وسط سيناء يرفع درجة الاستعداد مع بدء العام الدراسي الجديد    جامعة المنصورة الأهلية تناقش استعدادات العام الدراسي الجديد    محافظ أسوان يعلن ربط وتسليم خط المياه الناقل من جبل شيشة لأبو الريش    أسعار السكر بالسوق المحلي اليوم السبت 21 سبتمبر 2024    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء استعدادات المحافظات لاستقبال العام الدراسي 2024-2025    حزب الاتحاد: "بداية" تتكامل مع المبادرات الرئاسية للارتقاء بمعيشة المواطن    فيديو.. فيضانات وانهيارات طينية تضرب شمال وسط اليابان    إطلاق 90 صاروخا من جنوب لبنان تجاه شمال إسرائيل    الدوري الإنجليزي، ليفربول يتقدم على بورنموث بثلاثية في الشوط الأول (صور)    ماذا يحدث في أسوان؟ (القصة الكاملة)    حصيلة 24 ساعة.. ضبط 12248 قضية سرقة تيار كهربائى    مدير مهرجان المسرح العربي في دورته الخامسة يشارك في بطولة «فيلا رشدي بيه»    الثنائي المرعب.. هاني فرحات وأنغام كامل العدد في البحرين    رئيس الوزراء: نستهدف زيادة صادرات قطاع الأدوية إلى 3 مليارات دولار    سان جيرمان يفتقد حكيمي ودوناروما وأسينسيو في مواجهة ريمس بالدوري الفرنسي    رئيس الوزراء يتفقد مجمع مصانع شركة إيفا فارما للصناعات الدوائية    محافظ المنيا: ندعم أي مصنع يقدم منتجا تصديريا عالي الجودة يحمل اسم مصر    حلة محشي السبب.. خروج مصابي حالة التسمم بعد استقرار حالتهم الصحية بالفيوم    منتدى شباب العالم.. نموذج لتمكين الشباب المصري    رابط الحصول على نتيجة تنسيق الثانوية الأزهرية 2024 بالدرجات فور إعلانها عبر الموقع الرسمي    قصور الثقافة تختتم أسبوع «أهل مصر» لأطفال المحافظات الحدودية في مطروح    مبادرات منتدى شباب العالم.. دعم شامل لتمكين الشباب وريادة الأعمال    محافظ المنوفية يتابع الموقف النهائي لملف تقنين أراضي أملاك الدولة    اليوم العالمي للسلام.. 4 أبراج فلكية تدعو للهدوء والسعادة منها الميزان والسرطان    اليوم ...المركز القومي للسينما يقيم نادي سينما مكتبة مصر العامة بالغردقة    بعد إعلان مشاركته في "الجونة السينمائي".. فيلم "رفعت عيني للسما" ينافس بمهرجان شيكاغو    «جنايات الإسكندرية» تقضي بالسجن 5 سنوات لقاتل جاره بسبب «ركنة سيارة»    بطاقة 900 مليون قرص سنويًا.. رئيس الوزراء يتفقد مصنع "أسترازينيكا مصر"    بداية جديدة لبناء الإنسان.. فحص 475 من كبار السن وذوي الهمم بمنازلهم في الشرقية    حزب الله يعلن استهداف القاعدة الأساسية للدفاع الجوي الصاروخي التابع لقيادة المنطقة الشمالية في إسرائيل بصواريخ الكاتيوشا    في اليوم العالمي للسلام.. جوتيريش: مسلسل البؤس الإنساني يجب أن يتوقف    مباشر مباراة ليفربول وبورنموث (0-0) في الدوري الإنجليزي لحظة بلحظة    وزير الصحة يؤكد حرص مصر على التعاون مع الهند في مجال تقنيات إنتاج اللقاحات والأمصال والأدوية والأجهزة الطبية    بعد 182 مليار جنيه في 2023.. برلماني: فرص استثمارية بالبحر الأحمر ونمو بالقطاع السياحي    مبادرة بداية جديدة.. مكتبة مصر العامة بدمياط تطلق "اتعلم اتنور" لمحو الأمية    إخلاء سبيل المفصول من الطريقة التيجانية المتهم بالتحرش بسيدة بكفالة مالية    استشهاد 5 عاملين بوزارة الصحة الفلسطينية وإصابة آخرين في قطاع غزة    موعد مباراة ريال مدريد وريال سوسيداد والقنوات الناقلة في الدوري الإسباني    اسكواش - نهائي مصري خالص في منافسات السيدات والرجال ببطولة فرنسا المفتوحة    توجيهات عاجلة من مدبولي ورسائل طمأنة من الصحة.. ما قصة حالات التسمم في أسوان؟    داعية إسلامي: يوضح حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    يوفنتوس يجهز عرضًا لحسم صفقة هجومية قوية في يناير    عالم بوزارة الأوقاف يوجه نصائح للطلاب والمعلمين مع بدء العام الدراسي الجديد    تحرير 458 مخالفة «عدم ارتداء الخوذة» وسحب 1421 رخصة بسبب «الملصق الإلكتروني»    شيخ الأزهر يعزي اللواء محمود توفيق وزير الداخلية في وفاة والدته    باندا ونينجا وبالونات.. توزيع حلوى وهدايا على التلاميذ بكفر الشيخ- صور    زاهي حواس: مصر مليئة بالاكتشافات الأثرية وحركة الأفروسنتريك تسعى لتشويه الحقائق    هل الشاي يقي من الإصابة بألزهايمر؟.. دراسة توضح    حكاية بطولة استثنائية تجمع بين الأهلي والعين الإماراتي في «إنتركونتيننتال»    18 عالما بجامعة قناة السويس في قائمة «ستانفورد» لأفضل 2% من علماء العالم (أسماء)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 21-9-2024    «اعرف واجبك من أول يوم».. الواجبات المنزلية والتقييمات الأسبوعية ل رابعة ابتدائي 2024 (تفاصيل)    وزير خارجية لبنان: لا يمكن السماح لإسرائيل الاستمرار في الإفلات من العقاب    مدحت العدل يوجه رسالة لجماهير الزمالك.. ماذا قال؟    مريم متسابقة ب«كاستنج»: زوجي دعمني للسفر إلى القاهرة لتحقيق حلمي في التمثيل    «الإفتاء» توضح كيفية التخلص من الوسواس أثناء أداء الصلاة    "ألا بذكر الله تطمئن القلوب".. أذكار تصفي الذهن وتحسن الحالة النفسية    ضحايا جدد.. النيابة تستمع لأقوال سيدتين يتهمن "التيجاني" بالتحرش بهن في "الزاوية"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. محسن خضر يكتب : محنة الموهوبين في التعليم المصري بين آية وخديجة
نشر في الدستور الأصلي يوم 01 - 10 - 2010

ليس تعسفاً لحكم علي نظامنا التعليمي القومي بأنه طارد للإبداع. ويمكن الذهاب إلي نتيجة أبعد: ليس لدينا نظام قومي محترم لرعاية الأطفال والطلاب الموهوبين.
ربما تكشفت هذه النتيجة من خلال واقعتين محددتين، واقعة طالبة الإعدادية آية، صاحبة موضوع التعبير الشهير قبل عامين، والتي اعتبرها المصححون «خارجة عن النص»، وذلك لمجرد أنها «عبرت» عن رأيها بصدق وشجاعة، وهو الشطط الذي هدد برسوبها في البداية، وقبل أن يتطور الأمر ويصل إلي تدخل رئيس الجمهورية لرفع الظلم الذي حاق بها، ووسط مساندة إعلامية قوية للطالبة آية.
وقبل أيام وجد وزير التعليم ومعاونوه في حيرة أمام حالة الطفلة خديجة، التي فازت بالمركز الأول علي مستوي الجمهورية في مسابقة القرآن الكريم، والثالثة علي مستوي العالم من بين متسابقي 60 دولة، والتي وقف وزير التعليم حائراً أمام حقيقة أن مستواها العقلي يفوق مستوي مناهج الصف الثاني الابتدائي، لأنها تعلمت القراءة والكتابة وحفظ وتجويد القرآن قبل أن تدخل المدرسة وبالتالي لن يضيف إليها التعليم شيئاً في هذه المرحلة فمستواها الفكري والعقلي يفوق بكثير مقررات صفها، ولا تسمح القوانين الحالية بنقل هذه الطفلة إلي مستوي دراسي أعلي لأننا لا نأخذ بنظام التسريع، وفي غياب مراكز التميز ذات المسار الخاص والمناهج المرنة، ولم تفلح مقابلة الوزير الاحتفائية بها أن تحل المشكلة.
ليس لدي خديجة حظ الطفل مارش بويديارديو، وهو طفل صيني من أصل إندونيسي، ويبلغ من العمر تسع سنوات، وهو موهوب في الرياضيات، ولذا أدخلوه الجامعة المعمدانية في هونج كونج لدراسة الماجستير، بعد حصوله علي شهادة A.S. باحتيازه اختبارات المستوي المتقدم إليها. وخصصت الجامعة برنامجاً من خمس سنوات للطفل.
هكذا يعاملون الموهوبين في النظم التعليمية المتقدمة.
نظامنا التعليم، إذن غير مهيأ للتعامل مع العقول الإشكالية، والطاقات غير النمطية بين أطفالنا وطلابنا، وهو ما يحتاج إلي نقاش مستمر من أجل امتلاك رؤية جديدة لرعاية الموهبة، وإطلاق مناخ الإبداع في نظم التنشئة المجتمعية، ومن بينها المدرسة والجامعة.
وقبل سنوات، تساءل الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي في كلمته الافتتاحية في المهرجان الذي نظمته إيران بمناسبة مرور ألف عام علي وفاة ابن سينا، عن أسباب اختفاء المبدعين أمثال ابن سينا، وابن رشد، والفارابي من الفضاء الإسلامي.
ربما تكون الإجابة المبدئية عن هذه الملاحظة المهمة تنحصر في ثلاثة أسباب رئيسة: النظم السياسية الاستبدادية، والثقافة القمعية الأبوية، وجمود النظم التعليمية.
ومن خلال خبرة سابقة، في المرة اليتيمة في تجربتي التي اقتربت فيها من وزارة التعليم، وذلك عندما شاركت في اللجنة التحضيرية لمؤتمر الموهوبين، في إبريل 2001م، وإبان وزارة د. حسين كامل بهاء الدين، كانت الآمال معقودة علي حدوث تحول في سياسة رعاية الموهوبين في مجتمعنا المصري، ومع أن مناقشات المؤتمر أكدت أهمية قيام مركز قومي لرعاية الموهوبين، إلا أن توصيات المؤتمر اختزلت المطلب إلي إنشاء إدارة الموهوبين بوزارة التعليم، ولم نسمع لها صوتاً ولا صدي من يومها وحتي الآن.
ويبدو أن الظرف السياسي كان مسئولاً عن ذلك، بمعني أن المسئولين تحسبوا لعدم تحمس الحكومة لاعتماد المخصصات اللازمة لهذا المركز القومي، وخاصة في ظل الحساسيات بين الوزير وبعض أعضاء مجلس الوزراء وقتها. وهكذا ضاعت فرصة حقيقية كان يمكن أن تمثل انقطاعاً في واقع التجاهل أو الضعف الرسمي في تعاملنا مع الموهبة والموهوبين في مجتمعنا.
ضلعا العملية اكتشاف الموهبة - وخاصة في سنوات الطفل الأولي - ورعايتها تالياً، وتحفل تربية ذوي الاحتياجات الخاصة (ومن بينها الموهوبون) بتراث هائل حول المكونين السابقين، وأنا أفضل تسميتها ب «ذوي الحقوق الخاصة»، سواء من بين أصحاب القدرات الإبداعية، أو المعوقين، أو بطيئي التعلم.
كعب أخيل الحقيقي في تعليم أبنائنا هو سيادة التعليم التلقيني، وثقافة الاجترار والاستظهار علي حساب ثقافة الحوار والإبداع والاكتشاف والنقد، ونحن نفهم الثورة التي يقابل بها الرأي العام والإعلام أسئلة الشهادات العامة التي تقيس القدرات العليا، وهو اتجاه صحيح من الناحية العلمية، أي وجود أسئلة امتحانية تقيس القدرات العقلية العليا، ولكن يغيب وجه الإنصاف عندما تغيب أساليب التدريس الإبداعية داخل الفصول، وعندما يفتقد المعلمون أنفسهم هذه الثقافة.
بالمقارنة بوضعية التعليم الجزئي أو الشكلي في مدارسنا، والتي تنسحب فيه العملية التعليمية إلي المنازل بعد أقل من شهر من بداية الدرس، ومع معلمين منهكين، محبطين، وباحثين بدورهم عن الخلاص الفردي أمام ضغوط المعيشة، وأولياء أمور يلهثون في لعبة المقاعد الموسيقية، فيشترون الخدمة التعليمية الأفضل، وبالتالي الفرصة الأفضل بأموالهم، هذه الوضعية تشكل عائقاً حقيقياً أمام رعاية الموهوبين وغيرهم، باعتبار أن دور المدرسة نفسه معطل أو معلق أو مرفوع حتي إشعار آخر، وعلي مستوي مجتمعي، ليس لدي الأسر المصرية ثقافة إبداعية لرعاية الموهوبين، لا تتسم القدرات الإبداعية بالندرة ولكن الاعتراف المجتمعي بها هو الذي يتسم بالندرة. وما زلنا نتعامل مع المبدعين والموهوبين بشيء من الاستخفاف، ويفتقد تعليمنا ومجتمعنا وجود نظام قومي لرعاية الموهوبين والمبدعين بعد اكتشافهم، وهي تفسر الحيرة التي تنتاب كل رب وأب، عندما يسأل ماذا أفعل مع طفلي الموهوب في المنزل أو الفصل.
إن التفكير في إنشاء مركز قومي لرعاية الموهوبين أصبحت مسألة ضرورة ومصير لا ترف، وكما يقول البروفيسور مايكل عطية مدير كلية ترينيتي بجامعة أكسفورد «الأحسن للبلدان أن تكون فيها مؤسسات أكاديمية ممتازة من أن يكون لها جيش قوي».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.