فضيلة الدكتور أحمد الطيب - الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر - نهنئكم بالمنصب الرفيع وبالمكانة التي حظيتم بها وندعو الله لكم بالتوفيق في حمل المسئولية الثقيلة التي وقعت علي كاهلكم لتحقيق أمل تهفو إليه قلوب المسلمين في أن يعود للأزهر الشريف مكانه المحترم في توجيه الأمة وإرشاد المسلمين وتبصيرهم بشئون وأمور دينهم الصحيح. واسمحوا لي فضيلة الإمام أن أطلب منكم ولكرامة منصبكم أن تتقدموا باستقالتكم من عضوية الحزب الوطني الديمقراطي، فإذا كان يجوز لرجال الدين الانضمام للأحزاب وهذا شيء يحبذه البعض ويعترض عليه البعض أيضًا ولكم ما يتفق عليه الغالبية هو عدم جواز انتماء شيخ الجامع الأزهر لحزب سياسي من الأحزاب، خاصة أن مكانه وكرامة المنصب تفرض علي شاغله أن ينأي بنفسه عن الأحزاب وصراعاتها وتبني توجهات أي منها والدخول في خلاف مع أعضاء الأحزاب المنافسة. الشيخ الجليل أرجوكم: استقل فأنت لست في حاجة لأي منصب آخر إلي جانب منصبكم الكريم.. كما أن منصبكم لا يحتمل أدني شبهة انتماء لحزب سياسي فأنت للجميع ولست لحزب دون آخر. وإذا كانت هناك مطالبات سياسية تطالب رئيس الجمهورية بالتخلي عن انتمائه الحزبي فور انتخابه حتي يكون رئيسًا للجميع ولا يميل لحزب دون آخر فما بالنا بشيخ الأزهر. فضيلة الإمام اسمحوا لي أن أختلف معكم حول ما جاء في تصريحاتكم الأخيرة من أن عضويتكم في الحزب الحاكم لا تتعارض مع كونكم شيخًا للأزهر، وأن عمل الأزهر لا أجندة سياسية له، وأقول لفضيلتكم ها قد بدأتم فترة توليكم مشيخة الأزهر بالاختلاف وما كنا نحب أن نقول لكم إننا نختلف معكم، خاصة أننا يجب أن نستمع كثيرًا ونتمعن أكثر فيما يقول الإمام لا أن نبدأ بالاختلاف، ولكن اسمحوا لي فضيلتكم أن أقول إن تصريحاتكم شابها تناقض فكيف لا يكون للأزهر أجندة سياسية وشيخه عضو قيادي بالحزب الحاكم. والسؤال في حال خسر الحزب الحاكم أغلبيته هل سيتم إقصاء شيخ الأزهر (أعلم أنه لا يجوز الإقصاء) ولكن كيف ستستقيم الأمور مع ذهاب الحزب الحاكم وبقاء الشيخ المنتمي له، وسؤال آخر: هل بالضرورة سيتم تعيين شيخ الأزهر من حزب الأغلبية؟ وغيرها من الأسئلة يطرحها إصرارك علي الاستمرار في عضوية الحزب الحاكم. فضيلة الإمام مازال هناك وقت لمراجعة موقفكم من الاستمرار في عضوية الحزب الوطني والقاعدة هي ما خاب من استشار وادعوكم للاستشارة وأن تبدأ مهام العمل الرفيع باستطلاع الرأي لدي من تختارهم من علماء المسلمين في الداخل والخارج، خاصة أن الأزهر ليس لمصر وحسب بل إن أمره يهم المسلمين في شتي بقاع الأرض. شيخنا الجليل هناك موضوع آخر أنتهز الفرصة وأطرحه عليكم وهو طريقة اختيار شيخ الأزهر وأطلب منكم أن تدعموا مطلبًا غاليًا لعدد كبير من الشيوخ والمفكرين بأن يعود اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب وأن يقتصر ذلك علي شيوخ الأزهر الشريف فلا يوقع قرار اختياركم رئيس الجمهورية، خاصة أن الناس تري في الأزهر أحد حصون وقلاع الحق التي يحتمي بها الشعب من بطش وظلم الحكام، يلجأون إليه في الملمات يتطلعون لرأي شيخه وينتظرون موقفه في الشدائد.. فضيلة الإمام لقد سمع المصريون من قبل في زمن الملكية وحين كان يتم اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب شيخًا هو الشيخ عبد المجيد سليم يتوجه ومن فوق منبر الأزهر الشريف لأعلي سلطة في البلاد بالنقد العف وذلك في قولته الشهيرة التي حفظها التاريخ حين قال لملك البلاد الذي كان يقضي الصيف علي أحد شواطئ أوروبا: «إسراف هناك وتقتير هنا». فضيلة الإمام إن الناس تتطلع ليوم يسمعون فيه شيخًا تكون لديه شجاعة قول الحق في وجه أي صاحب سلطة مهما علت، ونرجو وحتي يعود اختيار شيخ الأزهر بالانتخاب أن ألا يخاف شيخ الأزهر في الحق لومة لائم. ولعل تغيير طريقة الاختيار تعينه علي ذلك، فنرجو أن يكون علي رأس أجندتكم تحقيق هذا المطلب. فضيلة الإمام وإذا كنت تسأل عن الناخب قبل الانتخاب فأقول لكم إن طريقة الاختيار الديمقراطي أيًا كانت المحاذير والانتقادات عليها فقد ارتضاها العالم، وهي علي أي الأحوال هي الأفضل من أن يقوم الحاكم بالاختيار. وفي الختام فضيلة الإمام أرجو من فضيلتكم السعي لدعم كل توجه يعيد للمنصب الجليل بهاء مكانته المرموقة بقطع أي صلة بينه وبين الارتباط والانتماء لأي حزب وألا يكون لصاحب أي سلطة مهما علت فضل في اختيار صاحب المنصب الرفيع.