«كلنا بن لادن.. الجهاد هو الحل.. أنصار طالبان.. وبحاجة إلى دماء» شعارات الجماعة الإرهابية على جدران «طيبة» بعد 4 أيام فقط من اعتصام رابعة تمكنت عناصر إرهابية من السيطرة على مبنى مهجور تابع للشركة المصرية الكويتية يقع فى الجهة الخلفية من طيبة مول، المكان أشبه بمتاهة يسهل الوصول إليه من «15 منفذا» تشكل ممرات سيطر عليها أعضاء حركة حازمون وعناصر تحمل أفكار القاعدة.
طاقم «الدستور الأصلي» أجرى أول تحقيق داخل المقر الذى استخدمته جماعة الإخوان المسلمين فى عمليات العنف الممنهج والذى شهد حفلات تعذيب متنوعة وصلت إلى حد الاستهزاء والسخرية من المشتبه فيهم حيث استخدم الطابق الثالث العلوى لممارسة أشد أنواع التعذيب النفسى والمعنوى من خلال تخصيص غرفة تشرف عليها جهة تحقيق مهمتها تحطيم العمل النفسى للخصوم مثل إجبارهم على استخدام سلم مرسوم على الحائط والصعود عليه وإحضار البلح من نخلة مرسومة وقضاء حوائجهم أيضا على «مبولة» نقشت على الجدار كما يضم الطابق أيضا غرفة لإخفاء الأسلحة والتى تم العثور فيها على أنواع أسلحة مختلفة بعد فض الاعتصام بينما يوجد حمام شهد عمليات التعذيب البدنى، وأكد حارس المبنى أنه تم حبس 7 أشخاص قتل منهم اثنان من شدة التعذيب حسب شهادته.
أما الطابق الثانى فهو المأوى الذى احتضن أعضاء تتطابق أفكارهم مع تنظيم القاعدة فمن خلال جولة تفقدية فى هذا الطابق تشعر أنك فى أفغانستان حيث كتب المسيطرون عليه بعض العبارات مثل «ضد الديمقراطية» «كلنا بن لادن»، «الجهاد هو الحل»، «بحاجة إلى دماء»، «أنصار طالبان»، وعلى الجدران تمت الإشارة إلى وجود خيم خاصة فى الجهة اليمنى والتى انتشرت فيها شعارات مؤيدة لتنظيم القاعدة، وهو ما يؤكد كذب جماعة الإخوان التى روجت لأن اعتصامها سلمى، ولم يكن مسموحا لأحد رفع سلاح.
كل المداخل المؤدية إلى المبنى قام أعضاء تابعون لحركة حازمون بإحكام السيطرة عليها ووزعت أنصارها على 15 ممرا لدرجة أنه لم يكن باستطاعة أى غريب أن يصل إلى المنطقة، بالإضافة إلى تعمد تفتيش الأفراد المخصصين لتأمين المنشآت المجاورة.
1- «بن لادن»..الزعيم الروحى لمعتصمى رابعة
العبارات تثير الدهشة من الحال الذى وصل إليه هذا التيار المتأسلم حيث تحمل هذه العبارات رسائل تؤكد بشاعة هؤلاء الأنصار الذين يعتقدون أن ما كتبوه على الجدران يعطيهم حافزا لتحقيق النصر على الدولة التى وصفوها بالكافرة، ولمن يكتبونها؟ هل لرجال الشرطة أو لرجال القوات المسلحة أو حتى المعارضين لهم فى الفكرة التى أثبتوا فشلهم فى تحقيقها؟ هذه العبارات المنتشرة فى الممرات الخلفية التى كان يسكنها أنصار جماعة الإخوان المسلمين والتابعون لحازم صلاح أبو إسماعيل تدعو إلى الانتقام وتثبت لفاقد البصر أن الاعتصام لم يكن سلميا.
الممرات الخلفية لمول طيبة وسينما رينسانس، والتى يبلغ عددها أكثر من 15 ممرا كتب أنصار الإخوان عليها عبارة «كلنا بن لادن» فى إشارة إلى أسامة بن لادن المؤسس والزعيم السابق لتنظيم القاعدة، ورغم أن بن لادن كان متهما بعدة اتهامات تصل عقوبة أقل تهمة فيهم إلى حبل المشنقة بعد أن ارتكب جرائم ضد الإنسانية بدعوى الجهاد فى سبيل الله فإن أنصار الإخوان اعتبروا أن بن لادن الذى كان يسعى إلى إراقة الدماء وقتل الناس حتى ولو كانوا مسلمين لخلاف فى الفكر، زعيمهم الروحى ومثلهم الأعلى.
2- خطة «حازمون» للجهاد وتقديم الدماء قبل فض رابعة
فيما كانت عبارة «الجهاد هو الحل» هى العبارة الأكثر انتشارا على جدران الممرات والمبانى المحيطة بها، فى إشارة من المعتصمين إلى أن عمليات القتل والإرهاب وترويع المسلمين ستكون هى الحل بعد أن اعتبروا أن هذا هو الجهاد فى سبيل الله ليعلنوا الحرب بالوكالة عن جماعة الإخوان، والتى كانت تعمل طيلة الفترة السابقة على توريطهم واستخدامهم لتتأكد «التحرير» ومن خلال التحقيق أن أنصار أبو إسماعيل وبعض العناصر التى وجدت فى هذه الممرات تابعة لتنظيم القاعدة. إنها العبارة الأسوأ والتى انتشرت على أعمدة الطابق الثانى للممرات، وتحمل معانى خطيرة تؤكد بشاعة هؤلاء المتأسلمين الذين كانوا يتحدثوا عن حرمة الدماء وعن الحب وعن الإنسانية.
3- «I need for blood»
وهى العبارة التى تعنى بالعربية «أنا بحاجة إلى الدماء» لتؤكد أن هؤلاء ما جاؤوا إلا ليقتلوننا باسم الإسلام وباسم الشريعة وكأنهم يستمتعون عندما يشاهدون هذه الدماء.
«أنصار طالبان» هى العبارة التى تمت كتابتها على أكثر من جدار بالدور الثالث للممرات. قيل إن هذه العبارة كتبت خلف الخيام التى كان يجلس فيها بعض العناصر التابعة لتنظيم القاعدة، وحسب شهود العيان فإنهم شاهدوا أكثر من 20 شخصا كانوا ضمن المقيمين داخل الممرات الخلفية لمول طيبة وبالتحديد فى الطابق الثالث الذى كانت به غرف التحقيقات والتعذيب، وكانوا يرتدون ملابس لم نعتد على رؤيتها وربما نشاهدها فقط فى الأفلام التى تحاكى بعض القصص عن حياة الصحراء أو قصص الإرهاب.
4- خبراء نفسيون: الإسلاميون بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسى
أكد عدد من الخبراء النفسيين أن التيار الإسلامى بحاجة إلى إعادة تأهيل نفسى وأن عمليات الإرهاب التى وقعت فى رابعة العدوية ناتجة عن حالة مرضية لدى بعض المتشددين والمعروفة فى علم النفس ب«توحد الضحية مع الجلاد» لافتين النظر إلى أنه كشف النقاب عن غرفة التعذيب النفسى خير برهان على أن مثل هؤلاء ليس بقدرتهم إدارة دولة بطريقة صحيحة.
الدكتور خالد كمال الخبير النفسى قال إن عملية التعذيب النفسى التى كشفت عنها «الدستور الأصلي» هى ضمن حالة معروفة فى علم النفس تسمى «توحّد الضحية مع الجلاد» حيث إن كل إنسان يتعرض لتعذيب بدنى أو نفسى لفترات طويلة فإنه غالبا ينتظر الفرصة المناسبة لكى يعبر عما مر من مشاعر سيئة تجاه الآخرين، وغالبا ما يكون هذا أمر يعبر عنه دون أن يدرى، موضحا فإذا سألت الشخص يقسم إنه لا يقصد الانتقام، وهو صادق ولكن الحقيقة أن الرغبة فى التعذيب والانتقام قد استولت عليه، وهو بدوره يدفعه دفعا نحو السادية حيث التلذذ بتعذيب الآخرين فى محاولة لإظهار قوته الذائفة.
وفسر قائلا «لا يوجد شك أن الإنسان الذى يتعرض للحبس فإن مشاعر الكبت تأثر على تصرفاته فتكون أغلبها غير سوية مستغرقة فى العدوانية تجاه الآخرين، خصوصا الذين يخالفونه الرأى، وهو ما يسمى بالنظرة الأحادية المعروفة لدى المتشددين فى كل الأجيال وعبر كل العصور، فهم لديهم مقومات نفسية عدوانية متطرفة، وقال «يستحيل لأشخاص غير أسوياء نفسيا مروا بتجارب مؤلمة كالسجن أو التعذيب أن ينجحوا فى قيادة الآخرين بطريقة صحيحة». ومن جهته قال الدكتور إسماعيل يوسف الخبير النفسى، إنهم يشعرون أن ممارساتهم وتصرفاتهم تقودهم إلى فكرة الجنة، فهم يمتلكون أفكارا يسيطر عليها الغل والحقد وأبعد عن الروحانية، وأوضح أن نفسيات هؤلاء الأشخاص مشوهة وبحاجة إلى تأهيل نفسى، وكان أكبر خطأ وصولهم إلى الحكم، ومعظمهم شخصيات معقدة وممارساتهم معروفة فى علم النفس بأنها توحد مع المعتدى.
5-إسلاميون منشقون: استمرار العنف إحدى أدبيات الجماعات الإسلامية
أكد عدد من المتخصصين فى الحركات الإسلامية أن استخدام أنصار الإخوان شعارات «كلنا بن لادن أو الجهاد هو الحل» يؤكد أن الاعتصام ضم تنظيمات جهادية وأن من كتب هذه العبارات ينتمى إلى تنظيم جهادى سابق وبدات تتغلل بداخله فكرة العودة إلى الإرهاب.
أحمد الشوربجى المتخصص فى الحركات الإسلامية، وأحد الأعضاء السابقين بالجماعة الإسلامية أكد أن فكرة استخدام العنف أمر وارد فى أدبيات التيار الإسلامى خصوصا المنتمين إلى الجماعة الإسلامية، مؤكدا أن الجماعة الاسلامية كانت تمارس هذا العنف حتى فى الأيام العادية فمبجرد الشعور بأن هذا الشخص يراقبنى كان يتم القبض عليه وإيداعه بأحد المساجد التى يسيطرون عليها، وكانت تمارس عليه عمليات تعذيب، خصوصا إذا كان تابعا لجهاز أمن الدولة.
وأضاف «بعد أن تتم عمليات التعذيب كانت تجرى مفاوضات مع أى من القيادات الأمنية للإفراج عن هذا الشخص مقابل الإفراج عن احد المعتقلين»، مضيفا «كان هذا هو السيناريو المتبع من قبل الجماعة الإسلامية بدءا من عام 1989 حتى عام 1993 وكانت ممارسات التعذيب مختلفة، حيث كانت هناك عمليات تعذيب بدنى ونفسى ومعنوى إلى أن تم تفعيل مبادرة وقف العنف. الشوربجى أشار إلى أن عمليات التعذيب كانت تمارس حتى داخل السجون وفى أثناء فترة الاعتقالات، فبمجرد الشعور بأن أحد النزلاء الجدد تابع للأمن أو يقوم بنقل الأحاديث أو ترديدها كان يتم مقاطعته وعدم التعامل معه ومنعه من الحصول على وجبات بل كان يصل الأمر إلى أن يتم تركه يجلس بمفرده دون الحديث معه، وقطع الصلة به تماما بعد أن يتم إصدار قرار من المسؤول عن الزنزانة، مشيرا إلى أن كل المعتقلين التابعين للجماعة الإسلامية كانوا يستخدمون العنف حتى وهم داخل السجون.
وأكد أن الحركات التى تم إنشاؤها مؤخرا كانت ستسير فى طريق العنف لولا قيام الثورة التى أجهضت تمكنهم من الحصول على الأسلحة وتنظيم أنفسهم كجماعات مسلحة، مضيفا «أغلب هذه الحركات تميل إلى العنف خصوصا الحركات التى أطلقت على نفسها حازمون أو عائدون للشريعة، ومسألة استخدامهم للعنف هو أمر وارد، وهو ما أكده أحد مؤسسى إحدى الحركات بأن لديهم استعدادا لمواجهة العنف ولكنهم لم يأخذوا الوقت الكامل للاستعداد لذلك».
المتخصص فى الحركات الاسلامية أكد أن فكرة استخدام أنصار الإخوان لشعارات «كلنا بن لادن أو الجهاد هو الحل» يؤكد أن من كتب هذه العبارات كان ينتمى إلى تنظيم جهادى سابق، وبدأت تتغلل بداخله فكرة العودة إلى الإرهاب مرة أخرى بعد أن حاول قيادات الإخوان أن يقنعوهم أن هناك عملية حرب على الإسلاميين فى العالم كله، وبعد أن أقنعوهم بأن ما حدث فى مصر هو انقلاب على الشريعة الإسلامية.