فشلت لجنة الخمسين لكتابة دستور جديد للبلاد فى الاتفاق على نظام انتخابى أمثل للبرلمان القادم.
كان واضحا منذ البداية أن هناك خلافات داخل اللجنة، فهناك من يرى أن الانتخابات يجب أن تكون بالقائمة، ويتزعم هذا الاتجاه رؤساء أحزاب داخل اللجنة من بينهم من يرى أن حزبه يستطيع أن يحصل على أغلبية ليتمكن من تشكيل الحكومة والحصول على المميزات الجديدة التى أقرّها الدستور لرئيس الحكومة.. هكذا يُخيَّل إليه، ويسعى إلى ذلك، ومن أجل ذلك وغيره يقاوم بشدة النظام الفردى.
وهناك فريق ثان يرى أن الأنسب النظام الفردى فى تلك المرحلة، خصوصا أنه تمت تجربة نظام القائمة فى انتخابات مجلس شعب الإخوان، فكان فاشلا ولا يعبر حقيقةَ عن الاختيارات السياسية.
فضلا عن أن الأحزاب القائمة ما زالت ضعيفة، فهناك أحزاب تشكلت بعد ثورة 25 يناير وتحاول أن توجد على الساحة حتى الآن، وليس لها رصيد شعبى، وهناك أحزاب قديمة فقدت أى وجود لها، ولم تستطع التغيير، بل هناك من الأحزاب مَن لا يزال يحتفظ بقياداته التى كانت فى حظيرة نظام مبارك الاستبدادى وقدمت الولاء له مقابل مصالح شخصية فضلا عن الدخول فى شراكة مع الدولة الأمنية، كما قدم الولاء والطاعة لنظام الإخوان وسعى لأن يكون «عرَّابًا» بين القوى الوطنية ونظام الحكم، بل إن القيادى الحزبى الطامح فى المرحلة المقبلة على حساب الشعب والدستور كان الوحيد من قيادات الأحزاب الذى ذهب إلى محمد مرسى فى قصر الرئاسة لمحاولة وصل انقطاع القوى الوطنية مع الإخوان وفى وقت كانت الجماهير فيه تطالب بعزل محمد مرسى والتخلص من حكمهم الاستبدادى الفاشى.
وهناك فريق ثالث لا يريد أن يغضب ذاك ولا ذلك ويريد توفيق الاثنين فيجعل النظام الانتخابى مختلطا (كما جعل نظام الحكم مختلطا شبه رئاسى، فلا هو رئاسى ولا هو برلمانى) ما بين الفردى والقائمة، ليدخلنا مرة أخرى فى متاهات جديدة ولخبطة، حتى ينال رضا الفريقين وهو ما يمكن أن نطلق عليه بسهولة ترقيع النظام الانتخابى لا إصلاحه!
من هنا تدرك أنه ليست هناك مسؤولية حقيقية لدى أعضاء لجنة الخمسين بالنسبة إلى النظام الانتخابى، فلا يتم البحث عن النظام الأمثل لتلك المرحلة، وإنما هناك من يبحث عن مصالح شخصية.
لقد تمت تجربة نظام القوائم سواء فى عهد نظام مبارك الاستبدادى أو فى عهد الإخوان الفاشى، وأثبت فشله تماما، فضلا عن أنه ليست هناك أحزاب على الساحة السياسية.
ولعلكم تذكرون أن الأحداث السياسية التى مرت مصر بها فى ثورتى 25 يناير و30 يونيو لم يكن للأحزاب أى دور فيها، حتى أحزاب جبهة الإنقاذ فى 30 يونيو لم يكن لها أى دور رائد فى الشارع، وإنما كانت تسير خلف الشعب والقوى السياسية والثورية التى كانت تتحرك وسط الناس.. فأين تلك الأحزاب التى يمكن الاعتماد عليها الآن فى الانتقال الديمقراطى؟
إن تلك الأحزاب بقيادتها ستزيد من التراجع.
فهى أحزاب فاشلة فى تشكيلاتها الداخلية.
وأحزاب لم تستطع أن تتغير حتى الآن وما زالت على ما كانت عليه قبل الثورة.
ومن هنا يعتبر نظام الانتخاب الفردى هو الأنسب للبلاد خلال الفترة الحالية، إلى أن يشاء الله أن تتشكل أحزاب قوية أو تستطيع الأحزاب القائمة تطوير نفسها وتكون لها شعبية حقيقية، وليس كما تدعى قياداتها وهمًا!