مارسيل كولر يعادل رقم مانويل جوزيه ويفوز بالسوبر المصري للمرة الرابعة    محمد صلاح: الزمالك قدم مباراة قوية رغم الظروف.. وجوميز أخطأ في التشكيل منذ البداية    نيويورك تايمز: خامنئي أمر الحرس الثوري بوضع خطط عسكرية للرد على أي هجوم إسرائيلي محتمل    طائرات الاحتلال المروحية تطلق النار على المناطق الشرقية لمدينة خان يونس جنوب قطاع غزة    بعد تعيينه وكيل «تعليم كفر الشيخ».. السيرة الذاتية للدكتور علاء جودة    بوتين في مؤتمر بشأن البريكس: موسكو مستعدة لبحث خيارات السلام مع كييف    كولر أم محمد رمضان ؟.. رضا عبد العال يكشف سر فوز الأهلي بالسوبر المصري    حبس سائق لسرقته مندوب شركة بالمطرية    أمطار غزيرة لمدة 96 ساعة.. موعد أول نوة شتوية 2024 تضرب البلاد (استعدوا للتقلبات الجوية)    واتساب يتيح تخزين جهات الاتصال على حسابات المستخدمين    "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا".. الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة اليوم    وكيل الصحة يزور قسم الأطفال بحميات العباسية لتطبيق النموذج الناجح داخل سوهاج    وكيل صحة القليوبية: حملة «بداية» قدمت أكثر من 2 مليون خدمة حتي اليوم    أول تعليق من مرتضى منصور بعد تتويج الأهلي بالسوبر المصري    أشرف داري: فخور باللعب للأهلي.. وأتمنى وضع بصمتي في البطولات القادمة    وسام أبو علي: السوبر المصري هدية من الأهلي إلى فلسطين    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن سلسلة غارات على الضاحية الجنوبية لبيروت    إعلام عبري: إصابة 22 جنديًا خلال ال 24 ساعة الماضية    إم جي 2024.. مزيج من الأناقة والتكنولوجيا بأسعار تنافسية في السوق المصري    «توخوا الحذر».. الأرصاد تكشف حالة الطقس اليوم في مصر والظواهر الجوية المتوقعة    مناشدة عاجلة من الداخلية للأجانب بالبلاد    بنظارة سوداء.. يوسف الشريف يخطف الأنظار على السجادة الحمراء| فيديو    وزير الثقافة يشهد ختام فعاليات الدورة ال32 لمهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية    يسرا اللوزي من مهرجان الجونة: "فرصة الناس تتقابل ونشوف مشاريع جديدة"    نسرين طافش: "كفايا عليا أحضر مهرجان الجونة عشان أشوف أحلى الأفلام"    أصل الحكاية| «جامع القائد إبراهيم» أيقونة إسلامية في قلب الإسكندرية    ارقصوا على قبري.. سعاد صالح توجه رسالة نارية لفنان شهير    نشرة التوك شو| تكليفات رئاسية بتوطين علاجات الأورام وأصداء تصريحات مديرة صندوق النقد    مصدر مسؤول: وفد مصري رفيع المستوى يلتقي رئيس الموساد ووفدا من الشاباك    بث مباشر احتفال لاعبي الأهلي في فندق الإقامة بعد التتويج بالسوبر المصري    الاستثماري يرتفع وعز يتراجع.. سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    ارتفاع جماعي.. سعر الدولار الرسمي مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    مصرع سائق وإصابة شقيقه فى حادث إنقلاب سيارة بالمراغة شمال سوهاج    الأرصاد السعودية تحذر من أمطار تضرب عددا من مناطق المملكة لمدة 5 أيام    تحريات لكشف ملابسات مقتل عامل باطلاق النار عليه في العمرانية    خالد قبيصى مديرا لمديرية التربية والتعليم بالفيوم    تجديد الثقة فى المهندس ناصر حسن وكيلًا لتعليم الغربية    ارتفاع مفاجئ بجميع الأعيرة.. سعر الذهب اليوم الجمعة بالصاغة وعيار 21 يسجل رقمًا جديدًا    تأخير الساعة 60 دقيقة.. موعد تفعيل التوقيت الشتوي 2024    مي فاورق تختتم ليالى مهرجان الموسيقى العربية بروائع الأغانى التراثية    أبرزهم أبطال «رفعت عيني للسما».. شاهد النجوم على السجادة الحمراء في حفل افتتاح مهرجان الجونة    عمرو الفقي يعلن التعاقد مع متسابقي برنامج "كاستنج" للمشاركة في أعمال درامية    بهاء سلطان يطرح أغنية «أنا من غيرك» من فيلم «الهوى سلطان» (فيديو)    بالصور.. الاتحاد العام لشباب العمال بالأقصر ينظم ندوة تثقيفية حول "الشمول المالي"    ظهرنا بروح قتالية.. أول تعليق من أكرم توفيق بعد التتويج بالسوبر    رولز رويس 2024.. قمة الفخامة البريطانية تتجسد في سيارات الأحلام وأسعارها في مصر    مصدر مسؤول: مصر أكدت للوفد الاسرائيلي رفضها للعملية العسكرية الجارية بشمال غزة    «القاهرة الإخبارية»: باريس تحتضن المؤتمر الدولي لدعم لبنان    أخبار × 24 ساعة.. وزير الصحة: عدد سكان مصر يصل 107 ملايين نسمة خلال أيام    الآلاف يحتفلون بالليلة الختامية لمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي | صور    طريقة عمل كيكة قدرة قادر بخطوات بسيطة    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    سفير القاهرة فى لاهاى يستقبل ممثلى الاتحادات والجمعيات المصرية    ضخ دماء جديدة.. ننشر حركة التغييرات الموسعة لوكلاء وزارة التعليم بالمحافظات    قومي المرأة يشارك في جلسة "الشمول المالي.. الأثر والتحديات والحلول"    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد جمال يكتب: المسخ 1
نشر في الدستور الأصلي يوم 22 - 05 - 2013

كانت القاهرة تدخل إلى الساعات الأولى من صباح اليوم التالى حين كان زكى باشا الدسوقى يتأبط ذراع بثينة ويستند إليها فى الوقت ذاته حتى لا يقع على أثر ترنحات منطقية بعد ليلة حافلة بالشراب ،حينها قال زكى باشا قولته المأثورة " إحنا فى زمن المسخ ".

المسخ فى اللغ معناها تحويل صورة الشىء إلى صورة قبيحة.... ومن تربوا-مثلى- على حلقات (هركليز ، وزينا) يذكرون جيدا كيف كان المسخ كلمة تعبر عن خصم أيهما الذى يملك رأس شيء وما على جسد شيء أخر وذراع إن لم تكن أذرع شيء ثالث!!!

أما المشهد بالكامل فهو أحد مشاهد الفيلم الرائع (عمارة يعقوبيان) عن رواية بنفس الاسم لعلاء الأسوانى كتب لها الحوار وحيد حامد

بشكل ما كان اختيار وحيد حامد لكلمة مسخ من أروع وأبدع ما يمكن لأن المراقب لهذا الوطن.. المتأمل فى أحواله.. أو حتى القارئ لتاريخه يستطيع أن يدرك بسهولة كم التشويه الذى حدث له فى كل شيء

حين تكون بصدد الحديث عن موضوع بهذا الاتساع لا يمكنك إلا أن تستعير تعبير محمود مسعد الشهير " الحقيقة الواحد مش عارف يبتدى منين "

كيف صار القبح عنوانا للحياة فى مصر؟؟

كيف امتدت يد ما إلى كل جميل فأحالته قبيحاً؟

لماذا سمحنا بذلك؟؟.....أين كنّا؟؟؟

لا أعدك بالإجابة على هذه الأسئلة ولكن أعدك بمحاولة مجتهدة والأهم من ذلك أننى أعتبر الجزء الأكبر من هدفى قد تحقق بمجرد لفت انتباهك إلى التغيير.. لأن أخطر أعداء الإنسان وأعظم أصدقائه فى الوقت ذاته هو التعود.

أنت تستنكر فى البداية ثم تبتلع استكارك ثم تتوقف أصلاً عن الاستنكار (رجاءا ....راجع صورة زوجتك فى العشر سنوات الأخيرة من الأقدام إلى الأحدث).

لن أنظر بدلا منك أنا فقط سأضع نظارتك الطبية على عينيك ،وإذا كنت واثقا أنك ترتديها فأنا سأتكفل بمسحها فقط أما إذا كنت مصرا أن نظرك 6 على 6 فأنا أسف على الإزعاج!!!

أولاً: الدين.

فى وطن عبد فيه الناس كل شيء، ونادى فيه أول مناد للتوحيد ومر به الكثير من الأنبياء وذكر فى كل الكتب السماوية، لابد أن تستنتج أن الدين حجر زاوية فى الشخصية المصرية سواءا كان ذلك بحكم التاريخ أو الجغرافيا.

ولأن المصرى يمتلك وعيا بعمر آلاف السنين فقد استطاع دائماً أن يمتص من كل المعتقدات والديانات التى مرت به أروع ما فيها بل زاوج بينها أحيانا وهى درجة أعظم كثيراً من درجة التعايش جنبا إلى جنب.

ظل الدين لاعبا أساسيا فى تاريخ المصريين القديم والحديث وظل رجال الدين أحد أكثر المؤثرين فى حركة التاريخ المصرى وظلت المؤسسات الدينية أركانا أساسية فى أى تطور أو تغير لمجرى التاريخ المصرى.

على سبيل المثال لا الحصر تستطيع أن تلمح ذلك فى التاريخ الفرعونى وفى تاريخ الحملة الفرنسية وفى تولى محمد على باشا الحكم وفى ثورة 1919 وحتى فى شعارات حرب أكتوبر.

الأمر الذى ظل واضحا دائما ومميزا فى علاقة المصريين بالدين هو تركيزهم الواضح على جوهر الدين وإن كان فى ذلك بعض إهمال لمظهره بمعنى أن جيل والدتى مثلا لم يكن يعرف الحجاب إلا فيما ندر ولكنه كان فى المعظم يميل إلى الملابس المحتشمة التى لا تخلو من أناقة مهذبة.

ذلك التركيز على الجوهر يظهر جليّا فى مأثورات من عينة "الرّك عالنيّة" و "ربّك رب قلوب"

هذا الأسلوب فى التعامل مع الدين بدأ فى التغير تدريحيا مع نهاية الستينات وتحديداً بعد النكسة وبلغ ذروته فى السبعينات.

لأن النكسة خلفت جرحا عميقا فى نفس كل مصرى وخلقت أزمة ثقة داخل وجدان الجميع، لم يعد ممكنا الوثوق فى شيء وبدا لحظتها وكأن كل الثوابت قابلة للتشكيك الزعيم ليس زعيما... الجيش ليس قويا... تل أبيب لم تعد مغنما.... وسيناء لم تعد لنا.

فى مثل تلك اللحظة من الشك العميق يتجه الإنسان فطريا إلى الثابت الأوحد الله الدين يقبل الإنسان ظمآنا إلى منهل تعاليم الله ليستعيد ثقته فيما حوله وقبل ذلك فى نفسه عن طريق شحن بطاريته الروحية.

إلا أن الأمر اكتسب منحى آخر حين جاءت السبعينات وعن هذه المرحلة تحديدا أجد أنه من المفيد أن نقرأ سويا شهادة الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح التى حررها الراحل الجميل حسام تمام رحمه الله وبرّد ثراه.

"وأظن أن السلفية الوهابية أقحمت على المشروع الإسلامى فى مصر إقحاما ..

فى هذا الوقت كانت الكتب الإسلامية تأتينا من السعودية بالمئات بل الآلاف وكانت كلها هدايا لا تكلفنا شيئا.. كانت دائما تهدى ولا تباع وكنا نوزع الكثير منها على الطلاب دون أن تعلم ما فيها من مشكلات فكرية ومنهجية وكثيرا ما أعدنا طباعة بعضها فى سلسلة صوت الحق التى كنا نصدرها.

كما مهد لانتشار الوهابية بيننا رحلات العمرة التى كان معظمها من خلال اتحاد الطلاب طوال الصيف وكانت أول مرة اعتمرت فيها عام 1974 وكلفتنى رحلة العمرة خمسة وعشرين جنيه فقط".

يقول أبو الفتوح أيضاً "كانت رحلات العمرة تتم فى أفواج كبيرة وصل عددها إلى خمسة عشر ألف طالب وطالبة فكانت إحدى روافد نقل افكر الوهابى المتشدد فقد كان بعض الطلاب يبقى هناك متخلفا عن القدوم مع الرحلة ويظل حتى موعد الحج فيعود من الرحلة حاجا معتمرا وشيخا سلفيا وهابيا"

وعلى أيدى هؤلاء -والكلام لا زال لأبو الفتوح- انتشرت الاختلافات البسيطة فى السنين وفى الأمور الفقهية وكانت المعارك تندلع بينهم بسبب هذه الالختلافات غير المجدية وكذلك بينهم وبين مشايخ الأزهر أو عامة الناس.

لقد خاض جيلنا خاصة ممن تأثروا بالفكر الوهابى معارك طاحنة فى مسائل مثل العلاقة بين الرجل والمرأة وضرورة الفصل بينهما بدءا بمدرجات الدراسة فى الجامعة وحتى الفصل بين البنين والبنات فى المدارس الابتدائية وما قبلها بل كان هناك أفكار حول ضرورة الفصل داخل المستشفيات بحيث يكن هناك مستشفى خاص بالرجال يديره الرجال وآخر للنساء تديره النساء ومن الأمور الغريبة التى كانت تناقش أنذاك قضية جواز رؤية خال أو عم المرأة لوجهها وكفيها أم حرمته"

أكتفى بها القدر من شهادة الدكتور أبو الفتوح التى أوضحت بشكل صريح أن فهما آخر للدين جرى إقحامه عمدا فى وعى المصريين. فهم يهتم بالمظهر أكثر بكثير من اهتمامه الجوهر إذا أضفنا إلى ذلك مساحة الحرية التى منحها السادات لتلك التيارات من أجل إسكات الحركات القومية والناصرية واليسارية نجد أنفسنا أمام مجتمع استقبل هجمة شرسة وهو ملىء بالثغرات الحقيقية والمفتعلة على حد سواء.

كان طبيعيا بعد ذلك أن تزدهر الفتن الطائفية وتندلع الخلافات بين المسلمين والمسحيين لأتفه الأسباب.

أصبحنا أمام رجال دين ينافقون الحكام.. يقبلون الظلم.... يأمرون بتافه المعروف ويتغافلون عن عظيم المنكر

يتجاهلون الحديث عن الحرية فى الإسلام وعن العدل فى الإسلام وعن حق الفرد و واجب الدولة فى الإسلام فى حين يقبلون على الحديث عن أمور مثل وجوب النقاب وطول البنطال وفائدة اللحية

وطبعا الوضع على الجانب الآخر لم يكن أفضل كثيرا، أصبحت الكنيسة وطنا بشكل أو آخر... أخذت على عاتقها ملء الفراغ الذى تركته الدولة بعد انزواء أحلام المشروع القومى وترك الحبل على الغارب للتيارات الإسلامية المتشددة.

شيئا فشيئا أصبحت الكنيسة مسئولة عن الكثير والكثير من تفاصيل حياة المسيحى المصرى بحيث لا يحتاج خارج إطارها إلى أحد ولأن لكل فعل رد فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه أخذت بعض العظات تتجه إلى الحديث عن كون المسيحيين هم أصحاب البلد الأصليين والعرب المسلمين ما هم إلا ضيوف عليهم أن يجلسوا باحترامهم وأشياء من هذا القبيل

وسط هذا كله تكون فهم ممسوخ للدين فى نفوس المصريين بحيث أصبح المصرى يتردد قبل تهنئة أخيه فى الوطن بعيده لكنه لا يتردد فى سب الدين لتلك التى انحرفت يمينا دون إشارة ضوئية .. يتردد قبل أن يشغل مسلما فى محله لكنه لا يتردد التحرش بالعاملات فى نفس المحل.

أصبح الدين عبئا على الأرواح لا ترياقا لها....أصبح أداة تشتيت لا تجميع وتنفير لا ترغيب،منحنا الله الدين كى نبنى حياتنا كما أرادها فهدمناها كما أردنا

هذا الفهم الممسوخ لم يجد أزهرا يقف فى وجهة بعد أن فقد الناس الثقة فى الأزهر وتعاملوا معه باعتبارة مؤسسة سلطوية تصدر فتاوى حسب الطلب ولا ويأتى شيخها إلا برضا السلطة بعد ان كان يمشى أمام الملك ويتم استقباله من الرؤساء والملوك فى شتّى بقاع الأرض

ولم يجد كنيسة تقف فى وجهه بعد أن انكمشت فى أحضان السلطة وتدثّرت بدثار أمان زائف لرعايا هم فى نهاية الأمر أيضا لا يشعرون بالأمان لأنه من طريق لا يرضى الله ولا المسيح الذى نعرف جميعا كم قاسى من الظلم

عاشت مصر وتحيا الثورة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.