رغم وجود قرار منذ عام 1979 سوق الشواشنة .. رائحة الماضي وسلع الحاضر مع أطيب الناس تعتبر قرية الشواشنة دليل حي علي أن الصراع السياسي بين العائلات والأفراد غالبا ما يؤثر في القري والمدن التي يقع فيها هذا الصراع وبالتالي يدفع الأهالي وحدهم الثمن. تقع الشواشنة في الجزء الغربي من محافظة الفيوم، لا يفصلها عن بحيرة قارون في الشمال إلا خمسة كيلومترات، يتجاوز عدد سكانها 70 ألف نسمة، وقبل الثورة كان صراع النفوذ بين عائلتي ميزار واللحامي علي أشده، حيث كان منصب العمدة يتبادله العائلتان عبر انتخابات في كثير من الأحيان، حتي بعد قيام الثورة سلكت العائلتان مسلكين مختلفين، فعائلة ميزار تحولت إلي كيان مؤيد للنظام السياسي القائم علي طول الخط بينما أخذت عائلة اللحامي في كثير من الأوقات خط المعارضة، حتي إن كبيرها مصطفي اللحامي انضم للإخوان المسلمين مطلع الخمسينيات من القرن الماضي، وبسبب ذلك تم تهميش الدور السياسي للعائلة في الوقت الذي بدأ نجم عائلة ميزار في التألق، فكان منهم الوزراء والسفراء مثل علي والي الذي تولي وزارة البترول، لكن التألق الأبرز لعائلة ميزار كان بسطوع نجم د. يوسف والي - أمين عام الحزب الوطني ونائب رئيس الوزراء ووزير الزراعة الأسبق - واتسع نفوذ العائلة فصارت لها الكلمة والأمر والنهي في محافظة الفيوم كلها في فترة التسعينيات وأوائل القرن الحالي . في ذلك الوقت بزغ نجم من عائلة اللحامي التفت حوله القرية هو المهندس ياسر اللحامي، ولشعبيته الطاغية اختاره الحزب الوطني ليكون مرشحاً له عن مقعد العمال بدائرة أبشواي بجانب د. يوسف والي في انتخابات مجلس الشعب عام 1995 ونجح الاثنان لكن كان عدد الأصوات التي نالها ياسر اللحامي تفوق بكثير الأصوات التي حصدها والي، وسرعان ما رفض ياسر اللحامي أن يكون تابعاً لوالي فكان له رأيه الخاص في المجلس الذي أحياناً ما كان يخالف رأي والي، وأحس اللحامي بمحاولة تهميشه فقدم استقالته من مجلس الشعب ومن الحزب، وغاب اللحامي عن باقي جلسات الدورة البرلمانية لمجلس الشعب وقتها. كان مجلس الوزراء قد أقر في عام 1979 تحويل قرية الشواشنة إلي مدينة تمهيدًا لتقسيم مركز أبشواي المترامي الأطراف إلي مركزين الأول أبشواي والثاني الشواشنة، وبدأ بناء بعض الإدارات في القرية مثل الإدارة الزراعية، كما بدأ مشروع تحويل نقطة شرطة الشواشنة إلي مركز للشرطة، لكن توقف كل شيء فجأة، خاصة بعد أن اتسع نفوذ الإخوان بها، وبدأ يوسف والي يخطط لحرمان الشواشنة من حلمها في التحول إلي مركز، وبدأ التفكير في أسلوب جديد يضمن به أصوات الناخبين بعيداً عن نفوذ الشواشنة، فقام بإنشاء مركز في وسط الصحراء بالقرب من بحيرة وادي الريان وسط بيوت تعد علي أصابع اليد الواحدة من بيوت الخريجين في الأراضي الصحراوية التي يجري استصلاحها وأسماه مركز «يوسف الصديق»، وقام بتسجيل الآلاف من الخريجين بالمركز ليكونوا أصواتاً انتخابية مضمونة له، لكن الرياح لا تأتي بما تشتهي السفن، فقد كان هذا المركز شاهداً علي أفول نجم والي السياسي إثر فوز النائب الإخواني د. حسن يوسف علي مقعد الفئات، إلي جانب المهندس ياسر اللحامي الذي حارب مع النائب الإخواني حتي أسقطا والي في انتخابات 2005.