كنت أستعد للكتابة عن «العمة» التي لبسناها.. أو «الطرطور».. أو «الطاقية» فقد تصور البعض أنني بسطوري هذه فاقد الأمل.. وأقدم دعوة للتراخي والاستسلام.. وما كنُت لأفعل أبداً. ولكن ما حدث في قنا.. أخذني.. أفزعني.. أن تسيل الدماء المسيحية في ليلة عيدها.. قتلي بعد أداء الصلاة في الكنيسة.. وبأيدي مسلمة!! ولكن ما حدث لم يدهشني.. ذلك لأنني كثيراً ما قلت ونبهت وصرخت: الأجواء شديدة السوء، ولا تقولوا إنها حادثة عارضة وليس هناك ما يخيف.. وليس هناك ما يستدعي رفع حالة الطوارئ.. هذا كثيراً ما سمعته من السادة المسئولين.. خاصة السادة المحافظين.. فكلما حدثت حادثة بين المسيحيين والمسلمين يحضر المحافظ الخاص بمكان الحادثة ويقول: «كله تمام.. دي حادثة بسيطة.. مفيش حاجة تقلق!!». .. الآن.. مذبحة قاسية مؤلمة جديدة.. مذبحة في سلسلة من المذابح لا أظنها تتوقف!! رشاشات مسلمة.. وهي في الواقع لا علاقة لها بالإسلام.. فلا هؤلاء مسلمون.. ولا الإسلام يسمح أبداً لهم بذلك.. نحن نتبرأ منهم، والإسلام في الأصل ودائماً بريء من هؤلاء السفاحين.. القتلة.. المتطرفون الذين يجب إعدامهم في ميدان عام. من سمح لهم بالقتل وبترويع الآمنين.. إنها أخلاق سافلة.. أخلاق جاهلة.. لعن الله هؤلاء جميعاً.. وعاقب سبحانه وتعالي هؤلاء المسئولين الذين يرفعون شعار «كله تمام يا أفندم».. والكارثة تعشش في كل نواحي الأمة.. اليوم في قنا وسابقاً في الزيتون ولاحقاً لا أعلم أين.. الذي أعلمه أنها ستكون. الأمة في خطر. القلوب مليئة بالغضب. أصبح هناك مسلم. أصبح هناك مسيحي. أصبحنا لا يحب بعضنا البعض. ولم يحاول أحد أن يحلل أو يدرس أو يفهم.. كي نعرف ونواجه الواقع!! كل السيئ من الأمور يحدث.. كل المُر والخطير يحدث.. ونحن - أقصد السادة المسئولين- لديهم أو هم علي قول واحد «كله تمام.. والحكاية بسيطة!!». وهي غائرة في جسد المجتمع، ومن السهل جداً أن تسمع الحاج محمد وهو يقول لك لا تشتر عصير القصب من هذا المحل لأن صاحبه مسيحي!.. ومن السهل أيضاً أن تسمع من يقول دول يا عم «مابيشغلوش» غير المسيحيين.. انتشر الأمر وزاد. وأما عن الفضائيات فحدث وعلي حرج.. إن بعض الفضائيات الدينية الإسلامية تذبح أهل الكتاب ذبحا.. إنني أتابعها.. وأرصد ما يقال بها.. وما يقال لا أستطيع أن أكتبه وإلا أكون قد شاركت في هذه الجريمة. إنهم يقولون قولاً غليظاً لأهل الكتاب ويهاجمون وبعنف المسيحيين ويطلبون من المسلمين عدم التعامل معهم نهائياً.. وللأسف هذه الفضائيات تحظي بنسبة مشاهدة عالية للغاية.. وبالتالي فهي تؤثر في النفوس.. ولم يتحرك أحد.. لم نسمع قولاً مهماً للإمام الأكبر كي لا يوقف هذه الفضائيات عند حدها. ويخفف من حدة التوتر الذي تسببه بعض هذه الفضائيات التي لا يعلم شيوخها الصحيح من الدين. ولم يفهموا جيداً كيف تصرف الرسول- صلي الله عليه وسلم- مع أهل الكتاب.. ثم إنهم لا يعلمون شيئاً عن الوحدة الوطنية والأمن القومي.. إنهم.. وأقول بعضهم.. عملاء لفكر قادم من قريب.. ودول كبيرة وصغيرة ملاصقة لنا تروج لفكر عقيم متخلف.. وهم يعملون لحساب هذه الدول ويقبضون الدولارات والريالات «والذي منه» والساعات الرولكس!! بعض الشيوخ يفعلون!! ولا غرابة.. فالشيخ ليس مقدساً.. هو مجرد رجل درس الدين وتعلمه وصار حرفته.. مثل المهندس والطبيب والصحفي والممثل.. وبالتالي فهو إنسان له أخطاء وله حسنات.. ومع مثل هؤلاء تركنا هذه القضية الخطيرة. ومن هنا لا نتعجب إذا ظهر آخر من هناك.. يهاجم الإسلام فنحن من بدأ.. وهو وبسفالة يسخر من الدين وسيدنا الرسول- صلي الله عليه وسلم-.. حرب الفضائيات أخطر ما يواجه عنصري الأمة.. أخطر ما يواجه المسلم والمسيحي في مصر.. تأملوا.. وادرسوا.. وابحثوا.. وكفاكم «تمام يا أفندم». الأمة في خطر! خطر عظيم! الأمر يحتاج إلي وقفة حقيقية! ادرسوا الموقف دراسة متأنية.. كي نجد له العلاج الحقيقي والمناسب. الفضائيات الدينية تمثل خطراً. وخطر آخر ظاهر وواضح في المجتمع أن هناك تحيزاً.. نعم تحيز!! فهناك مناصب معينة لا يصل إليها المسيحي مهما كان صاحب كفاءة وهمة.. وهذا أمر غير موضوعي.. وغير مفهوم.. فالمسيحي في مصر له كل حق المسلم بلا نقاش.. والدين يجب ألا يكون له دخل بالاختيارات.. المهم الكفاءة.. لكن يحدث العكس. وأمور أخري كثيرة.. في هذه القضية الشائكة والغائرة في المجتمع. ولا أملك إلا تقديم العزاء للإخوة المسيحيين.. وأملي ألا تمر هذه الحادثة مرور الحوادث الأخري.. ونسمع من يقول: «حادث عارض وكله تمام والوحدة الوطنية بخير».. لأنها ليست بخير!!