رغم المعوقات والقيود التي وضعتها الدولة علي مرشحي الإخوان أثناء تقدمهم بأوراقهم للمشاركة في انتخابات الشوري، كان لافتا أن الأربعة عشر مرشحا إخوانيا الذين تم قبول أوراقهم لا يوجد بينهم مطلقا أي عنصر نسائي، وهو أمر يثير التساؤلات خاصة أن المرأة أو «الأخوات» - حسب المصطلحات الداخلية للجماعة - شاركن بفاعلية لافتة في انتخابات مجلس الشعب الماضية، سواء بالترشح أو بمساندة المرشحين، أو السعي للتصويت بكل قوة، فما الذي حدث؟ مصادر داخل الجماعة أكدت أن قيادات بالإخوان سعوا بالفعل لإقناع عدد من السيدات الإخوانيات للمشاركة في انتخابات الشوري، إلا أن ذلك لم يأت بأي نتيجة، فهل أسباب ذلك هو الخوف من التعرض لاعتداءات من الأجهزة الأمنية؟ وهل جاء ذلك بناء علي ضغوط من رجال الجماعة باعتبار أنهم صرحوا بأن الاعتداء علي سيدات الجماعة هو خط أحمر؟ أم أنه موقف ذاتي من سيدات الجماعة بعدما تم تهميش دورهن في الانتخابات الداخلية للإخوان؟ تعددت الأسباب وعزوف نساء الجماعة واحد عن المشاركة في خوض الانتخابات حيث حاول مكتب الإرشاد خلال الفترة الماضية البحث عن كوادر نسائية ووجوه جديدة بعيدا عن القيادات النسائية التي طرحت وسائل الإعلام أسماءهن، إلا أن جميعهن رفضن المشاركة في الانتخابات وأرجعن رفضهن لعدم وجود ضمانات لإجراء انتخابات نزيهة فما الداعي لتعرضها للانتهاك والمنع دون مقابل، وهو ما أكدته الدكتورة منال أبو الحسن - أستاذ الإعلام - والقيادية بجماعة الإخوان المسلمين - قائلة: «هناك صعوبات في تطبيق الديمقراطية وإتاحة الفرصة أمام مشاركة سياسية حقيقة للرجال والنساء علي السواء، وهو ما يدفع العزوف عن المشاركة.. فهناك سيدات بأسماء معينة تقف وراءهن جهات بعينها من أجل تحسين صورتها لكن نحن نريد أن تتحول شعارات الديمقراطية والنزاهة من قبل النظام إلي أرض الواقع حتي نتمكن من المشاركة». لكن مصادر نسائية أخري داخل الجماعة أرجعت رفضهن المشاركة في انتخابات الشوري لادخار جهودهن للمشاركة في انتخابات مجلس الشعب حيث تقيم الجماعة كورسات مكثفة ودورات تدريبية سياسية يديرها عدد من نواب مجلس الشعب ومرشحات سابقات بالجماعة لتكوين كوتة نسائية للإخوان خلال انتخابات مجلس الشعب. وبدأت فكرة التأهيل السياسي للمرأة عقب انتخابات 2005 خاصة في المدن الكبري وتوقفت عقب انتخابات الشوري 2007 لتعاود نشاطها من جديد نهاية 2009 لتمتد لبعض المحافظات خاصة بعد تغير مسئول قسم الأخوات داخل الجماعة. لكن دخول المرأة الإخوانية العمل السياسي لم يبدأ منذ هذا التاريخ فحسب، وإنما منذ عام 1987، وقتها لم تشارك الأخوات في الانتخابات وإنما كن يعملن في غرفة العمليات، قبل أن تصبح جيهان الحلفاوي - زوجة القيادي السكندري الدكتور ابراهيم الزعفراني - أول مرشحة باسم الإخوان في انتخابات مجلس الشعب التكميلية التي أجريت في 2002، ورغم إخفاق الحلفاوي في الانتخابات فإنها نجحت في كسب تعاطف قطاع كبير من الشارع السكندري. وفي 2005 ترشحت الدكتورة مكارم الديري - زوجة القيادي بالجماعة إبراهيم شرف - في انتخابات مجلس الشعب في دائرة شديدة الصعوبة وهي دائرة مصر الجديدة المعروفة باسم «دائرة الرئيس مبارك»، ونافست الديري بقوة وخاضت جولة إعادة أمام مرشح الحزب الوطني رجل الأعمال المعروف مصطفي السلاب، ورغم الجدل حول نتيجة الانتخابات حينها التي حسمها السلاب لصالحه علي مقعد الفئات فيما نجح مرشح الإخوان علي مقعد العمال فيما يشبه «الترضية» عما حدث مع الديري، فإن تجربتها القوية كانت إشارة علي أن «الأخوات» قادرات علي خوض المنافسة السياسية الشرسة، ومع هذا فإن تجربة سيدات الإخوان كمرشحات في الانتخابات لا تزال محدودة جدا حتي الآن ولا يزيد عدد المشاركات علي عدد أصابع اليد الواحدة. وترجع أميمة عبد اللطيف - الباحثة في معهد كارنيجي - قلة عدد مشاركات الإخوانيات في الانتخابات بسبب الثقافة المحافِظة داخل الجماعة، والمضمون الاجتماعي والسياسي الجائر، معتبرة أن الجماعة تتبع نظاماً أبوياً غير ديمقراطي تماماً مثل النظام الذي تتحداه.لكن تخصيص 64 مقعدًًا للمرأة في مجلس الشعب يجعل جماعة الإخوان المسلمين في مأزق حيث إنها مطالبة بزيادة عدد السيدات المرشحات خلال الانتخابات المقبلة رغم حالة التضييق والمنع المتوقع القيام بها من قبل النظام، ومع هذا برزت عدة أسماء من الوراد أن تقدمهن الجماعة للمنافسة علي كوتة المرأة ومنها د.وفاء مشهور - ابنة مرشد الإخوان الأسبق مصطفي مشهور - والتي تعمل كأستاذة بكلية العلوم جامعة أسيوط ولديها خبرة انتخابية حيث تولت الحملة الانتخابية للدكتور خالد عودة - زميلها في الكلية والقيادة الإخواني في الانتخابات السابقة - كما أنها تكتب بشكل دوري في موقع الإخوان الرسمي في مساحة الاجتماعيات وشئون الأسرة. وكذلك هناك الدكتورة أماني أبو الفضل وهدي عبد المنعم المحامية والأخيرة كانت مسئولة عن الحملة الانتخابية للدكتورة مكارم الديري ولها دور بارز داخل التنظيم، والدكتورة منال أبوالحسن - الأستاذة بجامعة 6 أكتوبر - والدكتورة نفوسة عبدالباسط من نقابة الصيادلة في الإسكندرية، والدكتورة سميحة غريب من نقابة المعلمين.وسماح عبد العاطي والدكتورة أمل خليفة وسحر المصري وغيرهن.وعلي الرغم من هذا فإن هناك من يعتقد بأن عدم مشاركة الإخوانيات في الشوري جاء بسبب تذمرهن من عدم مشاركتهن في الانتخابات الداخلية التي جرت في الجماعة، فإن الدكتورة منال أبو الحسن قالت: «مشاركة المرأة في الانتخابات حق دستوري ووطني بصرف النظر عن انتمائي الفكري»، وتكمل متسائلة «كيف يمكن أن نشارك في مباراة كرة قدم دون أهداف فليس هناك مشاركة سياسية حقيقية، نحن نريد ممارسة سياسية حقيقية حتي لو بها جزء من التزوير علي أن يسمح للجميع بالمشاركة». وحول تفضيل الجماعة النزول بالأخوات في الانتخابات البرلمانية عن الانتخابات التشريعية تقول أبو الحسن «هذا الأمر سابق لآوانه وحتي الآن لا نعرف من سيترشح لمجلس الشعب في الانتخابات المقبلة».