عجيبة الدنيا الوحيدة ليس لها ثان: مصر الناس في كل مكان يلجأون لقسم الشرطة في حال وجود مشكلة مع جار أو قريب أو مار في الشارع أو زميل في العمل. في مصر، أنت تلجأ للجار والقريب والمارة في الشارع لتشكو إليهم من الشرطة. تحت عنوان «بلاغ إلي من يستطيع المساعدة بأسرع ما يمكن»، كتبت صاحبة مدونة «عاشقة النقاب»، شكوي إلي.. البشريات كلهن، نص الشكوي كان موجها إلي «يا عالم ألحقوني». مالها بقي الست عاشقة النقاب؟ تقطن صاحبة المدونة مع أولادها في 12 شارع محمد خليل بروض الفرج، حيث يشترك سقف الدور الأرضي للعقار الذي تسكن فيه مع سقف الدور الأرضي للعقار رقم 4 بشارع نخلة صالح. «أصلا بص العمارات بتتبني أزاي؟ فيه في أي حتة في الدنيا عمارات بتتبني كده؟» اشتري العقار رقم 4 رجل اشتهر بأنه هادم العمارات ومفرق السكان والساكنات، يستصدر أوامر إزالة للعقارات بمنتهي البساطة. بدأ الرجل بهدم عقار رقم 4، مما يهدد العقار رقم 12 بالسقوط. لجأ السكان إلي كل الطرق القانونية: حرروا محاضر، واستدعوا الحي، وحاولوا التفاهم مع هادم العقارات. أبدا. المحاضر يبلوها ويشربوا ميتها، مهندسو الحي يأتون ويشقرون عليهم، ويبتسمون لهم، ثم يذهبون، والرجل لا يتفاهم، ما الذي يجبره علي التفاهم؟ ليس لدي السكان أي «أوراق ضغط» يمكنهم استخدامها لإجباره علي التوقف عن الهدم، أو حتي دفع تعويضات لهم حتي يتركوا له العقار رقم 12 أيضا، وشبرا كلها، ليهدم كما يشاء، ويحطم كما يشاء. كل يوم، تذهب صاحبة المدونة ومعها السكان للحي أو القسم، فيستقبلهم المستقبل بمنتهي الأدب والحنين والحنان والعيون اللي بتقول، ولا يصل السكان مع الحي أو قسم الشرطة إلي حل أو عقاد نافع. تقول صاحبة المدونة: «وخاطبتنا المهندسة أمل بأن بيتكم هيقع ولسه ما اتظلمش الراجل ولا حاجة مستعجلين ليه ده أصدر أمر بإزالة رقم 10 ورقم 7 ومنزله وسور كان مخالف لما ييجي عليكم الدور ابقوا اشتكوا، وهو ما جعلني انهار بكاء لذلك، فرد مهندس وحيد معلش ربنا علي المفتري». إيه ده إيه ده؟ إيه العبث والهذيان ده؟ ماذا تقول المهندسة أمل؟ البيت حيقع، والرجل لم يتظلم لطعنهم في هدم المنزل، وسيهدم المنزلين 10 و7، ولما يبقي البيت يقع علي دماغكم وتموتوا ابقوا اشتكوا! والمهندس وحيد قال لهم ربنا علي المفتري. يعني يستنوا حتي تخرج جثثهم من تحت الأنقاض وبأيديهم شكاوي مكتوب فيها المرسل إليه: الله، إدارة: يوم القيامة؟ ثم من هذا الشخص الذي يرتع في شبرا هدما لمنازل 4 و7 و10 و12 وسور في طريقه؟ بيبني مستوطنات ده ولا إيه؟ لم تجد الساكنة ملجأ إلا أن تشتكي لله، ثم تفضح فرانكشتاين شبرا، صارخة: «حياتنا مهددة إما بانهيار المنزل بفعل فاعل علي رؤوسنا أو بتشريدنا في الشوارع باستصدار قرارات مخالفة للواقع. وكل ده علشان متر الأرض أبو عشرين ألف أو الشقة ب400 ألف».