كشفت دراسة ميدانية أجرتها «علية حسين» أستاذ الإنثروبيولوجيا بكلية الآداب جامعة بني سويف حول «أنماط وأسباب ظهور العشوائيات» أن سبب انتشار العشوائيات يرجع إلي عدة أسباب أولها هجرة السكان من الريف إلي المدينة في غياب تام من الحكومات المتعاقبة التي أهملت الريف المصري وخاصة في المحافظات الفقيرة مثل محافظة بني سويف، لافتة إلي أن هذه المشكلة مركبة نتيجة لتداخل ظروف اقتصادية واجتماعية وسياسية فيها. وقالت إن البيانات الرسمية كشفت أن سكان المقابر وحدهم يصلون إلي 5 ملايين و667 ألف مواطن حسب تقرير الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء يسكنون أكثر من 500 منطقة عشوائية علي مستوي الجمهورية، وأضافت: التقرير كشف أيضاً عن حرمان غالبية سكان بني سويف من الخدمات الأساسية كالمسكن الآدمي الذي يحفظ للمواطن كرامته، فضلاً عن عدم وجود خدمة صحية متوافرة وكوب مياه نظيفة. وضربت «الباحثة» مثلاً للمناطق العشوائية ببني سويف، وقالت إن عزب الصفيح وبلبل والأزهري من أهم المناطق العشوائية التي تعد امتداداً للمناطق المحرومة داخل مدينة بني سويف نفسها، ولا تبعد عن ديوان عام المحافظة بأكثر من 300 متر ومساحتها 2121 متراً مربعاً وعدد سكانها 175 ألف مواطن. وأكدت الباحثة أن من دوافع الإقامة بهذه المناطق رخص إيجار المساكن والمعيشة فيها، رغم أن أغلبها عبارة عن أكواخ من الطوب اللبن والأحجار حتي الآن: وقالت إن غالبية النازحين لهذه المناطق قد مضي علي إقامتهم أكثر من 40 إلي 60 عاماً، كاشفة عن أن أغلب هذه الشريحة من غير الملمين بالقراءة والكتابة إلي جانب طبقة الحرفيين والعربجية بنوعيها، إلي جانب عمال اليومية والأرزقية. وأشارت الباحثة في دراستها إلي أن مساكن عزبة الصفيح عبارة عن صفوف متلاصقة لا يفصل بينها أي فراغات وعرض شوارعها لا يتعدي 50.1م، ويغلب عليها طابع الانحناءات والالتواء، وأشهرها منطقة شق التعبان، وبطن الزير، وأم نعناعة. وقالت إن هذه المنازل إما بالخشب أو مادة الإسبستس أو الغاب، موضحة أن المقيمين بهذه المناطق نسبة كبيرة منهم يشتركون في حجرات منفصلة ودورات مياه واحدة ولا يوجد لديهم صرف صحي، حيث يعتمدون علي الخزانات التي يتم نزحها كل شهر، وتفتقد جميعها للخصوصية. ولفتت الباحثة إلي أن من أهم مظاهر التلوث في هذه المناطق عملية طفح الخزانات المستمر ورشح المياه بالشوارع وانتشار أكوام القمامة وانتشار الخرابات التي أصبحت مأوي للمدمنين وتجار الموت، إلي جانب مخلفات المواشي والأغنام والحشرات الضارة والكلاب العقورة. مشيرة إلي انتشار أمراض الحساسية والأنيميا والتهاب الكلي وأمراض الكبد والفشل الكلوي بها والتي أصبحت شائعة وملازمة لسكان هذه المناطق. مشددة علي ضرورة الاهتمام بالمنطقة وتزويدها بالخدمات العامة مثل مياه الشرب والصرف الصحي وتوعية المواطنين بنظافة البيئة وصحة أبنائهم وإعادة تخطيطها علي أسس علمية ووفقاً لكل ما ينص عليه ميثاق حقوق الإنسان.