رئيس جامعة الأزهر يستقبل وفد اتحاد الجامعات الإفريقية ويشيد بدعم الإمام الأكبر لدول القارة    ما هي الضوابط الأساسية لتحويلات الطلاب بين المدارس؟    البورصة المصرية، ارتفاع مؤشر الذهب في ختام تعاملات اليوم الخميس    الأمن يغلق طريقا يوصل لمنزل نتنياهو بسبب المظاهرات    المصري يحسم ديربي القناة ويفوز على الإسماعيلي 0/1 في الدوري الممتاز    موعد إعلان نتيجة الثانوية العامة 2024، خطوات الاستعلام عنها إلكترونيًا عبر موقع التربية والتعليم    إصابة 5 أشخاص فى حادث تصادم سيارة ميكروباص بعمود إنارة ببنى سويف    إنجي علي تستضيف جاد شويري في "أسرار النجوم"    وكيل صحة الدقهلية يتفقد مستشفى نبروه المركزي (صور)    محمد مهنا: «4 أمور أعظم من الذنب» (فيديو)    أفضل دعاء السنة الهجرية الجديدة 1446 مكتوب    محافظ شمال سيناء: 30 يونيو انتفاضة شعب ضد فئة ضالة اختطفت الوطن    منظمة حقوقية: استخدام الاحتلال الكلاب للاعتداء على الفلسطينيين أمر ممنهج    عبدالمنعم سعيد: مصر لديها خبرة كبيرة في التفاوض السياسي    قائد القوات الجوية الإسرائيلية: سنقضى على حماس قريبا ومستعدون لحزب الله    كريم عبد العزيز يعلن موعد عرض الجزء الثالث لفيلم "الفيل الأزرق"    لطيفة تطرح ثالث كليباتها «بتقول جرحتك».. «مفيش ممنوع» يتصدر التريند    يورو 2024.. توريس ينافس ديباى على أفضل هدف بالجولة الثالثة من المجموعات    أيمن غنيم: سيناء شهدت ملحمتي التطهير والتطوير في عهد الرئيس السيسي    انطلاق مباراة الإسماعيلي والمصري في الدوري    فيروس زيكا.. خطر يهدد الهند في صيف 2024 وينتقل إلى البشر عن طريق الاختلاط    «الرعاية الصحية» تعلن حصاد إنجازاتها بعد مرور 5 أعوام من انطلاق منظومة التأمين الصحي الشامل    أيمن الجميل: تطوير الصناعات الزراعية المتكاملة يشهد نموا متصاعدا خلال السنوات الأخيرة ويحقق طفرة فى الصادرات المصرية    «رحلة التميز النسائى»    مستشار الأمن القومى لنائبة الرئيس الأمريكى يؤكد أهمية وقف إطلاق النار فى غزة    محافظ أسوان يلتقي رئيس هيئة تنمية الصعيد.. تفاصيل    مع ارتفاع درجات الحرارة.. «الصحة» تكشف أعراض الإجهاد الحراري    ميلان يخطط لإبرام صفقة تبادلية مع ريال مدريد    بائع يطعن صديقة بالغربية بسبب خلافات على بيع الملابس    هند صبري تشارك جمهورها بمشروعها الجديد "فرصة ثانية"    وزيرة التخطيط: حوكمة القطاع الطبي في مصر أداة لرفع كفاءة المنظومة الصحية    لتكرار تجربة أبوعلى.. اتجاه في الأهلي للبحث عن المواهب الفلسطينية    شوبير يكشف شكل الدوري الجديد بعد أزمة الزمالك    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم بالطريق الإقليمي بالمنوفية    جهاز تنمية المشروعات يضخ تمويلات بقيمة 51.2 مليار جنيه خلال 10 سنوات    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    ضبط 103 مخالفات فى المخابز والأسواق خلال حملة تموينية بالدقهلية    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    حظك اليوم| برج العذراء الخميس 27 يونيو.. «يوما ممتازا للكتابة والتفاعلات الإجتماعية»    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    الكشف على 1230 مواطنا في قافلة طبية ضمن «حياة كريمة» بكفر الشيخ    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    10 يوليو موعد نهاية الحق فى كوبون «إى فاينانس» للاستثمارات المالية    انقطاع الكهرباء عرض مستمر.. ومواطنون: «الأجهزة باظت»    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد فائق: إثيوبيا وضعتنا أمام الأمر الواقع.. ولم تعطنا أى اعتبار
مستشار عبد الناصر للشؤون الإفريقية فى حوار ل«الدستور الأصلي»

عبد الناصر لم يغب عن اجتماعات رؤساء إفريقيا.. أما مبارك فكان يكتفى بساعتين أو ثلاثة

تأمين منابع النيل كان على رأس أولويات حكام مصر السابقين الجفاء بين مصر وإثيوبيا بدأ بعد محاولة اغتيال مبارك

حتشبسوت ومحمد على وإسماعيل وعبد الناصر اهتموا بإفريقيا وأمنوا للمصريين مياه النهر

حين تدخل غرفة مكتبه، تشعر كأن إفريقيا معلقة على الجدران. وحين تنظر إلى الأوسمة والنياشين، تعلم أن تاريخا يقف خلفها. طابور الصور العتيق يمنحك شعورا بأن القارة السمراء تجسدت أعلى المكتب، فتتحدث معه لتعلم أنك تستمع إلى رجل قادم من أدغال إفريقيا يختبئ وراء بشرة بيضاء. إنه ذاكرة مصر الإفريقية، ومايسترو العزف على أوتار العلاقات المصرية فى بلاد العجائب، وكاتب نسج بقلمه خيوط رواية مصر وإفريقيا. محمد فائق، وزير الإعلام فى عهد جمال عبد الناصر، ومؤلف كتاب «عبد الناصر والثورة الإفريقية»، ومستشار زعيم ثورة يوليو للشؤون الإفريقية تحدث ل«الدستور الأصلي» فى حوار مطول حول أزمة سد النهضة واستراتيجية مصر فى تعاملها مع الدول الإفريقية أيام عبد الناصر، وكيف حققت مصر نجاحات كبيرة وصلت بها إلى حد الزعامة، ولماذا تراجع الدور المصرى؟ فائق تحدث عن الدور الإسرائيلى فى دول منابع نهر النيل وتأثيره على الأمن القومى المصرى، ودور الدول الكبرى مثل أمريكا والصين والاتحاد الأوروبى فى الدول الإفريقية.. وفى نص الحوار عديد من التفاصيل..

■ كيف تلقيت خبر قيام أديس أبابا بتحويل مجرى النيل لبناء سد النهضة؟

- أولا الخبر كان معروفا للأسف الشديد، لكن بوضعنا أمام الأمر الواقع قصدوا عدم إعطاء مصر اعتبارها، لا من الناحية القانونية، ولا من ناحية العلاقات السياسية الخاصة. كان هناك اختلاف فى الآراء من قبل، لكن هناك احتراما متبادلا بين الإمبراطور هيلاسلاسى وجمال عبد الناصر، وكان عبد الناصر يقول إن الإمبراطور رجل مناضل ضد الاستعمار الإيطالى وكان يحترمه لهذا السبب، بالإضافة إلى أن هيلاسلاسى كان مغرما بإفريقيا، وكان له دور فى منظمة الوحدة الإفريقية. باختصار كان هناك احترام متبادل رغم الاختلافات الشديدة فى السياسة الخارجية.

■ وماذا حدث فى العلاقات مع الدول الإفريقية خصوصا إثيوبيا بعد عصر عبد الناصر؟

- واضح طبعا أن إفريقيا أُهملت لفترة طويلة، فأيام عبد الناصر كان جزءا أساسيا من الاستراتيجية المصرية ثلاث دوائر: الدائرة العربية، ثم الإفريقية، ثم الإسلامية، وإفريقيا تتقاطع فيها الدوائر الثلاث لأن جزءا كبيرا من مساحة الوطن العربى تقع فى إفريقيا، وبها 10 دول فى منظمة الوحدة الإفريقية، ومن الناحية الإسلامية فإن أكبر الأديان فى إفريقيا هو الدين الإسلامى، لذلك كان هناك اهتمام كبير فى إفريقيا، والجزء الآخر الذى جعلنا نهتم بإفريقيا هو السودان، لأن من ضمن أهداف ثورة يوليو الأساسية إجلاء الإنجليز من قناة السويس ومن السودان، وفكرة إجلائهم من قناة السويس وتركهم فى السودان أو أوغندا كانت تهدد الأمن القومى المصرى. فى سنة 1953 عقدنا اتفاقية مع السودان تنص على أن لهم فترة انتقالية 3 سنوات يقررون خلالها إذا كانوا يريدون الاتحاد مع مصر أم الاستقلال. كان عبد الناصر يعرف جيدا معنى أن يكون السودان فى قلب إفريقيا، وكنا نحتاج إلى تأمينه، لأن فى ذلك تأمينا لنا، لذلك دخلنا فى معركة شرسة مع الاستعمار لإنهائه من هذه المنطقة.

انظر إلى التاريخ: كل حاكم جاء إلى مصر كان على رأس اهتماماته تأمين منابع النيل، محمد على وإبراهيم باشا والخديو إسماعيل، كلهم اهتموا بالحضور فى هذه المنطقة خصوصا القرن الإفريقى. انظر حالنا اليوم: أصبح هذا غير ممكن. لا بد لنا أن نفهم أن طرد الاستعمار من هذه الدول كان استراتيجية لا غنى عنها، لأن الاستعمار يفسد العلاقات بيننا وبينهم، وأن نعى أنه من الضرورى أن تكون علاقتنا جيدة مع إفريقيا.

■ وكيف نتعامل مع دول حوض النيل؟

- الموضوع أكبر من أن ننظر إلى دول المنابع فقط، لا بد أن ننظر إلى العمق الإفريقى كله حتى نتعامل معهم بصفتنا دولة إفريقية، لا كدولة قادمة من الخارج، فنكون نحن فى جانب والأفارقة فى جانب آخر. لا بد أن نتفاعل مع هذه الدول.

■ مشروع سد النهضة مطروح منذ الستينيات ولم ينفذ وأعيد طرحه أيام السادات وكذلك مبارك، والآن هناك تحركات قوية لتحويل مجرى النهر عقب يوم واحد من زيارة مرسى إلى إثيوبيا، فما تقييمك للوضع الذى وصلنا إليه؟

- للحق، فإن هذا الوضع بدأ منذ النظام السابق، خصوصا بعد محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا 1995، ومن هنا بدأ الجفاء. عبد الناصر لم يغب أبدا عن اجتماع رؤساء دول إفريقيا كل سنة، لماذا؟ لأن اللقاءات خلال هذا الاجتماع كانت تحل كل المشكلات. لقد بدأ العلاقات من منظمة الوحدة الإفريقية ثم أصبح الاتحاد الإفريقى، وكانت قراراتهم محترمة من جميع الأطراف، على عكس ما يحدث فى الجامعة العربية التى يأتون إلى اجتماعها كلٌ بأجندته الخاصة ولا تنفذ قراراتها أبدا.

لقد ساءت العلاقات المستقرة مع تغيب مبارك عن هذه الاجتماعات، أو حضوره لمدة ساعتين أو ثلاث ثم يغادر، وكان الأفارقة حساسين جدا أمام هذا السلوك، فالعلاقات الشخصية كانت مهمة جدا، ولو نظرنا إلى آخر 10 أعوام لنظام مبارك كم وزير زار إفريقيا؟ كله كان يذهب إلى أوروبا وأمريكا، وإفريقيا كانت مهملة.

■ كيف تعامل عبد الناصر مع ملف المياه؟

- أنشأ السد العالى، وكانت لدينا معركة كبيرة من أجل بنائه، فالإنجليز كانوا يحتلون كينيا وأوغندا، وبلجيكا تحتل رواندا والكونغو، وهيلاسيلاسىت كان تحت النفوذ الأمريكى، بالإضافة إلى محاولة وقف هذا المشروع، خصوصا بعد ما أعلن الاتحاد السوفيتى تمويله ورفض الأمريكان، وكان الهدف هو تعطيل المشروع دون إجراء اتفاقات مائية مع دول المنابع، ومن بينهم السودان الذى كان تحت حكم حكومة عبد الله خليل، وهى حكومة عميلة لأمريكا. حينئذ دخلنا فى مشكلات كبيرة معهم، لكن السودان فى ذلك الوقت كان لا يقوى على أن تسوء علاقته بمصر، فسقط عبد الله خليل لهذا السبب والإنجليز أنفسهم أزاحوه بانقلاب عسكرى. ولما جاءت الحكومة الجديدة عقدت الاتفاقية مع مصر بنصيحة من الإنجليز.

الاتفاقية كانت بين مصر والسودان على بناء السد، بينما رفضت إثيوبيا وظلت تقاوم، حينها كانت لدينا دراسات جيدة عن الأوضاع فى إثيوبيا، وكان رجال الرى لديهم علماء كبار يفهمون النهر جيدا وخدموا فى أوغندا والسودان، ووصلنا إلى نتيجة أن نقيم السد رغم رفض إثيوبيا بسبب انحدار الهضبة الشديدة، وفى تصورى تأثير «سد النهضة» لن يكون كبيرا، فحتى التخزين وتحويل المجرى بحيث تُمنع عنا المياه صعب جدا. التحويلة مجرد تغيير فى مجرى النهر وسيعود مرة أخرى إلى المسار.

■ هل كانت دول حوض النيل معترضة جميعها على بناء السد العالى؟

- كلها كانت معترضة، لكننا اتفقنا مع السودان باعتبارنا دولتى مصب، ولم يكن السد العالى ليضر أى دولة إطلاقا وأبرمنا اتفاقية 1959 مع السودان.

■ هل الخلاف مع مصر كان سببا كافيا لإقالة حكومة عبد الله خليل فى السودان؟

- نعم لأن البلد لم يكن يتحرك بسبب سوء العلاقة مع مصر، فنصح الإنجليز الحكومة الجديدة بالموافقة على بناء السد العالى.

■ هل كان لإسرائيل وجود فى إثيوبيا وإفريقيا بشكل عام فى عهد ناصر؟

- طبعا كان هناك وجود إسرائيلى فى إثيوبيا، وقوى جدا. كان لهم مصنع اسمه «إنكودا»، وفى المقابل كان لنا نفوذ أيضا، وكنا نحاول أن نحد من وجودهم ونفوذهم. إسرائيل كان لها كذلك مركز مخابرات لأنهم مهتمون بإفريقيا جدا، وكان من أهداف عملنا مقاومة النفوذ الإسرائيلى فى إفريقيا. لاحظ أن إسرائيل كانت وقتها معزولة تماما، ولم يعترف بها أحد فى العالم سوى عدد قليل من الدول، فكان رهانهم على إفريقيا التى تضم 53 دولة محتلة. لذلك كانوا يقيمون قنصليات لهم فى الدول المستعمِرة، وأول ما استقلت تحولت القنصليات إلى سفارات، فأينما وجد الاستعمار تنشط إسرائيل أكثر.

يضيف فائق: كنا نقاوم هذا النفوذ، فذات مرة دعيت إسرائيل إلى الصومال لإقامة سفارة هناك، واستطعنا أن نجعل الصومال تسحب الدعوة.

■ هل فى عهد ناصر كانت مصر مهددة بالاقتطاع من حصتها فى مياه النيل؟

- إطلاقا، كان هناك اتفاقات دولية نستند إليها، ومصر دولة كبيرة ولها مكانة فى إفريقيا. فمثلا، هناك اتفاقية 1929، ورغم أنها فى عهد الاستعمار، فإن الدول كانت تؤيدها بعد الاستقلال. إنها اتفاقية خاصة بالحدود أكثر من توزيع المياه.. وفى مؤتمر القمة الإفريقى عام 1994 اُتفق على الاحتفاظ بالحدود كما هى، وتم الحفاظ على هذه الاتفاقية من الدول.

■ بما تفسر بقاء حتشبسوت ومحمد على والخديو إسماعيل وعبد الناصر فى ذاكرة المصريين؟

- طبعا لأنهم اهتموا بمنابع النيل وتأمينها، وهو موضوع أساسى. قال هيرودوت «مصر هبة النيل»، وهى حقيقة لحد كبير، مع إننا نقول إنها «هبة شعبها»، لكن النيل مصدر الحياة، حتى الفراعنة كانوا فى الحساب يسألون عن تلويث النيل، فكرة الإبقاء على نقاء النهر كانت مهمة جدا.

■ ما مواقف مصر مع دول حوض النيل فى عهد ناصر؟

- روندا وقفنا معها وقفات قوية وأعطيناها سلاحا، ومع أوغندا وقفنا وقت الأزمة مع الكونغو وحصل نوع من التهديد لها، وبدأ المرتزقة الأوروبيون يلاحقون الثوار الذين يدخلون إلى أوغندا، فأرسل رئيس أوغندا لى جوابا لأعرضه على عبد الناصر، طالبا تدخل مصر بطائراتها لحماية أوغندا، فأمر الرئيس بنصف سرب طائرات ميج والطيارين بالذهاب إلى أوغندا، وذهبت لإجراء الاتفاقية، فكان عند رئيس أوغندا طيارون إسرائيليون، فقلت له سيأتى طيارون مصريون وأظن أنه لا يمكن أن يأتوا فى حال وجود طيارين إسرائيليين، فقال: معك كل الحق.. وقرر الاستغناء عن خدماتهم. حينها وضعنا خطة كاملة مع وزير الدفاع وسفيرنا هناك جمال بركات، وقلنا سننتظر التاريخ الذى يطلب فيه أن نرسل الطائرات، فالخبر تسرب فتوقف الهجوم تماما على أوغندا، رغم أننا لم نفعل شيئا. هم فقط شعروا بمساندتنا واستعدادنا لإرسال الطائرات.

■ أغلب مياه النيل التى تصلنا تأتى من هضبة إثيوبيا ذات المطر الموسمى الصيفى، وهناك منبع آخر هو هضبة البحيرات الاستوائية، لكن أغلب المياه التى تأتى منها تضيع فى البرك والمستنقعات ولا تصل إلى مجرى النهر.. فلماذا لا تهتم مصر بهذه المنطقة؟

- لأن جزءا منها مهدر، يصل فقط 460 مليار متر مكعب، و1400 مليار متر مكعب من إثيوبيا. أوضح أن مصر أقامت هناك قناة «جونجلى» فى عهد عبد الناصر، لكننا لم نكمل بسبب حرب الجنوب. موضوع المياه كان مدروسا دراسة دقيقة جدا، وعلاقاتنا برواندا جيدة حتى اليوم، لقد ذهبت منذ فترة واستقبلونى بكل ترحاب.

■ لماذا لم تستفد مصر من إفريقيا منذ أيام عبد الناصر؟

- برحيل عبد الناصر، بدأ الهجوم عليه وإهمال إفريقيا، لقد كانوا يسمونه ناصر أسد إفريقيا، وأحيانا بطل إفريقيا، لكنهم لما وجدوا هجوم ما خلفوه عليه وعلى مرحلته، توقفت العلاقات. لكننى أظن أنه لا يزال ممكنا تجديد العلاقات خصوصا أنه من غير الممكن الاعتماد على مضيك لكى تعيش، وأنك لن تعتمد وتعيش على شىء قديم فقط.

■ لديك خبرات كبيرة فى إفريقيا خصوصا مع دول حوض النيل.. فلماذا لم يستفد منها نظام مبارك والمجلس العسكرى ومرسى؟

- وهل تسألنى أنا؟ أسألهم هم، لم يطلبوا منى شيئا وتأخرت. لم أتأخر أبدا عن وزارة الخارجية، وآخر مرة طلبونى اجتمعت معهم وجمعوا لنا السفراء ومساعدى الوزير فى إفريقيا وكان حديثا قويا.

■ هل نظام مرسى بسياسته المتبعة داخليا فى مصر، قادر على استعادة دور مصر فى إفريقيا؟

- نتمنى أن ينهض بالسياسة الداخلية أولا، ودائما السياسة الخارجية انعكاس للأوضاع الداخلية، ومع تردى الأوضاع الداخلية صعب جدا أن تلعب دورا خارجيا، والأوضاع حاليا متردية لدرجة بالغة الخطورة.

■ لكن عبد الناصر قدم دعما كبيرا إلى إفريقيا واستثمارات كثيرة، ويبدو أن مصر لم تجن شيئا؟

- غير صحيح، لقد قدمنا مساعدات إلى أوغندا مثلا، وأقول مثالا آخر، فالصومال جاء منها رئيس الوزراء شارمهارك وأرسل برقية طالبا لقاء عبد الناصر، لأن محصول الموز الرئيسى للصومال كانوا قد جمعوه وتحتكره شركات إيطالية، وكانوا يريدون عقابه فامتنعوا عن شراء الموز لإسقاطه، وقال إنه سعى فى أوروبا كلها ليجد منفذا لبيع الموز ولم يجد.. فعبد الناصر طلب منه شراء المحصول كله، ونحن سنصدر الموز المصرى، وقال له: الأخ محمد فائق سيعلن الموضوع، وأن الصفقة غالبا لن تتم، وفعلا هذا ما حدث، وأعلنت ذلك، وعلى ما وصل الصومال كان الحصار قد انتهى وباع المحصول أزيد من ثمنه.

بعد هزيمة 1967 الجنرال أجوكو حاول الاستقلال بإقليم نياجرا الغنى بالبترول، وكان عبد الناصر ذاهب إلى مؤتمر القمة فى الخرطوم فى 25 أغسطس 1967، وجاءت البرقية من «جو وان» رئيس المجلس العسكرى تقول إن أجوكو سيغير على لاجوس العاصمة بطيارتين، وليست لديهم طيارات أو صواريخ مضادة للطائرات، ولن يصمدوا سوى أيام، والروس أعطوه طائرات ميج 19 من دون طيارين وطلب منا طيارين، فقال عبد الناصر: لا نريد أن تنتكس إفريقيا بنكستنا، وقال لى أنا أعرف أن شمس بدران أخرج طيارين على المعاش، فأبحث عمن تريد عودته منهم، ويذهبوا بعقد إلى نيجيريا. لقد كنا نبحث فى المقابل عن مساندة الأفارقة لأنهم سند لنا، وفى جميع قضايانا كانوا معنا.. وكانت لدينا طائرات (ميج 19) فبعناها لهم لأننا ووجدنا أن (ميج 17) مناسبة لنا أكثر، وكنا نحتاج إلى عملة صعبة فى ذلك الوقت لشراء ردارات من إسبانيا وجنازير المدرعات، ولم نتكلف مليما واحدا، بل تحملنا موقفا سياسيا وعسكريا، وطيارونا كانوا يعملون هناك بمرتبات جيدة، وظلوا حتى تأمين لاجوس ثم تحرير نياجرا.

■ ألا تشعر بأن الثقافة المصرية على الأقل فى آخر 15 سنة أصبحت فيها نغمة أننا مختلفون عن إفريقيا فى اللون واللغة رغم انتشار الدين الإسلامى فى أنحاء القارة؟

- للأسف الشديد يحدث هذا فى الأجيال الجديدة، لكن فى وقتنا كان العكس، كان الناس يأتون إلى القاهرة، وسعينا إلى عكس هذا فى الإعلام، فمثلا حسين عبد الرازق كان يتولى شؤون إفريقيا فى الجمهورية، وطلب عبد الناصر أن نبدأ ب«الأهرام».. أما فكرة العنصرية فنحن ضدها، إفريقيا أيام الاستعمار حاولوا أن يقسموها إلى إفريقيا شمال الصحراء وإفريقيا جنوب الصحراء، فقلنا لا، لأن الصحراء معبر للثقافة من غرب إفريقيا، حيث دخلت الثقافة من المغرب وشمال إفريقيا، وقاومنا هذه الفكرة. بدأنا فى عمل أول مؤتمر قمة إفريقى بعد استقلال غانا وكانت فيه 5 دول عربية و3 إفريقية، وكانت ليبيريا وإثيوبيا وغانا، ثم كونّا اللجنة الإفريقية فى الأمم المتحدة، لا لجنة الشرق الأوسط، وكنا حريصين على إنهاء فكرة الحواجز بين العروبة والأفارقة، لكن للأسف الشديد عادت فكرة الفصل بين شمال الصحراء وجنوب الصحراء، أو إفريقيا السوداء والبيضاء، رغم أن الأفارقة تجاوزوا فكرة اللون.

■ على أى مستوى تُقيِّم خطر سد النهضة؟

- لا توجد دراسة دقيقة حول الأمر، وتقرير اللجنة الثلاثية هو الذى يمكن أن يوضح ذلك، وفى تصورى إقامة أى سد لتوليد الكهرباء ليس فيه مشكلة، لكن هذا السد فيه مشكلة وهى إقامة بحيرة تمتلئ بالمياه، وفترة ملء هذه البحيرة ستؤثر علينا بلا شك، فلا بد أن نعرف كم من الوقت ستستغرقه لملئها، أما المياه المستقطَعة من المجرى النهرى، فهذه ممكن التفاهم عليه، لأنه عندما تعرف ما المشكلات فيمكنك التفاوض حول تقليل آثارها أو تلافيها، أما الأمر الآخر فلا بد أن نتمسك بحقوقنا، وهناك محكمة إفريقية يمكن أن نلجأ إليها، أو نلجأ للأمم المتحدة، والتحكيم الدولى، لكن الأهم معرفة الضرر ومن أين يأتى وما قدره.

■ هل بعد أن بدأ الإثيوبيون فى المشروع نستطيع أن نُعدل فيه؟

- علينا الاتفاق أولا أن مسار العلاقة بيننا وبينهم كان سيئا، ولم تكن هناك شفافية، فوجئت وأنا أستمع إلى راديو لندن أن المشروع سيقام، وحدثت اتفاقات بين الرئيسين، ولا يوجد أى شىء ينتقص من مياه مصر، هذا كان من لندن.

■ وما تقييمك للأمر من جهة الدبلوماسية الشعبية والدور الذى يمكن أن تلعبه خلال الفترة القادمة؟

- الدبلوماسية الشعبية تأثيرها محدود فى مثل هذه المواقف، لكن العلاقات الشخصية مهمة جدا، مثلا المجتمع المدنى لو أصبح له بعدٌ إفريقى بإقامة مشروعات لدول إفريقيا، فعلى المجتمع المدنى أن يتصل بنظائره فى هذه الدول.
■ وماذا عن الدبلوماسية الشعبية أمام الحل العسكرى؟

- الخيار العسكرى غير وارد، وفى حال إذا ما اعتدينا على غيرنا فإن علاقاتنا كلها بدول إفريقيا ستتدهور وتسوء للغاية، هناك مراحل كثيرة ممكن المرور أولا بها بدلا من الحل العسكرى، ممكن أن نطلب وساطة دول أخرى، أو نلجأ إلى التحكيم الدولى، وقبل هذا نحاول أن نحل هذه المشكلات مع الدول مباشرة.

■ بعض التيارات الإسلامية المتشددة تقترح التدخل من خلال الموالين لها فى إثيوبيا فما رأيك؟

- هذا أخطر شىء على مصر، الأفارقة ليس لديهم مشكلات فى الدين فتجد فى نيجيريا الأب يدين بديانة، ولديه ابن مسلم وآخر مسيحى، إنما لو دخلت المسألة فى «إسلام سياسى» سنخسر كل شىء كما حدث مع الترابى فى السودان، بجعلها معقلا للإسلام السياسى فتم عزل السودان عن إفريقيا.

■ بعض آخر من التيارات المتشددة يقترح أن يقوم بعملية فدائية ضد السد؟

- هذا يدمر العلاقات وينسفها تماما.

■ لما كل المشكلات المصدَّرة إلينا بخصوص نهر النيل تكون إثيوبيا طرفا فيها؟

- لأن إثيوبيا يأتى لك منها أغلب المياه، والمفروض أن نعتمد على بقية الدول فى الحصول على المياه، خصوصا أنها لا تريد المياه لأنها كثيرة جدا بل تريد الكهرباء، فلو أقمت مشروعات لحل مشكلة الكهرباء، وكان لدى ماهر أباظة عندما كان وزيرا للكهرباء مشروع، لكن للأسف لم ينفذ لتوليد الكهرباء فى الكونغو بالتعاون مع مصر وعدة دول، لأن الكونغو هى أكبر دولة فى العالم فيها مساقط طبيعية، بحيث لا تحتاج إلى تغيير طبيعة الأرض كما يحدث فى إثيوبيا، فهنا لو أقمت مشروعا مثل هذا وتحصل على كهرباء منه ستربح مصر كثيرا.

■ لكن مصر تعانى من أزمة اقتصادية وأزمات داخلية؟

- لقد أوضحت أن استقرار الوضع داخليا يجعلك تلعب دورًا خارجيا، وطول ما هناك مشكلات بين السلطة التنفيذية والسلطة القضائية لن تستقيم الأمور، ومشكلات بين المؤسسات تريد هدمها.

■ ما روشتة الخروج من هذه الأزمة فى رأيك؟

- أولا الخروج من الأزمة الداخلية، فمصر ربنا خلقها لتلعب دورا كما قال جمال حمدان الذى أشار إلى عبقرية المكان المطل على بحرين مهمين الأحمر والمتوسط، وبين 3 قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا، فهو موقع يجعلها تلعب دورا، وعندما تحرمها من القيام بدورها فأنت تهدر إمكانية كبيرة لمصر.

■ من يحارب دور مصر فى إفريقيا؟

- كان هناك عداء مع بعض الدول الغربية فى فترة الاستعمار مع مصر، ورغم ذلك كان لنا علاقات وامتدادات فى إفريقيا، وهذه الدول لا ترتاح لذلك، إلا لو كان لك سياسات مختلفة، خصوصا أن قضية الاستعمار انتهت، ومن الممكن أن تكون لك علاقات جيدة معهم كذلك إسرائيل وخصوصا أن أمريكا لا ترى المنطقة دون إسرائيل، فطبعا مصر هى حائط الصد القوى التى تستطيع الوقوف أمام إسرائيل، وبالتالى لا يجب أن تكون قوية ولها نفوذ.

■ هل إسرائيل تحارب دور مصر من باب أن لها استثمارات ومصالح متبادلة مع الدول الإفريقية أم فقط لتحجيم الدور المصرى وتهميشه؟

- إسرائيل يهمها أنه كلما تخلفت مصر وضعفت أصبحت إسرائيل فى أمان، إما عن التبادل الاقتصادى والاتفاقات مثل الكويز ففرضت عليك فرضا، ليهدم فكرة المقاطعة بل يريد التطبيع وهى استفادة سياسية وليست اقتصادية.

■ هل من الممكن أن يكون للكنيسة القبطية دور ما فى أزمة السد؟

- بكل تأكيد، لكن لا يجب أن نقول بشكل مفاجئ يا قداسة البابا نريدك أن تتدخل لحل الأزمة، خصوصا أن كنيسة الإسكندرية لها نفوذ كبير، وكان رسم المطارنة فى إثيوبيا يتم فى مصر، حتى وإن استقلوا فما زالت العلاقات طيبة، ولما أسهمت الدولة فى بناء كاتدرائية العباسية عند افتتاحها تم دعوة إمبراطور إثيوبيا هيلا سيلاسى للحضور، ورجال الدين بإثيوبيا.

■ كان الأنبا موسى أسقف الشباب قد أعلن عن دور تنموى روحى من الكنيسة لمساعدة الفقراء هناك.. فهل هذا يعد خطوة لإعادة العلاقات إلى مسارها السليم؟

- بكل تأكيد هو أمر جيد وعامل مهم للمساعدة على تحسين العلاقات بيننا وبين إثيوبيا.

■ أين تقف مصر بعد مرور عام على أول رئيس مدنى منتخب بعد الثورة؟

- لدينا مشكلات حالية فى الحكم، صحيح نحن فى فترة انتقالية، لكن هل سننتقل إلى ديمقراطية حقيقية أم سنعيد إنتاج النظام السابق، لكننى أقول إن المستقبل للديمقراطية لأن التغيير حدث فى وعى الشعب، ولأن حاجز الخوف انكسر، والناس عرفت ماذا تعنى لها حقوقهم، اليوم يطالبون بحقوقهم بإلحاح، وشخصية مصر التى تكونت منذ عصر محمد على وحتى اليوم، صعب أن تأتى اليوم بجماعة أو وزارة لتغييرها، أتكلم على وجود حائط صد ضد العبث بالحضارة أو الثقافة المصرية، وتبقى مسألة التحول الديمقراطى هى الفيصل، ورأيى أن الإخوان لم يأتوا من المريخ بل هم موجودون هنا، ولا بد أن نتعامل معهم ويحدث بينهم تفاعل مع التيارات المختلفة لإيجاد معادلة حقيقية، ورأيى أن ذلك سيحدث الآن أو بعد ذلك، لكن لا نريد أن نستسلم للتطرف.

■ ومَنْ المسؤول عن الحادث حاليا فى مصر النظام الحاكم أم المعارضة؟

- كل منهما يتحمل مسؤولية، لكن النظام يتحمل المسؤولية الأكبر بحكم أنه يتولى السلطة، لأنه هو الذى يدخلنا فى هذه العملية، والحكم لم يعد إلا برضا الناس، وحتى تستقر الأمور لا بد أن يكون هناك عقد اجتماعى، وكل واحد يعرف حدوده من خلال الدستور، ومن العبث أن تقوم فئة واحدة فقط بوضع الدستور، والأمر الذى أحب أن أؤكده أن الخلاف القوى بين السلطة التنفيذية والقضاء هو «انتحار سياسى»، لأن هذا يهدم حكم القانون، فى حين أن رئيس الدولة من مصلحته حكم القانون لأن لديه سلطات كثيرة جدا بحكم هذا القانون.

■ وإلى أين يقودنا الصراع الحالى المشتعل بين أطراف العملية السياسية فى مصر؟

- من الممكن أن تظل حالة الفوضى، لكن ما زال لدى الإخوان فرصة لفهم الوضع جيدا، ويحافظوا على حكم القانون لأنه لا ديمقراطية دون سيادة حكم القانون.

■ وإذا لم يحافظوا على حكم القانون؟

- سيسقط النظام، أى نظام لا يحترم القانون لن يستطيع الاستمرار فى الحكم.

■ هل يستطيع الإخوان المضى فى ما يسمى بأخونة مؤسسات الدولة؟

- فكرة إن «فيه أخونة».. طبعا فيه أخونة، لكن هل هى تسير فى طريقها أم لا؟ فى رأيى أنها لن تنجح، مثلا ما يحدث فى الأوبرا والمؤسسات الثقافية، لأنه يبدو أن الوزير الجديد لا يفهم ماذا تعنى الثقافة، والدليل أن كل المثقفين ضده، حتى لو لم يتم تغييره حاليا فسيفشل، لأن الأجهزة لا تسير كما ينبغى خصوصا أنه ليس لديه كوادر، وهل وضع فرد إخوانى فى كل مكان هو كاف لكى تسير الأمور؟ بالطبع لا لأن كفاءة الأجهزة ستكون فى الحضيض.

■ كيف تقيّم أداء مؤسسة الرئاسة على مدى عام مضى، خصوصا بعد استقالة عديد من المساعدين والمستشارين؟

- إذا كنت غير قادر على إرضاء الناس التى تعمل وتتعاون معك، فكيف سترضى الناس فى الشارع، فالحكم بالرضا هو أكبر شىء يحافظ على الاستقرار.

■ وزير الإعلام المنتمى للإخوان يحاول أن يفرض سياساته على التليفزيون رغم رغبة العاملين فيه فى عدم العودة إلى سياسات النظام السابق التى يريد الوزير تطبيقها لصالح النظام الحاكم؟

- نتيجة ذلك بالطبع فشل الأجهزة كما قلت، وستحل الفضائيات الخاصة محل التليفزيون، وهذه أول مشكلة ستواجهه.

■ ما تقييمك لحملة «تمرد» الساعية لسحب الثقة من الرئيس مرسى وإسقاط النظام القائم؟

- فى رأيى أنها ليست حاسمة بطبيعة الحال، بل هى مؤشر مهم له تأثير معنوى داخليا وخارجيا، خصوصا إذا استطاعوا جمع 15 مليون توقيع، لكن التوقيع شىء والتظاهر أمر آخر، وربما يكون الحشد كبيرًا جدا.

■ وماذا لو جمعوا بالفعل 15 مليون توقيع بزيادة 2 مليون عن عدد الأصوات التى فاز بها مرسى فى انتخابات الرئاسة؟

- رأيى أن هذا لن يسقطه قانونا لكن يسقطه معنويا، ولو كان واثقا من شعبيته فسيجرى انتخابات مبكرة لإسكات الناس جميعا.

■ ما مستقبل التيار الناصرى فى رأيك؟

- أنا أرى أن ثورة يناير هى فى واقع الأمر استكمال لما حدث فى 1952، بدليل صور عبد الناصر المرفوعة والموجودة فى الميادين، الأمر الآخر الحديث عن العدالة الاجتماعية كموضوع أساسى، وكان عبد الناصر أول من اهتم بها على الأرض وجاء السادات وتخلى عنها، والعدالة الاجتماعية هى تنمية لكل الناس، كل هذا تم فى أيام عبد الناصر.. صحيح أن الديمقراطية الليبرالية لم تكتمل فى عهد ناصر، إذن هذه الثورة مكملة لثورة يوليو لأنها تتحدث عن الحريات والديمقراطية، وهذا سبب جعل شخصا مثل حمدين صباحى يحصد هذه الأصوات الكبيرة والضخمة فى انتخابات الرئاسة، لأنه أصبح ممثلا ورمزا لاستكمال الحلمين، الحلم الجديد لثورة يناير وحلم يوليو 52.

■ هل سينجح حمدين صباحى فى قيادة التيار الناصرى للسير به فى المسار الصحيح؟

- أنا رأيى أن الأفكار الناصرية ستظل لا التيار، فأفكار عبد الناصر سوف تتبناها الأجيال الجديدة، وحمدين أخذ الأصوات على ربطه بين الحلمين كما ذكرت.

■ على ذكر حمدين صباحى.. فهو قد دعا فى مؤتمر التيار الشعبى الأسبوع الماضى إلى تهديد الدول المانحة لبناء سد النهضة بعدم عبور سفنها من قناة السويس فى حال الإضرار بمصالح مصر.. ما تعليقك على هذا الطرح؟

- فكرة الضغط جيدة، أن نطلب أن لا يعطوا تمويلًا وهم قد يسببون ضررًا لدولة أخرى كمصر، لكن قناة السويس هذه مرحلة أخرى، خصوصا أن القانون الدولى لا يعطينا هذا الحق.. وعلينا معرفة الأسباب الحقيقية وما سيترتب على بناء السد، ونعرف ماذا نريد.. لكن لا يجب أن نقول لدولة إفريقية تحلم بالتنمية ألا تقوم بها، بل ممكن نطلب التعديل، خصوصا أن لدينا جيشا من الخبراء غير موجود فى إفريقيا.. كنت فى أوغندا، ورئيسها طلب أن نحل له مشكلة الكهرباء فهو لا يريد المياه لأنه بلد لديه طبيعة يريد الاستفادة منها سياحيا ولا يستطيع بناء فنادق كبيرة لعدم توفر الكهرباء.

■ هل كانت هناك محاولات شبيهة من إثيوبيا لبناء السد أيام الرئيس ناصر؟

- لا لم يحدث، وهذا السد به مشكلات كثيرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.