للمرة الثامنة.. أي منذ قرابة عام.. واللجنة المسماة لجنة السياسات النقدية ترفض زيادة سعر الفائدة اكتفاء بما تسميه سعر «الكويدور» أي سعر التعامل بين البنوك والبنك المركزي عند السعر المتجمد «25،8 75،9» علماً بأن هذا السعر لا تلتزم به البنوك عند احتساب فوائد علي المدخرات العائلية «المدخرات التي يمتلكها أفراد».. وكما يقول البنك المركزي إن كل بنك حر في تحديد سعر الفائدة علي المدخرات التي لديه. المدخرات العائلية تعتمد عليها الأسرة إلي جانب الدخل المحدود أو جانب المعاش لتحسين ظروف المعيشة أو تحسباً لطوارئ تزيد من الإنفاق مثل مصاريف المدارس والأعياد أو ربما ظروف صحية فكل عجز في العائد علي هذه المدخرات يزيد من أزمة الأسرة، خاصة في ظل الأسعار المتزايدة حتي وصل بعضها إلي نسبة ال100% كما اللحوم والخضر والفاكهة خلال الشهور الأولي من هذا العام. المدخرات ارتفع رصيدها في البنوك حتي تخطي حاجز ال900 مليار جنيه وتشكل المدخرات العائلية أكثر من 70% من هذا الرقم، أي أكثر من 630 مليار جنيه وتتراوح أسعار الفائدة عليها من بنك إلي بنك بمتوسط 5،6% إذ بعض البنوك تعطي 5،4% فقط والبعض ما بين 5% و5.5%، وقليل يزيد علي 6%.. في ذات الوقت يرتفع معدل التضخم حتي وصل متوسطه في شهر أغسطس الماضي 5،11%، ناهيك عن سلع الطعام والشراب والخدمات الصحية التي زادت إلي 100% تقريباً خلال الفترة نفسها. باختصار.. تفقد المدخرات العائلية من قيمتها بنسبة الفارق بين معدل التضخم ومتوسط سعر الفائدة.. فإذا فقدت الأسرة 1% فقط فإنها تكون بذلك قد فقدت 3.6 مليار جنيه، فما بالنا والفارق بين متوسط فائدة البنوك ومعدل التضخم هو 5% بالتمام والكمال أي أن الأسرة تفقد بل فقدت بالفعل 5،31 مليار جنيه. ما حجة المركزي؟ يقولون إن ذلك لتنشيط الاستثمار والحقيقة أن الائتمان المحسوب يكاد يكون مجرد تسويات وإعادة جدولة والباقي إلي إقراض لحساب قطاع الأعمال والقطاع العام والقليل إلي القطاع الخاص من النوع الثقيل فما سمعنا عن مشروعات جديدة تضيف إلي الناتج القومي سوي «الاستثمار العقاري» والجدل الدائر حوله.. والزيادة الأخري علي جانب سندات وأذون الخزانة المصرية. لو أن المدخر الصغير حصل علي حقه في العائد لكانت هذه الأموال تنزل إلي السوق تزيل حالة الركود وتعيد عجلات الإنتاج إلي الدوران فتحدث حالة انتعاش حقيقي في مختلف فروع وجوانب الأنشطة الاقتصادية بديلاً عن الركود والكساد والتعطل.. فضلاً عما يتيحه النشاط من فرص عمالة تقلل من البطالة المنتشرة. البنوك تعطي الخزانة المصرية بسعر يتراوح بين 5.9% و10%، وكانت تصل إلي 11%.. أي أن البنوك تربح من التعامل مع الخزانة وبالتالي فإن خفض الفائدة لا يصب في مصلحة الخزانة وعجز الموازنة العامة كما يزعمون. إذ أين يذهب فارق سعر الفائدة علي المدخرات وفارق سعر الإقراض للأنشطة الاقتصادية الذي يصل إلي 16% في بعض الحالات.. ويصل إلي 24% عند تمويل السلع كالسيارات والأجهزة التي تمول بالتقسيط. سوف يفاخر البنك المركزي بمليارات الأرباح التي حققتها البنوك من أنشطة خدمية ومن خفض فائدة ودائع الأفراد والعائلات، وهي كما هو منشور في ميزانيات البنوك تبلغ عدة مليارات من الجنيهات. البنوك تربح ربما علي حساب معيشة الناس.. ولا يهمها كساد السوق ولا خفض الإنتاج ولا تأثير ذلك في معدلات البطالة. وظيفة جديدة للقطاع المصرفي.. لا يكفي زحف الفقر أعداداً ومعدلات كما في تقرير البنك الدولي.. وظيفة يمكن توصيفها المخفف: «إفقار الفقر».