هناك قضايا لا تقل أهمية - إن لم تزد - عن قضية مثل تعديل الدستور أو احتمالية خوض البرادعي وغيره الانتخابات الرئاسية المقبلة.. لأنها تمس الحياة اليومية للمواطنين.. فما يجري حاليا - علي سبيل المثال - من ارتفاعات متتالية في أسعار بعض السلع الرئيسية.. بداية بالسكر ومرورا باللحوم وانتهاء بالحديد الذي قفز 25% بين عشية وضحاها.. كل هذا يجب الانتباه إليه لتأثيره السلبي في المواطن. في العام الماضي وعندما ساد الكساد الاقتصاد العالمي جراء الأزمة العالمية.. انخفضت أسعار كثير من السلع مما أدي إلي تراجع التضخم (ارتفاع الأسعار مقابل ماتملكه من نقود) وكان هذا من سمات الأزمة.. ثم ظل العالم ينتظر بدء مرحلة التعافي.. وتوقع البعض وقوعها في بدايات النصف الثاني من العام الحالي.. والتي تعني زيادة الطلب علي السلع مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي.. وهذا ما حدث حيث زاد الطلب فعلا علي الحديد والسكر وفي الطريق سلع أخري.. ويتوقع خبراء أن تشهد الأسواق العالمية أوائل العام المقبل ارتفاعات غير مسبوقة في الأسعار وبالتالي زيادة معدل التضخم. يهمنا هنا معرفة تأثير مايجري في الأسواق العالمية في أسواقنا المحلية.. والتي ستشهد ارتفاعات متتالية في الأسعار.. مثلما قال لي خبير مصرفي كبير رفض ذكر اسمه.. وأشار إلي أن فقراء المصريين سيعانون كثيرًا العام المقبل بسبب الارتفاعات المجنونة المتوقعة للأسعار.. والتي تحدث عادة بعد كل كساد اقتصادي كبير مثلما جري. وإذا كانت غالبية الدول تمتلك عددًا من الأدوات تمكنها من ضبط حركة الأسعار والتدخل وقت اللزوم في الأسواق تفاديا لوقوع أزمة.. ولديها من القوانين ما يمنع من وقوع ممارسات احتكارية لأي سلعة بالأسواق..حرصا منها علي مصلحة المواطن الذي جاء بها إلي الحكم ويستطيع تغييرها إذا لم تحقق مصالحه.. كما أن الأسعار في تلك الدول لا ترتفع بشكل لانهائي.. بل تخضع لقانون العرض والطلب.. وبالتالي يمكن أن ينخفض سعر سلعة بعد ارتفاعها.. كما أن جمعيات حقوق المستهلك بتلك الدول.. تمارس دورها في توعية المواطنين.. وتتبنَّي مواقف حادة لمقاطعة بعض السلع التي تزيد بشكل غير مبرر. إذا قارنا ذلك بما يجري في مصر فسنجد ضعفا في الأداء الحكومي تجاه ممارسات رجال الأعمال الاحتكارية..لأن الحكومة تنتصر عادة لرجال الأعمال علي حساب المواطن..وحدث بلا حرج عن غياب فعالية جمعيات حقوق المستهلك.. والنتيجة مزيد من الارتفاعات في أسعار كثير من السلع بما قد يتجاوز أسعارها في الأسواق العالمية.. وبالتالي ارتفاع معدلات التضخم وسيعجز المواطن عن سد جزء كبير من احتياجاته الأساسية. هنا لا يجب ترك المواطن فريسة لما هو قادم.. ولا أن نقبل من الحكومة نفس التبريرات التي ساقتها عام 2008 عندما ارتفعت أسعار سلع كثيرة.. وأرجعت السبب إلي ارتفاع الأسعار في الأسواق العالمية ثم نفضت يدها بعد ذلك.. ظني أن أداء الحكومة تجاه كارثة الأسعار المقبلة.. سوف يؤثر كثيرا في ملف مستقبل الحكم في مصر.