تلقت جهود التهدئة في لبنان دفعة مهمة بانعقاد القمة الثلاثية اللبنانية السعودية السورية في بيروت أمس الأول الجمعة، بحضور الرئيس السوري بشار الأسد والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز فضلاً عن المضيف الرئيس اللبناني ميشيل سليمان، واستقبل المراقبون أنباء القمة الثلاثية بارتياح علي الرغم من أن آثارها لم تتضح فورًا فيما يخص نزع فتيل الأزمة الأساسية، وهي قرب صدور قرار الاتهام عن المحكمة الدولية في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري، والأنباء التي تسربت عن احتمال توجيه أصابع الاتهام إلي عناصر في حزب الله اللبناني، الأمر الذي رفضه صراحة الأمين العام للحزب السيد حسن نصر الله قائلاً إن «علي لبنان أن يرفض اتهامات كهذه(..) وجهتها محكمة إسرائيلية». وعكس البيان الصادر عن القمة الثلاثية اهتمامها بقضية السلم الأهلي، فأكد البيان «أهمية الاستمرار في دعم اتفاق الدوحة (الذي أنهي اقتتال 2008 في بيروت)... ومواصلة الالتزام بعدم اللجوء إلي العنف وتغليب مصلحة لبنان العليا علي أي مصلحة فئوية ». من ناحية أخري، وعلي الرغم من أهمية القمة التي ضمت اللاعبين الأبرز في لبنان، سوريا (حليفة المعارضة) والسعودية حليفة الأكثرية، فإن تأثير القمة وإن شمل دعمًا للاستقرار الهش في بيروت، إلا أنه لم يبد ذا تأثير كبير بخصوص قضية المحكمة الدولية وقرارها الاتهامي «الظني لحزب الله، ولاحظت جريدة الأخبار اللبنانية القريبة من المعارضة ثلاث ملاحظات، فصلتها في التالي «أولاها، أن العاهل السعودي لم يحمل إلي الرئيس السوري في قمّة دمشق صيغة حلّ لأزمة القرار الظني. تالياً، لم يحمل عبد الله والأسد إلي قمّة بيروت التسوية المرتجاة. إلا أن الزعيمين العربيين أكدا، تبعاً للجهات نفسها، في دمشق كما في بيروت، ضرورة استمرار جهود التهدئة والحوار بين الطرفين اللبنانيين المعنيين، وتفادي الانزلاق إلي خضات داخلية، الملاحظة الثانية هي تأكيد الرياضودمشق أنهما تمثّلان المرجعية المعنية بمراقبة الاستقرار في لبنان والسهر عليه وإدارته، والحيلولة دون أي محاولة لزعزعته. بدا واضحاً من اللقاءات التي أجريت علي هامش القمّة الثلاثية، بين الأسد ورئيس المجلس نبيه برّي، وبين عبد الله والحريري، وبين المعلم وحزب الله، أن هاتين العاصمتين لا تزالان تتكفلان بحمل حلفائهما اللبنانيين علي التزام التهدئة في انتظار إيجاد تسوية أما الملاحظة الأخيرة فهي تفادي ربط الموقف من المحكمة الدولية بمصير حكومة الوحدة الوطنية وتعريض هذه للانهيار، وبدا أن الملك السعودي والرئيس السوري حرصا أمام الذين اجتمعا بهم علي تأكيد دعم حكومة الوحدة الوطنية والمحافظة علي استقرارها كوعاء لتناقضات أعضائها، وخصوصاً أن تقويض حكومة الحريري لا يكتفي بشلّ شرعيتها فحسب، بل يضع البلاد في مهب اضطرابات غير محمودة». وكتب ساطع نور الدين في السفير عن الملك عبدالله «الذي يبدو أنه أراد أن يضيف إلي أرشيفه الخاص صوراً بيروتية ظريفة لا تخلو من التقدير لأولئك الذين تجاوبوا مع مطالبه ونداءاته للمصالحة، وتعاهدوا علي البقاء أوفياء للمصالح اللبنانية السورية المشتركة، التي تغطيها وتضمنها العباءة السعودية، وتستبعد أيادي الشر التي عبثت بها!»، ويقلل نورالدين من أهمية «الصور البيروتية» مختتمًا مقالته: «أما حديث الخلافات بين الدولتين أو ربما بين الدول الثلاث، فهو مؤجل إلي يوم آخر، ليس ببعيد، لكنه بات محكوماً بالعودة بين الحين والآخر إلي الرياض».