استطاع محمود الجندي من خلال دور «سي البهي» في فيلم «عصافير النيل» أن ينسف كل القوالب الفنية التي تم سجنه بها لمدة سنوات طويلة، وأن يعلو علي كل التصنيفات التي حصرته في قالب الكوميديان، حيث قدم الشخصية بأداء به جرعة إنسانية مكثفة وبحرفية، ونضج، وخبرة فاجأت الجميع، ليضع هذا الدور في قائمة أدواره الأفضل علي الإطلاق، وليثبت من خلالها أنه ممثل قادر علي التلون، وارتداء جميع الشخصيات وتقديمها بمهارة فائقة.. كيف جاءت مشاركتك في فيلم «عصافير النيل»؟ - أنا أعرف مخرجه مجدي أحمد علي منذ فترة طويلة، وهو مخرج متميز جدا، وقد طلب مني أن أقرأ رواية إبراهيم أصلان «عصافير النيل»، وعندما قرأتها شعرت أنه من الصعب تحويل هذه القصة لفيلم سينمائي ، لكنني بعد أن قرأت السيناريو الذي كتبه مجدي أحمد علي نفسه، قلت له: «الفيلم في دماغ المخرج، وأنا وباقي الممثلين أدوات في إيدك»، لأنني شعرت أنه فيلم مختلف تماما. فالفيلم يتمتع بمصداقية شديدة، ويحكي عن الواقع دون تزييف، أو تجميل، فمجدي أحمد علي لديه قدرة علي تقديم الواقع بشكل جيد، وهذا ما أعجبني في السيناريو، هل تشعر أن نوعية الأفلام مثل «عصافير النيل» يقبل عليها الجمهور؟ - أنا أعلم أن الناس لن تتجاوب مع فيلم «عصافير النيل» لأنهم لن يجدوا فيه ما تعودوا أن يشاهدوه في الأفلام التي يتم تقديمها لهم في هذا التوقيت، من كوميديا وافيهات، فقصة لن يتقبلها الجمهور، لذا فأنا لا أتوقع لهذا الفيلم نجاحا جماهيريا، فنوع الجمهور الذي يمكن أن يفهم هذه النوعية من الأفلام اختفي تقريبا. كيف استطعت أن تقدم شخصية «سي البهي» بهذا الشكل، وهل كانت لك إضافات علي تفاصيل الدور؟ - شخصية «سي البهي» موجودة بكل تفاصيلها في السيناريو، ولكن طعم الشخصية، ولونها هذه هي مهمة الممثل، لأنني عندما أقرأ الشخصية أبحث عن أربع، أو خمس شخصيات قريبة الشبه بالشخصية التي سأقدمها، ثم أحاول أن أصنع خطا مختلفا لدوري. هل أنت من اخترت أيضا طريقة أدائك لمشهد تجسيدك لشخصية «هاملت» بهذا الشكل؟ - عندما قرأت هذه الجزئية تحديدا في السيناريو شعرت أن الموضوع صعب، وبالفعل بحثت عبر الإنترنت عن أفضل من قدم شخصية هاملت باللغة الإنجليزية، حتي وجدت رجلا أمريكيا لا أتذكر اسمه، أعجبني أداؤه للشخصية جدا، ثم شاهدته عدة مرات حتي تمرنت عليها جيدا، وقدمتها. أنت عموما في الفترة الأخيرة أصبحت تقدم أدوارك بنضج شديد فهل السبب في ذلك الخبرة فقط، أم أنك تختار أدوارا تستطيع أن تبرز من خلالها قدراتك؟ - أنا اتخذت قرارا منذ ثماني سنوات تقريبا أنني يجب أن اختار أدوارا لا تخذل جمهوري المهتم بي، والذي يتابعني دوما، فأنا لابد أن أراعي هذا الجمهور، وأقدم له أدوارا يحترمها، فأنا أسعي دوما لتقديم أعمال تحمل فائدة للجمهور، أنت تعتبر من الفنانين المتدينين إلا أنك قبلت أن تشارك في فيلم «عصافير النيل» الذي يحتوي علي عدد غير قليل من المشاهد الجنسية؟ - الفيلم لا يحتوي علي أي إثارة، فالفيلم له هدف، لذا لم أعترض علي وجود تلك المشاهد، ولو كانت مشاهد الفيلم من أجل الإثارة، كنت سأرفض المشاركة فيه لأن هذا حرام، فهنا سيصبح عملا ليس له أي هدف علي الإطلاق، وعموما أنا أعتقد أن الناس لن تستطيع أن تتقبل فيلم «عصافير النيل» وما رأيك في الأفلام المعروضة هذه الأيام؟ - السينما أصبحت لا تهتم إلا بالأراجوزات والبهلوانات، واللي بيضحك أكتر من التاني، وأنا أرفض الاشتراك في هذه النوعية من الأفلام، لأنني لن أقبل أن أكون في أي يوم من الأيام مجرد مضحكاتي، وما يقوم به غيري لا أستطيع أن أفعله، ولكن عندما يكون هناك دور مهم ومفيد من الممكن الغامضجدا أن أقدمه. فأنا أحترم جمهوري ولن أتنازل عن مستوي الأعمال التي أقدمها له، النجاح الفني، لأن النجاح الجماهيري ليس مقياسا، فمن الممكن أن ينجح الفيلم جماهيريا، رغم أنه فاشل فنيا.