لم يعُد هناك شك فى أن فشل حكومة الدكتور ببلاوى قد أصبح لا حدود له ، بعد أن إمتد ليشمل كل نواح الحياة فى مصر، ولا أعلم حقيقة ما هو سر صمت السيد الرئيس عدلى منصور ، إزاء هذا الفشل الذى يراه بعينيه ، ويلمسه بيده ، ومع ذلك لا نجده يُحرّك ساكناً ، فبالرغم من كل المناشادات التى طالبته ، ومازالت تطالبه ، بإقالة هذه الحكومة الفاشلة ، نجده لا يُعير لكل ذلك إهتماماً ، أو حتى أدنى قدر من الإهتمام . يبدو أن فيروس عدم الإنصات لصوت الشعب ، ورغباته دائماً ما يصيب المسئول فى هذه البلاد ، فور تربعه على عرش السلطة ، لذا فإننا نرى المسئول قبل حصوله على المنصب ، مهموماً بقضايا الوطن ، وحقوق البسطاء ، ويجعلنا نشعر ، وكأنه أكثر الناس إحساساً بألآم الفقراء ، والمساكين ، وبمجرد جلوسه على كرسى المنصب ، يصيبه ذلك الفيروس اللعين فينقلب حاله تماماً ، فنرى الذى كان بالأمس القريب متواضعاً متراحماً منصتاً للناس ، يصبح بين ليلة ، وضحاها من قاطنى البرج العالى ، فيتعالى على خلق الله ، ويتكبر عليهم ، وإن تعطف ، ونظر إليهم ، كانت نظرته نظرة المن ، والأذى .
وهذا يتضح جلياً من كثرة ما ناشدت به المسئولين ، على كافة المستويات لكن دون جدوى ، إلى أن تقع الواقعة فيستجيب المسئول عند ذلك فقط ، لكنها كالعادة تكن إستجابة متأخرة لا جدوى منها .. فقد خربت مالطة .
وحقيقة لا أجد الرئيس عدلى منصور ، يختلف من قريب ، أو بعيد فى تلك النقطة ، عن أغلبية حائزى السلطة فى مصر على مر العصور ، فكم ناشدته ، وناشده كثير غيرى ممن ينقلون بصدق ، وأمانة ما يشعر ، ويطالب به المواطن المصرى ، وهو ضرورة إقالة هذه الحكومة الفاشلة ، والتى ثبت فشلها التام فى إدارة شئون البلاد ، اللهم إلا بعض الجهات القليلة جداً ، هى التى تعمل بكفاءة ، نظراً لكفائة المسئولين عنها ، لا لكفائة الحكومة .
فحتى القضاء المصرى ، والذى كان فى يوم من الأيام ، مضرب الأمثال ، لم يسلم من أن يطاله فشل هذه الحكومة ، وهو ما جعله يفقد كثيراً من مصداقيته لدى الشعب المصرى ، بعد أن إنتشرت ظاهرة تنحى القضاة ، عن نظر قضايا جماعة الشر ، والإرهاب ، والضلال الحائزة عن جدارة على لقب ، جماعة إخوان صهيون .
لقد ذكرت من قبل أن الشعب المصرى ، لن يتسامح فى حقوق أبنائه من الشهداء ، والمصابين الذين طالتهم يد الغدر والخيانة بل ، ولن يهدأ هذا الشعب ، حتى يرى بنفسه القصاص العادل ، فى كل من تلوثت يده بدماء المصريين .
فماذا تنتظروا من شعب ، يرى دماء أبنائه تذهب هدراً بلا قصاص ؟
وما الذى حدث لقضاة مصر الشوامخ ؟
وما السبب وراء تنحى الكثير منهم ، عن نظر تلك القضايا تحت مسمى إستشعار الحرج ؟
ومنذ متى يخشى قضاة مصر العظام قول الحق ، وإقرار العدل ؟
فإذا كان المواطن يتحمل بصبر بطء التقاضى ، وإفتقاد العدالة الناجزة فى القضايا الأخرى ، فإنه لن يستطيع صبراً على تحمل ذلك فى قضايا جماعات الشر ، الإرهاب ، ولهذا طالبت مراراً ، وتكراراً بضرورة وجود محكمة منفصلة خاصة لنظر كل القضايا الخاصة ، بالثورة المصرية بجناحيها 25 يناير ، 30 يونيو لكن كالعادة لا حياة لمن تُنادى .
سيخرج علينا صوت من حكومتنا المبجلة ، ليقول لنا أن قانون الإجراءات الجنائية ، يُعطى الحق لأى قاض ، بالتنحى عن نظر أى قضية ، تُنظر أمامه دون إبداء الأسباب .
وسيكون ردى على هذا الصوت بسؤال ، وهو لماذا لا تُعدل الحكومة تلك الجزئية ، من قانون الإجراءات الجنائية بكلمتين .. " لا يجوز "
وعلى هذا تكون تلك الجزئية كالتالى : لا يجوز لأى قاض التنحى عن نظر أى قضية تُنظر أمامه ، إلا بعد إبداء أسباب ذلك التنحى ، على أن تكون تلك الأسباب أسباباً قهرية يستحيل معها نظر القضية .
فلماذا عجزت الحكومة ، عن حل هذه المشكلة بالرغم من سهولتها ؟
لا جديد .. إنه الفشل المعتاد ..
إنه البرج العالى الذى تعيش فيه الحكومة ، بمنأى عن شعب مصر ، وهو ما يجعلها لا تشعر بألآم الناس ، ولا تعرف ما يَقُض مضاجعهم .
سيقول آخر بأن الخوف ، قد تملّك بعض القضاة سواء على أنفسهم ، أو على أسرهم ، وهذا فى الحقيقة رأى جدير بالإحترام ، ولكن منذ متى يخشى قضاة مصر الشرفاء ، قول الحق ؟
ولو سلمنا بمنطق أن الخوف على أنفسهم ، وعلى ذويهم قد تملكهم ، وهو أمر بطبيعة الحال مشروع ، ولا خلاف عليه ، فلماذا لم توفر الحكومة الحماية الكاملة للسادة القضاة ؟
لماذا لا تؤمنهم ، وتؤمن أسرهم ؟
ولماذا يسير كل وزير بموكب مهيب ، وبرفقة حراسة مشددة ولا يحدث ذلك مع القضاة ، المعرضين للضغط ، والتهديد ؟ وهم الأولى من أى وزير بذلك ، فالقاض هو ميزان العدل ، وسيفه على الجميع بلا إستثناء ، وهو حصن الأمان لكل إنسان ، وهو عنوان الأمل فى غدٍ أفضل .
فلا إرتقاء بغير عدل ..
ولا إستقرار بغير حق ..
ولهذا فالقاض هو الأعظم قدراً ، والأعلى منزلة من أى وزير ، أو أى مسئول ، وهو الأولى بتوفير الحماية الكاملة له ، ولأسرته عن غيره . فكيف يقضى القاض بحكم ، وهو يعلم أن حياته ، وحياة أبنائه مهددة برصاص الغدر ، والخيانة فى أى لحظة .
إذن المشكلة يا سادة ، ليست فى السادة القضاة ..
بل فى فشل ، وعجز حكومة ، لا تعرف كيف تُدير شئون الدولة ، وهذا يَعُد بنا إلى نقطة الصفر مجدداً ، وإلى الحقيقة التى لم تَعُد تقبل أى شك ، وهى أننا أمام حكومة فاشلة عاجزة .
حكومة تعجز حتى عن توفير الحماية الكاملة لقاض .
وكالعادة لن تتحرك حكومتنا المبجلة لحل هذه المشكلة ، إلا عن طريق واحد ، وهو الطريق الذى لم ، ولن تعرف غيره ..
وهو طريق الإستيراد ..
ولذا فلا تتعجب عزيزى القاريء ، حينما تقرأ خبراً فى يوم من الأيام ، مفاده أن ..