أكره أفلام أرنولد شوارزينجر ولا أجد في مشاهد القتل والنيران والبنادق الرشاشة ما يمتعني ...وغير أن موهبة أرنولد شوارزينجر في التمثيل شبه موهبة ماما نونة في لعب كرة القدم فقد كنت أري أن هذه الأفلام غير واقعية، أمريكاني بقي.. واحد مقطع فانلته وماشي برشاش ومدور الضرب في الخلق.. أي واحد قدامه ينشه، بيصطاد عصافير حضرته، القتلي تتساقط في المشهد الواحد كما يتساقط البلح الرطب من هزة واحدة لنخلة مثمرة... خيالهم واسع العالم دي وتجاري إلي أقصي درجة بيلعبوا علي الشياطين اللي في دماغ المتفرج فحتي لو المشاهد مثالي لأقصي درجة، فهناك حبة شياطين بيلعبوا حواليه زي العيال اللي بتلعب في الشارع أمام بيوتهم، شغالين تنطيط من حوله يدخلوا من ودن لعمل نزهة في دماغه ليخرجوا من الودن التانية تاركين فضلاتهم وراءهم... وقد يفسر هذا حب بعض المشاهدين للأفلام المليئة بالدم والقتل والرعب... تشعر بأن المتفرج يرتوي من هذه المشاهد التي تغذي ما يدور بداخله من وساوس شيطانية بإنه نفسه يخنق مديره المتسلط أو يكتم نفس مراته بالمخدة وهي نايمة ليخرس لسانها المتبري منها إلي الأبد... نفسه المارد اللي جواه يخرج لينتقم من كل معاكسات الدنيا.. هكذا تعلم من الجملة المأثورة التي ورثها أبا عن جد والتي جاءت للدنيا بفضل وساوس أحد أدباء الشياطين الحمر من الرعيل الأول الذين بخوا في الدنيا أفكارهم السوداء مثل " لو كان الفقر رجلا لقتلته " ومن ساعتها والعالم بدأت تقتل بوحشية خوفا من ذلك الفقر مستعينة بطريقة الأفلام الأمريكاني واسعة الانتشار والتأثير التي ساعدت وساهمت في اشتعال فكرة الانتقام المدمر وليس الانتقام علي طريقة عنتر ولبلب، ديتها سبعة أقلام علي قفا من يذلني ويأخذ حقي لأسترد كرامتي ونبقي خالصين والليلة تنفض وكل واحد يروح لحاله... إنما هل الليلة بتنفض أم أن كبير مفكري الشياطين الزرق بيشرف في دماغ الأخ اللي عاوز ينتقم ويبدأ في إلقاء ندوته معددا الأسباب والحيثيات والمبررات التي توجب القتل الفوري؟... ياعم أنا مش بتاع قتل ودم أنا راجل غلبان وفي حالي عندي أورطة عيال وأمهم فاتحين بقهم سيبني أربيهم... مين ده اللي يسيبك؟! ويسيبك بأمارة إيه؟!! وانت فاتحله دماغك ع البحري ومقعده عندك في الصالون ومطرطأله ودانك وسايب له نفسك زي حتة الفوطة الصفراء اللي بتمسح بيها إزاز العربية يجيبك يمين وشمال بدون أي مقاومة تذكر.... ياللا يا حبيبي زي الشاطر كده إنزل اشتري مدفع رشاش وخبيه تحت الكرسي وبعدين في حركة دراماتيكية أرنولدية شوارزينجرية اصطاد زمايلك نفر نفر... أيوه حضرتك بس المشهد ده اتهرس في تلاتين أربعين فيلم قبل كده مش شايف إن ده مش واقعي بالمرة... ما هو ده اللي مخليني مصمم علي العملية دي وعشان كده أنا هسميها المدمر 4 بين قوسين (القبضة الدامية ) !!... وللأسف القتلي تتساقط في الحقيقة كما تتساقط في الأفلام بل إن الواقع أصبح أكثر خيالا من الأفلام فإذا كنا نقول إنها وسعت من المؤلف، فأفكار الشياطين الجهنمية أوسع من دماغ كل مؤلفي هوليوود وبوليوود مستخدمين نهايات غير واقعية لتنفيذها في الواقع... فحتي لو جاء في دماغ المؤلف أن يقتل السائق زملاءه بالرشاش في الأتوبيس لا يمكن يتفتق ذهنه عن تلك النهاية الغريبة غير المنطقية وهي أن يغلق السائق أبواب الأتوبيس ويتوجه بالجثث لمقر الشركة التي يعملون بها، بكل هذا الشموخ وكأنه جايب الديب من ديله.... طيب هيعمل فيها عبيط بقي ومجنون وكتاكيت كتاكيت ؟!!... بيعملوا كده في الأفلام إما عشان يخرجوا منها أو بيبقي اتجنن فعلا.. فهذا سياق درامي مقنع جدا يجعلك تصدق أن رجلا بهذه المواصفات الشكلية الطيبة (انظروا إلي هذا الحمل الوديع ) قد يكون أقدم علي قتل زملائه بهذه الطريقة الوحشية الجنونية بعد ما طار ربع من دماغه إذا ماكانش دماغه كلها ضربت... لأ الراجل طلع عاقل يا خويا، أعقل من عشرة زيك وبطلوا بقي شغل الأفلام اللي لحست دماغكم دي فالناس تقتل في الحقيقة بكامل قواها العقلية وبأقوي تحالف مع الشيطان.. اسمه قتال قتلة بضم القاف ( رقاصة وبترقص ) عامد متعمد مخطط مترصد.. صحيح فيه حاجة اسمها قتل خطأ بس ده علي الطريق السريع هناك، إنما جرائم القتل بتاعت اليومين دول هي أكبر دليل علي إن قرينك يا زواوي اللي ملازم حضرتك ومقضيها معاك أنجاجيه ما هو إلا مستر شيطان رجيم بذات نفسه... بس البرامج شغالة تحليل لهذه القضية التي لا تختلف كثيرا عن أخواتها من القضايا السابقة من حيث طريقة القتل المبتكرة وعدد الجثث المقتولين الذين يزداد عددهم يوميا وكأننا في مسابقة لجمع الجثث - وكل ما تقتل أكتر فرصتك في الإعدام تكتر - وجار البحث عن أسباب مقنعة تبرر ارتكابه هذه الجريمة البشعة.... هتقوللي أسباب مقنعة تاني، ده علي أساس إن التنقيب عن الآثار ده ورد في صحيح البخاري؟! بقول لحضرتك مستر شيطان رجيم رئيس مجلس إدارة شركة الشياطين الحمر المتحدة نازل بنفسه مخصوص في زيارة رسمية لحضرتك ولاغي كل مواعيده ومركز مع سيادتك ومستنيلك موقف واحد يبخلك فيه.. وديتها بخة واحدة واسمك وصورتك تنور في الصفحة الأولي في كل الجرائد.... قوم حالا اطرد ابن كلاب شياطين السكك اللي لابد في دماغك ده ونازل تسخين فيك بوابور الجاز اللي نازل بيه بورقته وبالضمان من جهنم (فيه طلبية بوابير جاز جهنمية ماشية في السوق بقالها فترة البوابير فيها سم قاتل ) قوم اتوضي وصلي ركعتين بخشوع خليه يولع قبل ما يولع فيك وفي اللي حواليك وفي الجورنال اللي انت ماسكه ده...