مع قرب حلول ذكري رحيل الزعيم جمال عبد الناصر المثيرة للجدل حتي الآن كشفت تل أبيب أمس عن تفاصيل خطيرة في ملف استخباراتي أداره إسحق شامير رئيس وزراء إسرائيل الأسبق بنفسه وهو يضع نصب عينيه اختراق مصر وإيقاف خطورتها بأي ثمن. كانت البداية وفقاً لصحيفة هاآرتس عام 1962 حينما رن جرس شقة إيزابيل بيدرو في جفعاتيم (أحد أحياء تل أبيب) نظرت من العين السحرية فرأت شابين لا تعرفهما، أبلغاها أنهما يريدانها في عمل خارج إسرائيل متعلق بأمور أمنية. أدخلتهما فرويا لها ملخصاً دقيقاً لقصة حياتها ورفضا أن يردا علي السؤال : من الذي أرسلكما إليَّ واكتفيا بالقول إن المسئول عنهما واثق من أنها ستفيد أمن إسرائيل في مهمة خارج البلاد. كانت إيزابيل -28 سنة- مهاجرة لم تتجاوز فترة مكوثها في إسرائيل سوي عام واحد كانت من أصول إسبانية ثم انتقلت عائلتها لفترة لهولندا، واعتقدت للوهلة الأولي أن الأمر يتعلق بشبكة دعارة(!) فتوجهت لقسم الشرطة وروت ما حدث، وتلقت وعداً بالرد عليها، وبعد يومين حضرت شرطية لمنزلها وأكدت لها أن شكوكها في غير محلها وأن العرض جاد. ووفقاً لما كتبه شلوموه نكديمون المحلل السياسي لهاآرتس فقد تم تدريب إيزابيل بتوجيهها لتصوير موقع عسكري إسرائيلي، حيث تم القبض عليها وصمدت في التحقيقات حتي أفرج عنها الموساد في النهاية. التدريب شمل تكليفها باختراق محطة كهرباء في إسرائيل أيضاً. ثم انتقل لتدريب مكثف علي استخدام السلاح والحبر السري وجهاز موريس للشفرة.عملت إيزابيل جاسوسة في القاهرة تحت إشراف الموساد الذي كان يترأسه آنذاك إسحق شامير (فيما بعد رئيس الكنيست ووزير خارجية ورئيس وزراء متعصب)، ونظراً لعدم إتقانها اللغة العربية وتحدثها بالفرنسية فقد تم عرض ثلاث دول عربية عليها ليتم زراعتها في إحداها هي سوريا، لبنان، مصر واختارت إيزابيل مصر لعشقها للآثار - حسبما قالت لهاآرتس - وبارك مدير الموساد أيسر هرائيل الاختيار لكون مصر العدو الرئيسي لإسرائيل وكلفها برصد مواقع البنية التحتية هناك. إيزابيل سافرت لباريس حيث قابلها إسحق شامير ليكلفها بمهام محددة قائلا: مصر مهمة لإسرائيل من كل الزوايا، دورك أن تتجولي في أرجاء مصر وترصدي الأمور العسكرية والأمور غير الطبيعية، وتعرفي ماذا يدور من أحاديث وسط النخبة من خلال تكوين شبكة علاقات واسعة، موضحاً لها أن الجيش المصري أكبر جيش معادٍ لإسرائيل وأن عبد الناصر العدو الأول للدولة العبرية. هبطت لمصر مزودة بجواز سفر من أوروجواي لا يحمل أختام دخول وخروج من إسرائيل، وفي حقيبتها جيب سري تضع فيه جهاز موريس لإرسال الرسائل لإسرائيل. ووفقاً للزعم الإسرائيلي فقد ركبت الجاسوسة التي قررت أن تمارس نشاطها تحت ستار السياحة «القطار» من المطار حتي وسط المدينة حيث قررت أن تقيم في فندق سميراميس. وبدأت مهمتها بكوافير الفندق لأنها تعلم أن أصحاب تلك المهنة يتحدثون كثيراً. ثم تعرفت علي أثري شاب عرفها في فندق ميناهاوس عرفها علي «صحفي مقرب من السلطة»، قابلته عدة مرات ثم عرفها علي ضابط برتبة ملازم أول أدخلها نادي الجزيرة، (حيث تم عام 1965 إلقاء القبض علي جاسوس إسرائيلي بارز يدعي «لوتس»). حيث تعرفت علي إيطالية متزوجة من مسئول مصري كبير، حرصت علي مقابلتها بعد ذلك في جروبي، الجاسوسة اهتمت بزيارة مواقع قريبة من مواقع الجيش في الإسكندرية، وفي الدلتا، ومن موقع بناء السد العالي في أسوان. حيث تزعم الجاسوسة أنها اطلعت من ربان سفينة نيلية علي خرائط تحدد عمق أساسات السد العالي. ووفقاً للرواية الإسرائيلية للعملية فقد خرجت الجاسوسة من مصر ثلاث مرات في الأولي أبحرت لإيطاليا، حيث تعرفت علي ولي عهد إحدي الدول العربية. ومن إيطاليا سافرت لفرنسا.. حيث التقت في باريس إسحق شامير مجدداً، وعندما عادت اقتربت من إيطالية مشاركة في فيلم إيطالي مصري ومن إعلامي شهير يعمل في التليفزيون، لكنها عندما حاولت مقابلة أعضاء شبكة التجسس والتخريب الإسرائيلية المعتقلين فيما عرف باسم «فضيحة لافون» فشلت فشلاً ذريعاً. وبعد أن اخترقت النخبة المصرية وكان علي رأس اهتماماتها متابعة مشروع السد العالي عادت لإسرائيل في النصف الثاني من عام 1965 وعرض عليها الموساد أن تعمل في خطوط الطيران الإسرائيلية لكنها رفضت وفضلت دراسة الديكور والعمل في هذا المجال.