نجل الأم المثالية : أى حديث لن يعطي والدتي حقها وأوصى الجميع بطاعتها لأنها من طاعة الله. الام المثالية ترفض هديتها وتقول أبنائى " أحق".
توفى " بابا " منذ أكثر من 23 سنة وكان يبلغ من العمر وقتها 35 عام بعد أن أصابته الحمى الشوكية وكان يعمل مدرسا للرياضيات وترك ل " ماما " تركة ثقيلة فكنا وقتها ثلاثة "أنثى وذكران " ولا يتعد الكبير فينا الخمس سنوات والطفلة الرابعة كانت فى بطن أمى ولم ترى والدها وخرجت للدنيا بعد وفاته بشهرين وكنت وقتها قد بدأت أستوعب الامور وأفهما قليلا بعدما فقدنا الاب ونحن نعيش فى بلد ريفى بمنزل بسيط لا يزينه سوى الحب والدفء الأسرى وتفاهم قطبى الاسرة وجدنا الام تعيش فى وسط مشكلات وصراعات لا قبل لأحد بها وجاء توزيع ميراث أبى ليقسم ظهر أمى للمرة الثانية فى أقل من 40 يوم فالمنزل الذى يأوينا ضاق علينا بعد أن إقتطف منه أعمامى نصيبهم فى الميراث دون رحمة بأبناء أخيهم الاربعة وأمنا الثكلى التى كانت صغيرة هى الاخرى فلم تكن والدتى تعدت ال 24 سنة عند وفاة زوجها ..
وجاءت الايام بلطمات متتالية يوما تلو الآخر على وجه أمى التى صمدت فالتقاليد حاولت أن تجبرها على تركنا لجدتنا والزواج حتى لا تعيش بدون رجل وعلى الرغم من إرتفاع تلك الموجه الشديد الا أنها نجحت فى اجتيازها هى الاخرى والتصميم على رعايتنا وعدم تركنا ننجرف لأى شاطىء لا نعرفه ونتوه عليه فكان ظلها الحنان وأنفاسها الدفىء .
هكذا بدأت الطبيبة ولاء محمد مبروك 27 سنة الابنة الكبري للأم المثالية ببنى سويف الحاجة سيدة عبد الحميد الحديث وأكملت ولاء شقيقى الذى يصغرنى مباشرة هو وائل 25 سنة خريج بكاليوس تجارة ولا يعمل ويليه وليد بكالوريوس هندسة 24 سنة ويعمل فى السعودية وأخيرا وفاء بكالوريوس تربية رياضية 22 سنة والتى لم يصيبها الحظ فى رؤية والدى .
وأكملت ولاء حديثها قائلة والدتى كانت لا تعمل بعد وفاة والدنا وكان معاشه صغير للغاية ولا يكفى مصاريفنا فقامت والدتى بالتصرف ببيع الذهب الخاص بها والكثير من متعلقات عفشها واستطاعت أن تؤجر محلا صغيرا لبيع الادوات المكتبيه به بعد أن إنقطعت وجفت عروق العطاء وأقتصر دور العم والخال على السؤال علينا فقط وبعدها تقدمت والدتنا الى شغل وظيفة ادارية بمدرسة بنى ماضى الابتدائية فى نفس القرية التى نعيش فيها وبتوفيق الله نجحت والدتى فى شغل الوظيفة وكانت تتركنا ساعات العمل الصباحية مع جدتى من ناحية الام وتأتى ساعة الرضاعة لتطعمنا وتطمأن علينا وفى آخر اليوم نذهب جميعا للنوم وتذهب الام الى الوقوف فى المكتبة وظلت سنوات وسنوات على هذا الحال لم تلتقط فيها أنفاسها حتى تنجح فى تربيتنا التى كان أساسها طاعة الله وكانت " ماما " على مستوى القرية معروفة بإنسانيتها وطيبتها وذوقها الرفيع واحترامها للجميع وأنا وأشقائى نرى أن جائزة الام المثالية لقب قليل عليها .
وتجاذب أطراف الحديث معنا فى احترام وصوت خافت وائل شقيق الطبيبه ولاء قائلا : حاولت أن أقدم لوالدتى هدية مختلفة فى عيد الام هذا العام وعندما علمت بأن مسابقة الام المثالية بمديرية الشئون الاجتماعية تستقبل القصص الخاصة بالامهات سارعت وكتبت قصة أمى وقدمتها وبالفعل فازت والدتى بالام المثالية على مستوى المحافظة والمركز الثالث على مستوى الجمهورية وكرمتها وزيرة الشئون الاجتماعية فى حفل كبير ومن الصعب أن اتحدث عن والدتى فأى حديث لن يعطيها حقها ولكن احب ان اوجه رساله لكل إبن بأن يبر والديه من غير مقابل فهم الذين يعطون أغلى ما يملكون لأبنائهم بمتعة وحب وتفان دون كلل أو ملل كما أوصى الجميع بطاعتهم لأنها من طاعة الرب .
خرجت علينا الحاجة سيدة فى نهاية حديث أبنائها بعد أدائها صلاة المغرب ورحبت بابتسامة رأينا فيها معانى الامومة ووجدناها حاملة فى يدها طفل صغير لم يتعد العام من عمره علمنا بعد ذلك أنه حفيدها شريف من إبنتها ولاء والذى لم يتركها طيلة جلستنا معها وكأن فيضان الامومة الذى تملكه هذه المرأة نال الجميع صغيرا وكبيرا وتحدثت قائلة : " الواحد فرحان وحاسس إن اللى عمله فى حياته لن يضيع هباءا " وربنا كرمنى فى أولادى أحسن تكريم .
وأضافت :ابحثوا لإبنى وائل عن فرصة عمل حتى يكتمل إطمئنانى على أبنائى جميعا وأنا لا أرغب الدنيا ولا أحتاج منها شىء فعندما كانت تحت قدمى لفظتها واخترت أبنائى و " عايشة ليهم وبيهم " فهم أكبر نعمة فى حياتى فحكمة الله عز وجل جعلتنا ننجب الابناء الاربعة فى 6 سنوات فقط وبعدها توفى زوجى وترك لى أكبر جائزة فى حياتى نجحت فى تربيتهم وتعليمهم أحسن تعليم والفضل فى ذلك يرجع الى الله والقرآن الذى حفظوه فى صدورهم وأكدت الام انها واجهت الصعاب بالصبر والمجاهدة والتوجه الى الله عندما تشتد عليها الامور وفجرت الحاجة سيدة مفاجأة حينما قالت : اننى عندما كنت أقع فى ضيق كنت أتحدث مباشرة الى الله ولا يمر يوم الا وحل الله عز وجل لى هذه المشكلة وكنت ابيت ساجدة شكرا له ووجهت الام فى ختام حديثها دعاءا لله بأن يصلح حال البلد .