واشنطن قلقة للغاية تجاه قانون الجمعيات الأهلية المزمع اقراره في المستقبل القريب. وقال مسؤول بالخارجية الأمريكية ل"التحرير":" نحن لدينا مخاوف خطيرة بشأن مسودة مشروع قانون المنظمات غير الحكومية، وقد أبدينا تلك المخاوف بوضوح في المحافل العامة وفي الاجتماعات الخاصة مع المسؤولين المصريين". وأضاف المسؤول الأمريكي :"ان جزءا محوريا من أية ديمقراطية هو وجود مجتمع مدني نابض بالحياة". وتوقعت مصادر مطلعة أن تقوم واشنطن باثارة هذا الأمر وبيان موقفها وانتقادها بشكل واضح في الأيام القليلة المقبلة. وأشارت تلك المصادر أن المخاوف لا تخص فقط التمويل بل أيضا آلية عمل تلك الجمعيات الأهلية والمناخ المتاح لممارسة نشاطها.
وقد أشار الى هذا الملف المهم جون كيري وزير الخارجية خلال جلسات الكونجرس التى عقدت أخيرا وأوضح فيها كيري مآخذه على المسار الديمقراطي الحالي في مصر وأهمية تواجد مجتمع مدني نشط وفعال. كما أن قيادات بارزة بالكونجرس لم تتردد في الفترة الأخيرة في انتقاد القانون المطروح خاصة أنه يضع قيودا أمام مشاركة منظمات أمريكية ودولية في العملية الديمقراطية. وفي السياق ذاته قالت منظمة "فريدوم هاوس" الأمريكية في بيان لها منذ أيام "ان محاولات مجلس الشورى لتمرير قانون تقييدي لعمل الجمعيات الأهلية في غياب جهاز تشريعي يثير مخاوف خطيرة بشأن مستقبل المجتمع المدني في مصر". وبما أن المسودة المطروحة بها الكثير من المواد المقيدة للعمل الأهلي فان "فريدوم هاوس" تطالب الحكومة بارجاء اقرار القانون "لحين انتخاب مجلس الشعب الجديد من أجل اتاحة فرصة لمناقشة مواد القانون في اطار عملية مفتوحة وشفافة".
وكان خالد القزاز سكرتير الرئيس للشؤون الخارجية قد اعترض على ما وصفه بالتدخل من جانب واشنطن. وذلك في خطاب مفتوح وجهه ل "واشنطن بوست" في بداية شهر أبريل ردا على افتتاحية نشرتها الصحيفة الأمريكية تحت عنوان" قوانين جديدة سوف تشل مؤسسات ديمقراطية مصرية". قال القزاز:"يبدو أن واشنطن بوست تجادل بأن التشريع المصري يجب تقييمه بمقياس عما اذا كان هذا التشريع "يقلل من قدرة الغرب على التأثير في المسار المصري". مضيفا:" انه لأمر مقلق بأن صحيفة محترمة مثلها تأخذ موقفا على أن شؤون مصر يجب أن تدار من واشنطن .. ان وجهة النظر هذه تمثل كل ما هو خاطئ في السياسة الخارجية الغربية. وأن بالنسبة للعديد من المصريين فان الولاياتالمتحدة كانت لها القدرة على "التأثير" على حكومات مصرية سابقة وكانت نتيجتها بالتحديد مجموعة من الظروف التي أدت الى الثورة المصرية وهي انتهاكات الكرامة والقمع وسوء التوزيع في الاقتصاد". وبما أن سكرتير الرئيس أشار الى أن المطلوب هو " ايجاد نسختنا من الديمقراطية" فقد ذكر "نحن نتوقع من أصدقائنا في المجتمع الدولي النصيحة والمساندة. ولا نتوقع ولا نقبل المراقبة أو التدخل".