السؤال إذن: ما الذي يمكن أن يفعله اللواء مجدي أيوب - محافظ قنا - حتي ترضي عنه الكنيسة؟ أو بمعني آخر: ماذا يفعل مجدي أيوب ليثبت أنه قبطي مخلص وبار لديانته؟ أكتب لكم هذه الكلمات وأنا في قراءة لتفاصيل الجلسة الساخنة التي عقدتها اللجنة المشتركة من الدفاع والأمن القومي والشئون الدينية وحقوق الإنسان بمجلس الشعب لمناقشة حادث نجع حمادي وحضرها محافظ قنا وأدارها الدكتور فتحي سرور بنفسه وسط حضور عدد كبير من النواب. الحق أنني منذ قراءتي لهذه التفاصيل وأنا مذهول حقا، فقد كنت أتصور أن المناقشة ستدور علي أسس وطنية وواقعية وليست علي أسس طائفية أو عصبية، والشيء المذهل هو ذلك الانفعال الحاد جدًا الذي كانت عليه وفاجأتنا به النائبة القبطية «المعينة» جورجيت قلليني التي ظلت تصرخ وعلي انفعالها منذ بداية الجلسة وحتي نهايتها، وهي تصر علي أن: الجريمة ذات أبعاد دينية وطائفية، وأن المحافظ كداب وهيروح النار لمجرد أنه تجرأ وقال إن المتهم مسجل خطر وليست له أي اتجاهات دينية مهددة ستتحدث عن كل الحقائق في كل مكان إلا مجلس الشعب الذي لم يتح لي فرصة الحديث بحرية. لقد كنت أود أن أقول النائبة المصرية ولا أقول النائبة القبطية، فما فعلته جورجيت قلليني كان مفاجئًا وبعيد كل البعد عن الممارسة السياسية والهوية الوطنية المصرية، فكلنا يعرف النائبة جورجيت، فطالما رأيناها نائبة وطنية ومصرية مخلصة تحت قبة البرلمان تدافع عن العدل وحق المواطن والوطن والحفاظ علي الهوية وهيبة الدولة والقانون. ونعود إلي سؤالنا الأول: ما الذي كان يمكن أن يفعله اللواء مجدي أيوب لكي يمنع هذه الجريمة البشعة التي شهدتها مدينة نجع حمادي في ليلة الاحتفال بعيد الميلاد الجيد، وما المطلوب منه لإقناع الأقباط أنه أبدا لم يقصر في حقهم ودينه أو يتخاذل وأنه واحد منهم مسيحي وقبطي مثلهم؟ الإجابة ببساطة إلي حد مربك تماما، ألا يكون مجدي أيوب محافظا هكذا يبدي مصريته علي حساب قبطيته ممثلا لطائفة وليس ممثلا لدولة، وهذا ما رفضه ولم يفعله أيوب منذ أن تولي مسئولياته محافظا لقنا قبل أربعة أعوام وأكثر، حيث لم يتفوه مرة بأنه محافظ قبطي ويستنكر عادة السؤال، يفضل دائما أن يكون محافظاً مصرياً لا يفرق بين مسلم وقبطي إلا بالعمل الصالح. وهنا لا أستطيع أن أمنع نفسي ونحن في حضرة كل هذا الهجوم والانتقاد ومحاولة الطعن في إخلاص وشجاعة وضمير وديانة مجدي أيوب أن أنسي السخرية التي أطلقها قداسة البابا شنودة عندما استضافته مني الشاذلي في برنامجها العاشرة مساءً، وسألته عن رأيه في تجربة تعيين محافظ قبطي فقال: إنه محافظ علي نفسه.. لم أكن أتصور أن كل هذا السخط سينصب علي رأس المحافظ القبطي أيوب، لأنه إنحاز للعقل والقانون والحفاظ علي هيبة الدولة ورفض أن يأخذ تعليماته من دور العبادة مسجدًا كان أم كنيسة، محترمًا القانون والدولة التي اختارته في ظرف استثنائي وحملته مهمة إثبات أهلية قبطية في المناصب العليا. إنه مشهد مربك ومحير ومتشابك حقا، ولا ينبغي للمحافظ القبطي مجدي أيوب أن يؤديه بمفرده ويكون هو القربان والضحية لأهواء طائفية ودينية مريضة، كما لا يصح أن يكون استقرار هذا البلد ووحدة أبنائه مرهونًا برضاء القساوسة والمشايخ، فالوطن فوق الجميع مسلمًا كان أم مسيحيًا، ومجدي أيوب في ظني لم يفعل ولن يفعل غير ذلك طالما ظل في هذا المنصب، فهو يؤمن بأن مصلحة هذا الوطن أن يظل مصريًا ومن أب وأم مصريين، والدين لله والوطن للجميع.