وقف أمامي بشموخ رغم بدلته المزيتة وحواف قميصه المهترئة وبتحديق عيون محمرة واضح أنها لم تنل من النوم حظاً منذ فترة، قال: أنا عايزك في موضوع خطير جداً، أدركت فوراً أنني لن أستطيع التملص ولا التخلص فاستسلمت فجلس أمامي وفتح كراسة ممزقة الجوانب ومكرمشة ومتنية أخرجها من جيب الجاكيت الداخلي وقدمها لي، الصفحات بلا مساحة واحدة بيضاء وكانت مكتوبة بخط دقيق أنيق من سقف الصفحة حتي طيتها، لكن ولا كلمة لها علاقة بالكلمة التالية، كأنها شفرة غامضة، طلبت منه أن يمنحني فرصة لقراءة الكراسة بتمهل وعلي راحتي، لكنه انتفض غاضباً وقد جذبها مني متخشبا وتمتم وهمهم: بقي الحكاية كده كلكم زي بعض، عندما خرجت من مكتبي وجدته لايزال ينتظرني علي الباب نظر لي نظرة من كشفني وصدمه الاكتشاف، نفس النظرة التي رمقني بها الدكتور هتلر حين زارني في مجلتي القديمة وعرف نفسه بأنه مرشح رئاسة الجمهورية، حيث كان يتقدم بأوراق ترشيحه لمجلس الشعب منافساً للرئيس كي يحصل علي موافقة ثلثي أعضاء البرلمان وكان أمن مجلس الشعب يطرده ويطارده في البداية ثم انتهي بأن صار صديقاً لهم يشرب الشاي في غرفتهم الزجاجية وينادونه بالسيد الرئيس، غضب مني الدكتور هتلر حين رفضت أن أزوره لأكتب تحقيقاً صحفياً حول الجثث التي يحنطها في بيته.