مجلس الوزراء اكتفى بإصدار بيان مقتضب حول آخر ما انتهت إليه المفاوضات مع إثيوبيا بشأن سد النهضة، بعد زيارة وزير الرى الأخيرة لأديس أبابا، حيث جاء نص البيان متناقضًا مع التصريحات التى أدلى بها وزير الرى الدكتور محمد عبد المطلب نفسه، التى أعلن فيها فشل المفاوضات مع الجانب الإثيوبى، ورفضهم كل المطالب المصرية. بيان مجلس الوزراء أكد استمرار الحوار، ولم يعلن من قريب أو من بعيد عن مسألة فشل المفاوضات، إذ قال إن «وزير الرى عرض نتائج المباحثات التى أجراها مع الجانب الإثيوبى فى أديس أبابا مؤخرًا، وفى هذا الصدد يؤكد مجلس الوزراء أهمية الحوار لتسوية النقاط العالقة، بما يحافظ على مصالح مصر المائية، ويكفل تحقيق المنفعة المشتركة لشعوب دول الحوض، وتم التأكيد خلال الاجتماع على أن نجاح التعاون يتطلب توافر الإرادة السياسية لدى كل الأطراف، للوصول إلى حلول يتوافق عليها الجميع، وهو ما تتطلع مصر لتحقيقه».
التصريحات التى كانت قد صدرت عن وزير الرى وتم نشرها على وكالة الأنباء المصرية الرسمية قالت على لسانه إن «الجانب الإثيوبى رفض أى حلول وسط بما يحقق المنفعة المشتركة لدول حول النيل»، مؤكدا أن المباحثات المصرية مع إثيوبيا بشأن سد النهضة فشلت فى الوصول إلى حل بسبب تعنت الجانب الإثيوبى وعدم الاستجابة للمطالب المصرية، وكانت هذه الزيارة التى قام بها وزير الرى بناءً على دعوة وجهها له وزير المياه والرى والطاقة الإثيوبى أليمايهو تيجينو، لاستكمال المباحثات.
الاختلاف والتناقض بين تصريحات وزير الرى وبيان مجلس الوزراء تكرر من قبل بعد الجولة الثالثة للمباحثات بين وزراء الموارد المائية والرى للدول الثلاث «مصر وإثيوبيا والسودان»، التى انعقدت فى الخرطوم منذ حوالى شهر ونصف الشهر، حيث أعلن وزير الرى أيضًا فشل المباحثات، لكن رئيس الوزراء الدكتور حازم الببلاوى أكد بعدها أن الحوار مستمر، موضحًا وقتها أن فشل جولة من المفاوضات لا يعنى فشل المفاوضات كلها، بل كان الببلاوى فى كل تصريحاته يشدد على أن مصر ليست ضد بناء دول حوض النيل لمشروعات تنموية تستفيد منها.
فى السياق ذاته، أشارت مساعد وزير الخارجية السابقة السفيرة منى عمر إلى أن وزير الرى ربما فى إعلانه فشل المفاوضات يريد أن يعلم الرأى العام أن الأمور ليست سهلة، وتوجد عقبات فى المفاوضات، لكن فى كل الأحوال فإن الحوار هو الطريق الوحيد لمواجهة هذه الأزمة، ولا سبيل غيره، بل وما زالت هناك فرصة، وتوقعت عمر أن طبيعة المفاوضات سوف تشهد تغييرًا كبيرًا مع تولى رئيس جديد للبلاد، قائلة «إن الأمر سوف يستمر دون شك حتى قدوم الرئيس الجديد، ولن ينتهى خلال فترة الحكومة الحالية، لأنه من الواضح أن هناك موضوعات كثيرة لم يتم التطرق إليها، وما تم التطرق إليه ما زال عالقًا ولم يتم حله».
عمر قالت إن الحكومة الحالية عليها أن تلجأ إلى البحث عن بدائل بصرف النظر عن مفاوضات سد النهضة القائمة حاليًّا، وتلك البدائل لضمان توفير المياه، لأننا بالفعل وصلنا إلى ما تحت خط الفقر المائى حتى مع ثبات حصتنا من مياه النيل، وعليه فنحن أمام أزمة بالفعل حتى بصرف النظر عن سد النهضة ومفاوضاته، ولا بد من البحث عن مصادر أخرى سواء البحث عن تحلية مياه أو مصادر المياه الجوفية أو وضع ضوابط لحسن إدارة استهلاك المياه وغيرها.