مدير صندوق النقد لليوم السابع: مستعدون لتعديل برنامج التمويل لمصلحة المصريين    وزير الشئون النيابية: حياة كريمة نموذج فريد للتنمية الشاملة ودرس للتكامل    تركيا: أحد منفذى الهجوم الإرهابى عضو بتنظيم حزب العمال الكردستانى    مولر عن خسارة البايرن برباعية ضد برشلونة: افتقدنا للثقة    المصري يختتم معسكره بالمغرب ويتوجه إلى مطار محمد الخامس    المترو يبدأ الخميس القادم العمل بالتوقيت الشتوى.. اعرف المواعيد    ضبط المتهم بانتحال صفة شرطى للنصب على المواطنين بأوسيم    خبيرة دولية: مصر تولى أهمية قصوى للاستثمار فى بناء الإنسان.. و"حياة كريمة" خير دليل    برلماني لبناني: مؤتمر باريس يجب أن يتجه لوقف الإجرام الذي تمارسه إسرائيل    وقوع شهيد باستهداف من طائرة استطلاع على دوار زايد في بيت لاهيا شمال غزة    مستشار ب«المصري للفكر»: الحرب الأهلية في لبنان واردة بعد العدوان الإسرائيلي    إجراء القرعة العلنية بين11 ألف مواطن تقدموا لحجز وحدات «فالي تاورز»    عاجل.. عبد الله السعيد يوافق على التجديد للزمالك دون شروط    جوميز يبحث عن لقبه الثالث مع الزمالك أمام الأهلي في كأس السوبر المصري    محافظ دمياط يعتمد قرار النزول بسن القبول بالمرحلة الابتدائية    22 مستشفى جامعيًا ومركزًا للأورام تشارك في فعاليات "أكتوبر الوردي"    بأسلوب المغافلة.. التحقيق مع المتهم بسرقة المواطنين في المطرية    أبرزهم عادل إمام.. تعرف على أبرز المكرمين من مهرجان الجونة في الدورات السابقة    حزب الله ينفذ 34 هجوما ضد جيش الاحتلال الإسرائيلي خلال 24 ساعة    وزير الصحة يعلن اعتماد التطعيمات اللازمة ضد شلل الأطفال للفلسطينيين    خبر في الجول - شكوك حول لحاق داري بمواجهة العين بعد تأكد غيابه أمام الزمالك    محافظ المنيا يشارك أبناء مدرسة النور للمكفوفين الاحتفال باليوم العالمي للعصا البيضاء    أردوغان: إسرائيل تستمر وتتمادى فى سياستها العدائية التى تخطت أى حدود معقولة    ردّا على إرسال جنود كوريين شماليين لروسيا.. سيول تهدد بتسليم أسلحة لأوكرانيا    الداخلية تشترط فى المتقدمين لحج القرعة 2025 عدم أداء الفريضة سابقا    «الداخلية» :ضبط قضايا اتجار في النقد الأجنبي ب11 ملايين جنيه    شركة مدينة مصر توقع عقد شراكة لتطوير مشروع عمراني سكني متكامل في هليوبوليس الجديدة مع شركة زهراء المعادي للاستثمار والتعمير    محافظ القاهرة: رفع القمامة والمخلفات من منطقة الجبخانة بحي مصر القديمة    ندوة بسوهاج تستعرض دور محو الأمية فى نشر الوعى ضمن المبادرة الرئاسية "بداية"    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    "سبت جوزي عشانه". حكاية علاقة الشيخ أشرف و "المنتقبة" تنتهي بمأساة    الإسكان توضح للمواطنين مراحل تنقية مياه الشرب.. ونصائح لتوفير وترشيد الاستهلاك    خلال 24 ساعة.. 4 مجازر في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 55 شهيدا و132 مصابا    محمد محمود عبدالعزيز وزوجته سارة وشيماء سيف ضيوف «صاحبة السعادة»    خبير موارد مائية يكشف إمكانية عودة مفاوضات سد النهضة بين مصر وإثيوبيا في البريكس    بعد تداول منشور وتحقيقات سريعة.. الأمن يكشف لغز اقتحام 5 شقق في مايو    وزير الصحة: تخصيص موازنة مستقلة للتنمية البشرية خلال الفترة المقبلة    فريق طبي ينقذ مريضا توقف قلبه بالمنوفية    مدير تعليم القاهرة يوجه بضرورة تسجيل الغياب أولًا بأول    الإسكندرية الأزهرية تحتفي بالبطولات الرياضية ضمن مبادرة بداية    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 2024    تعرف على طاقم تحكيم مباراة الأهلي والزمالك    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام فنربخشة بالدوري الأوروبي    اليوم ختام الدورة ال 32 لمهرجان الموسيقي العربية وسهرة طربية لمي فاروق    اليوم.. افتتاح الدورة السابعة من مهرجان الجونة بحضور نجوم الفن    أعراض قد تشير إلى ضعف القلب    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من المعاهد الصحية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الرياض في دوري روشن السعودي    ساعات على حفل ختام مهرجان الموسيقى العربية.. من يحييه؟    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    محافظ الإسماعيلية ورئيس هيئة قناة السويس يشهدان احتفالية ذكرى انتصارات أكتوبر    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    «الأهم في تاريخ الديربي».. كواليس جلسة عضو مجلس الزمالك مع قادة الفريق استعدادا لمواجهة الأهلي (خاص)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«الحلقة الثالثة».. تقادم الخطيب يكتب: حقيقة دور الإخوان في الثورة
نشر في الدستور الأصلي يوم 06 - 06 - 2013


الإخوان وعمر سليمان وصفقة إخلاء الميدان

أعضاء الجماعة تمركزوا على أطراف التحرير بالقرب من عمر مكرم بدءًا من 1 فبراير

عبد المنعم أبو الفتوح قال لى: الإخوان أمروا بالانسحاب من الميدان لكن شباب الجماعة رفض التنفيذ

التاريخ يكتبه الأقوى. هكذا تحدث المثل، وآمن به من آمن، وظن أن الأقوى هو السلطة، لكن القوة الحقيقية للشعوب، التى وإن طال الاستبداد بها، فإنها تنتفض لتنتزع حريتها، وتؤكد قوة وجودها، وأنها القادرة على كتابة تاريخها من خلال ذاكرتها الجمعية، حتى وإن أراد المدلسون أن يدلسوا، ويزوروا التاريخ لصالحهم، فالشعوب مارد، والمارد يمرض لكن لا يموت. منذ أن انطلقت حركة المعارضة المصرية ضد نظام مبارك وتبعيته، وفساده واستبداده فى جميع مؤسسات الدولة حتى اصطبغت الحياة بصبغته، كانت حركة «9 مارس» التى تأسست فى الجامعة فى 2003 بمثابة القطار الذى انطلق، ثم كانت حركة «كفاية» العظيمة فى 2004، وما أحدثته فى الشارع من حركة، وردة فعل حقيقى ضد النظام المباركى، وتوّج هذا الأمر ب«الجمعية الوطنية للتغيير»، التى أُسست فى 2010 مع قدوم الدكتور البرادعى إلى مصر (ولا يستطيع أحد أن ينكر دوره حتى وإن اختلفنا معه)، وكان الأساس الذى تأسست عليه الجمعية الوطنية أنها المظلة المشتركة لجميع قوى المعارضة من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار دون إقصاء أو تهميش لأحد، وتمثل ذلك فى المطالب السبعة التى عُرفت ببيان التغيير، وقد حمل المطلب رقم 7 المطالبة بدستور ديمقراطى يعبر عن جميع أبناء الشعب المصرى دون التمييز أو التفرقة، ولجنة متوازنة تصوغه لتعبر عن ذلك. فى كل ذلك كان الإخوان موجودين فى حركة المعارضة، إلا أن مصلحتهم الخاصة ورغبتهم فى السلطة جعلتهم يلعبون لصالح تلك المصلحة الخاصة، ولو على حساب الثوابت الوطنية، فقد كانوا شركاء لنظام مبارك من خلال الاتفاقات التى أبرموها معه منذ انتخابات 2005 بنص حديث مرشدهم مهدى عاكف، ثم انتخابات 2010، ثم الذهاب إلى عمر سليمان، والاتفاق معه مقابل مطالب رخيصة على حساب دماء الشهداء والثورة واستحقاقاتها، ثم اتفاقاتهم مع المجلس العسكرى. وحينما وصلوا إلى السلطة أرادوا تزوير التاريخ، مستغلين فى ذلك ماكينتهم الإعلامية التى روجت أكاذيبهم، وأنهم من قاموا بالثورة، ومن حموا الميدان فى موقعة الجمل، وصدّق الناس ذلك. فكان لزامًا علىّ أن أكتب، وأروى ما كنت شاهدًا عليه، شهادة مجردة دون تحيز إلى طرف على حساب طرف، لكنها الحقيقة كما هى، وكما رصدتها. لتكون شهادة أمام الله والناس والتاريخ. المجد والخلود للشهداء.

يوم 30 يناير 2011 كان هناك اجتماع للجمعية صباح هذا اليوم، لاتخاذ موقف من اتصال اللواء عمر سليمان بالجمعية الوطنية ودعوته إلى حوار وطنى مع القوى السياسية.

حضر اجتماع هذا اليوم معظم أعضاء الجمعية بمن فيهم الإخوان المسلمون، وقد كان الدكتور عصام العريان ممثلا عن الجماعة فى ذلك الاجتماع، وتناقش المجتمِعون حول هذا الأمر وقد كان الرفض لأى حوار هو موقف الجميع بمن فيهم الإخوان المسلمون، فقد سأل المنسق العام للجمعية حينها ممثل الإخوان الدكتور عصام العريان عن موقفهم من الحوار الذى دعا إليه عمر سليمان فكان رده: «إن جماعة الإخوان المسلمين ترفض الحوار مع هذا النظام الذى فقد شرعيته، وخرجت ضده الملايين فى الشوارع تطالب بإسقاطه، ونحن جزء أصيل لا يتجزأ من هذا الشارع».

تم إقرار ذلك وكتابة بيان بهذا يعبر عن موقف الجمعية ورفضها للحوار، وبعد انتهاء الاجتماع تم صياغة البيان «قمت بكتابته على الكمبيوتر»، وأعلنت الجمعية فيه موقفها الذى تلخص فى محورين أساسيين: لا تفاوض قبل الرحيل، والاعتراف بحق التظاهر والاعتصام السلميين الآن ومستقبلا. وحينما سألت عن البند الثانى، قيل إنه بمثابة تعهد يعلنه النظام حتى لا ينكل بالمتظاهرين إذا لم تنجح الثورة لا قدر الله.

وفى هذه الأثناء كان عملى مقسما بين الميدان وبين عيادة الدكتور عبد الجليل مصطفى مقر الاجتماعات لأنقل للمجتمعين أحوال الميدان، وأرى ما يتم تكليفى به من أعمال، وكنت أبيت هناك برفقة د.عبد الجليل والمهندس يحيى حسين عبد الهادى ود.أحمد دراج. حتى هذه اللحظة كان الموقف المعلن من قبل الإخوان هو رفض الحوار طبقا لما اتفقنا عليه جميعا، إلا أن ما تكشف كان عكس ذلك، وهنا تأتى الرواية الأولى، ففى مساء يوم الثلاثاء الموافق 1/2/2011، قام د.عبد الجليل بالاتصال بالدكتور محمد البلتاجى، ولكن هاتفه كان مغلقا، وكذلك قام عدد آخر بالاتصال به فوجدوا التليفون مغلقا، حينها كلفت بالنزول إلى الميدان والبحث عنه أو عن أى أحد من قيادات الإخوان الموجودين فى الميدان، ونزلت إلى ميدان التحرير وفتشت فلم أجد أحدا، فرجعت وأخبرتهم بأنه لا يوجد أحد منهم فى الميدان، أو داخل مكتب سفير للسياحة، الذى كنا نجلس فيه من حين إلى آخر، أو فى أى ناحية من نواحى الميدان.

وفى صباح اليوم التالى الأربعاء 2/2/2011، فى تمام الساعة الثامنة صباحا، قال لى الدكتور عبد الجليل مصطفى عليك أن تمر على مداخل ومخارج الميدان لكى نعرف أين يتمركز الإخوان، وكان ذلك فى حضور أبو العز الحريرى والمهندس يحيى حسين عبد الهادى وآخرين، وكانت الساعة حينها الثامنة والنصف صباحا، ونزلت إلى الميدان، وذهبت إلى أحد شباب حملة دعم البرادعى الموجودين بالميدان وهو محمد أنيس، وأفطرنا معا «شيئا من طعام الميدان البسيط»، ثم قلت له: يجب أن نقوم بجولة حول مداخل ومخارج الميدان لأعرف أين يتمركز الإخوان، فقمنا بجولة حول مداخل الميدان، فوجدت أن الإخوان متمركزون فى مكانين: عند مسجد عمر مكرم ومدخل الميدان من تلك الناحية خلف المجمع، وعند المنصة التى كانت أمام مكتب سفير، وقمت بتسجيل تلك البيانات والرسم الكروكى لها، ورجعت، وأخبرتهم، فقال الدكتور عبد الجليل: هل الشباب على استعداد أن يملؤوا تلك الأماكن إذا ما انسحب الإخوان من الميدان؟ فقلت له: إن شاء الله لكن ستحدث بلبلة شديدة قد تؤدى إلى فوضى، فقال لدىّ معلومات أن الإخوان سينسحبون من الميدان، فقد ذهبوا وجلسوا مع عمر سليمان من ورائنا سرا، لم أناقشه فى مدى صحة المعلومة لأننى أعلم من هو صدقا وإخلاصا ووطنية، لكن الدلائل والقرائن التى عرفتها بعد ذلك كشفت صحة المعلومة، وسأذكر تلك الدلائل بعد قليل.

أخذت أفكر هل الإخوان كانوا سيتركون الميدان حقيقة، فجاءت الإجابة كالتالى.. فى يوم السبت 7/5/2011، وهو اليوم الذى عقد فيه مؤتمر مصر الأول، تقابلت مع أحد الروائيين المصريين المشهورين، وقد ربطتنى به علاقة بعد الثورة، وسألنى: لماذا غاب الإخوان عن المؤتمر، فقلت له عدة احتمالات، فذكر لى قائلا: إنه منذ أيام قليلة كان موجودا عند أحد الكتاب السياسيين الكبار، وذكر له الرجل: أن عمر سليمان اتصل به بعد توليه منصب النائب، وقال له إن الرئيس مبارك كلفه بعمل حوار وطنى، فأراد أن يناقشه فى ذلك، فقال له الأستاذ: أرسل إلىّ الأوراق، واترك لى وسيلة اتصال بك، فأرسل له عمر سليمان الأوراق، إلا أن هناك شيئا لفت انتباهه فى تلك الأوراق: أن آخر ورقة من الأوراق كانت تحت عنوان «نتائج الحوار الوطنى»، وهو لم يكن قد بدأ بعد، وورقة أخرى من بين الأوراق تنص على أن حوارا وطنيا سيبدأ مع القوى السياسية ومن بينها الإخوان المسلمون، فقام الرجل بالاتصال بعمر سليمان، وأخبره عن ورقة النتائج فقال له سليمان أرسلت عن طريق الخطأ، وحينما سأله عن القوى السياسية والإخوان من بينها، والنظام لم يكن يعترف بها لأنها جماعة محظورة، فقال له سليمان هذا طلب الرئيس مبارك، فقال له: لماذا؟ فقال له: هناك اتصالات بينهم وبينه، وقد أعطوه كلمة بإخلاء الميدان.

ناقشت تلك الرواية فى عقلى، ومدى قوتها، فجاءت الرواية الثالثة لتؤكد صحة الروايتين الأولى والثانية، وصاحب الرواية الثالثة هو الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح أحد أعضاء الجماعة الكبار وبانيها الثانى، وحينما قصصت عليه الرواية الأولى المتعلقة بنزولى للميدان، ثم الرواية الثانية، أخبرنى بصحة ذلك، وقال إنه فى يوم الأربعاء الثانى من فبراير «يوم موقعة الجمل» عندما دخل البلطجية من ناحية الميدان، جاء اتصال لقادة الإخوان أن النظام يقوم بسحل وقتل كل من فى الميدان، فأرسلوا رسولا يحمل رسالة بالانسحاب من الميدان، إلا أن عددا من شباب الإخوان تمردوا على ذلك القرار، وأبلغوا الدكتور أبو الفتوح بذلك، وقال لهم لا تتركوا الميدان، ثم أكمل قائلا «إنه فى يوم 5 فبراير اتصلت (أمن الدولة) بالإخوان لمقابلة عمر سليمان، فذهب إليه الكتاتنى ومرسى، واتفق معهم على إخلاء الميدان مقابل عمل حزب سياسى وأن الأمور ستنتهى وأن مبارك سينقل صلاحياته إليه، ثم عقب بمقولة لا داعى لذكرها لكن الممارسة تفصح عنها».

وتتفق تلك الرواية مع الحديث الذى كان أدلى به أبو الفتوح على قناة «الجزيرة» فى أثناء تلك الفترة ورفضه لأى بيان أو دعوة إلى الانسحاب من الميدان، وهو ما ذكره لى أحد الموجودين عن قرب فى اتخاذ القرار داخل قناة «الجزيرة».

صباحى قال أمام عصام العريان: «ماتدلعوش الإخوان»

عبد الجليل مصطفى سأل العريان لماذا ذهبتم إلى عمر سليمان فرد: لاستكشاف نية النظام

البلتاجى كان يهاجم ائتلاف شباب الثورة فى الاجتماعات.. ونفاجأ به يحضر أى مؤتمر معهم

ذكرتُ فى السابق مناقشة الجمعية وموقفها من اتصال عمر سليمان، وكان لا بد من ربط التواريخ بصورة أو أخرى لتكتمل الصورة وتتضح أكثر.

بعد أن تم تشكيل البرلمان الشعبى، الذى يضم عددًا من القوى السياسية والشخصيات الوطنية المخلصة للبلد، تقرر عقد اجتماع له قبل الثورة، إلا أنه تم تأجيل الموعد، وتوافق الاجتماع الأول له مع قيام الثورة يوم 31 يناير صباحًا فى مقر البرلمان بحزب الغد، وقد حضر هذا الاجتماع أعضاء البرلمان، وكان من بين الحضور الدكتور محمد بديع المرشد العام للإخوان المسلمين، وقد كنت حاضرًا هذا الاجتماع برفقة الدكتور عبد الجليل مصطفى، ولم أكن عضوًا فى البرلمان الشعبى، وترأس الجلسة الأولى فى هذا اليوم الأستاذ عبد العزيز التونسى أكبر الأعضاء سنًا، وقد طلب المرشد الكلمة وأعطاها له رئيس الجلسة، إلا أن المهندس ممدوح حمزة اعترض على ذلك بأن الكلمات للأعضاء، وقد تحدث الدكتور بديع، وقال إنه ظن أن الاجتماع مفتوح للجميع، ثم قال كلمته وانصرف.

وفى صباح يوم الثلاثاء 1 فبراير ظهر الدكتور محمد البلتاجى فى عيادة الدكتور عبد الجليل، وقال إن هناك مؤتمرًا صحفيًّا سيعقد لإعلان قيام ائتلاف شباب الثورة، ما أدهشنى فى ما بعد أن البلتاجى كان دائمًا يهاجم شباب الائتلاف فى اجتماعات الجمعية، وفى كل مرة يحضر أى مؤتمر معهم، وهذا وضع علامات استفهام كبيرة بالنسبة إلىّ!

عند التاسعة من مساء نفس اليوم 1 فبراير ألقى الرئيس المخلوع حسنى مبارك خطابه الذى كان بصيغة عاطفية وقال فيه عبارة: هذه بلدى التى عشت على أرضها وضحيت من أجلها وسأدفن فى ترابها، وقد شكل هذا الخطاب قوة كبيرة لقوى النظام، وأحدث نوعًا من التعاطف الكبير لدى القوى الموجودة خارج الميدان مع حسنى مبارك، وانعكس بصورة سلبية على الميدان والقوى المعتصمة فيه، وبتنا ليلتنا فى حيرة شديدة، ونحن نتساءل: ماذا سنفعل صباحًا؟ وكيف هو حال الشارع الذى أصبح ضدنا بعد هذا الخطاب؟

وفى صبيحة يوم الأربعاء الموافق 2\2\2011 عند التاسعة صباحًا وقبل موقعة الجمل بساعات، عقدت الجمعية الوطنية للتغيير اجتماعها لمناقشة خطاب حسنى مبارك، وقد انعكست هذه الحالة المشوبة بالقلق والخوف على عدد من أعضاء الجمعية، وظن بعضهم أن الثورة انتهت بعد هذا الخطاب الذى ألقاه مبارك، وإلى جانب مناقشة هذا الخطاب كان هناك أمر آخر ملح أيضا، وهو ذهاب الإخوان المسلمين إلى عمر سليمان، والحوار معه سرًا، وعندما سأل الدكتور عبد الجليل الدكتور عصام العريان لماذا ذهبتم إلى عمر سليمان بعد أن اتفقنا أننا لن نذهب إليه؟ فكان رد العريان: لقد ذهبنا لنستكشف نية النظام ونعرف ماذا يريد وماذا لديه. وفى هذه الأثناء طرق جرس الباب، وكان الأستاذ حمدين صباحى هو الطارق وجلس، وبعد أن أكمل عصام العريان كلمته أخذ الكلمة حمدين وهاجم العريان هجومًا شديدًا، وقال لماذا يذهب الإخوان ويقومون بالاتصال بعمر سليمان؟ إنهم يتصلون بى كثيرا، ولم أذهب إليهم، لكن بعد أن ذهب الإخوان فلماذا لا أذهب؟ ثم قال: «ماتدلعوش الإخوان»، فرد المهندس أحمد بهاء شعبان وقال: إن ذهاب الإخوان لعمر سليمان ليس مبررًا أخلاقيًّا لنذهب نحن، لقد خالفوا الإجماع وذهبوا، وليست هذه هى المرة الأولى التى يخالفون فيها ما نتفق عليه جميعًا، وبعدها استنكر الجميع ما قام به الإخوان، ثم كان الموضوع الثانى وهو خطاب حسنى مبارك، وانتهى المجتمعون إلى رفضه وتأكيد مطالب الثورة، وقرروا تشكيل لجنة لمتابعة تحقيق تلك المطالب، واقترح اسم محمد البلتاجى ليكون عضوًا فيها، لأنه كان دائم الوجود بالميدان، وقد تمت كتابة بيان بخصوص تلك المطالب هذا نصه:

الجمعية الوطنية للتغيير، البرلمان الشعبى «لجنة متابعة تحقيق مطالب الشعب»

فى اجتماع مشترك صباح اليوم الأربعاء 2/2/2011، لدراسة المستجدات على الساحة بعد خطاب حسنى مبارك مساء أمس، أكد المجتمعون ما يأتى:

1- رفض ما ورد فى خطاب مبارك أمس، حيث لم يخرج عن الأكاذيب المعتادة ليكسب النظام بعض الوقت لتفتيت قوى الانتفاضة.

2- لا نرفض التفاوض من حيث المبدأ، فهو مشروط برحيل الديكتاتور.

3- الاستمرار فى الاعتصام فى ميدان التحرير والزحف إلى القاهرة فجر الجمعة القادم 4/2/2011، لتكون جمعة الرحيل من خلال احتشاد الملايين فى ميدان التحرير والمحافظات.

ويدين المجتمعون نازية النظام القمعى الذى لم يتورع عن تجويع الجماهير الغاضبة بفرض حظر التجول الممتد لحوالى ثلاثة أرباع اليوم، وإعاقة انتقال السلع والخدمات الضرورية وندرتها فى الأسواق، إضافة إلى أعمال الترويع والسرقة وإشعال الحرائق، والاعتداء على المواطنين الأبرياء بحشد أعداد كبيرة من بلطجية الحزب الوطنى الذين تم اعتقالهم من قبل الجيش فى ميدان التحرير، وثبت أن كثيرين منهم ينتمون إلى شرطة الداخلية الإرهابية، وهو أمر يكشف بوضوح عن منهج الحكم الدموى لمبارك، الذى يدعى رغم ذلك أنه لم يرغب أبدًا فى السلطة التى لم يكتف بثلاثة عقود منها، جثم فيها بالكذب والقمع والقهر على صدور المصريين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.