فى مشهد مؤثر للغاية، وبعد غياب ثلاثة أيام انقطع خلالها عن الذهاب إلى المدرسة كل من أحمد وزياد نجلَى شهيد كرداسة اللواء نبيل فراج، حرص وزير التعليم الدكتور محمود أبو النصر على اصطحابهما بنفسه إلى المدرسة. أبو النصر حرص على تعويض الطفلين عن مشاعر الأبوة التى فقداها مع بداية العام الدراسى الجديد، خصوصا أن الوزير ومنذ علمه بأن للشهيد نجلين صغيرين، انتابته مشاعر الحزن والأسى، خصوصا أنه هو الآخر توفى له طفل صغير، ويعلم معنى الفقدان واليتم. وزير التعليم توجه صباح أمس الثلاثاء وسط حراسته الخاصة إلى منزل الشهيد اللواء نبيل فراج، واصطحب نجلَى الشهيد «أحمد وزياد» داخل سيارته الخاصة وتوجه بهما إلى مقر مدرستهما «نارمر الحديثة للغات» بشارع المساحة، حيث كان فى استقباله بالأحضان محافظ الجيزة الدكتور على عبد الرحمن أمام بوابة المدرسة، كما احتضن المحافظ الطفلين واصطحبهما الوزير والمحافظ برفقة والدتهما إلى داخل مقر المدرسة، حيث حضرا طابور الصباح واطمأن الوزير على انتظام الطفلين فى فصليهما، بينما خصصت الإذاعة المدرسية كلمة الصباح للحديث عن مآثر الشهيد «فراج» الذى ضحى بحياته فى أحداث كرداسة، حيث قال مذيع المدرسة لزياد وأحمد «لن تشعرا باليتم أبدا فكلنا آباء وأمهات لكما»، داعيا التلاميذ إلى معاملة الطالبين كأخين لهم. زياد الطفل الأكبر لشهيد كرداسة فى الصف الثانى الابتدائى، وقد سيطرت عليه علامات الحزن تأثرا بفقدان والده، حيث ظل ماكثا فى مقعده بفصله «pr 1 f» دون أن يضع كتبه وكراريسه أمامه مثل باقى الطلاب، وقال زياد فى تصريح ل«الدستور الأصلي» إنه علم باستشهاد والده من التليفزيون، موضحا أن آخر مرة رأى فيها والده كانت صباح يوم استشهاده، لافتا إلى أن والده حرص فى صباح هذا اليوم على أن يداعبه عابثا بخصلات شعره، وأوضح زياد أنه يتذكر والده فى كل وقت ويدعو له دائما. أحمد الابن الثانى للشهيد سيطرت عليه حالة من الحزن أيضا، وظل ماكثا فى الفصل، ورغم أن المعلمة أجلسته فى المقعد الأول فإنه اختار الصمت، وبعد عناء شديد قال أحمد ل«التحرير» إنه اعتاد على سماع صوت والده الشهيد يوميا قبل ذهابه إلى المدرسة، وإنه كان دائم الهزار والمداعبة معه، وقال حرفيا «أنا بافتكر بابا كل دقيقة لكن مابعرفش اقرأ القرآن، لكن بخلى ماما تقرأ القرآن وادعى له بالرحمة». نضال محمد زكى زوجة شهيد كرداسة، أجهشت فى البكاء، وقالت ل«التحرير» إنها شعرت بالطمأنينة من موقف وخوف وزير التعليم على ابنيها، واصفة إياه بالموقف النبيل من قبل الوزير، موجهة الشكر للوزير والمحافظ على اهتمامهما بابنى الشهيد. وفى أثناء مغادرة وزير التعليم مقر المدرسة استوقفه ولى أمر أحد الطلاب، مطالبا بتوفير أوتوبيس لنقل الطلاب لخط حدائق الأهرام نظرا لمعاناتهم فى الوصول إلى المدرسة، حيث أصدر الوزير أوامره لمديرة المدرسة بتلبية الطلب. وزير التعليم تفقد برفقة المحافظ مدرسة الأورمان الثانوية بنات بالدقى، حيث زار عددا من فصول المدرسة ومعمل العلوم، وأصدر تعليماته لمدير هيئة الأبنية التعليمية ومدير مديرية الجيزة الدكتور على الألفى لدراسة إنشاء مطب صناعى أمام المدرسة لتأمين خروج الفتيات. وفى أثناء مغادرة الوزير المدرسة استوقفته مدرسة تدعى نبيلة عيسى بقولها «أبوس إيديك شوف حل فى تدريس التربية المسيحية، عندنا عجز شديد فى مدرسيها، ومش عايزين مدرسين بالأجر يدرسوا المادة»، فأكد الوزير أنه «سيقابل البابا تواضروس بابا الإسكندرية اليوم الأربعاء، من أجل طلب معونته فى تعديل عدد من كتب التربية المسيحية وكتب الأنشطة الطلابية، خصوصا ما يتعلق بالموسيقى، وأيضا لمعاونته فى توفير من يقومون بتدريس الدين المسيحى للطلاب». على هامش الجولة، قال وزير التعليم إن العام الدراسى مستقر رغم الدعوات التحريضية التى أطلقها البعض لتعطيل الدراسة، مشيرا إلى أن نسبة الحضور الطلابى فى المدارس حتى الآن بلغت 97%، أما فى المعلمين والإداريين فبلغت 100%. أبو النصر كشف عن خطة لبناء 1000 مدرسة جديدة هذا العام بكل المحافظات، موضحا أن الوزارة تحتاج إلى 52 مليار جنيه لتطوير وبناء المدارس خلال السنوات القادمة، موضحا أن دولة الإمارات تبرعت ببناء 100 مدرسة جديدة. الدكتور على عبد الرحمن محافظ الجيزة وجه تعليماته إلى الدكتور على الألفى مدير مديرية الجيزة التعليمية، بضرورة توفير المعلمين المتخصصين لفصل الطلاب ذوى الاحتياجات الخاصة، مشيرا إلى أن المحافظة ستطرح 5 آلاف وظيفة تشمل المعلمين والإداريين وعددا من التخصصات المختلفة التى يحتاج إليها الجهاز الإدارى للمحافظة. محافظ الجيزة أوضح أن هناك عدة تحديات تواجه المحافظة وتسعى لحلها، منها زيادة الكثافات الطلابية بالمدارس التى تصل إلى 100 تلميذ فى الفصل الواحد. من ناحية أخرى، وسط مشاعر من الحزن والأسى، أقام عدد من القيادات الشعبية سرادق عزاء شعبى للشهيد اللواء نبيل فراج فقيد الوطنية المصرية، الذى لقى حتفه فى أثناء عمليات مكافحة الإرهاب بكرداسة، وذلك فى حضور أرملة الشهيد وعدد من الشخصيات العامة والرموز السياسية والإعلامية وعدد كبير من المواطنين. وحضر إلى سرادق العزاء، الذى أقيم مساء أول من أمس فى عابدين، عدد من الشخصيات العامة والسياسية، على رأسهم مفتى الديار المصرية الدكتور شوقى علام، ومحافظ القاهرة الدكتور جلال سعيد، والدكتور محمد غنيم عضو لجنة الخمسين، والإعلامى حمدى قنديل، والناشط السياسى جورج إسحاق. حمدى قنديل رأى أن العزاء الشعبى للواء نبيل فراج، شهيد الواجب الوطنى، هو تأكيد ما أرسته 30 يونيو من عهد جديد بين الشعب والشرطة. وأضاف «حضورنا للعزاء تحية لكل أرواح شهداء الشرطة، ممثلة فى روح الفقيد، بالإضافة إلى الشد على أيدى رجال الشرطة فى مواجهتهم للإرهاب». وأشار إلى أن الجماعات التى تنتهج العنف جميعها إلى زوال، وأن الشعب المصرى سينتصر عليهم، لافتا إلى أن حل جماعة الإخوان صورى، لأن الحل الحقيقى لهذه الجماعة كان على يد الشعب، مشددا على أنهم لن يقدروا على العناد أمام إرادة الشعب.