«موقف نبيل» كان هذا هو أول تعقيب أعلنه «علي أبو شادي» مفتي الديار المصرية للشئون السينمائية ورئيس المهرجان القومي للسينما بعد قرار الوزير «فاروق حسني» بسحب فيلم «المسافر» من التسابق علي جوائز المهرجان.. تأملت هذه الكلمة وقلت من الذي يعلنها هل هو الموظف الكبير «علي أبو شادي» أم أنه الناقد الكبير «علي أبو شادي».. أي كبير فيهم بالتأكيد؛ إنه الموظف الذي لا يستطيع أن يقول «بم» لرئيسه فهو يعلم أن ثمنها لو أنه قالها باهظ وأن كل المناصب التي يستحوذ عليها كان وراءها شيء واحد هو أنه يجيد رفع شعار «نعم».. نعم يا وزيري نعم!! الموظف الكبير الذي أنعم عليه الوزير بمهرجانين مدي الحياة تماماً مثلما يجري في الحياة السياسية حيث صار كل شيء مدي الحياة، المنصبان هما: رئيس المهرجان القومي للسينما ورئيس مهرجان الإسماعيلية الدولي.. المهرجان الأول يقيمه صندوق التنمية الثقافية وكان من البدهي طبقاً لما حدث في دوراته الأولي أن يرأسه الجهة التي تقيمه لكن الوزير يعلم أن «أبو شادي» هو المفتي السينمائي ولا يجوز تخطي فتواه وبركاته.. المهرجان الثاني هو الإسماعيلية الدولي للأفلام القصيرة والتسجيلية والمفروض أنه منذ بدايته قبل 25 عاماً ورئيسه كان هو أيضاً رئيس المركز القومي للسينما ولم يحدث طوال تاريخ المهرجان أي استثناء وذلك منذ أن تولي «كرم مطاوع» رئاسة المركز في منتصف الثمانينيات ولكن مع «أبو شادي» فهو رجل النظام وكل القواعد تتحطم أمامه وهكذا جاء وعد الوزير له بعد أن أحيل للمعاش وغادر موقعه كرئيس للمركز القومي وصار للمركز رئيس آخر هو «د. خالد عبد الجليل»؛ لأن الوزير من الناحية القانونية لم يستطع أن يمنحه سنوات إضافية.. القانون حال دون التمديد لأبو شادي سواء في كرسي الرقيب أو مقعد أمين عام المجلس الأعلي للثقافة ولكنه لا يمنع الوزير من أن يؤكد شرعيته للاستحواذ علي مملكتي المهرجانين القومي والإسماعيلية الدولي.. الثمن الذي يدفعه الموظف لرئيسه الأعلي هو أن يبرر كل الأخطاء التي يقع فيها الوزير؛ بل إنه لا يجد غضاضة في أن يصفها بالنبل.. أي نبل هذا إنه يقفز علي كل الأعراف والقواعد ويسحب فيلم «المسافر» مما يأخذ الكثير من مصداقية المهرجان وتعد سابقة خطيرة لو تكررت لأطيح تماماً بالمهرجان وأصبح أثراً بعد عين ولكن «علي أبو شادي» الموظف لا يعنيه سوي رضاء الوزير.. مع الزمن هل يستطيع أن يتنفس الناقد بعيداً عن الوظيفة؟ الحقيقة هي لا.. المواقف لا يمكن أن تمحي والتنازلات تظل شاهدة إثبات.. ولهذا هو يعلم جيداً أن قيمته الأدبية تأتي من الوظيفة المرموقة التي يمنحها له الوزير ولهذا لا يتوقف فضيلة المفتي عن منح شرعية سينمائية لكل أخطاء الوزير القاتلة!!