كيف يعقل أن رجلاً نفذ داخل الدولة لهذه الدرجة ووصل لتلك المكانة نكتشف فجأة أنه سيئ السمعة وخائن الأمانة ومتجرئ علي القانون وهي اتهامات تقول إنه مجرم عتيد الإجرام ولا يمكن أن تكون أعراض البلطجة والفساد ظهرت عليه فجأة زاهر بجواره أبو ريدة في أيام الود والحب لست من رجال زاهر.. ولن أكون. ولا من دراويشه ومريديه.. ولن أكون. ولا من المقتنعين بأفكاره وأسلوبه في الإدارة.. ولن أكون. ورغم ذلك فإنني الآن وفي هذه اللحظة معه قلباً وقالباً.. لأنني أكره الظلم وأشفق علي المظلومين فأنا ممن يرحمون عزيز قوم ذل. سمير زاهر الذي انقلب عليه الجميع الآن وصار منبوذاً ومكروهاً بين أصحابه وعشيرته ورجاله وجيرانه، كان قبل أيام عزيزاً في قومه مكرماً ومشرفاً، من أصحاب الحظوة وصديقاً لأهل الحكم والحكام ومكرماً بأرفع الأوسمة من رأس الدولة، فكيف صار بين عشية وضحاها رجلا سيئ السمعة متجرئاً علي القانون هاربا من تنفيذ أحكام بالحبس، متهما بالتحريض علي قتل اللاعبين الجزائريين، ومفسدا علاقات مصر التاريخية مع الأشقاء العرب.. تهم لو صحت لأوجبت إبقاءه خلف أسوار السجن إلي أن يقضي الله في روحه أمراً كان مفعولاً. لماذا الدولة بهذه القسوة مع رجالها؟ ولماذا هي غبية عندما تنقلب عليهم؟ كيف لشخص عاقل أن يصدقهم أو يثق فيهم، فسمير زاهر الذي قتل مذبوحاً في سمعته وشرفه هو نفسه الذي كان قبل يومين رمزاً لانتصاراتنا الكروية.. وصاحب إنجازات تاريخية لم يسبقها إليه أحد وربما لن يفعلها أحد بعده، ففي عهده فزنا بأربع بطولات أمم أفريقية وتحت إدارته رفعت أعلام مصر في المنازل والبلكونات وعلي السيارات ورسمت علي وجوه الأطفال والشباب في الاستادات.. هم الذين قالوا لنا إن إنجازاته الكروية أعادت لشعبنا الانتماء ورسخت في النفوس حب الوطن والولاء.. وأخذوا من انتصارات تلك البالونة المستديرة سبباً ودليلاً علي تقدمنا وارتقاء مستوانا وبرهاناً علي نجاح سياسات حكوماتنا ورؤيتها الرشيدة وأفكارها المستنيرة لبناء المستقبل. وبعد كل هذا النفخ في البالونة.. خرجوا الآن وبكل بساطة ليقولوا إن رمز هذه الإنجازات وبطلها سيئ السمعة وخارج علي القانون ومكانه الطبيعي في السجن.. فإذا علمنا أن هذا المجرم كان عضو مجلس الشعب بالانتخاب لدورتين وعضو حالي بمجلس الشوري بالانتخاب أيضاً.. وإذا أضفنا إلي كل هذه السيرة الذاتية حصوله علي وسامين للجمهورية من الطبقة الأولي من الرئيس حسني مبارك واقترابه من نجلي الرئيس جمال وعلاء مبارك.. ووصل الأمر إلي أن خرج الأخير يدافع عنه علي شاشات التليفزيون ويطلب من كارهيه أن يكفوا عن النيل من الرجل وإنجازاته. كيف يعقل أن رجلاً نفذ داخل الدولة لهذه الدرجة ووصل لتلك المكانة، نكتشف فجأة أنه سيئ السمعة وخائن الأمانة ومتجرئ علي القانون وهي اتهامات تقول إنه مجرم عتيد الإجرام ولا يمكن أن تكون أعراض البلطجة والفساد ظهرت عليه فجأة، فالقضايا التي حكم عليه من أجلها بأنه سييء السمعة ولا يستحق البقاء في المنصب الذي يشغله كلها قضايا قديمة ومعروفة فكيف تركته الأجهزة الأمنية والرقابية ينفد إلي جوار الرئيس ونجليه لهذه الدرجة.. ألم يتم الكشف عن سجله الإجرامي.. وكيف نجح سمير زاهر في تضليل هذه الأجهزة كل هذا الوقت وكيف لنا أن نثق في ذمة باقي رجال الدولة ما دام رمز الإنجاز الكروي ظهر في نهاية حياته مجرماً! أنا هنا لا ألوم علي الدولة أو الحكومة ولكنني ألوم علينا نحن الشعب الذي ما زال يصدق هذه الدولة، فسمير زاهر ليس أول رجل ولن يكون الأخير الذي تتم التضحية به بهذه الصورة السيئة ورغم ذلك نترك بيت القصيد وننشغل عن جوهر القضية وهو فساد الدولة نفسها وننشغل في النميمة والتفاصيل ونختلف ونتعارك بين أنفسنا عما إذا كان زاهر مجرما أم لا؟ ونسعد بسماع تفاصيل كاذبة عن أنشطته الإجرامية.. ونصل إلي ذروة البلاهة عندما نفرح بأن الدولة تسعي للتطهير والقضاء علي الفساد وملاحقة المجرمين ونهلل لاستبعاد زاهر متجاهلين أن من جاء مكانه ربما يكون أسوأ 100 مرة من زاهر ولكنه يرتدي قناع الركوب الذي تقلده له الدولة عند بداية التنصيب. وعن نفسي أظن أن سمير زاهر رغم أخطائه الإدارية وتساهله وتراخيه في إدارة شئون اللعبة ليس مجرماً، وأن الإطاحة به في هذا التوقيت ترضية سياسية لإعادة المياه إلي مجاريها مع الأشقاء الجزائريين.. وهي بالمناسبة نظرة ضيقة ومحدودة وسطحية للأزمة النفسية بيننا والجزائر، فالقضية أعمق من خلاف علي مباراة كرة قدم أو شوائب لثرثرة إعلامية هنا أو هناك.. علينا أن نبحث جدياً حكومياً وشعبياً لماذا يكرهنا بعض العرب الآن ولماذا تكبر كرة الثلج مع أي خلاف بسيط.. الأكيد أننا نتحمل جزءا من المسئولية، فلهجة التعالي والذاتية ولغة الأنا والأحاديث الدارجة عن عظمة المصريين وعبقريتهم وأفضالهم علي جيرانهم العرب والأفارقة هي التي صنعت هذه الخلافات لدرجة أن مباراة في كرة القدم تفسد علاقة بين شعبين! أعود لسمير زاهر وأقول إنني منحاز للرجل الآن لأن جميع إنجازاته وبطولاته تفوق أخطاءه وهي حسبة عقلية بحتة.. فأربع بطولات أمم أفريقيا وتعظيم الإمكانات المالية للاتحاد والاعتماد الذاتي في الإنفاق علي المنتخبات من ميزانيته الخاصة دون مساعدة الدولة كلها إنجازات وأرقام تدفعنا أن نصنع له تمثالا، أما أن نستبعده بلائحة معيبة وضعها المهندس حسن صقر ليقضي علي خصومه، فهذا هو الظلم والافتراء الذي يدفعني للتعاطف معه، ويزيد هذا التعاطف عندما أقترب مما يحدث علي أرض الواقع وأري وأسمع كيف يأتي الغدر من أقرب المقربين.. وكيف حاك له صديقه هاني أبوريدة الحفرة حتي يقع فيها.. وهنا أملك العديد من التفاصيل والحكايات والروايات التي تبرهن أن أبوريدة ليس بعيداً عن النهاية المأساوية التي انتهي إليها زاهر وأن دراما أزمة الجزائر والعقوبات والاعتداءات والأخبار الملفقة التي انتهت إلي اتهامه بالتحريض علي ضرب أتوبيس الأشقاء الجزائريين كلها أحداث كانت مرسومة بدقة وعناية.. وأن حملة التشويه والتشهير بسمير زاهر التي أوصلت الناس لكراهيته لم تأت علي سبيل الصدفة أو الخلاف بين زاهر وأعدائه. صحيح صدق من دعا الله «اللهم اكفني شر أصدقائي أما أعدائي فأنا كفيل بهم».