نشرت صحف مصر الكبري الأيام الماضية صور نشطاء فرنسيين جاءوا إلي مصر في محاولة منهم لكسر الحصار علي غزة يقفون علي الحدود، وصورة لتجمع بعض هؤلاء النشطاء حول السفارتين الفرنسية والإيطالية، وقد أحاطت بهم جحافل الأمن المركزي، ثم صورة أخري لثلاثة رجال يقفون معا ؛ مسلم ومسيحي ويهودي، وهم يعلنون أنهم ضد حصار غزة، والحقيقة أن هذه الصور تدعونا لأن نتساءل: لماذا تختلف معاملة أهل الغرب لنا أمام وسائل الإعلام ؟ فالناظر لكل أو معظم من يسافر إلي إحدي دول أوروبا أو أمريكا سيري أن اسمه المسلم وبالٌ عليه ، وملامحه الشرقية لعنة تلحق به أينما حل، هذا بالطبع مع الارتياب والشك والحذر منه في كل ما يقول أو يفعل، منذ اللحظة التي تطأ فيها قدماه البلد الأوروبي أو الأمريكي الذي شد إليه الرحال، وقد كان تصريح السفير حسام زكي المتحدث باسم الخارجية أقرب مايكون إلي الحقيقة عندما ذكر أن هؤلاء المتظاهرين دخلوا مصر بتأشيرات سياحية، وهم لا يحملون أي معونات أو مساعدات مطلوبٌ إدخالها إلي غزة، ووصف تجمع الفرنسيين ومن قدم معهم من ناشطين من اليونان وبلجيكا وإيطاليا بأنه يستهدف أغراضًا إعلامية ودعائية، والحقيقة أن الوقائع التي تصور وتنقل ما يحدث للمسلمين في شتي بقاع الأرض تجعلنا نصدق ما صرح به حسام زكي، في ذات الوقت الذي نكذّب فيه الصور التي تنقلها وسائل الإعلام، والتي توحي لناظرها بأنهم يتظاهرون ضد إسرائيل، وينكرون عليها ما تفعله في أهل غزة وغيرها. وليس هذا فقط ما يدفعنا لعدم تصديق صور هؤلاء الناشطين المدّعين من اليهود والنصاري القادمين من الغرب ؛ إنما قول الله عز وجل في محكم آياته: ( ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم. قل إن هدي الله هو الهدي ولئن اتبعت أهواءهم بعد الذي جاءك من العلم ما لك من الله من ولي ولانصير ) البقرة «122»، أي إنهم لن يرضوا عنا أبدًا، لا هؤلاء الناشطين ولا شعوبهم ولا قادتهم ؛ حتي لو تذللنا إليهم، ووضعنا رقابنا تحت نعالهم، وتوددنا إليهم شعوبا أوحكاما، حتي لو رأوا بأعينهم كيف يحصد الموت علي أيدي مواليهم أرواح أطفالنا ونسائنا وشبابنا وشيوخنا ! هل نصدقهم ونكذب كلام الله ؟ أوليست أمريكا ومن ورائها دول الغرب يقدمون السلاح والمال لزبانية الموت في إسرائيل كي يتموا مهمتهم التي بدأوها منذ زمن بعيد ( إبادة المسلمين ) ؟ والله سبحانه وتعالي يحذرنا كمسلمين من أن ننخدع بما يحاولون أن يخدعونا به من التظاهر بأنهم يهتمون بنا ويتألمون لآلامنا، ويحزنون لما أصابنا ويصيبنا، فنميل إليهم ونصدقهم ونرغب في اتخاذهم أصدقاء لنا، إن الله عز وجل قد أظهر لنا حقيقتهم ؛ فهم لن يرضوا عنا أبدًا ولن يحبونا أبدًا إلا إذا اتبعنا ملتهم وتركنا ديننا، فماذا نحن فاعلون بعد هذا التهديد الإلهي المفزع، والوعيد الرهيب، بأنه عز وجل لن ينصرنا أبدًا ولن يكون وليًا لنا لا في الدنيا ولا في الآخرة، إن نحن لنّا لهم واتبعنا ملتهم كي نحظي برضاهم، وقد يقول قائل: أليس فيهم من قد يكون صادقًا في مشاعره وإحساسه بالألم أو الشفقة تجاه ماحدث وما يحدث للمسلمين في غزة وفلسطين، وفي العراق وأفغانستان والبوسنة وكوسوفا، وفي كل مكان يوجد فيه مسلمون ؟ إن الإجابة الوحيدة التي لا يجب أن ننساها أو نغفل عنها هي مدلول كلمات الله عز وجل أن اليهود والنصاري لم ولن يرضوا عنا أبدًا ما لم نترك ديننا ونتبع دينهم، ( ومن أصدق من الله قيلا )- النساء «122»؟ ويجب أن يكون الله ورسوله «صلي الله عليه وسلم» أحب إلينا من أنفسنا وأبنائنا، والأجدر بنا كمسلمين أن نصدّق ونتبع كتاب الله عز وجل عن كل ماعداه ، ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر، إننا إن فعلنا ذلك وآمنا وصدقنا، سيحقق الله وعده لنا بأن يكون وليّنا وناصرنا بإذن الله، والله من وراء القصد.