كنتي سامرنا وانفض سامرنا .. الورد كله كسى الجناين .. واشمعنى انتي اللي شاردة منا .. يا تمر حنة يا تمر حنة. تمر حنا بتاعتنا .. تايهة .. موجودة ومش موجودة .. عايشة ومش عايشة .. بتبكي وعينيها مفيهاش ولا دمعة .. الدموع متحجرة مش عايزة تنزل .. خجل يمكن .. عزة نفس وكبرياء .. أكيد .. صرختها جوّاها .. والغضب في كل ملامح وشها .. عمرها ما كانت كده .. او عمرها ما وصلت للمرحلة دي .. كانت في أصعب المواقف واقفة على رجليها وبتضحك .. دلوقتي اتكسحت .. ونفسها انكسرت وأصحابها او اللي ملكوها بيسرحوا بيها ويشحتوا عليها.. وعايزين يبيعوها في سوق النخاسة.
تمر حنة اللي كانت بتشع نور وروايح من روايح الجنة .. تمر حنة اللي كانت لو حد لمس طرف توبها او شعرة من راسها تلاقي ولادها وحبايبها وراجلها قاموا قومة واحدة ومرمطوا بكرامة اللي رمش لها بعنيه الأرض .. تمر حنة اللي لو مات عيل من عيالها شهيد في حرب كانت تزغرد وعنيها مليانة دموع .. بس قلبها طاقة نور تنور الميادين.. اخوكم مات شهيد .. مشفش واحد منكم الا وجايب لي حقه.
تمر حنا حزينة على 17 عيل من عيالها اتقتلوا زي الفراخ من سنة فاتت في رمضان .. وافتكرت ان " راجلها " حيتشال ويتحط لحد ما يعرف مين اللي قتلهم .. لقت راجلها .. " مش راجل " .. مش عشان معرفش يجيب حق ولاده .. لكن لأنه عارف مين اللي قتلهم وساكت .. مبقتش طايقاه ع الارض ماشي .. لا طايقة تبص في وشه ولا تشم ريحته .. وراجلها مش مكفّيه اللي راحوا ومش قادر يجيب حقهم من أصحابه .. قام قتل لها من ساعة ما اتجوزها يجي 100 واحد من ولادها.
حاولت كتير تسمعه وتصبر عليه .. لكن طهقت من كدبه ولوع " الموامس " عنده .. وحست انه لا يمكن ابدا يكون السند وقت ما تحب ترّيح ضهرها .. ولا الصدر الحنين وقت ما تحب تحط راسها " وتعسّل " لها دقيقتين .. كل ده وهى صابرة لحد ما حست انه لا عنده نخوة ولا غيرة .. ومش فارق معاه مين اللي يدخل البيت في وجوده .. ومين اللي يدخل في غيابه .. أصحابه كتير " من عشيرته " وهو عندهم مجرد أجير .. لو عايزين تمر حنة يمتّعوا عنيهم بيها .. مفيش مشكلة .. ولو اكتر من كده .. لو عايزين يطفوا في جسمها الغالي شهوتهم ، برضه مفيش مشكلة .. ولو حد من بره " أجنبي " عايزها .. " يقاوله " الأول حتدفع كام .. وليلة ولا ليلتين!
يعمل كل عملة والتانية وبعدين تشوفه بيتوضى ورايح يصلي .. لحظتها تبقى عايزة " تتف " عليه وتولع فيه بجاز وسخ .. وفي الأخر وبعد ما فاض بيها الكيل وطفح .. لامت نفسها جامد انها اعتبرته راجلها .. بس اللوم الأكبر واللي باين في عنيها .. ع اللي رضيوا وشهدوا على عقد الجواز .. ويومها قالوا لها .. ده بتاع ربنا وحافظ القرآن وبيصلي الفجر في الجامع .. محدش حيصونك غيره ويحطك جوا حبابي عنيه الا هو.
ووافقت الغالية ومفيش سنة فاتت ع الجوازة السودا .. الا والمستخبي كله بان .. قامت راحت لعيالها سندها الحقيقي .. لقت كل واحد فيهم مشغول بنفسه وبحاله .. قالت احكي لهم ع اللي عمله فيا .. فصدموها وقالوا لها : عارفين! .. سألتهم : طيب ، وساكتين ليه ؟ ردوا : زهقنا ومش طايقين نسمع اسمه .. قالت لهم : طيب .. وانا اللي وشي في وشه 24 ساعة ، اعمل ايه؟ ردوا : نصيبك كده .. ومحدش بيموت ناقص عمر .
اتصدمت تمر حنة وعرفت ان لا ليها خير في راجلها ولا ليها خير في عيالها .. فطفشت ومحدش عارف راحت فين! .. في اللحظة دي .. ولادها حسوا انهم عريانين .. لا ليهم أصل ولا ليهم فصل .. نبتة خايبة ملهاش جذر .. ومحكوم عليها بالموت .. فحسوا بالخطر وراحوا يدوّروا عليها .. ولحد دلوقتي محدش لاقيها.
انتي فين يا تمر حنة .. من غيرك الحياة عتمة .. لا بقينا نضحك ولا نتسامر .. التعبان منا كان في حضنك يستريح .. والمهموم فينا كان على صدرك يرمي حمله .. وتميلي تبوسي راسه .. فينزل لحد الأرض ويبوس تراب رجليكي .. انت فين يا تمر حنة .. تعالي وقولي مين مضايقك .. واحنا نمحيه من الوجود .. سامحينا يا تمر حنة .. معرفناش قيمة وجودك الا لمّا مبقتيش موجودة .. معرفناش قيمتك الا لمّا حسينا ان قيمتنا بعدك في الحضيض .. تعالي يا تمر حنة ، وخدنا مداس ليكي .. وكفوفنا حنملاها ميه ورد ونسقيكي .. ولو تاخدي عمرنا كله .. فداكي وتحت رجليكي.
... سألت عنك في كل ناحية ... ماحد طمن قلبي عليكي .. وقالوا ماتت وقالوا صاحية .. وياما قالوا وعادوا فيكي .. كنتي شمعتنا .. كنتي نور بيتنا .. كنتي سامرنا وانفض سامرنا .. الورد كله كسى الجناين .. واشمعنى انتي اللي شاردة منا .. يا تمر حنة يا تمر حنة ؟!