الطب الشرعى: 20 حالة وفاة للمحتجَزين داخل أقسام «القاهرةوالجيزة» منذ 9 مايو حتى الآن حالتا وفاة فى «كرداسة» و«المطرية» سقطتا نتيجة التعذيب.. والطب الشرعى: تصلنا 20 حالة أسبوعيا
وقائع جديدة ومعلومات بدأت تتضح ملامحها وخيوطها يوما تلو الآخر فى قضية الاعتداء البدنى والتعذيب داخل أقسام الشرطة، التى أثارتها «الدستور الأصلي»، وكشفت عنها على مدار الأيام القليلة الماضية بعد حصولها على فيديوهات تعذيب واعتداءات توثّق تلك الممارسات فى أماكن احتجاز المتهمين بالأقسام.
«التحرير» حصلت على بيان بإجمالى أسماء وأعداد وأماكن الوفيات الذين لقوا مصرعهم داخل أقسام الشرطة فى نطاق محافظتَى القاهرةوالجيزة خلال الفترة ما بين 9 مايو الماضى حتى الآن، حيث بلغ إجمالى أعداد الوفيات نحو 20 مُتوفًّى، نصفهم لقى مصرعه داخل أقسام القاهرة، والنصف الآخر فى نطاق محافظة الجيزة، وتبين من نص التقرير أن أغلب الضحايا سقطوا نتيجة الظروف المحيطة بهم داخل الأقسام، والإهمال، وتردى الوضع الإنسانى فى التعامل معهم، وضيق مساحات الحجز، وعدم التهوية، وغيرها من الظروف اللا إنسانية، فضلا عن اثنين لقيا مصرعهما نتيجة الاعتداء والتعذيب البدنى واستعمال القوة ضدهما، أحدهما داخل قسم شرطة المطرية والآخر بقسم كرداسة، وسقطا جراء التعذيب باستخدام أدوات للصعق الكهربائى والضرب والركل.
ففى قسم الطالبية بمحافظة الجيزة، لقى المتهم «عبد الرحمن عبد اللاه عبدالرحمن» مصرعه فى 9 مايو الماضى فى أثناء وجوده بالقسم، وكذلك «فوزى مصطفى أحمد» الذى توفِّى فى 20 يونيو الماضى، وكذلك لقى «هيثم سعيد حسن» مصرعه فى 6 أبريل الماضى، بينما لقى «بليغ حمدى حسن» مصرعه فى قسم الوراق فى 29 يونيو الماضى، كما توفِّى «هاشم أحمد عبد الرحمن» فى 18 يونيو الماضى فى قسم ثانى أكتوبر، وكذلك «أشرف عبد الله محمد شاهين» فى 12 يوليو الماضى.
وفى قسم إمبابة التابع لنفس المحافظة، توفى «محمود سيد حسن» فى 25 يونيو الماضى، و«حنفى محمد عواد» فى 5 يوليو الماضى، بينما لقى «وجيه صبرى حسنين» مصرعه فى قسم العمرانية فى 2 يوليو الماضى، و«خالد محمد عبد اللطيف» فى 2 يوليو الماضى فى قسم أول أكتوبر.
أما فى نطاق محافظة القاهرة، فتوفى 10 مساجين أغلبهم نتيجة الإهمال داخل أقسام الشرطة والوضع اللا إنسانى، باستثناء حالة واحدة وهى حالة قتيل المطرية ويدعى «عزت عبد الفتاح سليمان الغرباوى، 46 عاما» الذى كان يعمل موظفا بوزارة المالية، ولقى مصرعه فى 8 يوليو الماضى داخل حجز قسم شرطة المطرية إثر الاعتداء عليه، حيث أكد تقرير الطب الشرعى النهائى حوله أنه لم يتم رصد آثار لكرباج أو أى آلة حادة على جسد المتوفَّى، وأن الإصابات تمت بجسم صلب عريض المساحة، مثل ركلات القدم والأيدى وهى السبب فى كسر 9 ضلوع، وبالنسبة إلى النزيف والارتجاج الدماغى فيرجَّح رطم رأس المتوفَّى فى الحائط أو أى جسم صلب، كما أضاف التقرير أنه تبين وجود نزيف بالمخ وكسور فى من 2 إلى 10 أضلاع وكسر فى عظمة القفص، وكشف عن وجود نزيف فى التجويف الصدرى، وأكد أن سبب الوفاة نتيجة ما به من إصابات وكسور بالأضلاع وفشل فى التنفس، إضافة إلى إصابة الرأس وما صاحبها من مظاهر ارتجاج دماغى أدت إلى الوفاة.
فى نفس السياق أكد مدير عام المنطقة الطبية الشرعية بالقاهرةوالجيزة التابعة لمصلحة الطب الشرعى الدكتور ماجد لويس ل«الدستور الأصلي»، أن البيان الإحصائى الأخير لإجمالى أعداد الضحايا، الذين تلقتهم المنطقة حول الاعتداء البدنى واستعمال القسوة داخل أقسام الشرطة أظهر ارتفاعا ملحوظا فى عدد الشكاوى من حالات اعتداء داخل الأقسام «بعضها افتعالى وبعضها إيجابى» حسب وصفه، لافتا إلى أن إجمالى أعداد القضايا التى تلقتها المنطقة الطبية خلال الفترة منذ منتصف 2013 حتى الآن بلغ نحو 650 حالة اعتداء بدنى واستعمال قسوة داخل الأقسام، ونوه إلى أن تجاوزات أفراد الداخلية تزايدت بصورة واضحة عما كان قبل ثورة يناير.
لويس أضاف ل«الدستور الأصلي»، أن عدد الحالات التى تُعرض على الطب الشرعى أسبوعيا جراء الاعتداء من قبل ضباط وأفراد الشرطة على المحتجَزين داخل الأقسام، يبلغ نحو 20 حالة تتنوع إصاباتها ما بين كدمات وسحجات وإصابات ظاهرة فى أغلب أنحاء الجسد فضلا عن شكاوى نتيجة الصعق بأجهزة كهربائية والضرب بالأيدى والعصىّ. وأشار إلى أن المنطقة الطبية «المختصة بالكشف عن المصابين والمتهمين» لم تستقبل أى حالة تعذيب أو اعتداء داخل السجون منذ أكثر من سنة تقريبا، قائلا «مافيش ولا حالة تعذيب أو اعتداء أو استعمال قسوة داخل السجون تم عرضها علينا منذ عام وكل الحالات التى تُعرض علينا من أقسام الشرطة»، منوها إلى أن أغلب الحالات التى تُعرض على المصلحة من الرجال لا من السيدات.
مصدر طبى مسؤول، رفض الإفصاح عن اسمه، قال ل«التحرير»، إن رجال وأفراد الشرطة باتوا يرتكبون جرائم جسيمة داخل الأقسام بصورة أكبر نسبيا عن العام الذى سبق قيام ثورة يناير، لافتا إلى أن هناك تزايدا فى معدلات الوفاة داخل أقسام الشرطة، مشيرا إلى أن ارتفاع هذه المعدلات لا يرجع فقط إلى الاعتداء البدنى أو استعمال القسوة فقط من قبل رجال الشرطة على المحتجَزين، إنما قد يرجع أيضا نتيجة ظروف الإهمال والوضع الإنسانى غير اللائق للنزلاء داخل الزنازين. المصدر أوضح أن هناك ترديا وإهمالا فى مستوى الخدمات فى بعض الأقسام، مما تسبب فى تزايد معدلات الأمراض بين المحتجَزين، نتيجة نقص التهوية داخل الغرف وعدم وجود مساحات بين الأفراد بما يسمح بحرية التحرك، فضلا عن تعرض البعض لمعاملة غير لائقة فى الداخل.
فى السياق نفسه، حصلت «الدستور الأصلي» على نص تقرير رسمى يكشف مدى تزايد معدلات الوفاة داخل أقسام الشرطة خلال الفترة الأخيرة، وهو التقرير الصادر من اللجنة الخماسية المكونة من مدير عام الإدارة العامة لمكافحة الأمراض المُعْدية، ومدير عام الإدارة العامة للرصد البيئى، وطبيب بوحدة الوبائيات والرصد، واثنين كيميائيين من الإدارة العامة للرصد البيئى عن نتائج المرور على مجمع شرطة دار السلام بمحافظة القاهرة، والذى تم إعداده بناءً على الشكوى المقدمة بوفاة أربعة متهمين داخل الحجز بديوان قسم شرطة دار السلام وبناء على توجيهات الدكتور رئيس القطاع الوقائى والأمراض المتوطنة، لبيان مدى استيفاء القسم بالمعايير الصحية للمحجوزين.
وزير الداخلية: لا تهاون فى حقوق المحتجزين والسجناء كتب- محمد عبد الجليل: وقائع التعذيب التى رصدتها «الدستور الأصلي»، كان للداخلية رد عليها، على لسان وزيرها، اللواء محمد إبراهيم، الذى أكد فى جولته المكوكية أمس فى أسوان، أن الحفاظ على حقوق الإنسان المشروعة والمكفولة بحكم القانون والدستور، أيا كان سجينا أو محتجزا أو مواطنا على رأس أولويات الوزارة، وأكد الوزير أنه يتابع أى حالات يتردد أنها تعرضت لانتهاك حقوقها، مشيرا إلى أن ذلك أمر لا تهاون فيه على الإطلاق، لافتا إلى أن أجهزة التحقيق متمثلة فى النيابة العامة تباشر التحقيق فى الوقائع التى تثبت ارتكابها.
الوزير طالب القيادات الأمنية خلال الزيارة بترسيخ قيم التسامح وحقوق الإنسان فى الضباط الصغار وتوجيههم بحسن معاملة الجمهور، مشددا خلال تفقده للأوضاع الأمنية بالمحافظة على ضرورة استعدادات القوات وجاهزيتها وسرعة نجدة المواطنين وحفظ الأمن بالشارع وملاحقة العناصر الخطرة، لافتا إلى أهمية تطوير وتحديث الخدمات الأمنية.
اللواء إبراهيم تفقد نقطتى التفتيش الأمنى بالكوامل بحرى بطريق «مصر-أسيوط»وسوهاج الجديدة، وقسمى شرطة سوهاج أول وثان، ومركز شرطة أخميم ونقطة شرطة الكولة، واطلع على سير العمل والخدمات التى تقدم للمواطنين، كما قام الوزير بافتتاح مستشفى الشرطة بسوهاج، الذى يضم 16 عيادة متخصصة، بالإضافة إلى أقسام الأشعة والتحاليل والمعامل وعيادات الأسنان، بما يوفر خدمة طبية متكاملة لأبناء هيئة الشرطة.
وأكد وزير الداخلية أن المرحلة الحالية تتطلب التدريب الجيد واليقظة التامة لجميع القوات بما يحقق الكفاءة الأمنية لمواجهة كل أشكال الجريمة.
.. ووفاة «الحالة الخامسة» فى حجز قسم عين شمس كتب- يونس محمد: فى تطور سريع للأحداث وبعد كشف «الدستور الأصلي» عن وقائع تعذيب بقسم عين شمس، كشفت معاينة النيابة برئاسة المستشار مصطفى خطاب للقسم أن الوضع الحالى لغرف حجز المساجين غير ملائم بالمرة، يهدد حياتهم، نظرا إلى حشر السجناء داخلها، وقلة المساحة وكثرة عدد المحتجزين، ونشوب المشاجرات الدامية بينهم. جاء ذلك فى إطار تحقيق النيابة فى واقعة وفاة مسن الخميس الماضى يدعى عبد البارى، 60 سنة، داخل قسم عين شمس، وتداول فيديو جديد لحالات تعذيب على مواقع التواصل الاجتماعى، وقامت «التحرير» بنشره فى الوقت الذى نفت فيه مصادر أمنية بمديرية أمن القاهرة وجود أى حالات تعذيب داخل القسم، وأرجعت وفاة المحتجز الأخير إلى هبوط فى الدورة الدموية.
وطالبت النيابة فى تقريرها فى ختام جولتها داخل قسم عين شمس وزارة الداخلية بتوسعة غرف الحجز، لاحتواء جميع المساجين، فضلا عن زيادة عدد فتحات التهوية لتوفير أجواء صحية للمساجين. وخلال جولة النيابة بالقسم طالب عدد من المساجين النيابة العامة بعرضهم على الطب الشرعى لتعرضهم للضرب والتعدى من قبل ضباط وأفراد القسم، الأمر الذى قوبل بالموافقة من النيابة، لتأمر بعرضهم على الطب الشرعى لبيان ما بهم من إصابات وتعد.
كان رجل قد توفى داخل قسم عين شمس يوم الخميس الماضى يبلغ من العمر 60 عاما، عندما شعر المجنى عليه بإعياء شديد داخل حجز قسم عين شمس، وحاول الضباط إسعافه، إلا أنه لفظ أنفاسه الأخيرة.
وفى تحد واضح لقرار النيابة العامة رفض مأمور وضباط قسم شرطة عين شمس عرض المحتجزين على ذمة قضايا على الطب الشرعى.