإطلاق سراح "أسانج" متجمعين أمام السفار البريطانية في العاصمة الإسبانية مدريد، وارتدوا أقنعة تحمل صورة أسانج مرددين هتافات تتطالب بالأفراج، عنه خرج بعض المنشقين عن الموقع معلنين عن إطلاقهم لموقع جديد منافس :لويكليكس" يحمل اسم "أوبنلكس" سيرأسه النائب السابق لأسانج "دانيال دوميشت" الذي تعهد بأن يكون موقعه الجديد أكثر شفافية من الموقع الأساسي والذي خرج عن مساره - حسبما يري "دوميشت" - وعلى عكس من موقع "ويكيليكس"، لن ينشر هذا الموقع معلومات مباشرة على الإنترنت بل سيجيز لوسائل إعلام شريكة بالحصول على هذه المعلومات بدون أن يكون بحد ذاته الناشر، ومن المتوقع أن يبدأ الموقع الجديد عمله مطلع عام 2011، والموقع خال من المحتوي حاليا باستثناء شعار الموقع وعبارة coming soon" ". وفي الوقت الذي طالبت فيه بعض المنظمات الحكومية وغير الحكومية بحصول "أسانج" على جائزة نوبل العالمية باعتباره أفضل مرشح مستقبلي للفوز بالجائزة لأن ما قام به عملياً أدى إلى كشف الحقائق والوقائع كما هي دون تجميل أو تغيير دون الوقوف أمام خطوط حمراء، كان علي الجانب الآخر من يشنون حملات ضد "ويكليكس" ومؤسسه، وعلي رأسهم الإدارة الأمريكية وغيرها من السلطات، بعد نشر آلاف الرسائل الدبلوماسية الأمريكية التي وضعت أمريكا في موقف حرج أمام العديد من دول العالم، مما دفع المدعي العام الأمريكي "إريك هولدر" للبحث في إمكانية جلب "أسانج" للمحاكمة في أمريكا تحت بند الجاسوسية، كما دعت "سارة بالين" التي تتحضر للترشح للانتخابات الرئاسية الأميركية عن الحزب الجمهوري، لملاحقت "أسانج" بنفس طريقة ملاحقة أسامة بن لادن، وهو نفس ما يفكر فيه المدعي العام الأسترالي "روبرت ماكليلن" من إمكانية محاكمة "أسانج" بتهمة تعريض الأمن القومي للخطر، بل إن الأمر وصل بمستشار رئيس الوزراء الكندي "ستيفن هاربر" إلى الدعوة لاغتيال "أسانج"، أما رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين فقد اكتفى بالتلميح إلى علاقة "أسانج" بالمخابرات الأمريكية. ولا يزال الأسترالي "جوليان أسانج" المشاغب العالمي محدد الإقامة بلندن رغم الإفراج عنه، حيث ينتظر المثول من جديد أمام المحكمة في 11 يناير المقبل لاستكمال التحقيق معه، فهل يمنح "أسانج" جائزة نوبل كما طالب مؤيدوه؟ أم يتم اغتياله بأيدي من تضرروا من جرأته؟