بعد طول صمت تم فتح التحقيق في موضوع رشوة المرسيدس التي كشفتها الجهات القضائية الأمريكية، ويعلم الله كم من الوقت سينقضي قبل أن نعرف من الحرامي الذي باع مصر ومصالحها مقابل رشوة حصل عليها من الألمان.؟! لكن اللافت للنظر هو ما صرح به أكثر من مصدر قانوني وتجاري بالولايات المتحدة من أن الجانب الأمريكي لن يقدم أي معلومات عن التحقيقات والأسماء إلا بناء علي طلب رسمي من الجهات الرسمية المصرية. ومن المعلوم أن طلباً كهذا لم يتم التقدم به حتي الآن. والحقيقة أن هذه القضية ليست الأولي التي يكون فيها المجرم في متناول أيدينا شريطة أن تتكرم الحكومة وتطلب العون من الجهات الأجنبية، ولعلنا نتذكر قضية ممدوح إسماعيل الهارب من حكم بالسجن 7 سنوات بعد أن تم تقديمه لمحكمة الجنح نتيجة قتله 1033 مواطناً مصرياً وإغراقهم في قاع اليم!..حتي هذا الحكم الحنون لم نستطع تنفيذه لأن من قاموا بتهريبه يراهنون علي الزمن وينتظرون أن يسقط الحكم بالتقادم وينعدم أثره. وللآن مازال تصريح السفير البريطاني الذي أدلي به ونشرته الصحف يوم 19 مارس 2009 يرن في أذني عندما أعلن أن لندن لم تتلق أي طلب من السلطات المصرية بشأن رجل الأعمال ممدوح إسماعيل المحكوم عليه بالسجن 7 سنوات في قضية غرق العبارة «السلام 98» ويومها أوضح السفير البريطاني في تصريحه أن من حق القاهرة أن تفعل ما تشاء بشأن طلب تسليمه، وأضاف بصريح العبارة:يعود للسلطات المصرية أن تقدم طلباً للحكومة البريطانية بشأن تسليم ممدوح إسماعيل وفي حال تقديم مثل هذا الطلب ستتم دراسته.. وأردف السفير البريطاني علي الملأ وكأنه يناشد الحكومة أن تفعل شيئاً: «علي أي حال هذا يعتمد علي الوثائق التي ستتقدم بها الحكومة المصرية، وإلي أن نري هذه المستندات لا أستطيع أن أتنبأ بأي رد فعل». وحول صعوبة القبض علي الأشخاص المطلوبين لبلادهم في حالة وجودهم في المملكة المتحدة كان السفير حازماً وهو يقول: «أريد أن أوضح شيئاً واحداً وهو أننا لم نجتذب ممدوح إسماعيل للمجيء إلينا..السلطات المصرية هي التي سمحت له بالسفر وكان بالإمكان منعه من مغادرة البلاد، وهم قادرون تماماً علي منع دخول أو خروج من لا يرغبون فيه. هذا كلام السادة المسئولين في بريطانيا وفي أمريكا سواء في قضية رشوة المرسيدس أو في قضية العبّارة «السلام 98». الجميع مستعدون للتعاون معنا ومستعدون لتسليمنا من قتلونا وسرقونا ونهبونا..كل ما علينا أن نفعله هو أن نطلب منهم ذلك..و لو كان طلبي أنا يكفي لصرخت حتي تتشقق حنجرتي وطلبت من الأمريكان اسم الحرامي وطلبت كذلك من الإنجليز تسليمنا المجرم الهارب، لكن المشكلة أن طلبي لن يلتفت إليه، لأن ما يلتفت إليه هو طلب رسمي من الحكومة المصرية التي ما زالت تسوق الدلال ولا تريد أن تضع في سجلها أنها كشفت عن مسئول مرتش باع مصر وقبض الثمن أو أنها قبضت علي قاتل أغرق 1033 روحاً بشرية وهرب إلي بلاد الإكسلانسات.