أنا أعلم أن أحلام قطاع عريض من المصريين ترنو إلي أن يتم كل ذلك في لحظات وبضربة واحد يريدون د. محمد البرادعي «سوبرمان» رغم أننا نعيش علي أرض الواقع ويكفيه ويكفينا أنه بحق وحقيقي «مان»!! البرادعي ماذا نريد من «د.البرادعي» وما الذي يريده «د. البرادعي».. أشعر أن هناك مسافة ما تتسع أو تضيق علي حسب زاوية رؤية كل منا.. الرجل جاء إلي مصر يحمل في أعماقه فكرة ولا شيء أكثر من ذلك إنها فكرة الحرية.. وسيلته أن يبدأ بالدستور الذي يهيئ المناخ الصحي لإنبات الحرية، سلاحه هو إقناع الناس بأنه لا يزال إنقاذ الوطن ممكناً.. ثلاثة مبادئ في الدستور 76، 77، 88 تمنحنا ضوءًا واضحًا للانتقال إلي المساحة الخضراء بدلاً من الذبول الأصفر الذي نعيش فيه.. من الواضح أن الدولة قد توافق علي سبيل إعلان المرونة تغيير المادة «77» المتعلقة بألا تتجاوز المدد المسموح بها لرئيس الجمهورية عن ولايتين في الدستور الحالي المدة الواحدة 6 سنوات.. ولكن تظل المادة «76» الخاصة بإلغاء القيود المفروضة علي من يحلم بالتقدم للرئاسة من خارج الصندوق هي التي ممنوع الاقتراب منها العوائق التي تضعها الدولة من خلال هذه المادة تتيح لها أن تختار بعناية المنافسين.. لو تذكرنا انتخابات 2005 كانت الدولة تسعي حثيثاً إلي إقناع الزعيم التاريخي «خالد محيي الدين» للترشح للرئاسة ليس حباً في «خالد» ولكن لإحساسها أن «خالد» يكبر الرئيس في العمر حوالي ثماني سنوات وهذا يتيح للإعلام أن يصدر للناس أن الرئيس كان وقتها في السابعة والسبعين وهناك من هو أكبر في العمر الزمني ويسعي لمقعد الرئاسة ثم إنه يمنح صورة التنافس نوعًا من الوقار لأن «خالد» أحد رجال ثورة يوليو يتقدم للانتخابات رغم أنها كانت محسومة تماماً من البداية ولكن رغم الضغوط التي مورست تراجع «خالد محيي الدين» وباقي القصة معروفة من دخل لاستكمال الديكور.. الدولة ليس لديها مانع أن يطالب البعض بتعديل المادة «77» وذلك لأن القوانين لا تطبق بأثر رجعي وهذا يعني أن الرئيس «حسني مبارك» أمامه لو صدر هذا القرار قبل انتخابات 2011 فإن هذا يمنحه ولايتين السادسة والسابعة أي 12 عاماً وبعدها تبدأ في تطبيق القانون.. تعديل هذه المادة أيضاً يخفف من حالة الاحتقان الناشئة عن احتكار السلطة الأبدية في حالة رغبة النظام في توريث الحكم إلي «جمال».. تغيير هذه المادة يلعب دور الملطف وكأنه يقول للناس لا تنزعجوا كثيراً «جمال» لن يأتي ليحكم حتي آخر نبضة في قلبه ولكن مدتين فقط.. وهكذا بدلاً من أن تطالبوا كمعارضة بتعديل تلك المادة سوف تفعلها لجنة السياسات.. ولكن لن تستطيع الدولة أن تقترب من المادتين 76 و88 نقاط محرمة وممنوعة الاقتراب.. والمادة «88» تفتح المجال للتعبير الحقيقي للمواطنين كل من يحمل رقمًا قوميًا من حقه أن يدلي برأيه في الانتخابات.. كل من يقيم خارج حدود الوطن من حقه أن يختار رئيس الجمهورية القادم ثم إشراف دولي حتي نضمن ألا يحدث تلاعب.. ثلاثة مقاطع ضرورية في العملية الانتخابية أشبه بسباق الحواجز ينبغي أن يتم تخطيها تباعاً.. «د. البرادعي» يحمل هذه الأفكار الثلاثة ولا بديل عنها.. البعض يقول له: إلحق انضم لأحد الأحزاب حتي تنطبق عليك الشروط فلن يغيروها، وهذا معناه أننا ندفعه إلي التنازل عن فكرة التغيير التي يدعو إليها ليصبح الأمر شخصيًا جداً وكأن الهدف هو أن يعتلي كرسي الرئاسة بأي وسيلة علي افتراض أن مبدأه هو أن الغايات تبيح الوسائل.. لكن «البرادعي» ليس هو الشخص الذي يدخل الانتخابات كتجربة أو لتحقيق رغبة في منازلة رئيس الجمهورية هو يريد صناعة مناخ صحي قابل لخلق منافسين آخرين علي المقعد ربما أفضل من «البرادعي».. السحابة السوداء لن تنقشع غيومها بمن يدخل الانتخابات ولكن بمن لا يتنازل حتي لو ضاعت عليه فرصة الالتحاق بالانتخابات. هل كان «د. نعمان جمعة» رئيس حزب الوفد السابق مثلاً أكثر جرأة ووطنية عندما دخل إلي انتخابات 2005 أم أن الأمر متعلق برغبة دولة في استكمال شكل ديمقراطي والكل عليه أن يؤدي دوره المنوط به أن يلعبه لا أتصور أن ما يخشاه «البرادعي» من تحايله علي القوانين الحالية وانضمامه إلي حزب هو خوف من الخسارة إذا أقيمت الانتخابات قبل تعديل مواد الدستور الثلاثة معاً ولكنه لا يريد أن يتناقض مع نفسه. ويبقي أشياء أخري يريدها البعض.. عدد من الأحزاب تريد من «د. البرادعي» أن يبدأ هو الخطوة الأولي ليطرق الباب ثم يجتمع بها ولا أتصور أنه يضع مثل هذه الشكليات في حسابه من يبدأ الخطوة الأولي ولكن السؤال هل الأحزاب حقيقة تسعي للتغيير وأنها ترنو إلي تداول السلطة أم أنها تعلم أن ما يربطها بالدولة والنظام القائم أكبر بكثير مما يربطها بالجماهير التي تطالب حقيقة بالتغيير.. إنها أحزاب داخل صندوق الدولة أشبه بالصوب الزراعية التي نراها تطرح لنا محاصيل أقرب إلي منتجات بلاستيكية لا تعبر عن نضج وإرادة ونمو حقيقي ليس هذا هو فقط ما نريده من «البرادعي» ولكن البعض يريده أن يتحدث في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل.. المعلن هو أن يتعرف الناخبون علي برنامجه لينضموا إليه.. غير المعلن هو أن يتمكن البعض من الإمساك بتفصيل ليبدأ في ممارسة التخويف فإذا تحدث «د. البرادعي» عن التيار الإسلامي وأن من حقهم أن يعبروا عن أفكارهم وأن تتحرر الدولة من تعبير «المحظورة» سوف يرسلون إشارة للأقباط إلحقوا هو يريدها دولة إسلامية وإذا قال لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين سوف يقولون إلحقوا يريدها علمانية تهين الأديان وإذا كان مع الدعم فهو شيوعي وإذا طالب الدولة بأن ترفع يدها قليلاً عن الدعم إلحقوا فهو رأسمالي عميل.. هناك متربصون بالطبع ورغم ذلك أنا مع الإفصاح والكلام حتي ولو كان المقصود هو إدخال الرجل في معارك صغيرة لاستنفاد الطاقة ولكن ليست هناك وسيلة أخري؟! لقد قرر «البرادعي» أن يخوض المعركة الشائكة بينما الدولة لا تريد ذلك.. كان «د.أحمد زويل» قبل بضع سنوات قد أعلن عن استعداده للترشح للرئاسة ماذا حدث للرجل صار الآن يفضل أن يتحدث عن قضايا أخري مثل التعليم وآفاق العلم والزمن والفيمتو ثانية ولكن بعيداً عن السياسة الداخلية.. «عمرو موسي» قال إنه يمكن أن يفكر في خوض الانتخابات ولكن ليس أمام الرئيس «حسني مبارك».. «د. مصطفي الفقي» في تحليله لرفض «عمرو موسي» جابها علي بلاطة «العين ما تعلاش ع الحاجب»!! «د. البرادعي» لم يتراجع ليس بسبب أن لديه حصانة دولية تحميه من البطش فهل «د. أحمد زويل» الحاصل قبله علي «نوبل» لا يتمتع مثلاً بهذه الحصانة وهل عمرو موسي ليست لدية هذه الحصانه .. لا أحد آمن وهو يعرف ذلك ولهذا يحتمي «د. البرادعي» بالشعب وليس بالحصانة الدولية فهو رجل شجاع ويمتلك أيضاً رؤية واستراتيجية نقطة إنطلاقها تبدأ بالتغيير قبل الانتخابات هذا هو الهدف أما أن تدخل الانتخابات تحت مواد الدستور الحالي فهو تكريس للوضع القائم بل إنها تمنح الانتخابات القائمة شرعية يتوق النظام إليها.. أنا أعلم أن أحلام قطاع عريض من المصريين ترنو إلي أن يتم كل ذلك في لحظات وبضربة واحد يريدونه «سوبرمان» رغم أننا نعيش علي أرض الواقع ويكفيه ويكفينا أنه بحق وحقيقي «مان»!!