بندوات توعية.. «تعليم الفيوم» تشارك في تفعيل المبادرة الرئاسية بداية جديدة لبناء الإنسان    «بتروجاس»: إمداد السوق المحلية ب 3.6 مليون طن بوتاجاز خلال 2023-2024    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مساعدات مالية ومعاشات للحالات الأولى بالرعاية    300 غارة صهيونية على جنوب لبنان واستشهاد 182 شخصًا وإصابة أكثر من 700    غارة إسرائيلية عنيفة تستهدف محيط مستشفى مرجعيون الحكومي جنوبي لبنان    إسرائيل صنعت «البيجر» بنفسها ثم فخخته    عاجل| بشراكة «استادات» واتحاد الكرة.. «المتحدة للرياضة» تطلق مشروع دوري مصر للناشئين    «هيئة الدواء»: ضبط مكان غير مرخص لتصنيع المستحضرات الصيدلية بالعاشر من رمضان    حسين فهمي يلتقي رئيس اتحاد تليفزيونات منظمة التعاون الإسلامي    دانيا الحسيني: اليوم أسوأ الأيام على لبنان منذ أكثر من 20 عاما    تكريم الشركة المتحدة في المنتدى الدولي للاتصال الحكومي بالشارقة    محمد محمود عبد العزيز يكشف كواليس تصوير «برغم القانون».. السر في كبوت العربية    خالد الجندي: بعض الأشخاص يحاولون التقرب إلى الله بالتقليل من مقام النبي    تقديم 84 مليون خدمة مجانية ضمن «100 يوم صحة» خلال 53 يوما    كاتب صحفي: مشاركة منتدى شباب العالم في قمة المستقبل نجاح كبير    أستاذ فقه يوضح الحكم الشرعي لقراءة القرآن على أنغام الموسيقى    انطلاق ورشة "مدرسة السينوغرافيا" ضمن فعاليات مهرجان الإسكندرية المسرحي.. صور    السيطرة على حريق اندلع بهايبر ماركت في نصر النوبة بأسوان    إعلام بنها ينظم ندوة "حياة كريمة وتحقيق التنمية الريفية المستدامة".. صور    لأول مرة.. شراكة بين استادات الوطنية والمتحدة للرياضة واتحاد الكرة لتدشين دوري الأكاديميات    الإعلان عن التشكيل المثالي للجولة الخامسة من الدوري الإنجليزي.. موقف محمد صلاح    جوارديولا يكشف تفاصيل إصابة دي بروين ومدة غيابه عن مانشستر سيتي    Natus Vincere بالصدارة.. ترتيب اليوم الرابع من الأسبوع الأول لبطولة PMSL للعبة ببجي موبايل    المفتي يهنئ محمد الجندي بتوليه منصب الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية    تنازل وطلب براءة.. كواليس محاكمة الفنان عباس أبو الحسن | خاص    السجن 10 سنوات للمتهم بتهديد سيدة بصور خاصة بابنتها فى الشرقية    نتيجة تنسيق كلية شريعة وقانون أزهر 2024/2025    محافظ دمياط: مبادرة المشروعات الخضراء تعكس جهود الدولة للتعامل مع البعد البيئى (صور)    عاجل - حماس تطالب الجنائية الدولية باعتقال قادة الاحتلال: إسرائيل ترتكب جرائم حرب في لبنان وغزة    الإحصاء: 21.5 مليار دولار صادرات مصر لأكبر 5 دول بالنصف الأول من 2024    "أزهر مطروح" يطلق "فاتحة الهداية" بالمعاهد التعليمية ضمن مبادرة بداية    كل ما تريد معرفته عن ضوابط عمل اللجان النوعية بمجلس النواب    حصوات الكلى: المخاطر وطرق العلاج الممكنة تبعًا لحجم الحصوات    الجيش الإسرائيلي يطالب سكان منطقة البقاع الموجودين داخل أو قرب منزل يحوي أسلحة لحزب الله بالخروج خلال ساعتين    اليوم العالمي للغات الإشارة: هل تختلف بين البلدان؟    رئيس اقتصادية قناة السويس يستقبل وفدًا صينيًّا من مقاطعة "جوانجدونج".. ويؤكد: نعتز بالشراكة الناجحة ونسعي لاستقطاب المزيد    مهرجان مالمو للسينما العربية يعلن عن مواعيد الدورة الخامسة عشرة    تعيين قائم بأعمال عميد "فنون تطبيقية بنها"    قبل XEC.. ماذا نعرف عن متحورات كورونا التي حيرت العلماء وأثارت قلق العالم؟‬    جامعة الجلالة تحصل على الاعتماد الدولي IERS لبرنامج تكنولوجيا العلاج التنفسي    جامعة الأمم المتحدة للسلام تحتفل باليوم العالمي.. وتتتعهد بتقديم تعليم ملهم للأجيال القادمة    الجيش الأردني يحبط محاولة تهريب مواد مخدرة محملة بواسطة طائرة مسيرة    وكيل الأوقاف بالإسكندرية يشارك في ندوة علمية بمناسبة المولد النبوي الشريف    وزيرة التنمية المحلية تلتقي بنقيب أطباء أسنان القاهرة    تصالح فتاة مع سائق تعدى عليها فى حدائق القبة    العين الإماراتي: الأهلي صاحب تاريخ عريق لكن لا يوجد مستحيل    وزير الصحة: النزلات المعوية بأسوان سببها عدوى بكتيرية إشريكية قولونية    وزير المالية: فخورون بما حققناه جميعًا.. حتى أصبح البنك الآسيوي أسرع نموًا    بيراميدز يكشف حجم إصابة محمد حمدي ومدة غيابه    استقالة موظفى حملة المرشح الجمهورى لمنصب حاكم نورث كارولينا    قطع أثرية مقلدة.. رحلة مباحث القاهرة للإيقاع بعصابة المشاغبين الستة    محافظ المنوفية: مبنى التأمين الصحي الجديد أسهم في تخفيف الزحام والتكدس وصرف الأدوية    شوبير يكشف أسرار عدم انتقال سفيان رحيمي للأهلي.. موسيماني السبب    ضبط تشكيل عصابي نصب على المواطنين في القاهرة    تشييع جنازة اللواء رؤوف السيد بمسجد الثورة بعد صلاة العصر    علي جمعة: ترك الصلاة على النبي علامة على البخل والشح    حالة الطقس اليوم الاثنين 23-9-2024 في محافظة قنا    محمد عدوية وحمادة الليثي.. نجوم الفن الشعبي يقدمون واجب العزاء في نجل إسماعيل الليثي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حروب الحصانة
نشر في الدستور الأصلي يوم 25 - 06 - 2010

البعض في مصر يحمل «الحصانة» والبعض يطالب بها والبعض يستخدمها.. ضد القانون طبعا!
«الكل في مصر يبحث عن الحصانة»، كل الفئات في بلدنا المحروسة وجدت - فجأة - أن الحل في منحها حصانة تحميها، لا يهم تحميها من أي شيء بالضبط المهم أن يكون لديها حصانة..
في مصر هناك فئات لديها حصانة بالفعل بنصوص الدستور والقانون مثل أعضاء مجلسي الشعب والشوري وأعضاء السلطة القضائية، ولكن في المقابل هناك فئات أخري تسعي للحصول عليها، فقد كانت فكرة الحصانة هي الأبرز في كل المشكلات والأزمات الكبيرة التي مرت بها مصر خلال الفترة الماضية.
فأزمة المحامين والقضاة فجرت قضية الحصانة وأخرجتها إلي النور فبينما تمسك القضاة - أثناء الأزمة - بحصانتهم التي تحميهم من التعسف أو الإهانة طالب المحامون بحصانة مقابلة كأحد جناحي العدالة متسائلين كيف «يحتكر» طرف واحد من أطراف العدالة الحصانة ويتم حرمان الآخر منها.
أما الأقباط فقد كانوا هم أيضا علي خط الحصانة، فبعد حكم المحكمة الإدارية العليا الشهير الذي أجاز الزواج الثاني للأقباط وبعد ردود الأفعال الواسعة التي خلفها الحكم كانت الكنيسة الأرثوذكسية تتحدث عن حصانة خاصة بها ضد الأحكام القضائية التي اعتبرتها «تخالف تعاليم الديانة المسيحية».
علي كل فقد كان استخدام فكرة الحصانة في مصر طوال الوقت يتم بالمخالفة للفلسفة التي قامت عليها الفكرة وهي «تحصين الآراء» التي تصدر عن فئة بعينها من الملاحقة القضائية وهي فئات دائما ما يكون عملها قائماً علي عدم الخوف من الملاحقات أما في مصر فقد تم تجاوز هذه الفكرة لتكون حصانة من تطبيق القانون وهنا تتحول الفكرة من «تحصين لعمل ما» إلي «تحصين لشخص ما» لذلك فليس غريبا أن تجد العديد من أعضاء مجلس الشعب متهمين في قضايا ظنوا أن حصانتهم ستحميهم من انكشاف أمرهم والوصول بهم إلي المحكمة وهو ما يكشف الاستخدام السيئ للحصانة في مصر ويؤكد أن «الثقافة» المنتشرة في المجتمع المصري هي أن الحصانة تأتي في مواجهة القانون ذاته لتحول بين الشخص الذي يحملها وبين المساءلة أو المحاسبة لذلك فليس غريبا أن تكون مصر هي بلد نواب القروض والكيف وتجارة الأراضي والعلاج علي نفقة الدولة والدم الملوث وغيرها من الجرائم التي يبدو أن الحصانة لعبت دورا في الشعور بأن صاحبها فوق القانون.
لماذا تطالب كل فئات المجتمع المصري بالحصانة هذا هو السؤال، أما الإجابة فبسيطة وواضحة وضوح الشمس فهناك إحساس عام بغياب العدالة وهناك شعور جامع بأن سيادة القانون غائبة وأن هناك فئات في المجتمع «علي رأسها ريشة» وفئات أخري «بلا ظهر»، وهي الجمل التي يستخدمها المصريون في حياتهم اليومية. لذلك يصبح النضال من أجل الحصانة أسهل بكثير من النضال من أجل إرساء قواعد العدالة في المجتمع وتصبح كل فئة مطالبة بالتجمع والتوحد والمطالبة بحصانة ضد القانون ذاته أو بمعني آخر حصانة ضد أن يدوسها القوي المحصن!
المحامون
* القانون يمنحهم حصانة مهنية... والنقابة تطالب «بالمزيد» والأزمة في غياب الإحساس بالعدالة... بس كده!
ينص قانون المحاماة الذي تم تعديله عام 2008 علي «حصانة مهنية» للمحامين هي الحصانة التي تعني توفير حالة من «الهدوء والأمن» أثناء ممارسة المحامين لعملهم لذلك فقد نص القانون علي عدم جواز إلقاء القبض علي المحامي أو حبسه احتياطيا في جرائم «السب والقذف والإهانة» إذا كانت هذه الجرائم بسبب أو أثناء ممارسته لعمله. وهو ما يعني أن المحامي له حصانة مهنية خاصة أثناء أدائه لمهنته وهي حصانة من المفترض أن تتابعها النقابة وتتأكد من تطبيقها.
ومع ذلك فإن النقابة خلال الفترة الأخيرة لم تكتف بهذا بل بدأت في المطالبة «بحصانة جديدة» للمحامي تقترب من حصانة أعضاء السلطة القضائية، واعتبرت النقابة أن هذا الأمر طبيعي لأن المحامي هو الجناح الثاني للعدالة ويجب أن يكون هناك مساواة بين الجناحين - المحامين والقضاة - في «اكتساب الحصانة».
ورغم أن هناك عدم واقعية في إمكانية أن يحصل المحامون علي حصانة خاصة لا سيما وأن عددهم في مصر يتجاوز 400 ألف فإن هناك حالة من الإلحاح من جانب النقابة العامة في هذا الأمر، وهو الإلحاح الذي يفسره البعض بأن وراءه إحساس بالحق الطبيعي فيما يراه آخرون مجرد «مزايدات نقابية» يحاول بها مجلس النقابة الحالي استعادة شعبيته من جديد عبر الدخول إلي معركة الحصانة المشتعلة في مصر كلها.
لذلك فإن خالد أبو كريشة - عضو مجلس نقابة المحامين - يري أن المحامين يطالبون بحصانة لأنهم يمارسون «عملا اختصاميا» علي حد قوله قائلاً: «إذا كان الجندي أثناء المعركة يرتدي زيا خاصا لأنه يحارب فإن المحامي يخوض معركة ضد الخصم وضد الموكل وضد ما سماه» بالأطراف المجهولة « لذلك فإن الحصانة بالنسبة للمحامي في هذه الحالة تكون مهمة».
وأضاف أبو كريشة أن الحصانة تحمي المحامي أيضا من «الشكاوي الكيدية» وغيرها مما يجعل المحامي مستهدفا طوال الوقت، لافتا أن الحصانة مطلوبة «حتي أتمكن كمحام من أداء دوري والنهوض بهذا الدور دون خوف أو قلق من أي طرف».
وحول «معركة الحصانة ومطالب العديد من الفئات في المجتمع بحصانة خاصة قال أبو كريشة إن هذا الأمر طبيعي جدا في غياب مفهوم الدولة القانونية وحكم المؤسسات قائلاً: «الوضع الطبيعي أن حكم القانون والدستور يجعلان لأن المواطن لا يطلب وضعا استثنائيا وإذا غاب حكم القانون والدستور أصبح المواطن في حاجة إلي «وضع استثنائي» يكفل له الأمن، لافتا إلي أن المشكلة حاليا تتعلق بما سماه «المناخ الدستوري القائم حاليا».
و أشار أبو كريشة إلي أن الأصل أن الحصانة تتعلق بالعمل وليس بالشخص لذلك فعلي الفئات التي تتمتع بالحصانة ألا تتحول إلي فئة متسلطة في ممارسة عملها وهي تتمتع بهذه الحصانة.
أزمة المحامين والقضاة المشتعلة منذ أيام جعلت من مطالبة المحامين بالحصانة «قضية مطروحة بقوة»، وإن كان البعض يري أن المحامين يتمتعون بحصانة مهنية فعلاً تحميهم أثناء ممارستهم مهنتهم، فيما يري آخرون أن المحامين لا يتمتعون بهذه الحصانة التي تكفي لممارسة دورهم بأمن ودون قلق، فيما تري أطراف أخري أن الأزمة الحقيقية هي جزء من أزمة المجتمع ككل وهي الأزمة التي يمكن تلخيصها في أن الكل يبحث عن حصانة لأن «الكل» يشعر بعدم سيادة القانون أو سيادة قيم العدالة.
القضاه
* حصانة ضد القبض والتفتيش .. وشعور بعدم سيادة القانون!
القضاة محصنون بأحكام السلطة قانون السلطة القضائية «ففي غير حالات التلبس لا يجوز القبض علي عضو من أعضاء السلطة القضائية ولا تفتيشه إلا بعد الحصول علي تصريح من مجلس القضاء الأعلي» وهي الحصانة التي تم تشريعها من أجل توفير جو آمن للقاضي الذي يحمل أمانة الحكم ويضع قواعد العدالة حتي لا يكون عرضة للإرهاب والتخويف من أي طرف وهي الفلسفة التي قامت عليها فكرة الحصانة بشكل عام .
فكرة الحصانة القضائية كانت ظاهرة بقوة في أزمة القضاة والمحامين إذ اعتبر القضاة أن تعرض أحد أبناء المهنة لاعتداء هو أمر يمس حصانته كقاض يرسي قواعد العدل في المجتمع وهنا تمسك القضاة بفكرة الحصانة حتي آخر نفس .
لذلك فإن المستشار زكريا عبدالعزيز - الرئيس السابق لنادي قضاة مصر - يري أن فكرة الحصانة القضائية مشرعة لصالح الوظيفة والعمل في الأساس ولا تستغل بشكل شخصي، وهذه الحصانة غير موجودة في حالات التلبس لافتا إلي أنها - أي الحصانة - تقتصر علي استئذان الجهة التي يعمل بها الشخص صاحب الحصانة قبل إلقاء القبض عليه وهي في حالة القضاة «مجلس القضاء الأعلي» فلا يجوز إلقاء القبض علي قاض أو تفتيشه إلا بناء علي تصريح من مجلس القضاء .
و انتقد عبدالعزيز دعوة المحامين إلي حصانة تساوي حصانة السلطة القضائية «باعتبارهم الجناح الآخر للعدالة في مصر» متسائلا «إذا كان القاضي لا يجوز القبض عليه إلا بقرار من مجلس القضاء الأعلي فما الجهة التي يمكن أن تصدر القرار في حالة المحامي مضيفا» المحاماة مهنة سامية لكنها مهنة حرة في الأساس وهي تكتسب حصانة خاصة مثل عدم جواز التحقيق مع محام إلا بمعرفة رئيس نيابة علي الأقل فضلا عن حصانة مهنية أخري يمنحها له قانون المحاماة .
و أوضح زكريا أن الحل لمشكلة الفئات التي تطالب بحصانة خاصة سيادة القانون وضرورة أن يطبق «علي الصغير والكبير» علي السواء ودون تمييز بين أي مواطن أو مسئول علي حد قوله .
وتساءل عبدالعزيز هل الوطن الذي لا تطبق فيه الأحكام القضائية هو وطن به سيادة قانون وهل الوطن الذي يتم حصار قاعات المحاكم هو وطن به سيادة قانون وهل وطن يتم فيه حصار مكتب المحامي العام هو وطن به سيادة للقانون؟ مضيفا «عندما نجد إجابات علي هذه الأسئلة وعندما نستطيع أن نشعر بوجود القانون وبتطبيقه علي كل المصريين بلا تمييز هنا لن تجد من يطالب بحصانة بل سيمتثل الجميع للقانون ونصوصه عن شعور بالعدالة.
نواب مجلس الشعب
* حصانة بنص الدستور.. وملايين تنفق من أجل الحصول عليها... وجرائم لا تنتهي!
«عضو مجلس الشعب» بنص المادة 98 من الدستور لا يسأل عما يبديه من آراء فيما يتعلق بشئون المجلس «هذا هو النص الذي يستند إليه النواب في الحصانة التي يتمتعون بها في الحياة وإن امتدت في حالة مصر من حصانة «آراء» إلي حصانة شخصية جعلت سيادة النواب الموقرين يرتكبون الكثير من الجرائم التي يحاسب عليها القانون فعرفت مصر «نواب الكيف ونواب القروض ونواب القمار ونواب العلاج علي نفقة الدولة ونواب الدم الملوث وغيرها من «جرائم السادة المحصنين من كل سوء».
الحصانة للسادة النواب تصل إلي عدم جواز القبض عليهم أو تفتيشهم أو تفتيش حقائبهم الشخصية أو اعتقالهم بلا موافقة من مجلس الشعب وبعد قرار برفع الحصانة عن النائب، لذلك فلا عجب إن كانت «معارك الحصانة» تتكشف بشكل أكبر أثناء الانتخابات التي لا يتردد عدد كبير من المرشحين في إنفاق الملايين عليها حتي يفوزوا بمقعد محصن في مجلس شارع قصر العيني.
أما الظاهرة الثانية التي تبدو واضحة كجزء من معركة الحصانة فهي دخول رجال الأعمال بكل ثقلهم إلي معركة التنافس علي الفوز بالمقعد الوثير وهي الظاهرة التي يفسرها العديد من المراقبين للشأن العام في مصر من أجل تأمين مصالحهم عبر الحصانة المكتسبة.
و حسب تقرير لمركز الدراسات السياسية بالأهرام فإن 13 % من أمناء سر ووكلاء اللجان النوعية بمجلس الشعب هم من رجال الأعمال وهي نسبة تشير إلي تفاقم أزمة الحصانة بشكل كبير خلال السنوات الماضية وتبرز السر في الملايين التي يتم إنفاقها من أجل الفوز بمقعد مجلس الشعب.
ومع ذلك فإن سعد عبود عضو مجلس الشعب يري « الحصانة من المفترض أن تصبح عبئا علي صاحبها وليست ميزة في مواجهة المواطنين، مضيفا « الحصانة في المجتمعات السوية ليست ميزة ولكن في مصر فإنه يتم التعامل معها باعتبارها منحة للشخص الذي يحملها.
وأضاف عبود «القضاء الانجليزي يمنح القاضي حصانة خاصة ومع ذلك فهو يمنحه القدرة علي اقتراض أي مبالغ مالية يرغبها من أحد البنوك دون أن يذكر اسمه حتي يكون هناك تحصين له من أي انحراف مالي ينتج عن صعوبات المعيشة، لافتا إلي أنه في كل عام ليس هناك ما يشير إلي أن القضاة يستخدمون هذه الميزة التي منحتها لهم الحصانة لأنهم يعتبرونها ميزة موضوعية تحصن المهنة ذاتها وليست ميزة شخصية يجب استخدامها.
و قال عبود «كل فئات المجتمع تطالب بالحصانة لعدم الإحساس بالمواطنة»، مشددا علي أن هذا هو المخرج الوحيد الذي يشعر الناس بالعدل ويجعلهم لا ينتظرون حصانة من هنا أو هناك.
وقال عبود إن الأصل في الحصانة أنها ليست شخصية بل هي حصانة موضوعية ولا يجب استخدامها خارج نطاق العمل البرلماني، لافتا إلي أن الحصانة تحجب في حالات التلبس قائلا « في مصر الجميع يسعي إلي حصانة مجلس الشعب من اجل تحصين المصالح الشخصية وحمايتها أو الوصول إلي مكانة اجتماعية بعينها، لافتا إلي أن هذا الأمر يؤكد أن المجتمع أصبح «متفسخا» بدرجة كبيرة وهو ما يفسر أن هناك من يقاتل وينفق الملايين من أجل الوصول إلي مقعد مجلس الشعب والحصول علي الحصانة.
الكنيسة
* .. مطالب بالمواطنة وحصانة ضد أحكام القضاء.. والدولة المدنية هي الحل!
المادة الأولي من الدستور المصري تؤكد أن النظام في مصر يقوم علي «المواطنة» وهو ما يعني أنه لا تفرقة بين مواطن وآخر علي أساس الدين أو الجنس أو المعتقد فالجميع متساوون أمام القانون ولا فرق بينهم.
ومع ذلك فإن هناك «احتقانات» طائفية تظهر كل فترة، أما الأبرز خلال الفترة القادمة فقد كان الحكم الشهير الذي أصدرته المحكمة الإدارية العليا - أعلي سلطة قضائية إدارية في مصر - بجواز الزواج الثاني للأقباط وهو الحكم الذي أثار جدلا واسعا واغضب الكنيسة المصرية بشكل كبير إذ اعتبرته «تدخلا في تعاليم الديانة المسيحية لذلك فإن الكنيسة أكدت أنها «محصنة» ضد التدخل في قراراتها وأعمالها وهو ما يعني أن الكنيسة تطالب هي الأخري أن يكون الأقباط «محصنين» ضد أحكام القضاء حتي إذا كان الحكم بدرجة المحكمة الإدارية العليا. والسؤال الطبيعي، هو كيف يكون هناك مطالبة «بمواطنة» مع أن القانون يطبق علي فئة ويمنع عن فئة أخري، كيف يمكن أن تسري أحكام القضاء علي بعض المواطنين ولا تسري علي البعض الآخر؟
المفكر كمال زاخر يري أن الحصانة في الأساس مشرعة من أجل تحصين رأي بعينه أو فكرة محددة حتي يكون هناك حماية لفئة معينة من التسلط علي حد قوله قائلا « لا يجوز أن يكون هناك حصانة لمؤسسة بعينها - بما فيها الكنيسة - لأنه لا حصانة للمؤسسات الدينية فهذه المؤسسات لا يجب أن تتقاطع مع العمل السياسي فضلا عن أنها محصنة بطبيعة عملها لافتا إلي أن أحدا لا يتدخل في عملها ما دامت تلتزم بطبيعة هذا الدور وتتمسك به بلا تجاوز.
و أضاف زاخر أن الواقع يشير إلي أن «المصريين ليسوا مؤمنين بالدولة المدنية حقا لذلك فإننا نتحدث عن الدولة المدنية أكثر مما نؤمن بها».
و قال زاخر إن الحديث عن حصانة خاصة للأقباط سببه أن هناك غيابًا لمعرفة «الحقوق والواجبات» بين المصريين عموما قائلاً «نحن نتعاطي السياسة علي أرضية التوازنات الطائفية فمرة نرضي الأقباط ومرة نرضي المسلمين ومرة نرضي الإخوان وهكذا حتي تغيب فكرة الحقوق والواجبات».
و أشار زاخر إلي أن فكرة الحصانة ستظل تراود العديد من الفئات في مصر «ما دامت مقومات الدولة المدنية غائبة» وهناك إحساس عام بعدم وجود عدالة في تطبيق القانون هنا يطلب الناس استثناء خاصًا علي القانون لصالحهم يوفر لهم الشعور بالعدالة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.