الأنبا غبريال يشهد ختام مؤتمر شباب إيبارشية بني سويف    الرسل القديسين    مجلس الوزراء يتابع سير العمل بمشروعات ملوي الجديدة    «تواجد المدير فقط».. محافظ القليوبية يحيل العاملين بمستشفى الخصوص للتحقيق (تفاصيل)    "الصحة": انتهاء البرنامج التدريبي في الحوكمة الصحية بالتعاون مع كلية "ثاندر بيردا" الأمريكية    كيف نجحت مبادرة "ابدأ" فى تعزيز الشراكات مع كبار المصنعين؟    بلدية غزة: إسرائيل تعمدت جعل المدينة غير قابلة للحياة    جيش الاحتلال ينشر الحواجز وينتشر في القدس تزامنا مع صلاة الجمعة (فيديو)    كولر يطلب تقريرا طبيا عن موعد عودة السولية من الإصابة    والد لامين يامال: توقعت أن يكون نجلي أحد نجوم كرة القدم منذ ولادته    الأمن الاقتصادي يضبط 13 ألفا و833 قضية متنوعة خلال 24 ساعة    كريم فهمي يكشف تفاصيل استئناف تصوير مسلسل 220 يوم    إزالة 71 حالة تعدٍ ببني سويف.. صور    زراعة 400 شتلة بشوارع وميادين الأقصر ضمن مبادرة «100 مليون شجرة» (صور)    وزير الإسكان: تسليم 50 عمارة بمشروع سكن مصر بالمنصورة الجديدة 4 أغسطس    ما أهمية إدراج توصيات الحوار الوطنى ببرنامج الحكومة؟.. رئيس الجيل الديمقراطى يُجيب    تنسيق الجامعات.. "حلوان الأهلية" تعلن تفاصيل برنامج "المختبرات الطبية" بكلية تكنولوجيا العلوم الصحية التطبيقية    ستارمر يسمح لأوكرانيا باستهداف روسيا بأسلحة بريطانية وتحذيرات من انتقام الكرملين    إعلام عبري: إطلاق صاروخ على رأس الناقورة    وزير التعليم يعقد اجتماعا مع قيادات محافظة المنيا ويتفقد المدارس    شيخ الأزهر: مستعدون لاستقبال فتيات إندونيسيا اللاتي أجبرن على ترك تعليمهن لاستكمال دراستهن بالأزهر    اللجنة الخاصة ببرنامج الحكومة تواصل اجتماعاتها مع الوزراء اليوم    كلمة رئيس الوزراء أمام منتدى العمل العالمي في بكين.. فيديو    هل يجوز صيام عاشوراء في يومٍ واحد.. وما أجره عند الله؟    فضائل يوم الجمعة وأحكامه في الإسلام    محافظ أسيوط يزور مستشفى حميات الشامية في الثالثة فجرًا لمتابعة انتظام العمل    وزير الخارجية يتوجه إلى جيبوتي ومقديشو على أولى رحلات شركة مصر للطيران    الخارجية الصينية تحث إسرائيل على وقف عملياتها العسكرية بغزة وحماية المدنيين    أحمد سعد وإليسا يطرحان ديو «حظي من السما»    بايدن بعد قمة الناتو: سأحافظ على قوة الحلف    سفير مصر فى بلجراد: العلاقات المصرية الصربية تشهد زخما سياسيا واقتصاديا وثقافيا    فرد أمن ينتحر بإلقاء نفسه من الطابق ال12 بمصر    «الصحة» تختتم فعاليات تدريب الدفعة الثانية من المنسقين الإعلاميين العاملين بمديريات الشئون الصحية    أولمبياد باريس.. استعدادات «فراعنة الأولمبي» قبل خوض غمار المنافسات    تفاصيل زيارة وزير التعليم لمحافظة المنيا (صور)    جثته متفحمة.. تحديد هوية ضحية سيارة الصحراوي المشتعلة    مصرع سائق تريلا تفحمت سيارته على الطريق الصحراوي جنوب الجيزة    خلال 24 ساعة.. ضبط 14 طن دقيق مدعم داخل المخابز السياحية    أوربان يلتقي مع ترامب في محادثات "مهمة السلام" في فلوريدا    انطلاق القوافل العلاجية الشهرية اليوم لمبادرة حياة كريمة بقرى ومدن البحر الأحمر    والدها كشف الغموض.. سيدة تنهي حياتها بمبيد حشري في سوهاج    بالأسماء، إصابة 4 أشخاص في تصادم سيارتين بالعريش    رئيسا شركة وجهاز "العاصمة الإدارية" يشهدان اصطفاف معدات وعناصر شركات النظافة والصيانة بالحي السكني الثالث    ماذا قالت يسرا ل أحمد عز بعد انتهاء عروض مسرحية ملك والشاطر في الرياض؟    ضبط تشكيل عصابي بحوزته كمية كبيرة من المخدرات والشابو والهيروين بالأقصر    أطعمة تساعد على تخفيض مستوى ضغط الدم المرتفع.. تعرف عليها    رضا المصريين.. شوبير وتخفيف الأحمال وعمال العلمين    موضوع خطبة الجمعة اليوم.. «لا تحزن إن الله معنا»    عمرو عرفة: عادل إمام بخير وعلى تواصل به دائماً    «معندناش اتحاد كرة».. تحرك جديد من المقاولون العرب بشأن مباراة بيراميدز    عاجل.. رضا عبد العال ينتقد جوميز بعد مباراة الزمالك وطلائع الجيش    أمير عزمي: الزمالك يلعب دون ضغوط.. وهذا الثنائي يعجبني    جنة عليوة تكشف أسباب تعدي شهد سعيد عليها أثناء السباق    نجم الزمالك السابق: «زعلان» من مصطفى شلبي.. وهذا اللاعب خليفة الونش    غدًا.. صالون نفرتيتي الثقافي يستضيف الدماطي في حوار مفتوح عن المرأة    لطلاب ثالثة ثانوية عامة 2024.. مراجعة ليلة امتحان في مادة الفلسفة والمنطق| منصة امتحانات مصر - egyxam    بينهم «رفعت» و«عبدالحكم».. قراء التلاوات المجودة بإذاعة القرآن الكريم اليوم    تعرف على توقّعات برج الميزان اليوم 12 يوليو 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خواطر حول الموقف التركي
نشر في الدستور الأصلي يوم 06 - 06 - 2010

الموقف التركي الصلب في مواجهة إسرائيل، لم يبدأ مع الهجوم الذي شنته الدولة العنصرية علي قافلة الحرية، وإنما خلال السنوات الماضية شهدنا مواقف أخري مماثلة من أهمها الموقف التركي خلال العدوان علي غزة، وإدانة تركيا العديد من الممارسات الإسرائيلية . وقد تنوعت التفسيرات لهذا الموقف الصلب بين من يقول إن تركيا تريد إحياء الخلافة العثمانية وأطلقوا علي سياستها الإقليمية مسمي «العثمانية الجديدة»، وبين قائل إنها تسعي إلي دور إقليمي مركزي في منطقة الشرق الأوسط، ولكن غاب أمر غاية في الأهمية عن التفسيرات والتحليلات التي أطلقها المحللون لهذا الموقف التركي، وهو المتعلق بالحكومة التركية التي تتخذه، وتمسكها به علي الرغم من إدراكها أن هناك قوي داخلية لا توافق عليه وأخري خارجية تعارضه وأنه يمكن أن يقضي علي آمال تركيا في أن تصبح عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي.
وهذا الأمر هو أن الحكومة التركية جاءت إلي الحكم بواسطة انتخابات تعددية ديمقراطية، وأنها تسيطر علي أغلبية كاسحة من مقاعد البرلمان، وأن جميع استطلاعات الرأي تؤكد تأييد أغلبية الشعب التركي لأداء هذه الحكومة، وبالتالي فإن من يلوم حكامنا العرب علي ضعف موقفهم وتخاذله عليه أن يسائل نفسه: أي منهم جاء إلي الحكم بواسطة انتخابات حرة ونزيهة وتعددية؟ وأي منهم يحظي بدعم أغلبية شعبة بأدائه؟، والإجابة عن هذين السؤالين كفيلة بأن توضح أسباب الموقف المتخاذل لمعظم حكامنا، وأنهم في سياساتهم يؤدون المطلوب من القوي الخارجية التي تدعمهم وتسند عروشهم أو كراسيهم .
وإذا أجرينا استفتاء للشعب التركي حول الموقف مما فعلته إسرائيل، سنجد أن النتائج لا تختلف عن موقف الحكومة، وهو ما يعني أن الحكومة التركية تتخذ ما يريده الشعب التركي من إجراءات أو قرارات، ولو كان الموقف غير ذلك لخرجت المظاهرات في شوارع المدن التركية تندد بما تتخذه الحكومة من قرارات، وهو ما حدث في أكثر من موقف إزاء قرارات لنفس الحكومة، ذلك أن القانون التركي يكفل للمواطنين حق التظاهر . وهذه الديمقراطية تخلق توافقا بين رأي الشعب ورأي حكومته.
علي عكس ذلك نجد دائماً أن هناك فجوة بين مواقف الشعوب ومواقف الحكومات في دولنا العربية، ويرجع ذلك إلي غياب الديمقراطية، وعدم مساءلة الشعوب للحكام، وعدم اتخاذ الحكام أي قرارات شعبية، وتسعي قراراتهم إلي تحقيق هدفين، الأول: تحقيق المصالح الذاتية، والثاني: إرضاء القوي الغربية التي تدعم حكمهم . وبالتالي فإن المطلوب منا ليس حث الحكام علي اتخاذ القرارات التي ترضينا، لأننا بذلك نطالبهم بما لا يقدرون عليه، وإنما المطلوب أن نسعي لإزاحتهم عن كراسيهم، وأن نجاهد من أجل تأسيس الديمقراطية الحقيقية في بلادنا.
لقد كانت النتيجة الأساسية التي تمخضت عنها نكبة فلسطين عام 1947 هي أن إزاحة الحكام العرب عن مقاعدهم هي الخطوة الأولي لتحرير فلسطين، وكانت حركة ضباط الجيش في يوليو 1952 هي أولي خطوات تنفيذ هذه الرؤية، وأعتقد أننا الآن وصلنا إلي النتيجة نفسها، وهي أن خروجنا من حالة الهوان الذي نعيش فيها تتطلب أن يقرر الناس مصيرهم بأنفسهم، وذلك عبر حركات للمطالبة بالتغيير وإقرار الديمقراطية، وألا نعول مرة أخري علي قوي الاستبداد الراهنة التي لا تقيم اي وزن لرأي الشعوب.
لقد اتخذت تركيا مواقف متعددة صادمة للغرب وواجهت إسرائيل في أكثر من معترك دولي ولم يشكك أحد في هذه المواقف ولم يتهزأ بها أي مسئول غربي أو إسرائيلي لأنهم يدركون أن هذه المواقف شعبية وليست للتسجيل فقط كما يحدث لدينا في العالم العربي.
لقد دخلت تركيا إلي قلب الصراع العربي الإسرائيلي بعد اعتداء إسرائيل علي قافلة الحرية ومن يتابع سيلاحظ ما يمكن اعتباره تحولا ًنوعياً في الموقف التركي من هذا الصراع منذ بدايته وحتي الآن . فحتي في ظل تولي حزب العدالة والتنمية مقاليد السلطة، فقد كان يسعي لان يلعب دور الوسيط بين حماس وإسرائيل تارة، وبين الأخيرة وسوريا تارة أخري، وأحد شروط القيام بهذا الدور هو الحياد بين الطرفين وهو ما كانت تركيا تنفذه بصورة واضحة، وكانت تركيا في ظل حكم هذا الحزب ذي الأصول الإسلامية تري أن التعاون مع إسرائيل في العديد من المجالات وفي مقدمتها المجالات العسكرية تعطي لها الفرصة لكي تقوم بالدور المتمثل في التقريب في وجهات النظر بين العرب وإسرائيل، ولكن جاءت تطورات أزمة قافلة الحرية وما تبعها من مواقف تركية تمثلت في التصريحات التي صدرت عن أركان الحكومة، وإلغاء التدريبات العسكرية المشتركة بين تركيا وإسرائيل، لتؤكد أن تحولاً نوعياً طرأ علي الموقف التركي فيما يتعلق بمجمل الصراع العربي -الإسرائيلي.
فهل يستفيد العرب من هذه الخطوة التركية ومن الظرف السانح الذي وفرته لهم إسرائيل؟ بالطبع هناك من يري أن الاستفادة تكون عبر تنفيذ مشروع السيد عمرو موسي الخاص بدول الجوار الجغرافي، أي أن نربطها معنا في إطار نظام إقليمي مشترك ولكن الأمر المهم هو كيف نجعل تركيا تتمسك بهذه المواقف سواء بقي حزب العدالة والتنمية في الحكم أم رحل ؟. وهو ما يعني أن نربط تركيا معنا بمصالح اقتصادية وليس بأنظمة إقليمية . فهل يعلن العرب أن لتركيا الأولوية في أي استثمارات عربية خارجية، وهل يعمل العرب علي تأسيس مشروعات مشتركة معها، بدلا من شراء أسهم بمليارات الدولارات في شركات تتعامل مع إسرائيل وتساهم في بناء مستوطناتها مثلما تساهم قطر حاليا في إحدي الشركات الفرنسية وكما تفعل غيرها من الدول العربية التي ركزت استثماراتها في الآونة الأخيرة في شراء أندية كرة القدم العالمية؟!.
لقد كشفت أحداث قافلة الحرية عن أن صورة إسرائيل في العالم تراجعت، وأن المجتمع المدني العالمي استطاع أن ينهي الأسطورة التي بنت عليها تعاطف الغرب معها، ولكن هذا الأمر ليس ثابتاً ولا دائماً وإنما هو مؤقت يرتبط استمراره بخطوات عربية، منها أن تتحول الدول العربية إلي الديمقراطية وأن تعطي المزيد من الحرية لقوي المجتمع المدني، ولكنها ستكون فرصة ضائعة كغيرها من الفرص التي ضاعت من قبل، لأن الحكام غير جادين في أي شيء، وهو ما يعيدنا مرة أخري إلي القول إن إزاحتهم عن السلطة هو الطريق إلي حياة كريمة وإلي تحرير فلسطين وغيرهما من المطالب التي تعيد إلي الإنسان العربي كرامته.
وهنا لابد أن نشير إلي أن التغيير ليس مستحيلا، فهناك من يري أن التغيير يحتاج إلي أجيال، ولكن علي من يقول ذلك عليه أن يقارن بين تركيا في تسعينيات القرن الماضي والآن، فقد تغيرت أوضاعها بصورة جذرية في أقل من 15 عاماً، وكل ذلك قبل أن تبدأ ثورة الاتصالات الراهنة، بما يعني أننا نحتاج إلي زمن أقل من ذلك لكي نحقق حلمنا في التغيير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.