«اتقِ شر دعوة المظلوم، اتقِ شر دعوة أم فقدت ابنها، الشرطة مسؤولة عن دم الشهداء، وأنت المسؤول الأول عنها أمام الله، فكل راعٍ مسؤول عن رعيته، افعل ما تشاء ولكن حق الشهداء لن يضيع، والله يدافع عن الذين آمنوا، ومهما طال الزمن حق ابنى مش هيضيع»، هكذا جاءت رسالة والدة الشهيد محمد الجندى إلى محمد مرسى. السيدة سامية الشيخ قالت ل«الدستور الأصلي » بمنزلها فى مدينة طنطا «لم أعترض على موت محمد، فالموت حق، ولكن أعترض على تعذيبه بتلك الطريقة لمجرد أنه كان يختلف مع من يحكم»، وقالت وهى تبكى «أعيش حاليًّا فاقدة للحياة كما فقد ابنى الحياة وأستشهد بما قاله سيدنا يعقوب عندما ضاع منه سيدنا يوسف، أشكو إليك يا رب ضعفى وقلة حيلتى وهوانى».
وحول المشهد الحالى قالت أم الشهيد الجندى مخاطبة الشباب «استكملوا ما تدافعون عنه فأنتم الحق، واحذروا العنف فأنتم خيرة الشباب»، مؤكدة أنها ستقاطع الانتخابات المقبلة قائلة «تلك الانتخابات تمر على جثث ودماء الشهداء، وهى مصيدة للجميع أعدها الإخوان لكى يفعلوا ما يشاؤون من تشريعات وقوانين تخدمهم فقط»، وأضافت «الإخوان المسلمون يحاولون إفقار الشعب المصرى حتى يصبح مجرَّد تابع للمعونات التى تقدم له من خلال جمعياتهم الخيرية، فالفقراء هم الورقة الرابحة فى يد الإخوان المسلمين والفقير يصبح سهل التوجيه أمام صناديق الانتخابات التى يعول عليها الإخوان»، وتابعت «الإخوان قلوبهم غليظة، ولأن كلامهم لا يخرج من قلوبهم فهو لا يصل إلى قلوب المصريين، وكلما تكلموا زاد كره الشعب لهم، باختصار ما فى ضلوعهم قلوب سوداء كأعمالهم».
والدة الشهيد استرسلت «لا أمان بلا شرطة ولا وطن دون جيش»، ووجهت رسالة إلى الجيش قيادة وجنودا «لا تتركونا لقمة لهم ولا تنظروا إلينا على أننا ضعفاء، فنحن نثق بكم ونثق أنكم سند ضد هذا الطوفان الغاشم على صدورنا»، وقالت إن «الشرطة المصرية بلا قلب أو رحمة لأنها لم ترحم الجندى حين اغتالته وعذبته وأفزعته وهو على قيد الحياة».
السيدة سامية أكدت أنها تعلم جيدا أن هناك محاولات كثيرة لإطالة أمد تقرير الطب الشرعى الخاص بالجندى وتسويف القضية إلى ما بعد الانتخابات عن طريق تشكيل أكثر من لجنة، وعلّقت «أنا لدىّ قناعة بأن التقرير الذى خرج بخصوص محمد غريب، فملابس محمد لا يبدو عليها أى علامات لحادثة أو ما شابه، كما أنه وصل إلى المستشفى دون ملابس داخلية ودون حذاء، فهل مزقت السيارة المزعومة ملابسه الداخلية؟ وأيضا لم يكن لديه أى وثائق، ثم ظهرت تباعا فى ما يدل على أنها كانت لديهم وأخرجوها شيئا فشيئا، وأنا غير معترضة على وفاته، بل اعتراضى على طريقة وفاته، ومنذ رأيته قبل رحيله ب4 أيام وأنا استودعته عند الله، وحاولت أن أحدثه فى أذنه أنه لن يفزع فى الآخرة كما أفزعوه فى الدنيا رغم أنى كنت أعلم أنه لا يسمعنى ولن يسمعنى مرة ثانية، ولكنى متأكدة أنه سيعيش أطول ممن قتلوه، وأنا حزينة بسبب تصريحات المستشار مكى وزير العدل التى قال فيها إن سبب وفاة ابنى هو صدمة سيارة، لأنه هكذا استبق تقرير الطب الشرعى، وأتمنى أن يراجع نفسه ويبحث عن الحقيقة بدلا من محاولة إضاعتها، كما أن وزير العدل أضاع حق محمد فى نيل الشهادة وعليه أن يعود إلى صوابه».
وقالت إن الدكتور أيمن فودة أكد لها أن فى رأس محمد جرحين حدثا فى يومين مختلفين، حتى أطباء المخ والأعصاب الذين زاروه وهو على قيد الحياة أكدوا لى تعرُّضه لتعذيب بصورة قاسية ووحشية، ورغم أننى كنت أعلم أنه يُحتضر فإنى كنت أنظر إليه لأحتفظ بصورته، وأضافت «الشاهد الوحيد على تعذيب الجندى من الإخوان، وتأثر بمشهد تعذيب محمد، وأنا لا أريد مقابلته وأتركه لضميره»، وتابعت «ميليشات الإخوان رصدت محمد الجندى من طنطا أولا ثم تمت تصفيته فى القاهرة لأن محمد كان معارضًا لسياسات الإخوان وقهرهم وظلمهم كما كان معارضًا لنظام مبارك وظلمه وجبروته».
ووجهت رسالة إلى المرشد العامّ قالت فيها «عليك أن توقف ميليشيات الإخوان عن قتل الأبرياء واستهداف الشباب فى ميادين مصر. الحكم والاستقرار لن يتحققا على جثث الشهداء، بل إن القتل سيكون سببا فى ثورة جديدة ضد الإخوان»، وأضافت «إذا لم ينصفنى القضاء المصرى، ونحن مستمرون معه حتى النهاية، فسوف أتجه إلى القضاء خارج مصر أقتصّ لابنى من قَتَلته وقتلة جيكا، وأنا على يقين بأن العالم كله يعرف كيف مات محمد الجندى، وشعب مصر لن يسكت على ضياع دم الشهداء»، مشيرة إلى أن «الأمريكيين أرسلوا لجنة للتحقيق فى مقتل أحد رعاياهم فى حادثة منطاد الأقصر لأنهم يعلمون أن فى تحقيقات بعض الجهات فى مصر حالًا من عدم الشفافية والمصداقية، فكيف يمكن تصديق ما يقولونه عن مقتل ابنى؟»، ووصفت الإخوان بأنهم «شدة وهتزول، وستذهب بلا رجعة، وهم قوم نسوا الله فأنساهم أنفسهم».
«آلاف من الشعب المصرى قدَّموا لى العزاء فى وفاة محمد، ومئات من الدول العربية ومئات من رجال الدين المسيحى، ولكن مؤسسة الرئاسة لم تفكر فى ذلك».. هكذا تقول، وتضيف «كنت أشم رائحة محمد حينما أقابل حمدين صباحى»، ووجهت رسالة إلى الشيخ محمد حسان «أتمنى لو تعلم أنى أتألم كثيرا وكل يوم أسمع صراخ ابنى وهو يتعذب وأراه وهم يعذبونه، وأتمنى أن تقول كلمة فى حق سفك الدماء، وأعلم أنك لا ترضى بسفك الدماء، ودم ابنى أمانة فى رقبتك، وأنا أستنجد بك كما استنجدَت إحدى النساء بعمر، وأتمنى أن تزورنى».
وفى غمرة من الدموع قالت السيدة سامية إن «محمد كان شريان الحياة لى مثلما النيلُ شريان الحياة للمصريين، لكن هذا الشريان انقطع وأنا على قيد الحياة، وكنت أتمنى أن يحمل جسدى إلى القبر قبل أن أحمل جسده إلى الحياة الأخرى».