فى السياسة الأمريكية.. لا مكان للعقل أو المنطق أو حتى الأخلاق حين يتعلق الأمر بإسرائيل!! منذ انطلقت إسرائيل فى عدوانها الوحشى على الشعب الفلسطينى فى الضفة أولًا، ثم فى غزة.. كان العنوان البارز للموقف الأمريكى هو حق إسرائيل فى الدفاع عن نفسها وتأمين مواطنيها!! تناست واشنطن الحقيقة الأساسية فى الموضوع وهى الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية، وحق الشعب الفلسطينى فى مقاومة هذا الاحتلال، وتجاهلت واشنطن الأوضاع المأساوية التى يعيش فيها الفلسطينيون فى ظل حصار غير إنسانى فرضته قوات الاحتلال. وتجاهلت واشنطن أن صواريخ المقاومة التى وصلت إلى قلب إسرائيل لم تقتل أحدًا، بينما كانت طائرات إسرائيل تدك المنازل فوق عائلات بأكملها، وتقتل مئات الأطفال، ولا تستثنى مدرسة أو مستشفى حتى لو كانت أعلام الأممالمتحدة ترتفع فوقها. عطلت واشنطن المبادرة المصرية لوقف المذبحة الإسرائيلية فى أيامها الأولى. حاولت بكل الطرق أن تجد مكانًا فى المعادلة لعملائها فى قطر وتركيا ليس حبًّا فى عيونهما، وإنما لأن لها دورًا فى السيناريو الأمريكى الذى اتضحت بعض معالمه مع اجتماع باريس حيث كانت المعادلة المطروحة -بموافقة العملاء فى قطر وتركيا- هى أمن إسرائيل ونزع سلاح المقاومة مقابل تخفيف الحصار وبعض المساعدات لأهلنا فى غزة.. وعلى القضية الفلسطينية ألف سلام!! واستخدمت واشنطن نفوذها لمنع مجلس الأمن أو الجمعية العامة للأمم المتحدة من إدانة حرب الإبادة وإجبار إسرائيل على وقف عدوانها الوحشى. ووقفت وحدها فى وجه العالم كله تعارض قرار مجلس حقوق الإنسان بالتحقيق فى جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل فى غزة. افتضاح جرائم الحرب التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، والكارثة الإنسانية التى يعيشها القطاع المنكوب، فرضت هدنة ال72 ساعة، وبدء التفاوض لوقف إطلاق النار، لكن أسْر أحد الجنود الإسرائيليين فجر الموقف من جديد. ورغم أن الظروف المحيطة بالحادثة لم تتضح تمامًا فقد سارعت الإدارة الأمريكية بمشاركة الرئيس الأمريكى نفسه بإدانة الفلسطينيين وتحميلهم المسؤولية. متناسية أنه فى نفس اليوم كانت قنابل إسرائيل تقتل نحو مئتين من المواطنين الفلسطينيين، جزء كبير منهم من الأطفال والنساء. بينما كان مجلس الشيوخ الأمريكى يقر مساعدة عاجلة لإسرائيل بمقدار 225 مليون دولار لتعزيز «القبة الحديدية» المضادة للصواريخ، وبينما كانت الإدارة الأمريكية تعلن أن مخازن أسلحتها مفتوحة لدعم الجيش الإسرائيلى!! قمة الوقاحة تأتى من وزارة الخارجية هناك. حيث واجهت نائبة المتحدثة باسم الوزارة سؤالا صحفيًّا عن تجميد المساعدات الأمريكية للقاهرة العام الماضى بدعوى تضييق الحكومة الخناق على المدنيين، بينما تجزل العطاء لتل أبيب وهى تقتل المئات من المدنيين الفلسطينيين فى غزة بسلاح أمريكا ودعمها؟! المسؤولة الأمريكية قالت فى البداية ما هو معروف للجميع من أن علاقة أمريكا بإسرائيل غير قابلة للمقارنة بعلاقتها مع مصر أو غيرها. لكنها بعد ذلك ذهبت إلى حيث فضحت موقف الإدارة الأمريكية المعادى لمصر وشعبها وثورتها. قالت المسؤولة الأمريكية مارى هارف: إن أموال المساعدات (تقصد الأمريكية) كانت تستخدم من قِبل الحكومة المصرية ضد شعبها من خلال حملة قمعية ضد المتظاهرين السلميين، لكن إسرائيل تستخدمها لقتال منظمة إرهابية، وهو ما يعتقد أنه دفاع مشروع عن النفس ضد تهديد خارجى. تتجاوز الوقاحة الأمريكية هنا كل الحدود. فواشنطن تعرف قبل غيرها أن مصر تخوض حربًا ضد إرهاب منحط كان -وما زال- للأسف الشديد محطّ رعاية أمريكا وعملائها فى المنطقة. وواشنطن تعرف أن كل ما فعلته وتفعله هو مساعدة تحالف الإرهاب (من الإخوان إلى القاعدة وغيرها) بمنع تسليم طائرات وأسلحة كانت مطلوبة لمواجهة من يرتكبون المجازر وينشرون الفوضى ويضربون الاستقرار. على الناحية الأخرى تعرف واشنطن جيدًا أن ما تفعله إسرائيل ليس دفاعًا عن النفس بل ممارسة لحرب إبادة من جيش احتلال ضد مقاومة مشروعة لشعب يغتصب وطنه وتضيع حقوقه على يد النازيين الجدد، الذين تدعمهم أمريكا التى تدعم كل إرهاب يوجه للعرب.. لا فرق إن جاء من إسرائيل، أو جاء من الإخوان أو داعش!!