لم أر في حياتي أغبي وأحمق من حكومتنا... أي والله!!! ماذا تقول عن حكومة يجلس مسئولوها وممثلو الشعب علي مقاعدهم ( التي غالباً هم لا يستحقونها ) ويمرون يومياً علي جموع من البشر المواطنين المعتصمين والمضربين والمنهارين والفاقدين للأمل في هذا الوطن والمهدرة حقوقهم والصارخين والمحروقة قلوبهم والمؤسفة حياتهم، يمرون علي كل هؤلاء المواطنين المصريين الذين يعتقدون أن وقفاتهم الاحتجاجية أمام مجلس الشعب ( يظنون أنهم شعب بجد، ويظنون أن هؤلاء النواب ممثلون عن الشعب بجد، ويظنون أنها بلد بجد، ويظنون أن الحكومة تحس علي دمها وتستحي من ذلك المشهد اليومي المؤسف الذي بدأ منذ خمسين يوماً وهو اعتصام المعاقين والآخر الذي بدأ منذ شهر تقريباً وهو اعتصام بسبب مشروع مبارك القومي لإسكان الشباب،....... يظن هؤلاء المواطنون أن وقفاتهم ستمثل ضغطاً علي حكومة مهترئة وميتة القلب وفاقدة العقل والوعي والحكمة، حكومة تمارس أمهر وسائل الدعاية السوداء ضد نفسها، حكومة بلغت من الغباوة أنها لا تعرف كيف تجمل صورتها أمام الشعب، حكومة تمارس الفجور السياسي علناً. هذه هي مشاعري وأفكاري عندما وقفت بين هؤلاء المعتصمين لعدة ساعات قليلة، أصور معهم وأسجل لهم، شاعرة بالعجز والخجل عندما يسألونني: طب رأيك نعمل إيه»؟ فأجيبهم بمنتهي اليأس: مش عارفة، مفيش حاجة مضمونة في البلد دي، غير قادرة علي تثبيط هممكم فأدعوكم للانسحاب أو لفض الاعتصام لأنني علي يقين أنه لا جدوي منه، ولست قادرة علي بث الحماس في قلوبكم ودعوتكم للاستمرار وللنضال لأنه أيضا لا توجد ضمانات علي الإطلاق. بمنتهي السذاجة وخيبة الأمل كنت بينهم، فقط..لتسجيل الموقف كوثيقة اجتماعية وشهادة علي ظلم وفساد وحماقة هذا (اللانظام) الذي يحكمنا. انتابتني كل هذه المشاعر وأنا أستمع لأصوات المعتصمين نساء ورجالاً وشبابًا يحكون لي مهزلة «مشروع مبارك القومي لإسكان الشباب» وهذا علي سبيل المثال كنموذج لواحدة من الوقفات والاعتصامات أمام مجلس لا مؤاخذة الشعب «سابقاً». السيدة تصرخ في الكاميرا وتقول: «قدمنا في المشروع من 3 سنين ودفعنا ال 5 آلاف جنيه ولما جاء ميعاد التسليم للمرحلة الرابعة اللي إحنا فيها، قالوا لنا فيه شروط جديدة لازم تتبعوها عشان تستلموا يا إما تاخدوا ال 5 آلاف جنيه بتاعتكم وتتسحب منكم الشقة. سيدةأخري تصرخ: يعني استثمروا فلوسنا وشغلوها مدة 3 سنين ودلوقتي جايين يقولوا لنا: إما تجيبوا ضامن شغال في الحكومة وراتبه لا يقل عن 500 جنيه وعمره مش أكتر من 40 سنة ويضمنك لمدة 20 سنة - مدة دفع الأقساط - بشرط ألا يكون قريباً لك، لا ابن ولا أخ ولازوج. يتدخل مواطن: ده منطق ده؟!، ده تعجيز ونصب علني، يعني نجيب واحد من الشارع نقول له اضمني ومرتبك يتحول كل شهر للبنك، وأورثني في الشقة لو مت قبل سداد الأقساط؟ده كلام يا خلق؟. آخر: يا أستاذة، إحنا بنتساوم داخل البنك، موظفين جوه البنك بيقولوا لنا نضمنك وتدفع لي 8 آلاف جنيه. سيدة: وحياة ولادي، واحد قال لي تكتبي لي وصل أمانة بخمسين ألف جنيه وأنا أضمنك. سيدة أخري: أنا جوزي بقاله 20 سنة في القطاع الخاص وبيقبض 900 جنيه، بندفع إيجار 450 جنيها وبنعيش أنا وجوزي وبنتين في التعليم ب450، أجيب منين، ولما جوزي جاب لهم شهادة التأمينات عليها ختم النسر، قطعوها، قالوا له، أنت في قطاع خاص، لازم تكون موظف حكومي أو تجيب لنا ضامن. سيدة اختنق صوتها بالدموع: حسبي الله ونعم الوكيل دي لازم توصل، وصليها للريس مبارك اللي المشروع باسمه، لو هو مش هيسلمنا شققنا، مين اللي ح يسلمنا؟. رجل: الحكومة ماشغلتش ناس وشباب بقالها 20 سنة، طب منين عاوزين موظفين في الحكومة، مش الحكومة هي اللي ماشية في اتجاه الخصخصة وبتبيع الحكومي؟، مش الحكومة اللي كل يوم بتقول وتعيد: ماتعتمدوش علي الحكومة في كل حاجة؟، لازم تتجهوا للقطاع الخاص، ده اتجاه عالمي. شاب: يا أستاذة، ده مش قانوني ولادستوري إن وقت التسليم يستحدثوا شروط جديدة ويقولوا لنا يا الدفع أو الضامن أو نسحب منكم الشقة في خلال 15 يوم، تصدقي إنهم بيقولوا لنا في البنك لو مش عارفين تجيبوا ضامن ادفعوا 30 ألف جنيه كاش !!!، يعني أنا سالف ال5 آلاف جنيه مقدم وعاوزيني أدفع 30 ألف.. إزاي؟!! يعني أنا سايب شغلي واليوم مخصوم مني، والبنك بيساومني، إيه الإهانة دي؟ شاب آخر: علي فكرة المشروع ده كان ضمن البرنامج الانتخابي للريس مبارك، إزاي نثق بعد كده فيه أو في أي حاجة في البلد دي؟ سيدة: إحنا صوتنا لازم يوصل للريس، مش ح يحلها غير الريس، بتوع مجلس الشعب بيمروا علينا، محدش بيقول لنا صباح الخير، محدش بيقول لنا نعمل إيه، إحنا مش عارفين نعمل إيه ونروح فين، والبنك طمع في شققنا وحليت في عينه وح يبيعها استثماري، يعني بيتاجروا بمشروع رئيس الجمهورية، يا ناس أنتوا مستكترين علينا 63 متر تلمنا إحنا وولادنا؟. شاب: بجد أنا عاوز أسأل سؤال لأني مش فاهم حاجة: إزاي بنك مصر «الفرع المميز بمحافظة 6 أكتوبر» يعمل هذه المهزلة في مشروع رئيس الجمهورية، وبجد أنا نفسي أفهم: هو الريس بتاعنا مش عارف إننا واقفين الوقفة المهينة دي من 3 أسابيع؟، الريس مش عارف إيه اللي بيحصل في أهم شارع في مصر، شارع مجلس الشعب؟، الريس مش عارف إننا ولاده، ولاد مصر بنتهان وبنتباع ومشروعه القومي بيتاجروا به وبنا؟ طب لو الريس مش عارف، إحنا إزاي هنعرف نتصرف في الظلم ده؟!! سيدة تبكي: يا أستاذة... هم فعلاً ممكن يبيعوا الشقق خلال 15 يوم وحقنا يروح علينا؟ رجل: تفتكري لو كلنا وكلنا محامي ورفعنا دعوي ضد البنك، ممكن يسلمونا الشقق وناخد حقوقنا؟! أسئلة تعجيزية يسألها أبناء بلدي، ويوجهون هذه الأسئلة لي «العبد لله» التي لا تملك إجابة ولا تملك ثقة في هذه الحكومة التي تتجاهل وتستغبي نفسها وشعبها وتأكل حقوقهم ولا تتخذ موقفاً صارماً يثبت حسن نواياها تجاه هذا الشعب الذي احترفت إهانته وقهره وعدم الاهتمام بمطالبه البديهية. تداخلت أصواتهم وانفعالاتهم: إزاي عاوزين يطبقوا شروط مش منصوص عليها في العقد؟ طب وآخرتها إيه... الشقق راحت مننا؟، محافظ 6 أكتوبر مارضيش يقابلنا وقال: ماليش دعوة، دي سياسة داخلية للبنك، المحافظة ليس لها سلطة، يا جماعة هو ده منطق، نتسرق علني ونقف مش عارفين نروح فين ولا نيجي منين، الله يسترك يا ريس إدينا حقوقنا..... آه والله..الله يسترك بقي يا ريس... اسمع صوت المصريين الذي تلاشي من كثرة الصراخ وأعرف ماذا يحدث للمصريين ( بافتراض حسن النية أنك لا تعرف وهي مصيبة أكبر وأعظم إن كنت لا تعرف )... وافعل خيراً أو......