الفتي الأسمر يصعد علي النخلة العالية يناجي حبيبته، ثم يهم بأن يشير لها بيديه مودعا فيسقط وتنكسر قدماه.. ثم يحقق ما يفوق التعاطف.. يحقق إعجابا واحتراما وتقديرا لكل هذا الإخلاص في تقديم دور أقنعنا وأحببناه من أول طلة.. من فعل كل هذا؟ إنه محمود عبد المغني أو جابر المطرب الحزين، وقاطع الطريق الطيب، والعاشق الشجاع المجروح الذي يساهم في تعلقنا أكثر بمسلسل «شيخ العرب همام».. ذلك المحب الذي فاقت أحلامه حدود مقدرته، فهو يحلم أن يتزوج من «ليلة» ابنة أحد كبار عائلة الهمامية، وهو مجرد سارق حنون يساعد الضعفاء، فينتهي به الأمر مغنيا في حفل زفاف حبيبته علي رجل غيره في مشهد قدمته السينما عشرات المرات، ويعود محمود عبد المغني ليحييه مجددا، ويحيي به موهبته. جسد محمود عبد المغني مشاهده في مسلسل «شيخ العرب همام» باقتدار أثبت به أنه رفع نفسه من خانة المجتهدين إلي قائمة هؤلاء الواثقين من أنفسهم حد الشموخ، والتحدي، وحد إمتاع المشاهد.. الفتي الذي كان يتعامل معه صناع الدراما منذ سنوات ليست ببعيدة علي أنه وجه جديد، وكان يتقن دورا، ويترك آخر، قدم هذا العام ثلاثة أدوار تنافس بعضها في التميز.. هو عبد الله الشاب الفقير جدا الذي يتحايل علي الحياة بالضحك حينا، وبالتجاهل أحيانا، محمود عبد المغني في «الحارة» دخل في تفاصيل شخصية عبد الله لدرجة جعلتنا نشعر أنه لا يمثل إطلاقا، وأن نسيج الشخصية علي مقاس موهبة هذا المشخصاتي بالتمام والكمال. أيضا هو يؤدي دور سعيد في مسلسل «مذكرات سيئة السمعة» دون أدني تزيّد.. ذلك الشاب اللي الدنيا ملطشة معاه، لذا فهو دائم التنقل بين المصائب، ورغم حالة الحزن المسيطرة علي الأدوار الثلاثة، والتي تجعل أجواءها تتشابه فإن هناك مقدرة جديدة تعلمها مغني، وهي أنه يضع حاجزا سميكا بين كل شخصية وأخري، بحيث لا تضبطه متلبسا بتكرار انفعالاته في أي منها.. هنا محمود عبد المغني يتجاوز بمراحل العتبات الأولي لفن التمثيل، ويدخل متوغلا حيث فنون الأداء وألوانه.. إنها بداية جديدة تستحق أكثر من لفتة، وتستحق من صاحبها مزيدا من الاهتمام