دور الشرطي السيئ من الأدوار التي تغري الممثلين بأدائها، فتصوير حامي المواطنين ومطبق القانون والمفترض فيه البطولة والتضحية بشكل شرير أو بشكل مضطرب يجمع بين الخير والشر من الأمور المثيرة للممثل، فهي مساحة لتقديم الخير والشر وغواية السلطة، في فيلم «نيكولاس كيدج» والمخرج «ويرنر هرتزوج» وعنوانه (الشرطي السيئ) «The Bad Lieutenant» نري نفس التركيز علي الصورة السلبية لضابط الشرطة مع اختلاف الرؤية والتناول والتفاصيل، ويعيد كيدج تقديم نفس الشخصية التي سبق أن قدمها الممثل الأمريكي «هارفي كايتل» في عام 1992 للنسخة الأولي من الفيلم الذي حمل نفس الاسم وأخرجها «أبل فيريرا». لكن الفارق بين الفيلمين كبير فرؤية المخرج الألماني «ويرنر هرتزوج» في فيلمه مع «نيكولاس كيدج» مختلفة وغريبة عن رؤية المخرج «أبل فيريرا» الذي قدم فيلماً قوياً متماسكاً يحمل حبكة متميزة، والشخصية التي يقدمها «نيكولاس كيدج» في فيلمه هي للص مدمن وتاجر مخدرات ومرتش ومقامر، إنه شخص لديه استعداد كامل لخرق القانون رغم أنه شخص مكلف بتطبيق القانون، هو شرطي شجاع وذكي يتمتع باحترام رؤسائه مما يجعله غالباً بعيداً عن أي شكوك في شبهة فساد، الأحداث تدور بعد إعصار كاترينا والمدينة الأمريكية المنكوبة تربة خصبة للفساد والجريمة واستغلال الأقليات الأفريقية الفقيرة التي تعيش هناك، ويجد الشرطي «تنيرانس ماكدوناه» أمامه مناخاً هشاً لمجتمع بائس أكثر هشاشة واستعداداً للجريمة، وتحمل التناقضات في شخصية هذا الشرطي أبعاداً مرتبكة ومشوشة قام الفيلم بتكثيفها في تصوير البطل لشخصية الشرطي العصبية الجامحة، فهو مع كل تصرفاته العنيفة والقاسية والمتطرفة حاصل علي نوط الشجاعة لإنقاذه سجيناً من الغرق في زنزانته التي أغرقتها مياه فيضان كاترينا، وهو حادث تركه مع ميدالية وإصابة دائمة في الظهر، والفيلم بشكل عام يحمل أسلوب المخرج «هرتزوج» حيث نراه يهتم بتوصيل حالة الشخصيات أكثر من اهتمامه بتفاصيل الحبكة أو تصوير فيلم جريمة بالمفهوم المعروف للفيلم التجاري. في الفيلم مشاهد تسجل الحالة النفسية والسلوكية لضابط الشرطة غريب الأطوار بصورة تجمع بين الواقع والسخرية والتهكم وهلوسة البطل، والجمع بين مشاهد العنف والكوميديا يبدو غريباً للمشاهد الذي لم يعتد هذا الأسلوب التعبيري. لم يعد «نيكولاس كيدج» إلي التألق المعهود كممثل قدم عدداً من الأدوار الملفتة والمهمة مثل «Leaving Las Vega» ودوره المركب في فيلم الأكشن «Face/Off» إلا أن أداءه في الشرطي السيئ قد يكون أفضل حالاً بالمقارنة بأدائه الضعيف في أفلامه السابقة مثل«Bangkok Dangerous» التي كان فيها في حالة تمثيل رثة للغاية ولم تكن الأفلام نفسها تقل سوءاً عن أدائه، كان أداؤه يهبط من فيلم إلي آخر حتي أصبحت مشاهدة فيلم لنيكولاس كيدج تجربة غير مضمونة العواقب، ولكنه في الشرطي الفاسد أو «الخارج علي القانون» حسب التسمية التجارية للفيلم أعطي الشخصية روح حيوية ومختلفة بعيدة عن شكل أدائه الفاتر في أعماله السابقة، جزء من أدائه اعتمد إلي حد ما علي الارتجال في تقديم الشخصية التي تصل بالفساد إلي حد الجنون والتمادي في القسوة والشر واللامبالاة، ولكن الفيلم بشكل عام لم يكن واحداً من أفضل أفلامه.