كانت استعادة الأمن فى البلاد على سلّم أولويات محمد مرسى كما كان فى أولويات كل مرشح للرئاسة.. وذلك بعد حالة الفوضى التى تفشّت بعد الثورة وساعدتها الإدارة الفاشلة لجنرالات العسكر الذين لم يكونوا آمنين على الوديعة التى تركها لهم الشعب فى المرحلة الانتقالية فأهدروها وانقلبوا على الثوار ودخلوا فى تحالفات مريبة مع الإخوان، وكانت النتيجة حالة البلد الآن: مزيد من الفوضى، غياب الأمن، حالة اقتصادية مزرية، بلد مهدد بالإفلاس، ديكتاتورية واستبداد بقوانين وتشريعات ودستور تم فرضه بالإكراه وباستفتاء مزوَّر. ووعد مرسى أن يستعيد الأمن خلال المئة يوم الأولى ولكن لم يحدث. وزادت البلطجة والسلاح مع الناس وعمليات الاختطاف والسطو المسلح.
استطاع محمد مرسى فقط أن يستعيد الحراسة والحماية التى كانت مع مبارك بل زاد عليها وأصبحت مواكبه تسير ب38 سيارة أو يزيد.
وبدا الرجل الذى فتح صدره فى ميدان التحرير فى يوم إعلان فوزه بمنصب الرئاسة معلنا أنه لا يرتدى قميصا واقيا من الرصاص وأبعد عنه حراسته، الآن لا يسير إلا فى حراسة معقدة ومركبة وفريدة أكثر مما كان عليه مبارك.
وأصبح الرجل لا يستطيع أن يذهب إلى أى تجمعات كما كان قبل شهور، بل إنه عندما يذهب للصلاة فى أى من المساجد يكون حوله الكثير من الحراس بشكل لافت ومستفزّ وهو يؤدى الصلاة.. بل أصبحت صلاته تكلِّف ميزانية الدولة الملايين من الجنيهات شهريا، فى نفس الوقت الذى أصبح المواطن فيه لا يجد حماية ولا شُرطة، ولم يعد آمنا على نفسه.
وأصبح السلاح فى يد الجميع.
وزاد محمد مرسى بسياسته ومرجعيته من الانقسام بين المواطنين.
.. وأصبح له الفضل فى أن يخرِج المصريون أسوأ وأحط ما عندهم بعد أن تجمعوا فى ثورة واحدة ضد الاستبداد والطغيان والفساد وأخرجوا أحلى ما عندهم خلال أيام الثورة الأولى.
وإذا بمحمد مرسى وجماعته يقسّمون الناس ويخرجون على الإجماع ويسرقون الثورة.. وأصبحوا هم الثوريين فقط ومن يعارضهم من الفلول رغم أنه معروف عنهم أنهم لم يكونوا فى يوم من الأيام ثوريين، ولم يُضبط أحد منهم ثوريًّا، بل كانوا ينتقدون من يدعون إلى الثورة، فهم محافظون دائما ويسعون للتعايش مع أى نظام، وحاولوا مرارا التواصل مع مبارك، وكانت لهم علاقات جيدة مع أجهزته الأمنية، ولم يكن عندهم أى مانع للموافقة على تمرير مشروع التوريث.
ولم تقف جماعة محمد مرسى عند ذلك، بل أطلقت حلفاءها لترعيب وترهيب المواطنين والإعلاميين فكان الموقف البائس الذى جرى أمام مدينة الإنتاج الإعلامى ومحاصرتها وتخويف الإعلاميين وتهديدهم.
وأيضا محاصرة أتباع محمد مرسى وجماعته المحكمة الدستورية ومنع قضاتها من الدخول فى نفس يوم نظر قضايا مهمة على رأسها مجلس الشورى الذى يرأسه صهر محمد مرسى لمنع المحكمة من تصحيح المسار التشريعى الذى يسير نحو البطلان وندخل فى عالم قائم على البطلان واللف والدوران وقيم لا تتناسب مع ثورة قامت من أجل الحرية ودولة القانون والعدالة.
وأصبح إنكار الشفافية المسار الذى يسير عليه محمد مرسى وجماعته.
وأصبح الشارع المصرى على يديه لا يعيش فى أمان.
ولا يمر يوم إلا إذا كان هناك حالة سطو مسلح أو حالة اختطاف. ناهيك بالفوضى فى كل المجالات ليثبت أن هناك إدارة فاشلة تدير البلاد.
لقد وصل الأمر إلى أن تكون عمليات السطو المسلح فى الشارع جهارا نهارا وفى غياب أمنى كامل وفى نفس الوقت الذى كان فيه وزير الداخلية الجديد يتفقد منطقة الإسعاف وشارع الجلاء فى القاهرة بحماية حراسة.. كان فى منطقة شبرا الخيمة مسلحون يثبِّتون السيارات المارة ويسرقونها.