أسعار اللحوم والأسماك اليوم 27 يونيو    الأرصاد الجوية تكشف موعد انخفاض درجات الحرارة    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    إصابة فلسطينيين اثنين برصاص قوات الاحتلال خلال اقتحام مخيم الدهيشة جنوب بيت لحم    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    يورو 2024| «يلماز» رجل مباراة تركيا والتشيك    7 معلومات عن أولى صفقات الأهلي الجديدة.. من هو يوسف أيمن؟    والدة لاعب حرس الحدود تتصدر التريند.. ماذا فعلت في أرض الملعب؟    هانئ مباشر يكتب: تصحيح المسار    إعلان نتيجة الدبلومات الفنية الشهر المقبل.. الامتحانات تنتهي 28 يونيو    مسرحية «ملك والشاطر» تتصدر تريند موقع «إكس»    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    جالانت: لا نريد حربا ضد حزب الله لكن بإمكاننا إعادة لبنان إلى "العصر الحجري"    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    موظفو وزارة الخارجية الإسرائيلية يهددون بإغلاق السفارات    فولكس ڤاجن تطلق Golf GTI المحدثة    فى واقعة أغرب من الخيال .. حلم الابنة قاد رجال المباحث إلى جثة الأب المقتول    بعد اجتماع اللجنة المرتقب.. هل هناك زيادة متوقعة في تسعير البنزين؟    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس27 يونيو.. «وقت مناسب للمشاريع الطويلة»    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    سموحة يهنئ حرس الحدود بالصعود للدوري الممتاز    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    أشلاء بشرية داخل القمامة تثير الذعر بأوسيم.. وفريق بحث لحل اللغز    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    منير فخري: البرادعي طالب بالإفراج عن الكتاتني مقابل تخفيض عدد المتظاهرين    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    إبراهيم عيسى: أزمة الكهرباء يترتب عليها إغلاق المصانع وتعطل الأعمال وتوقف التصدير    سيدة تقتحم صلاة جنازة بالفيوم وتمنع دفن الجثمان لهذا السبب (فيديو)    محاكمة مصرفيين في موناكو بسبب التغافل عن معاملات مالية كبرى    العمر المناسب لتلقي تطعيم التهاب الكبدي أ    نوفو نورديسك تتحمل خسارة بقيمة 820 مليون دولار بسبب فشل دواء القلب    رئيس قضايا الدولة يُكرم أعضاء الهيئة الذين اكتمل عطاؤهم    الجيش البوليفي يحاول اقتحام مقر الحكومة في انقلاب محتمل    ملخص وأهداف مباراة جورجيا ضد البرتغال 2-0 فى يورو 2024    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    الدفاع السورية: استشهاد شخصين وإصابة آخرين جراء قصف إسرائيلى للجولان    إجراء جديد من جيش الاحتلال يزيد التوتر مع لبنان    وزراء سابقون وشخصيات عامة في عزاء رجل الأعمال عنان الجلالي - صور    لإنهاء أزمة انقطاع الإنترنت.. توصيل 4000 خط تليفون جديد بالجيزة (تفاصيل)    بسبب عطل فني.. توقف تسجيل الشحنات ينذر بكارثة جديدة لقطاع السيارات    سعر الريال السعودي مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 27 يونيو 2024 في البنوك (التحديث الأخير)    الحكومة تحذر من عودة العشوائية لجزيرة الوراق: التصدى بحسم    "ما علاقة هنيدي وعز؟"..تركي آل الشيخ يعلق على ظهور كريم عبدالعزيز مع عمالقة الملاكمة    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    عباس شراقي: المسئولون بإثيوبيا أكدوا أن ملء سد النهضة أصبح خارج المفاوضات    حدث بالفن | ورطة شيرين وأزمة "شنطة" هاجر أحمد وموقف محرج لفنانة شهيرة    تعرف على سبب توقف عرض "الحلم حلاوة" على مسرح متروبول    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.جودة عبدالخالق:غالي يعمل بدولة داخل الدولة وينفذ سياسات البنك الدولي لإفقارالمصريين
نشر في الدستور الأصلي يوم 27 - 08 - 2010

لم أرشد البنك الدولي عن الأسلوب المناسب لإلغاء الدعم حين سألني عدد من خبرائه عن الطريقة.. ووزير المالية استجاب لهم ويقود الآن سياسة ممنهجة لإفقار الشعب المصري لا يمكن وصف من يتولون الأمور الكبرى في مصر ب «رجال الأعمال» لأن هذا الوصف شيء محترم لا ينطبق عليهم
د.جودة عبد الخالق
شهدت مصر خلال العامين الماضيين صدور مجموعة من القوانين التي خرجت بها الحكومة علي يد يوسف بطرس غالي - وزير المالية - لجلب مزيد من السيولة للموازنة العامة للدولة بداية من قانون الضرائب العقارية الذي ظهر عام 2008 إلي قانون التأمينات الاجتماعية وقانون شراكة القطاع الخاص في عام 2010، دون أن تحظي هذه القوانين بالمناقشات الكافية بمجلس الشعب، إذ تم تمريرها والموافقة عليها بسرعة البرق رغم الهجوم الكبيرعليها من قبل الخبراء، فكان لنا هذا الحوار مع الخبير الاقتصادي الدكتور جودة عبد الخالق - رئيس اللجنة الاقتصادية بحزب التجمع - عقب عودته من رحلة عمل بالولايات المتحدة الأمريكية لتقييم السياسات المالية والاقتصادية التي تمت في مصر خلال الفترة الأخيرة ووفقاً لما شاهده من خبرة ورؤية للاقتصاد في أمريكا أم الرأسمالية في العالم في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
تمت الموافقة خلال الفترة الأخيرة علي عدة قوانين تقدمت بها وزارة المالية في إطار إصلاح السياسات المالية والاقتصادية.. ما تقييمك للإصلاح الاقتصادي الذي يتم في مصر الآن؟
- موضوع السياسات المالية بدأ قبل ذلك، تحديداً منذ خمس سنوات منذ قانون الضريبة علي الدخل رقم 91 لسنة 2005، حيث كان يؤرشف لهذا الاتجاه، وهو الأخذ من الفقراء وإعطاء الأغنياء، وهذا يذكرنا بمقولة السيد المسيح عليه السلام: من كان عنده يعطي ويدان ومن ليس عنده يؤخذ منه، وذلك لأن فكرة موضوع الضرائب علي الدخل بدأت بإلغاء نظام الشرائح كمبرر للإصلاح، واستبدال شرائح الضريبة بشريحة واحدة بسعر واحد هو 20%.
وأصبح من يكسب الملاليم أي يحصل علي 500 جنيه فقط في الشهر يدفع 20%، ومن يكسب 500 مليون جنيه يدفع أيضا 20%.. ومعني ذلك أن العبء علي الفقير ومحدود الدخل مع المعيار النسبي أكبر كثيرا من الغني، فعندما يتم تحصيل 20% من شخص دخله 500 مليون جنيه لن يكون ذلك بالطبع مثل تحصيل النسبة نفسها من شخص دخله 500 جنيه.
ما تعقيبك علي قيام غالي بتحديد عدم تجاوز نسبة المال العام في شراكة القطاع الخاص عن 20%؟
- في كل الأحوال نسبة ال20% معناها حد أقصي للمال العام، وحد أدني للقطاع الخاص 80%، ففي مسألة اتخاذ القرارات الذي سيكون له اليد العليا هو الذي يملك الجزء الأكبر من رأس المال في هذا المجال، ووجود المال العام مثل عدمه لأنه مجرد واحد من خمسة علي أحسن تقدير، وممكن يكون واحداً من عشرة، إذن القرار الذي سيصدر لن يعكس إرادة الواحد من الخمسة الذي هو صاحب المال العام ممثل الشعب، لأنهم سيقولون مال الدولة،كالأراضي التي يتم بيعها ويقولون أراضي الدولة، وهي ليست كذلك وإنما هي أراض مملوكة للشعب، لأنه منذ أن وجدت مصر والأراضي هذه ملك الشعب من غير حكومة ولا دولة بدليل أن أهل سيناء كانوا موجودين قبل أن تهل عليهم الحكومة.
كذلك فإن مشاركة القطاع العام ب20% فقط معناها انعدام الإشراف الحكومي وعدم مراقبة الجهاز المركزي للمحاسبات، لأن الجهاز لا يراقب الهيئات والمشروعات إلا إذا تجاوز المال العام فيها 30%، لذا أصبح لديك مال عام لا يخضع لرقابة، هذا أمر شديد الخطورة من الناحية السياسية، والتفاف حول مسئولية الحكومة في أن تكون خاضعة لرقابة السلطات المعنية سواء كان الجهاز المركزي والرقابة الإدارية، لأنها تتابع أصل هذه الأنشطة.
والهدف من هذه الإجراءات هو ترك الفرصة وفتح الباب لعالم البيزنس لكي «يبرطع» في المساحة كلها، هذا هو المنطق الذي يروج له يوسف بطرس غالي الذي أؤكد أنه «حكومة داخل الحكومة».
هل هناك أدلة علي ذلك؟
- نعم بالشواهد يوسف بطرس غالي يقرر وله ما يشاء، مسألة غريبة جدا، ولا أري أن هناك مراجعة لما يقوم به من قبل مجلس الوزراء علي الإطلاق، وما يحدث يشبه عصر المماليك؛ حيث أعلن وزير المالية مؤخرا أن الجزء الأكبر من حصيلة الضرائب عبارة عن ضرائب غير مباشرة، مثل ضريبة الدمغة، وضريبة الاستهلاك (السلع والخدمات)؛ فمشكلة الضرائب غير المباشرة أن عبئها الأكبر يقع علي الأقل قدرة من محدودي الدخل ومتوسطيه. وهو ما يعيدنا مرة أخري للمنطق الذي يتبعه وزير المالية وهو الأخذ من جيوب الفقراء وإعطاء الأغنياء، بدعوي أن هناك عجزا في الموازنة وينبغي التعامل معه، لينتهي الأمر بتخفيض الدعم في النهاية.
وطبقا لما ينشر فإن يوسف بطرس غالي قام بتخفيض مخصصات الدعم ب 7 مليارات جنيه، وهو ما يؤكد أنه يعمل في دولة داخل الدولة، وحكومة داخل حكومة؛ لأنه ليس من سلطات وزير المالية أن يقرر في مسألة تخص 80 مليوناً، أو أن يأخذ قرارا منفرد بتخفيض دعم الغذاء، خاصة وأن سياسات الحكومة والسياسات المالية علي وجه التحديد قد اعتصرت المواطن إلي آخر نفس، وهذه سياسة ممنهجة لإفقار الشعب المصري يقودها يوسف بطرس غالي.
لصالح من؟
- لصالح جماعات البيزنس في الداخل أولاً، ولصالح الشركات دولية النشاط، لأن مصر سوق كبيرة جداً في مجالات كثيرة جدا، وبالتالي يسيل لها لعاب الكثيرين، وأيضا لصالح الأسياد من وجهة نظر يوسف بطرس غالي ومجموعته، «يدخل في هذا جمال مبارك لأنه نفس العقلية والتركيبة»والأسياد الذين أتحدث عنهم هم صندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، والوكالة الدولية الأمريكية للتنمية الدولية؛ لأن هذه هي الجهات التي تثبت هذه الأفكار وتروج لها حول حال الدولة والدخول في الشراكة مع القطاع الخاص حول تخفيض الدعم، لأنهم يرون أنه يضر بالتوازن المالي، فهم يسعون لتخفيف يد الدولة بل ونزع سلطتها نهائيا من الرقابة، لأن وجودها يتعارض مع شكل السوق الذي يريدونه، فهناك أدان جديد في العالم حدث في أمريكا التي هي قبلة الرأسمالية، هناك يعاد النظر في دور الدولة في كثير من المجالات التي قد خرجت منها عندما تم تنفيذ فلسفة رونالد ريجان، بينما نحن الآن في مصر نروج لفلسفة رونالد ريجان بعدما طلقتها أمريكا بالثلاثة نتيجة لما تسببت فيه من أزمات مالية.
هل يقود يوسف بطرس غالي السياسة الممنهجة لإفقار الشعب المصري بمفرده؟
- لا أيضا أحمد عز معه ورجال أعمال آخرون، ففي التعديل الوزاري الذي تم في عام 2005 فيما يسمي بحكومة رجال الأعمال التي هي حكومة رجال بيزنس وبالتالي كل السياسات العامة في مجال الضرائب، الدعم، التشغيل، التسعير، في مجال رقابة الأسواق، وفي مجال المنافسة ومنع الاحتكار، والتعليم، والصحة، والتأمينات الاجتماعية إلي آخر ذلك من السياسات العامة التي تصب في صالح هذه الحفنة من الممتمثلين والمتمركزين فيما يسمي بلجنة السياسات أو المجلس الأعلي للسياسات بالحزب الوطني، وهو ما خلق وضعاً شاذاً بالمفهوم السياسي؛ لأن بديهيات هيكلة النظم السياسية هي الفصل بين رأس المال والحكم.
وبالرغم من أن شهر يوليو الماضي كان يواكب مرور 50 عاماً علي ثورة يوليو التي رفعت شعارات القضاء علي سيطرة رأس المال وارتباطه بالحكم، إلا أن مصر أصبحت تعيش الآن حقبة سيطرة رأس المال علي الحكم بكل ما تعنيه الكلمة، وبمعني أكبر بكثير مما كان قائماً قبل عام 52.
هل تري أن هناك إمكانية للفصل بين السلطة والمال خلال الفترة المقبلة أم أنه أصبح من الصعب التخلص من هذا التزاوج؟
- لا أري في الأفق أي جديد، لكن إذا مضي قطار التوريث إلي محطته الأخيرة بتولي جمال مبارك للحكم، لن يكون هناك أي جديد، فجمال مبارك يحكم الآن بشكل فعلي، أما الرئيس فهو إما في شرم الشيخ أو باريس أو لديه مقابلة مع بيريز.. أما من يحكم مصر الآن فهي التخمة التي تتمثل في بؤرتها أمانة السياسات، التي لها لجنة أغلبية في مجلس الشعب تمكنها من تمرير ما تشاء من قوانين.
وإذا مضي قطار التوريث لن يحدث جديد في النظام السياسي، فلا أري في الأفق أنه يمكن حدوث «طلاق» بين الثروة والسلطة.
إلي أي مدي يتحكم صندوق النقد الدولي والبنك الدولي في سياسات مصر المالية، خاصة وأن يوسف بطرس غالي حصل في الفترة الأخيرة علي جائزة أحسن وزير مالية في الشرق الأوسط وآسيا خمس مرات؟
- هو أحسن وزير مالية من وجهة نظر الأسياد، لأن المؤسسات التي حصل منها علي الجائزة كاليورومني وغيرها من المؤسسات هي شركات تمارس البيزنس، وقد أعطته هذه الجائزة لأن هذا يتفق مع وجهة نظرها.. وفي لغة شعبنا القرد في عين أمه غزال، فمن يمنح هذه الجوائز ليس أنا أو أنت، وليس الشعب المصري الذي يكتوي بهذه السياسات.
إذن ما هو المنطق في هذه الجوائز؟.. المنطق هو أنهم يرون أن يوسف بطرس غالي كوزير مالية يحقق لهم أجندتهم في نهب الشعب المصري حتي النخاع من خلال سياساته التي تحدثنا عنها.
إلي أي مدي يتحكم هؤلاء الذين تصفهم ب «الأسياد» في الاقتصاد المصري؟
- بنسبة 100% طبعاً، لأن موضوع الدعم الذي ينادون به وبضرورة تخفيضه إنما هو بناء علي رغبة هؤلاء الأسياد، الذين يتمثلون في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وهذه الأمور تتردد علي سبيل المثال في التقارير، ففي ديسمبر الماضي - قبل أن أسافر إلي أمريكا وبناء علي طلب البنك الدولي في القاهرة - جاء إليّ في كلية الاقتصاد فريق من ثلاثة من خبراء ومستشاري البنك يريدون معرفة رأيي في الوسيلة المثلي لتسويق إلغاء الدعم عن الشعب المصري، قالوها هكذا ببساطة وبمنتهي الصراحة وجهاً لوجه، حينها وجهت لهم سؤالا عن نوع الدعم الذين يريدون التسويق لإلغائه عن الشعب المصري، وذكرتهم بنوع آخر من الدعم الذي يمكن إلغاؤه، وهو دعم لا يتحدثون عنه إطلاقا لأنه دعم مفتوح ومؤبد لا يستفيد منه الفقراء؛ وإنما الأغنياء، فضلاً عن أنه موجود منذ سنوات ألا وهو دعم الشركات التي تقوم بإنتاج السيارات، مثل منصور وشركائه، فكل ما تقوم به شركات السيارات هو استيراد المنتجات من الخارج وتجميعها، وتسمي الصناعات المساهمة وتتكون من مجموعة من العمال ببعض المواد والمكونات البسيطة التي تخضع لضرائب جمركية أقل بكثير جدا مما تخضع له السيارات تامة الصنع، وبالتالي لو تم مقارنة هذه السيارات بسيارات شيفروليه التامة الصنع ستجد أنه يدفع ضرائب أقل بكثير ويكون الفرق دعماً يحصل عليه في هيئة خفض ضرائب، في حين أنه في النهاية يقوم بطرحها في السوق بعد أن يضيف عليها الضرائب المفروضة علي السيارة كاملة الصنع، والتي يدفع عنها ضرائب بنسبة 100%، وهو لم يتحمل في الأصل هذه الضرائب، حيث إنه حين استوردها في هيئة مكونات دفع عليها ضرائب 20% فقط، لذلك تجد في مصر 20 شركة سيارات في حين أن أمريكا لا يوجد بها سوي ثلاث شركات فقط لأن صناعة السيارات تمثل منجم ذهب للمستورد، لأنه يستورد مكونات ب 20- 30% ويقوم بطرح السيارة في السوق بالتكلفة مضافاً إليها الضريبة الجمركية علي السيارة تامة الصنع ويعتبر الفارق هذا دعماً يحصل عليه من لا يحتاجونه من كبار مصنعي السيارات في مصر.
ما نسبة الاستثمار الأجنبي الحالية في مصر؟
- طبقا للأرقام التي شاهدتها للتسعة شهور الأولي المتوفر عنها بيانات من السنة المالية من يوليو 2009 وحتي مارس 2010، بلغ حجم الاستثمارات الأجنبية في مصر 4 مليارات دولار، وتقريبا بلغ الربع الآخر ملياراً ونصف المليار تناسبا مع الأربعة ملياراً في تسعة شهور لتبلغ نسبة الاستثمار الأجنبي في مصر للعام المالي 2009 / 2010 حوالي 5 مليارات دولار ونصف فقط، في حين أنها بلغت 11 مليار دولار في 2008.
هل يعود هذا التراجع إلي وجود معوقات للاستثمار داخل مصر أم أنه نتيجة لتراجع الاستثمارات في معظم الدول نتيجة للأزمة المالية العالمية؟
- أعتقد أن الأمر مزيج من هذا وذاك، فمؤكد أن الأزمة المالية العالمية أثرت لأن الاستثمار الأجنبي عبارة عن تدفقات تأتي من الخارج إلي الداخل، واختلت التدفقات المقبلة من الخارج، وذلك كما حدث في الإمارات، الأمر الأخر أن هناك مؤخرا فصلاً بين الاستثمارات المقبلة في قطاع البترول وغيرها من الاستثمارات حيث كان في البداية يتم وضعها سويا ،أما عند الفصل فقد تراجعت نتيجة لتراجع أسعار البترول، حيث إن الإيرادات المتدفقة في هذا القطاع انخفضت ومعني ذلك أن المردود قل نتيجة لآثار الأزمة المالية وذلك بالنسبة للاستثمارات، لكن علي جانب آخر فإن تواتر وتكرار الحديث عن الفساد والتقارير الحكومية ومنها تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات وتقرير الرقابة الإدارية وانتشار حالات الفساد الاقتصادية والمالية يعطي مؤشراً للاستثمار الأجنبي أن هذه البيئة ليست آمنة، فلابد أن تكون منحرفاً حتي تستطيع أن تمارس نشاطاً سياسياً، أما إذا كنت مستقيماً بمعايير الأعمال ،فهذه ليست البيئة ،وبالتأكيد هذا من ضمن العوامل التي أدت إلي تأثر مصر بحكم موقعها وعلاقتها بالخارج ،بما هو حادث في المنطقة إذ وجود توترات سياسية وقبلية كما أن الفترة الأخيرة لم تكن هادئة فهناك عوامل كثيرة نتج عنها انخفاض الاستثمار الأجنبي في مصر إلي المستوي الذي وصل إليه.
يقال إن حجم الدين المحلي يمثل 46% من إجمالي الناتج المحلي، هل تري أن هذا الرقم صحيح؟
- اتركي هذه الأرقام لحالها، فهذه هي مشكلة وزارة المالية، فلنفترض أنه كما أعلنته وزارة المالية وأن الناتج المحلي كما يطبخونه في الوزارة تريليون جنيه، فإن نسبة الدين المحلي المعلنة من جانب تقارير وزارة المالية والبالغة 46% هي في الواقع ليست كل الدين المحلي ،وإنما هو الدين الحكومي وهذا وجه الاختلاف ،فهناك فرق بين الدين الحكومي والدين المحلي فالدين الحكومي جزء منه، ولو أردت رؤية القصة بوضوح أكثر فلتطلعي علي تقارير البنك المركزي والذي يصدر نشرة شهرية عن الاقتصاد المصري، فمكونات الدين ثلاثة، الدين الحكومي، دين بنك الاستثمار القومي الذي سيلغي بعد صدور القانون الجديد، ولكنه ما زال تابعاً للحكومة، وثالثا دين الهيئات الاقتصادية العامة، والذين يعنون متجمعين الدين الحكومي بالمعني الواسع، وما يقال أنه 46% هذا الدين الحكومي بالمعني الضيق، حيث إن الدين الحكومي بالمعني الضيق هو الذي يعني الالتزامات الملتزمة بها الخزانة العامة للدولة.
ما نسبة الدين العام المحلي إجمالا في تقديرك؟
- في تقديري النسبة الآن أصبحت كارثة وصلت إلي 100%.
هل تعافت مصر حقا؟
- من وجهة نظر الحكومة فقط، وتستدل في قولها هذا ،بأن الاحتياطي من النقد الأجنبي زاد، وعجز ميزان المدفوعات في حدود معقولة، وإن الدين العام في الحدود الآمنة، ولكنه الدين العام بناء علي قصة وتفسيرات يوسف بطرس غالي وليست القصة الحقيقية ،يضاف إلي هذه المؤشرات أيضا ما أعلنه وزير التنمية الاقتصادية عن بلوغ معدل النمو 5.2%،وبالطبع هذه النسبة غير صحيحة، فهم يستشهدون بقطاعات معينة زاد فيها معدل النمو ،كقطاعات الإنشاء وقطاع تكنولوجيا الاتصالات مشيرين إلي زيادة النمو في قطاع الاتصالات إلي 12%، والنمو في الإنشاء والذي يتم كما هو معروف للجميع في الصحراء لغير المصريين من العرب أو للمصريين الذين يملكون الكثير والشعب ضايع في الشمس ولا يجد مأوي ،فهذا ليس تطوراً اقتصادياً بالمعني الحقيقي، فالقطاعات التي تولد فيها النمو لا تنعكس إيجابيا علي حالة الشعب المصري، سواء في غذائه أو مسكنه أو في تعليمه.
معني ذلك أنك تشكك في معدل النمو؟
- أشكك في معدل النمو، وأعارض الثمن الذي تحقق به هذا النمو، لأنه نمو مبني علي استنزاف الموارد الطبيعية للشعب المصري، وما نراه حولنا من سرقة للأرض والبترول والغاز الطبيعي، وغياب الرقابة علي الأسواق خير دليل علي معدل النمو الحقيقي الذي تشهده مصر. أيضا تكلفة خدمة الاتصالات في مصر أعلي من الخدمة النظيرة في المنطقة ،وتم استغلال الشعب المصري للخروج بمعدل نمو 12% ،إذن فأنا أشكك في صدق رقم 5.2%.
في اعتقادك كم يبلغ معدل النمو الحقيقي في مصر؟
- لا أعرف تحديدا، فأنا في نهاية الأمر اقتصادي لابد لي من الاطلاع علي عدة أمور، صحيح أنا سياسي في جزء مني، لكن في هذا الأمر أرد وأقول إنني في حاجة لمعرفة بعض التفاصيل ،فما يدعونه عن معدل النمو ليس صحيحا علي الإطلاق حيث إن كان هكذا لظهر وانعكس علي أشياء أخري في المجتمع كمعدلات التشغيل ،فالأرقام في دول الاتحاد الأوربي تجدها صحيحة وسليمة ،فالحكومة هناك علي مسافة بعيدة عن هذه الأرقام ،لكن الأمر مختلف في مصر فالحكومة هي التي تصدر الأرقام وتتحكم فيها وتنشرها بل وتروج لها ،وهذا بالطبع ناتج عن النظام السياسي المعتوه الذي يحكمنا.
ما تفسيرك للاهتمام المفاجئ بأصحاب المعاشات والذي تمثل علي سبيل المثال في رفع المعاشات الأقل من 350 جنيهاً، وصرف معاش أساسي لكل من بلغ سن 65 عاما بغض النظر عن تمتعه بالحصول علي المعاش من عدمه؟
- الاهتمام بأصحاب المعاشات تم خلال الثلاثة أشهر السابقين وبشكل مفاجئ وبأكثر من طريقة وذلك كرشوة انتخابية لأصحاب المعاشات لتدعيم خطوات النظام التي تسبق الانتخابات لشراء الناخبين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.