دون مقدمات ارتقي عرف غير معلن لدرجة القانون، وأصبح واجب النفاذ بشبه جزيرة سيناء، ألا وهو التخوف والحيطة والحذر من سكان المنطقة لسبب شديد الغرابة، هو التصاقهم حدوديا مع إسرائيل، وكأن مجرد مجاورتهم لحدود الكيان الصهيوني تهمة تستوجب العقاب بالعزل والتجريد من الحقوق الأساسية التي نص عليه الدستور، فضلا عن أبسط الحقوق التي نصت عليها القوانين الدولية بحق الإنسان تملك أرضه وسكنه. وعلي عكس معظم المصريين لا يمكن لأهالي سيناء تملك أراضيهم التي يتعيشون علي زراعتها؛ وإنما يحصلون علي تراخيص بحق الانتفاع لمدد لا تزيد علي الخمسين عاماً، وهو ما يشعر أبناء سيناء وكأنهم مواطنون درجة عاشرة. العجيب أن بدو سيناء يعيشون علي أراضيهم التي تريد الدولة تمليكها لهم بعقود رسمية منذ مئات السنين، ويقومون خلال ذلك بزراعتها وتعميرها، الأعجب من ذلك أن منطق أبناء سيناء في ملكيتهم لأرضهم لم يقابل بالعنت نفسه الذي يقابل به الآن أيام الاحتلال الإنجليزي، عندما رفض بدو سيناء دفع قرش واحد نظير الاعتداد بملكياتهم عندما أراد الحاكم العسكري الإنجليزي - أثناء الاحتلال البريطاني لمصر- إرغامهم علي دفع مقابل للاعتداد بملكيةأراضيهم، وكان منطقهم وقتها «كيف نشتري أرضاً نملكها ونزرعها ونقيم عليها ونتوارثها منذ مئات السنين». وقد تكرر نفس السيناريو نفسه إبان الاحتلال الإسرائيلي لسيناء؛ حيث رفض أبناء سيناء الاعتداد بملكيتهم لأراضيهم بمقابل تدويل سيناء والتنازل عن مصريتهم أمام كاميرات ووكالات العالم، فيما يعرف بمؤتمر الحسنة عام 1968، وهو ما قابله البدو بالرفض التام -أمام الكاميرات أيضا- مما سبب حرجاً بالغاً لقوات الاحتلال. وكشف أحد العاملين بإدراة حماية أملاك الدولة بسيناء عن صدور قرارات بشأن تنظيم الملكية في سيناء، مؤكداً أن جميع الإجراءات المتبعة في تمليك الأراضي تصب في حق الانتفاع في النهاية. وقال إيهاب الدين مصطفي البلك، عضو نقابة المحامين الفرعية بشمال سيناء: إن الحكومة تخلط بين التسجيل للملكية والملكية لأن مسألة التسجيل هي إجراء قانوني يوثق للملكية فقط، وقال: إن الحكومة هي المسئولة عن هذا التقصير لأنها لم تنشئ سجلاً عينياً للأراضي في سيناء في القرن الماضي كما فعلت في الوادي، وقال: «هل يعقل أن تستفيد الحكومة من تقصيرها، فلو أنشأت سجلاً عينياً في حينه لما استطاع أن يحرم أبناء سيناء من التملك. وأكد البلك أن السكوت عن تلك القرارات جريمة وخيانة عظمي لهذا البلد، بالإضافة لأنه اعتداء جسيم علي حق من الحقوق التي كفلها القانون والدستور لجميع المصريين، وهو حق الملكية والتملك، وقال: إن هذه القرارات «مهزلة» يجب التصدي لها لأنها البداية لبيع سيناء.