بينما يواصل السيد الأمريكى المتغطرس التصرف وفق نهج «بلطجى العالم» فى ما يتعلق بالأزمة فى سوريا، ويلوح بقوة بعمل عسكرى ضد هذا البلد العربى دونما أى احترام للأعراف الدولية، أو إطار عمل ما يسمى ب«الأممالمتحدة»، تتجه الأنظار صوب الدب الروسى، باعتباره الوحيد القادر على إحداث نوع من التوازن فى مواجهة القوة الأمريكية الغاشمة. فى روسيا يدور الحديث الآن عن العواقب الكارثية لأعمال التدخل العسكرى الأحادية التى نفذتها واشنطن فى العراق 2003 وليبيا 2011، ومن قبلهما يوغوسلافيا السابقة 1999، وهى العمليات التى أدت إما إلى تغيير النظام فى هذه البلدان أو إلى تقسيمها. وحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية «البى بى سى» فإن الروس لديهم اعتقاد بأن الغرب بقيادة الولاياتالمتحدة، يتآمر لإضافة سوريا إلى هذه القائمة السوداء. وشن عدد من الصحف الروسية هجوما حادا على واشنطن، حيث تساءلت صحيفة «روسيسكايا جازيتا» الحكومية: هل يغامر أوباما بتكرار السيناريو الليبى-العراقى؟ فى حين كانت صحيفة «برافدا» أعلى صوتا بقولها إنه «إذا كان المتفائلون فى البنتاجون يعتقدون أن روسيا ستقف عن حد التحذيرات والتعبير عن الغضب، مثلما فعلت بشأن العراق ويوجوسلافيا، فهم مخطئون». ويؤكد الروس أنه إلى الآن لا توجد أى أدلة على أن نظام الرئيس السورى بشار الأسد هو من يقف وراء الهجوم المزعوم بالأسلحة الكيميائية فى ريف دمشق، وهم يقولون إنه إن كان هذا الهجوم قد وقع من الأساس، فإن الأدلة تشير إلى تورط قوات المتمردين بتنفيذه بهدف تدمير مفاوضات الحل السلمى وتصعيد الضغوط الدولية على الحكومة السورية. وتصر موسكو كذلك على أنه يجب إعطاء الوقت لمفتشى الأممالمتحدة لإنهاء مهمتهم فى سوريا وتقديم تقريرهم إلى مجلس الأمن، كما أن المسؤولين الروس يحذرون من عواقب كارثية أوسع نطاقا بالنسبة إلى المنطقة إذا حدث تدخل عسكرى، بما فى ذلك صعود التيار الإسلامى المتشدد، فضلا عن أن ذلك سيمثل انتهاكا خطيرا للقانون الدولى، إذا تم من دون موافقة الأممالمتحدة. وإذا حدث التدخل العسكرى الأمريكى فعلا، فى ظل توقعات بأنه يمكن أن يحدث الخميس أو الجمعة، فإن رد الفعل الروسى من المرجح أن يأخذ شكل المواجهة العسكرية المباشرة، بل إن نموذج أزمة الصواريخ الكوبية عام 1962، يبدو هو الأقرب، حسب صحيفة «التبلويد» الأكثر شعبية فى روسيا، كومسومولسكايا برافدا. وقالت الصحيفة فى تقرير لها إن «الزمن تغير.. وموسكو لن تتراجع.. من الذى سينهار أولا؟ بوتين أم أوباما؟». ورغم أن موسكو ربما لا ترغب بمواجهة عسكرية مباشرة مع الغرب، فإن لديها كثيرا من الأوراق التى تعبر بها عن غضبها من الولاياتالمتحدة. ويتوقع خبراء أن موسكو ربما تعزز من إمدادات السلاح إلى دمشق، وتعزز من علاقاتها مع إيران، وتقلل من تعاونها مع واشنطن فى ملفات أخرى. والعلاقات بين روسيا والغرب يشوبها التوتر أصلا، بل يمكن القول إنها تراجعت فى الفترة الأخيرة، ولا شك -حسب البى بى سى- بأن التدخل الغربى فى سوريا سوف يجعل هذه العلاقات أكثر سوءا. وفى الوقت ذاته، هناك شكوك حول نسبة نجاح الضربة التى تنوى واشنطن توجيهها لدمشق، وهى ضربة جراحية سريعة حسبما يرجح خبراء ومصادر عسكرية أمريكية، تستهدف شل مراكز القيادة العسكرية السورية بما يعطى أفضلية لمسلحى المعارضة. وقال الأدميرال لورد ويست، قائد قوات البحرية الملكية البريطانية السابق الذى لعب دورا قياديا فى أثناء عملية الناتو ضد صربيا فى 1999، إن «يومين من القصف الجوى سيضع غشاوة فقط على عينى الأسد، لكن ذلك لن يحقق كثيرا».