مراسلة الوكالة كتبت «أنا حزينة لتبليغي نبأ وفاة آية الله محمد حسين فضل الله أحد عمالقة رجال حزب الله فقد كنت أحترمه جدا» فأنهت الشبكة خدماتها «أنا حزينة لتبليغي نبأ وفاة آية الله محمد حسين فضل الله، أحد عمالقة رجال «حزب الله»، فأنا كنت أحترمه جداً».. 140حرفا وصفت بها الإعلامية أوكتافيا نصر رجل الدين اللبناني الراحل محمد حسين فضل الله في رسالة نشرتها علي موقع تويتر، ولم تكن تتوقع وهي تكتب كلمات هذه الرسالة أوال«تويتة» بلغة موقع التدوينات القصيرة الشهير، أن تتسبب في فصلها من عملها بشبكة «سي إن إن» الإخبارية الأمريكية العريقة؛ خاصة أنها كانت تعبر بها عن رأيها الشخصي في رجل الدين الراحل. وهذه الخطوة من جانب الشبكة الأمريكية الأشهر لم تفتح المجال لطرح تساؤلات حول مدي التزام المؤسسة الإخبارية بالمعايير المهنية وحرية التعبير فقط، وإنما تضع علامة استفهام أخري حول الدور الذي تلعبه قوي الضغط اليمينية في ممارسة نفوذها علي الإعلام الأمريكي، لكبح أي صوت مؤيد أومتعاطف مع القضايا العربية، وفي مقدمتها فلسطين، وهوالأمر الذي ظهر بوضوح بعد استقالة عميدة صحفيي البيت الأبيض، هيلين توماس، من منصبها عن عمر يناهز 89، بعد تصريحات أثارت جدلا كبيرا، دعت فيها الإسرائيليين إلي «مغادرة فلسطين، والعودة إلي ديارهم». وربما يرجع تعاطف أوكتافيا الواضح مع رجل الدين اللبناني إلي أنها كانت أول امرأة تجري حواراً معه أثناء عملها كمراسلة عسكرية في الخطوط الأمامية للحرب الأهلية اللبنانية في «ال. بي. سي» إبان عملها مساعدة مدير الأخبار عام 1985. ويعتبر قرار الشبكة الإخبارية بإقصاء أوكتافيا عن عملها منافياً لأبسط المعايير المهنية، لأن أوكتافيا لم تقم بالتعبير عن رأيها من خلال الشاشة الإخبارية بل علي صفحتها الخاصة علي «تويتر»، أي أنها بذلك تمارس حرية فردية، كما أنها عبرت عن حزنها تجاه قضية «إنسانية»، وهي رحيل شخصية لبنانية مهمة كالسيد محمد حسين فضل الله، الذي يعتبر رمزا من رموز «الاعتدال» العربي والإسلامي. وقد أثارت رسالة أوكتافيا ردود أفعال واسعة منذ اللحظة التي نشرت فيها، حيث اندفعت صحف ومؤسسات إسرائيلية مثل «مركز سايمون وايزنثال» وهي أضخم منظمة يهودية في الولاياتالمتحدة)، للمطالبة بمعاقبة نصر «لاحترامها من يعتبر الراعي الدولي للإرهاب»، ومن ثم توالت ردود الفعل الأمريكية والتقارير التليفزيونية المناهضة لنصر، والتي اتهمتها «بالدفاع عن الإمام الإرهابي»، و«الشخصية التي أدرجتها الولاياتالمتحدة علي لائحة الإرهابيين الدوليين». ولم يقتصر موقف الشبكة الإخبارية علي إقالة أوكتافيا، بل طلبت منها الاعتذار، ما دفعها إلي الاعتذار عبر مدونتها في الموقع، وهو لا يتضمن بالضرورة تراجعاً عن رأيها بالراحل خصوصاً في قضية المرأة،وقد تضمن الآتي «نشر التعليق كان خطأ من قبلي، لكنني كنت أقدر موقف فضل الله المتميز بين رجال الدين الشيعة حول حقوق المرأة»، ثم استمرت في التوضيح: «لا يعني أنني كنت أؤيد كل مقولاته». وردود أفعال كهذه من وسائل إعلام أمريكية عريقة مثل «سي إن إن» يعيد طرح قضية حرية التعبير والمعايير المهنية للصحافة لاسيما في تلك المؤسسات التي تصف نفسها بالحيادية والموضوعية في التعبير عن القضايا المختلفة، كما تفتح النقاش من جديد حول الحرية الفردية للصحفيين وقمع المؤسسات الصحفية والإعلامية للآراء الشخصية لإعلامييها، وإلي أي مدي تؤثر سياسات ومصالح هذه المؤسسات علي توجهات العاملين فيها. وبدأت أوكتافيا عملها في «سي إن إن» قبل عشرين عاما، قامت خلالها بنقل صورة واضحة عن الحضارة العربية والإعلام العربي لمشاهدي «سي إن إن» في الولاياتالمتحدة وحول العالم عبر برنامجها المعروف باسم «أصوات عربية»، ثم أصبحت منذ تفجيرات 11 سبتمبر 2001 مسئولة عن التنسيق بين شبكات «سي إن إن» والقنوات التليفزيونية العربية المهمة. ونصر حاصلة علي إجازة في الاتصالات من الجامعة الأمريكية في لبنان، وعملت أستاذة للصحافة والإنتاج التليفزيوني بجامعة نوتردام في لبنان، وهي تتحدث الإنجليزية والعربية والفرنسية ومتزوجة من اللبناني أمير مخول، ولديهما ابنتان منه هما: آية ونور.